لا شك بأن مجريات الأحداث الكبرى المؤثرة في حياة وتاريخ الشعوب والأمم, لن تمر إلاّ ويحيط بها الفضوليين وهواة ركوب الموجة الذين يحلو لهم ممارسة أصناف عديدة من المراهنات والمقامرات والتعطيل ووضع شتى أنواع العراقيل والعقبات أمام مسيراتها الوطنية. تلك الفئات في حقيقتها لا تنظر إلى المشهد بعناية ولا تستطيع قراءة تفاصيله كما يجب, وبالتالي لا تساوي أفعالها شيئا أمام عزيمة وصلابة وقوة إرادة الشعوب وإصرارها على تحقيق أهدافها المنشودة... وتوجد فئات أخرى دائما ما تكون قريبة من شعوبها, فتنبري لاختبار المشهد وقراءة تفاصيله كما ينبغي, فيرون اتجاه الأحداث وطرق مساراتها الصحيحة ومنها يعرفون الحقيقة كما لو كانت مرسومه أمامهم.

ولاشك إن الكل يعلم بما رافق نشاط المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير واستقلال الجنوب من نجاحات وإخفاقات وعرقله ومنع بعقد مؤتمرة الأول خلال السنوات الماضية من عمر المجلس, فقد كانت العشوائية والارتجالية هي الأساليب السائدة لتسيير عمل المجلس في كل المجالات السياسية والتنظيمية والميدانية والإعلامية الخ..., ويوجد من يرغب في بقاء الوضع كما هو حتى إشعار آخر... حيث إن قيادات ذلك المجلس لم تكن تلتزم بالعمل المؤسسي أو مراعاة اللوائح الداخلية المنظمة للعلاقات في أُطر المجلس وهيئاته حين اتخاذ القرارات, ولا تعتمد على مبدأ التنظيم والتخطيط للنشاطات والأعمال التي يقوم بها المجلس, الأمر الذي أثار الكثير من الإرباك والتذمر بين أوساط القاعدة الجماهيرية لثورة شعب الجنوب, كما أدى إلى التقصير في إنجاز المهام والأهداف النضالية بشكلها المطلوب والمرجو منه, وبسبب غياب العمل المؤسسي وشخصنة المهام القيادية فقدت الثقة بين قيادات وقواعد المجلس وظهرت الخلافات داخل الأُطر والهيئات المكونة له.

ورغبتاً في إصلاح ذلك الخلل وسد تلك الثغرات, كان لابد من الإعداد والتحضير لعقد المؤتمر الوطني الأول للمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير واستقلال الجنوب, لكي يتمكن من تجاوز السلبيات والانتقال إلى العمل المؤسسي المبني على الأسس التنظيمية الصحيحة القائمة على احترام لوائح المجلس الداخلية وتنفيذ البرنامج السياسي المبلور لأشكال العمل النضالي والوطني, والمنظم لعمل الهيئات القيادية في المجلس, ولمنع الانفراد في اتخاذ القرارات نيابتاً عن الهيئات القيادية وما تقره في اجتماعاتها الرسمية, وهو ما تم بالفعل, حين عقد المؤتمر بنجاح خلال الفترة الممتدة من 30 سبتمبر إلى 2 أكتوبر 2012م.

وبمجرد انتهاء ونجاح المؤتمر, بدأت الحملات الإعلامية الظالمة تشن ضد رموزه وقادته, من خلال التحريض والافتراء عليها واتهامها بشتى أنواع التهم الزائفة, واعتماد الأخبار والمقالات الملفقة وبث الألغام النفسية لتشويهها ومحاصرتها إعلاميا, وكانت بعض تلك الألغام الإعلامية مخصصة لتفكيك وفسخ صفات الجسارة والروح المعنوية العالية والثبات على المبادئ والأهداف التي يتمسك بها قائد ثورة شعب الجنوب وزعيمها المناضل حسن احمد باعوم من عقول وقلوب الشعب, متجاهلين تلك الحقيقة التي تشكل الرمزية الأهم لقضية شعب الجنوب وقلبها النابض, وبعض الحقائق عندما تتحول إلى رمزية للشعوب تكون أشبه بقلب الإنسان النابض بالحياة, فلا تستطيع الدماء أن تتجاهل المرور في القلب ولا يمكنها إلاّ أن تعود إليه ثانيتا سواء من خلال شرايين الجسم أو أوردته مهما ابتعدت ودارت وناورت ... فلابد لها من المرور بهذا القلب النابض وبدفع هذه المضخة التي هي بحجم القضية والوطن.

ومنذُ ذاك الحين وحتى هذه الأيام, تحاول أطراف جنوبية مختلفة استقطاع ما يمكنها استقطاعه من ذلك القلب النابض لشعب الجنوب, فمنها من يريد استخدام شعبيته العارمة بين أوساط شعبه أغراض سياسية وشخصية بعيده كل البعد عن طموح وتطلع المواطن الجنوبي, ومنها من يرغب في تفكيك وفسخ الهالة الشعبية والوطنية التي يتصف بها القائد والزعيم باعوم, ورغم كل ذلك ستبقى هالة القيادة والريادة والزعامة ملتصقة بهذا المناضل الصلب إلى إن يأتيه قد الله عز وجل... وإلى ما بعد ذلك, حيث ستنقش كلمات وأسطر سجل تاريخه النضالي بأحرف من الذهب.

لقد بددت مواقف الزعيم حسن احمد باعوم الوطنية والصلبة كل المراهنات على انكسار الرجل, عندما أوردت وسائل الإعلام, إن خلافات سادت أول لقاء بين القيادي الجنوبي البارز حسن احمد باعوم ورئيس الوزراء حيدر أبو بكر العطاس. حيث قال باعوم: "أنا أتيت إليكم حسب التواصل بيننا, والرئيس علي ناصر محمد وعدنا بحضور الرئيس علي سالم البيض, ولكن وعدكم لم ينفذ, وهذه أول خدعة من قبلكم وواضح إنكم لم تتعلموا من الماضي".