صعدة.. 4 سنوات وإعلام الحكومة يحدثنا عن انتصارات وتصفية المتمردين
 

صعدة.. 4 سنوات وإعلام الحكومة يحدثنا عن انتصارات وتصفية المتمردين



? علي الفقيه:




«لم يبق أمام فلول التمرد إلا أن يسلموا أنفسهم»، تصريحات نارية من هذا القياس دشن بها الوزير الجديد المصري مهامه.
كان العميد المصري زاهدا في الحديث لوسائل الإعلام طيلة بقائه محافظا لصعدة باستثناء مرات معدودة لأنه كان قريبا من الواقع ويدرك تماما أن ما يمكن أن يقوم به من جهود ميدانية أهم من التفرغ للحديث للإعلام عن انتصارات ربما يكون الحديث عنها نوعا من الحرب الإعلامية ليس أكثر.
بدأ الإعلام الرسمي قبل سنوات الحديث عن شرذمة - عصابة متمردة تقوم بأعمال التخريب في صعدة وأن الأفراد المرابطين في إدارة أمن صعدة جديرون بالقضاء عليهم، إلا أن طول الفترة استدعى حشداً أكبر من ذلك وصار يتحدث عن ملاحم البطولة والتضحيات التي يقدمها أبناء القوات المسلحة والأمن للقضاء على المتمردين في صعدة.
انتهت الحرب الأولى والثانية والثالثة والرابعة والإعلام الرسمي يتخاطب معها بتلك اللغة وبين جولة وأخرى يغير النبرة ليتحدث بلغة ناعمة عن حرص القيادة السياسية على الصلح وحبها للتسامح ورفضها لسفك الدماء بطريقة تفقد الإعلام الرسمي ما تبقى من إمكانية تصديقه لدى اليمنيين -وخاصة ساكني محافظة صعدة الذين دمرت المعارك حياتهم ونفسياتهم.
وتستمر الآلة الإعلامية تلوك نفس الألفاظ وتقضي الساعات الطوال في الحديث عن انتهاء الجيش من تطهير الجبال والمناطق من «فلول التمرد» دون أن تنتبه الى أن الخطاب فاقد المصداقية شكل رافعة قوية للحوثي وأنصاره حيث تمكنوا بسهولة من حشد تأييد آلاف المواطنين في قرى ومديريات صعدة واتسعت المساحة لتشمل عمران وصنعاء وتحييد الغالبية العظمى.
فبينما كانت نشرة أخبار التاسعة تتحدث عن انتصارات ساحقة حققها الجيش في «بني حشيش»! وتصفية تلك المناطق من فلول التمرد بعد أسر وقتل العشرات منهم كانت الأسر المحتلقة حول التلفاز في المنازل الواقعة في سعوان - أحد أحياء العاصمة- تحدث نفسها بنوم هادئ لا تعكره أصوات قذائف وانفجارات طالما أقضت مضاجعهم، إلا أن الأصوات ذاتها كانت تغلب صوت التلفاز، وهو ما تعانيه سفارتا الدولتين العظميين الواقعتين على مقربة من الأحداث.
في سعوان فقط يجعلك سرب الدبابات الموزع على جانبي الشارع والنقاط الأمنية الكثيفة تشعر بالخوف حتى وإن قرأت في الصحافة الرسمية خبر سيطرة الجيش على جبل الجميمة وانتهاء المعارك.
مرورا بحرف سفيان حيث تجددت المواجهات الثلاثاء الماضي قبل أن ينهي العميد القهالي حديثه عن نجاحه في إيقاف الحرب، فبينما كان يسرد بزهو على قيادة محافظة عمران نجاح وساطته في إيقاف المواجهات تلقى مكالمة هاتفية تنبئه بتجدد إطلاق النار.
وفي صعدة لا تزال الحرب دائرة رحاها على نطاق واسع مع احتفاظ الحوثيين بهدوء في المديريات التي تربطهم بالجوف لتبقى كبوابة لدعم متوقع عند الحاجة، حيث تؤكد المعلومات الواردة من صعدة تكبد مقاتلي «لواء المجد» خسائر فادحة على جبهات القتال مما اضطرهم إلى الانسحاب إلى مدينة صعدة بعد أن تمكنوا من فتح منفذ للعودة بهدوء.
وتتضارب التصريحات الرسمية المنتشية بانتصارات متواصلة مع تصريحات قيادات الحوثيين التي تنفي معظم ما يقوله الإعلام الرسمي وتؤكد تصريحات عبد الملك الحوثي وشقيقه يحيى الحوثي تقدم متواصل يحققه مقاتلوهم في ميادين القتال، ويرسلون بين الحين والآخر تهديدات بضرب أماكن حساسة أو توسيع مساحة المواجهات.
ويبدو الإعلام الرسمي مصرا على الحديث عن وقوف كل أبناء صعدة مع أبطال القوات المسلحة والأمن دون أن يسأل كاتب افتتاحية الثورة نفسه ما السبب في عدم تمكن الجيش من حسم المعركة التي مضى عليها أربع سنوات!؟ ولماذا تتسع ساحة المواجهات كل مرة؟ فمديرية ساقين التي كانت لا تزال تبدو عليها علامات عافية قبل اندلاع المواجهات الأخيرة حيث لم تكن في الجولات السابقة ساحة حرب، فقدت هذه المرة هدوءها لتشملها المواجهات.
ومع اكتفائه بالحديث عن الانتصارات التي تحققها القوات الحكومية في صعدة وحرف سفيان وبني حشيش، لا يخلو الإعلام الرسمي من شتائم يكيلها للمعارضة وهجوم يومي على اعتبار أن الأداء السلمي للمعارضة لا يقل خطرا على النظام ممن يصفهم الإعلام بالمتمردين ويبدو للقائمين عليه أن لا فرق بين «متمردين يرفعون السلاح» و «حاقدين يختبؤون وراء الوسائل السلمية» وكلهم في نظر النظام وآلته الإعلامية «أعداء الوطن».