منتديات الضالع بوابة الجنوب

منتديات الضالع بوابة الجنوب (http://www.dhal3.com/vb//index.php)
-   المنتدى السياسي (http://www.dhal3.com/vb//forumdisplay.php?f=18)
-   -   قضية جنوب اليمن وانعكاساتها على الأمن القومي العربي (http://www.dhal3.com/vb//showthread.php?t=96965)

احمد الخليفي 2012-10-03 12:25 AM

قضية جنوب اليمن وانعكاساتها على الأمن القومي العربي
 
قضية جنوب اليمن وانعكاساتها على الأمن القومي العربي

الأحد 30.09.2012 -

أمين صالح محمد

وفقا لخارطة الجغرافيا السياسية الحديثة والتي تشكل جغرافية العالم اليوم، تكونت اليمن من دولتين، دولة في الجهة الجنوبية في الركن الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة الغربية كانت تحت الاحتلال البريطاني إلى عام 1967م وتحت مسمى الجنوب العربي، وبعد الاستقلال أصبحت جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ومن ثم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والدولة الثانية في الجهة الشمالية وكانت تحت النفوذ العثماني حتى العام 1918م، ثم تحت حكم الإمامة الزيدية باسم المملكة المتوكلية الهاشمية أولا ثم المملكة المتوكلية اليمنية، وبعد ثورة أطاحت بالإمام عام 1962م سميت "الجمهورية العربية اليمنية".

وفي العام 1989م اتفقت الدولتان على الدخول بوحدة اندماجية بينهما، تم الإعلان عنها في 22/مايو/1990م تحت مسمى الجمهورية اليمنية، لكن سرعان ما بدأ الصراع بين الطرفين وانتهى بحرب طاحنة عام 1994م انتصرت فيها قوات الطرف الشمالي على قوات الطرف الجنوبي وأفضت إلى تقويض نهائي للوحدة المعلنة وفرضت أمرا واقعا جديدا غير مقبول في الجنوب فرض على السكان التعامل معه كاحتلال.

ومن هذه المقدمة البسيطة أردت التسهيل على القارئ فهم جوهر الأزمة القائمة في اليمن بين الشمال والجنوب ولماذا الجنوب اليوم يناضل ويضحي ويشكو من الغبن ويريد العودة إلى وضعه الدولي المستقل الذي كان عليه قبل إعلان الوحدة عام 1990م.

إن المجتمع في الجنوب مجتمعا منفتحا وليس عنصريا كما يُعتقد، ومرجع انفتاحه أنه متصل بالعالم ووضعه الجغرافي على شاطئ بحر العرب الذي يمثل منفذا إلى العالم، ونستطيع القول إن سكان الجنوب كانوا أكثر انفتاحا وقبولا للوحدة وسجيتهم المنفتحة على التعامل مع الشعوب الأخرى كانت بسبب الصلات التي وفرتها لهم جغرافيتهم الطبيعية المطلة على البحر، فكانت هى المشجعة لهم على القبول بالوحدة والتعامل مع أشقائهم في الشمال بتلقائية بسيطة، يضاف إلى ذلك الثقافة التي تشبع بها عن طريق الحركة السياسية النشطة التي ظهرت في وقت مبكر في الجنوب، فنما لديه الاستيعاب لمصالح وطموحات الأمة ورؤية القومية العربية تسير نحو القوة والتطور والاستعداد للإسهام في تحقيق هذا الطموح بما لديهم من إمكانيات وقدرات وتقديم التنازلات، وما يؤكد ما أقول هو موقف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973م عندما وضعت مضيق باب المندب تحت تصرف الأشقاء العرب وتولت جمهورية مصر العربية حمايته وإغلاقه في وجه العدو الصهيوني.

هذه هى سجية المواطن الجنوبي بصفة عامة، فكانت هذه السجية نفسها هى التي دفعت الجنوب نحو الوحدة دون حساب مما كان يفترض احترامه والحفاض على مصالحه وليس معاقبته.

لكن عوضا عن ذلك واجه المواطن الجنوبي مشكلة التمييز ضده بعد الوحدة مباشرة من قبل أشقائه في الشمال وتعرض للتهميش وعجزت قيادته السياسية عن التواصل مع أشقائهم الممثلين للشمال في الوحدة والتوصل لحلول ترفع عنهم المعاناة مما كان سببا في أزمة الوحدة ثم سببا لفشلها ثم سببا لشن الحرب عليه من قبل الشمال، وسأضع للقارئ الكريم صورة عن أسباب فشل الوحدة وألخصها بالتالي:

1- العجز التام عن إقامة دولة للوحدة تحفظ حقوق الأطراف المكونة لها من التضرر، مما جعل العلاقة بينهما تخضع لموازين القوة بين الطرفين وأبرزها اعتماد الجنوبيين على الحياة في ظل دولة وقانون، بينما يعتمد المجتمع في الشمال على العلاقات القبلية والنفوذ والفوضى، وكان الجنوبيون هم الطرف الخاسر في هذه المعادلة.

2- الجنوبيون كانوا يعتمدون على الدولة في نشاطهم الاقتصادي بسبب هيمنة النظام الاشتراكي، بينما كان الشماليون يعتمدون على النشاط الحر، وكان الجنوبيون هم الطرف الخاسر في هذه المعادلة أيضا.

3-كان الجنوبيون يعتمدون على رعاية الدولة في الخدمات والصحة والتعليم والأمن، بينما كان الشمال يعيش حالة لا دولة، وبعد إعلان الوحدة أصبحت حالة الـ"لا دولة" أيضا مفروضة على الجنوبيين مما أفقدهم كل ما كان لديهم من مكاسب مثل الرعاية الصحية وحق التعليم والتوظيف والأمن، وكانوا هم الطرف الخاسر أيضا.

وبصفة عامة أقول مثّل إعلان الوحدة خسارة قاتلة للجنوبيين، وهو ما يمثل فشلا له وزاد السخط الشعبي في الجنوب بسبب الفوضى في إدارة وتحقيق مصالح المواطنين والانفلات الأمني وكان الجنوبيون هم ضحيته أيضا، فتعالت الأصوات المطالبة بتصحيح وضع الوحدة،
وبعد حوارات طويلة استمرت 6 أشهر تقريبا تم الخروج بوثيقة جديدة لإصلاح الوحدة، لكن شعور أطراف السلطة في الشمال بأنها تشكل خطرا عليهم لأنها كانت تؤكد على أهمية بناء دولة قادرة على إدارة شئون الوطن والمواطنين وهو ما يقلص نفوذ مراكز القوى القبلية فيها، فكانت هذه الوثيقة سببا في شن حرب طاحنة في العام 1994م ضد الجنوب انتصر فيها الشمال وفرضت كل العلاقات السلبية السائدة في الشمال على الجنوب، إضافة إلى نهب ما بأيدي سكان الجنوب من وظائف وأراض ومصانع وورش ومبان و......إلخ.

إن هذه الحالة كانت هى المنتجة لقضية الجنوب بشكلها القائم اليوم وليست لها أي صلة بالصراع على السلطة الذي نراه في الوقت الحاضر في صنعاء.

إن الثورة الشبابية ضد نظام علي عبد الله صالح لم تكن نتيجة لفشل الوحدة بين الشمال والجنوب، بل كانت نتيجة لفساد النظام وفشله في الإدارة السياسية للمجتمع الذي كان مصدر قوته حين هاجم الجنوب في حرب ظالمة وسلب أبناءه حقوقهم وممتلكاتهم، ولهذا فإن الأزمة القائمة اليوم في اليمن هى أزمة مركبة وليست أزمة بسيطة معالجتها تتطلب أن تكون على أساس جزئياتها.

إن معالجة الأزمة اليمنية اليوم على أرضية ثورة الشباب فقط سيظل خطأ استراتيجيًا وسيؤثر على الأمن القومي العربي بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والأمنية، ولكن معالجتها تتطلب الوقوف على جذورها الرئيسية ووضع المخارج وفقا لها كي يتأتى الحل المناسب للأزمة.

إن الجنوبيين وهم يناضلون من أجل حقوقهم توصلوا إلى حقيقة فاصلة هى أن المشكلة هى مشكلة بناء الدولة، وأن المجتمع في الشمال، خصوصا المحافظات ذات السطوة القبلية لا تقبل بناء الدولة وستظل تقاوم أي مشروع لبنائها، ولهذا فإن أي بحث عن حلول لقضيتهم في ظل دولة واحدة في الشمال والجنوب يعد مضيعة للوقت وتعميقا للمشكلة القائمة وإنتاجا لمشاكل جديدة تضاعف الأزمة ولا تهيئ أي فرصة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، ويرى أيضا أن الجنوب مهيأ لبناء دولة في حال قدمت له المساعدة المطلوبة ولديه تجربة وخبرة في ذلك، وإذا ما تحقق له ذلك سوف يتحول إلى عامل دعم ومساندة لإيجاد حلول ومخارج من الأزمات في الشمال، لأن التقديرات تقول إن الشمال بما لديه من أزمات داخلية تاريخية هى أيضا بحاجة إلى حلول موضوعية ومساعدة ناضجة، ونشعر في الجنوب بأن الجهود المبذولة لا تصب في وعاء الحل الموضوعي للأزمة اليمنية.

ونشعر أيضا بأن ثورات الربيع العربي ستنقل الأمة العربية إلى مربع جديد شئنا أم أبينا وشاء العالم أم أبى، ولهذا فإنه من غير المنطقي وضع قوالب جامدة أو أيديولوجيات صادمة لا تتواكب مع مسار الثورات والتطورات الجارية في المنطقة العربية وفي العالم وفي وضع المخارج لأزمتنا في اليمن، خصوصا قضيتنا في الجنوب، وتقع اليوم مسئولية أخلاقية أمام الدول العربية وعلى رأسها مصر تجاه اليمن وقضية الجنوب باعتبار الجنوب عمقا عربيا ذات أهمية استثنائية وتعتبر مصر معنية بهذه الأهمية أكثر من غيرها، فعلى الكيفية التي يتم التعامل بها عربيا تجاه قضية الجنوب وعليها يتوقف رسم الخارطة السياسية الجديدة في المنطقة وفي ضمنها الأمن القومي العربي الشامل ولن يكون باب المندب، الذي هو ضمن جغرافية الجنوب، بعيدا عن ذلك الاهتمام وإن لم يهتم به العرب سيهتم به غيرهم وهذه هى معادلة الأشياء.
تابعوا صفحتنا على فيسبوك

http://www.el-balad.com/276973


Loading...

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.