قطر واليمن والفرصة الأخيرة
 

قطر واليمن والفرصة الأخيرة
الشرق القطريه

في جمهورية اليمن الشقيق أربع قضايا غاية في الأهمية ما لم يتم معالجتها بعقل وحكمة يمنية واعتراف بفشل السياسات السابقة فان اليمن يسير بخطوات سريعة إلى الهاوية، تلك القضايا هي (قضية صعدة، وقضية الجنوب، وشأن القاعدة، والفساد) وأمر اخر لا يقل خطورة هو استباحة المجال الجوي اليمني من قبل الجيوش الأمريكية المنتشرة في المنطقة لملاحقة مواطنين يمنيين تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
في شأن الحوثيين وماسي محافظة صعدة وعند اشتداد الأزمة بين النظام السياسي في صنعاء وجماعة الحوثيين عام 2007 مدت قطر يدها لحقن الدماء وتقريب وجهات النظر بين الطرفين المتنازعين لإصلاح الأخطاء التي أدت إلى المواجهة المسلحة. كانت المبادرة القطرية تنطلق من حرصها على وحدة اليمن واستقراره بصفته الشريك الأمثل جغرافيا واقتصاديا لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد تكللت الجهود القطرية بالنجاح، إلا أن يد العبث بالشأن اليمني امتدت لإفشال ما تم الاتفاق عليه بين النظام السياسي في صنعاء وقيادات الحوثيين في صعدة بجهود قطرية، ولن ادخل في التفاصيل لهذا العبث، لكني انحي باللائمة في إفشال ذلك الاتفاق على القيادة السياسية في صنعاء لكونها الأقوى في الساحة اليمنية، فالأ قوى هو الذي يصفح عن الزلات لمن هو أدنى قوة مادية.
الرئيس على عبد الله صالح ما انفك يحذر وينذر ويتوعد كل من يحاول المساس بأمن الدولة ووحدتها واستقرارها بأنه سيضرب بيد من حديد، وراح سيادته يكثف اجتماعاته مع قيادات القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي وقيادات الحرس الجمهوري وقيادات الجيش السري يحضهم على استخدام اليد الحديدية لردع العابثين بمستقبل اليمن.
في هذا الموقف سيجدنا الرئيس على عبد الله نحن الحريصون على استقرار اليمن وسلامة وحدته نقف إلى جانبه ونرمي بالعداوة من يرمي اليمن بذرة رمل أو يدبر لها المكايد، إننا مع الحديث القائل "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" أي برده عن ظلمه وجبروته وعناده إن كان ظالما، ونصرته ونجدته إن كان مظلوما.
مرة أخرى تأزم الموقف في صعدة واندلعت نار الحرب الشرسة التي ورطت فيها المملكة السعودية بحسن نية، إلى جانب الجيش اليمني يساعدهما في ذلك طيران الجيش الأمريكي استطلاعا وتحديد مواقع وتدمير جماعات وفوق هذا كله لم تفلح كل الجهود العسكرية تلك في إخماد مقاومة الحوثيين لهيمنة النظام في صنعاء، وحدثت الهدنة مرة رابعة ووقع اتفاق بين الشريكين في الوطن والمستقبل اليمني، ولكنه مع الأسف الشديد لم يصمد طويلا، لقد اصطنعت في إثارته نوازع قبلية موجهة، وزج بالنخبة العسكرية اليمنية في تلك المعركة القبيلة وكانت النتيجة اسر العديد من أفراد تلك القوة العسكرية وهنا مرة أخرى أقول ان المسؤولية مسؤولية النظام السياسي إذ أن عليه أن يفرض سلطة الدولة لا سلطة القبيلة وألا يستدعي القبيلة لإعطاء مبررات لاستمرار الأزمة في صنعاء.
لقد أكد السيد جون بيرتن مندوب الرئاسة الأمريكية القول بان الإدارة الأمريكية تستشعر ان ما يجري في صعدة عبث وقد أتيحت كل الفرص لانهاء الخلاف وإذا لم تقف الحرب هناك فان الأمر لم يعد يحتمل، وقد حذر الجنرال الامريكي قائد القيادة المركزية الامريكية من انهيار الجيش اليمني وقوى الامن لعدم قدرتهما على ادارة الحرب في جبهتين شمالا وجنوبا.
هنا جاء استدعاء الدور القطري من الدولة اليمنية والقبيلة للعودة لجهود قطر في إصلاح ما دمرته الدبلوماسية الحربية،وانتقل أمير دولة قطر إلى صنعاء برفقة وفد رفيع المستوى، وتواصلت الدوحة والرياض مباشرة وجها لوجه لشرح الجهود القطرية التي جاءت بموجب دعوة أطراف النزاع، وباركت الرياض الجهود القطرية وأبلغت صنعاء بموقف صريح وواضح من قبل القيادة السياسية في الرياض في زيارة السيد القربي الأخيرة إلى جدة لمقابلة الملك بان الوضع لم يعد يحتمل وعلى الرئيس ان يتدبر الامور للوصول الى سلام واستقرار.
وكان معالي رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في زيارة قصيرة إلى صنعاء في مطلع الأسبوع الحالي للتأكيد على ما اتفق عليه بين الطرف القطري واليمني بشأن جهود المصالحة، وقد أوردت وسائل الإعلام في الدولتين أن وفدا رفيع المستوى من الحوثيين والدولة اليمنية سيكونان في الدوحة في الأيام القادمة لإنهاء هذا النزاع المرير. ولعلها تكون الفرصة الأخيرة كما قال جون بيرتن.
( 2 )
لقد أكدت الداخلية اليمنية استمرار ملاحقة ما سمتهم العناصر الإرهابية والتخريبية في محافظات حضرموت، أبين، سيئون، شبوة ومحافظات مأرب، والجوف، وصعدة، وهنا يثور السؤال: لماذا هذه المحافظات مضطربة؟ هل سأل النظام السياسي في صنعاء عن الأسباب وراح يوجد الحلول أم أن إبراز القوة هو العنصر الفاعل والمؤثر لشخصية النظام؟ إن الاتهامات الرسمية تقول بان العناصر المثيرة للشغب في تلك المناطق اما أن تكون عناصر تابعة للقاعدة المحرمة دوليا، أو عناصر انفصالية، وهنا نؤكد القول: إذا أرادت الدولة القضاء على تنظيم القاعدة في اليمن أو أي مكان اخر فعليها أن تقضي على العناصر المشكلة للوجود التاريخي للقاعدة واهمها عندي: الظلم والقهر، والغبن والفساد والفقر والاستبداد، وفساد القضاء، والمحسوبية. وعدم المساواة. إن القوة المسلحة لن تجدي نفعا في هذه الحالة والحل الاجتماعي السياسي هو الحل المطلوب.أما ما يتعلق بتهمة الانفصال عن دولة الوحدة فنحن أهل القلم ضد الانفصال ودعاته، ولكن علينا أن نعترف بان هناك أخطاء ترقى في بعض الاحيان إلى جريمة وطنية ارتكبت في الجنوب وعلى النظام السياسي تصحيح تلك الأخطاء.
اخر القول: أتمنى من كل قلبي أن ينشغل الرئيس علي عبد الله صالح بحل كل الخلافات والنزاعات من اجل بقاء الوحدة اليمنية واستقرار اليمن، وألا يضحي بانجازاته الوحدوية من اجل تحقيق منافع لمحسوبين أو أقرباء، أتمنى من قلبي أن يسجل الرئيس عبد الله في تاريخ اليمن انجاز تداول السلطة على أسس ديمقراطية.