منتديات الضالع بوابة الجنوب

منتديات الضالع بوابة الجنوب (http://www.dhal3.com/vb//index.php)
-   المنتدى السياسي (http://www.dhal3.com/vb//forumdisplay.php?f=18)
-   -   اليمن بعد ثلث قرن تحت حكم الرئيس علي عبد الله صالح: هكذا تكون «الدولة الفاشلة» (http://www.dhal3.com/vb//showthread.php?t=53052)

الكاش 2011-01-08 02:16 PM

اليمن بعد ثلث قرن تحت حكم الرئيس علي عبد الله صالح: هكذا تكون «الدولة الفاشلة»
 
الامان الدولي
http://www.al-aman.com/photos/issue_940/Yemen_7.jpg
اليمن بعد ثلث قرن تحت حكم الرئيس علي عبد الله صالح:
هكذا تكون «الدولة الفاشلة»
بقلم: مصطفى عياط

يضع دارسو العلوم السياسيَّة عدة مواصفات لـ«الدولة الفاشلة»، منها أن تعجز عن بَسْط سيادتها على كامل ترابها الوطني أو عن توفير الأمن لمواطنيها، أو وجود مناطق داخل البلد خارجة عن سيطرتها، أو غياب الديمقراطيَّة والإخلال بمبادئ المساواة والمواطنة بين سكانها. فوجود أحد هذه العوامل أو أكثر في دولة ما يجعلها تندرج تحت هذا الوصف، كما هو الحال في بعض دولنا العربيَّة، لكنَّ هناك دولةً واحدة اجتمعت فيها كل هذه المواصفات، بما يجعلها «دولة فاشلة» بامتياز.. إنها اليمن.
وهذا «الامتياز اليمني» لم يأتِ من فراغ، فالبلاد تعاني من تركيبة عشائريَّة قويَّة، ما حدَّ كثيراً من قدرة الدولة على بسط نفوذها وهيمنتها، وساعد في ذلك تضاريس الجغرافيا الوعرة، وضعف الثروات والموارد الطبيعيَّة، ما قلَّل قدرة الدولة على تقديم إغراءات وخدمات تُغري المواطنين بالخروج من سيطرة القبيلة والانضواء تحت سيطرة الدولة، كما جرى في دول الخليج المجاورة بفضل عائدات النفط الضخمة، لكن ذلك لا يعني أن النظام اليمني كان مغلوباً على أمره ولا حيلة له لمنع هذا التدهور، فهو بحسب غالبيَّة المراقبين يتحمل الجزء الأكبر من مسؤوليَّة هذا الفشل.
فوضى شاملة

فالرئيس علي عبد الله صالح، الذي أمضى 13 عاماً رئيساً لليمن الشمالي، ثم عقدين كاملين في قيادة اليمن الموحد، قد يُنسب إليه الفضل في تدشين وحدة اليمن سلماً عام 1990، ثم الحفاظ عليها بقوة السلاح في حرب عام 1994، لكنه في النهاية وصل بالأوضاع في اليمن، (شمالاً وجنوباً)، إلى حالة من الفوضى الشاملة، ففي الجنوب يوشك تنظيم «الحراك الجنوبي»، الذي بدأ نشاطه بشكلٍ سلمي، أن يتحوَّل إلى تمرُّد شعبي مسلَّح، كما أن مطالبه تطوَّرَت من مجرد المطالبة بالمساواة بين مناطق وسكان المحافظات الشماليَّة ونظيرته الجنوبيَّة في الخدمات وخطط التنمية وتقلُّد الوظائف، إلى دعوة صريحة للانفصال عن الشمال. ومع أن قادة الحراك أعلنوا أنهم يفضلون «الخيار السلمي» لتحقيق ذلك، لكنهم في ذات الوقت أكَّدوا أنه ليس «خيارهم الوحيد»، في تلويح صريح باللجوء الى السلاح.
وبالتوازي مع ذلك، فإن اليمن أصبح أحد الملاذات الآمنة لتنظيم القاعدة، ونقطة انطلاق رئيسيَّة لتنفيذ عملياتِه، خاصة بعد اندماج فرعي التنظيم في اليمن والسعودية مطلع عام 2009 في كيان واحد هو «تنظيم القاعدة في بلاد العرب»، وقد استفاد من غياب الدولة وضعف قبضتها في محافظات الجنوب ليوطِّد قواعده هناك، كما استفاد كذلك من حالة الفوضى في الصومال، ما منح التنظيم مساحة واسعة من الحركة، حيث بات بإمكان عناصره الانتقال بسهولة من دول الخليج، (خاصةً السعوديَّة)، إلى اليمن، ومنها إلى القارة الإفريقيَّة عبرَ الصومال.
حروب ستّ

ولم تقتصرْ متاعب اليمن على الجنوب، إذ خاض النظام منذ عام 2004 ست حروب مع جماعة الحوثيين، التي ينتمي أفرادها إلى المذهب الزيدي، أقرب الفرق الشيعيَّة إلى مذهب أهل السُّنَّة، ورغم أن اليمن عرف طوال تاريخه تعايشاً رائعاً بين المذهبين الزيدي والشافعي، الذي يعتنقه غالبيَّة اليمنيين، إلا أن أخطاء السياسة وغياب خطط التنمية المتوازنة، جعل مطالب الزيديين المتعلِّقة بالتنمية والخدمات تتحوَّل إلى تمرّد مسلح يرفع لافتات سياسيَّة ومذهبيَّة، تهدد بإغراق البلاد في حرب مذهبيَّة طاحنة.
ومن المؤسِف أن الدولة لم تتورعْ عن السقوط في فخ الترويج لتلك اللافتات المذهبيَّة، سواء لإسقاط أي مشروعيَّة عن المتمردين عبر ربطهم بجهات خارجية، أو لاستقطاب دعم ومساعدة دول الجوار، وبالتحديد السعودية، التي قد تتحسب بشدة لوجود تمرّد مسلح يرتبط بأجندة مذهبية على حدودها الجنوبيَّة.
وتكبَّد اليمن خسائر فادحة نتيجة هذا التمرد، حيث قدّر نائب الرئيس اليمني خسائر الجولة السادسة فقط بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، وثلاث آلاف قتيل و14 ألف جريح، وما زال نزف الدماء متواصلاً في صعدة والمناطق المحيطة بها، رغم الهدنة التي توصَّل إليها الطرفان قبل أشهر بوساطة قطرية، بل شهدت الأوضاع مؤخراً تطوراً خطيراً مع دخول تنظيم القاعدة على خط القتال ضد الحوثيين، ما ينذر بتحوُّل الصراع إلى معركة طائفية بحتة، قد تمتد نيرانها إلى خارج اليمن، لنشهد نسخة جديدة، وربما أكثر شراسة، من تفجيرات ومذابح العراق الطائفية، التي راح ضحيتها الآلاف.
وثائق ويكيليكس

ورغم الدعم الكبير الذي حصل عليه اليمن لحسم جبهتي القاعدة والحوثيين، إلا أنه فشل حتى الآن في تحقيق نصرٍ واضح، لأن لكلا الجبهتين جذوراً اجتماعيَّة وفكريَّة تستحيل مواجهتها بالقوة العسكريَّة فقط، وتذهب بعض التقديرات إلى أن الحكومة اليمنيَّة تبالغ كثيراً في قدرات القاعدة والحوثيين، بهدف جذب المساعدات الخارجيَّة، وتلميع صورتها لدى الغرب، باعتبارها إحدى الجبهات المتقدمة في الحرب الأمريكيَّة ضدّ الإرهاب.
وكشفت «ويكيليكس» أن الرئيس اليمني سمح للطائرات الأمريكيَّة بشنّ غارات على أهداف للقاعدة على الأراضي اليمنيَّة، على أن تقوم صنعاء بتبنِّي تلك العمليات، لكن تلك الصيغة لم تكن كافيةً لتحقيق الأهداف الأمريكيَّة، ما دفعهم لطلب نشر قوَّات على الأرض، لكن صنعاء لم تحبذْ ذلك، كما كشفت تلك الوثائق أن السعوديَّة مستاءةٌ من أداء الرئيس علي عبد الله صالح، وفقدانه السيطرة على أجزاء كثيرة من البلاد، بحيث تكاد سيطرته تقتصر على العاصمة صنعاء، ما منح القاعدة بيئة خصبة للنمو، خاصةً في ظلّ تدهور علاقات صالح مع زعماء القبائل، الذين يشكلون عنصراً مهمّاً لمحاصرة القاعدة ومنع انتشار عناصرها في الأراضي الخاضعة لنفوذهم.
رهان فاشل

ووسط كل هذا الرُّكام كان البعض يراهن على لجوء الحكومة إلى فتح حوار وطني مع باقي القوى السياسيَّة، سعياً إلى صياغة «خريطة طريق» لإخراج البلاد مع أزماتها، لكن الحكومة عكست هذه الرهانات، ونقضت اتفاقها مع قوى المعارضة الرئيسيَّة، المنضوية تحت تكتل «اللقاء المشترك»، وقامت بتمرير قانون للانتخابات دون التشاور مع المعارضة، رغم أن اتفاق شباط 2009 بين الطرفين نص على تأجيل الانتخابات إلى نيسان 2011 على أن يسبق ذلك حوار وطني بين الأحزاب وقوى المجتمع المدني لتعديل الدستور والنظام السياسي من أجل تعزيز اللامركزية واعتماد نظام الانتخاب بالقائمة النسبيَّة.
وهكذا، فإن النظام اليمني فتح معارك سياسيَّة وعسكريَّة، على كل الجبهات، دون أن تكون في جعبته الأسلحة الكافية لخوضها، فعائدات النفط تراجعت بشدة في ظلّ انخفاض الإنتاج لنحو النصف، فضلاً عن تراجع الأسعار في الأسواق العالميَّة، كما سجَّلت معدلات البطالة أكثر من 30 في المائة، فيما تشير تقارير منظمات الإغاثة إلى أن واحداً من كل ثلاثة يمنيين يعاني من الجوع، ومن أصل 300 ألف شخص شرّدتهم الحرب مع الحوثيين في صعدة لم يعدْ سوى 20 ألفاً إلى منازلهم، وما زال الباقون يعانون النزوح والتشرُّد، بحسب مفوضيَّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ومن المضحِك المبكي أنه في ظلّ هذه الأوضاع البائسة تتزايد التقارير عن صعود نفوذ العقيد أحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس اليمني، حيث يتقلَّد قيادة القوات الخاصة والحرس الجمهوري، إضافةً لأنشطة اجتماعيَّة ورياضيَّة متعددة، ما عزَّز التكهنات بمحاولة جارية لـ «توريث السلطة»، كما هو الحال في جمهوريات عربيَّة أخرى، لكن من سوء حظّ «الوريث الطامح» أن مجال عمله العسكري يعدّ القطاع الأكثر فشلاً في اليمن، وبالتالي فمن المستبعد أن يحظى تولِّيه السلطة بدعم خارجي يُذكر، أما على الصعيد الداخلي فإن حصاد ثلث قرنٍ قضاه والده في الحكم قد يدفع الكثيرين لرفع صوتهم قائلين: «كفى»، أملاً في مستقبل أفضل يستحقه «اليمن السعيد» بكلِّ جدارة.

http://www.al-aman.com/subpage.asp?cid=12744


Loading...

Powered by vBulletin® Version 3.8.12 by vBS
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions Inc.