دعونا نرتفع إلى مستوى الأحداث

هيئة الأمم المتحدة ممثلة في (لجنة تصفية الاستعمار)... تناقش قضيتنا في جلسة خاصة وتعترف بحقنا في تقرير مصيرنا والإفصاح عن مشيئتنا وإعلان إرادتنا وتشكيل وفداً من خمس دول لجمع الحقائق والتعرف إلى اتجاهات المواطنين في الجنوب بصرف النظر عن سماح بريطانيا أو عدم سماحها بسفر الوفد إلى الجنوب.

وبريطانيا تحت ضغط الرأي العالمي والتطورات الدولية المتلاحقة تضطر إلى التخلي شكلياً عن استعمارها المباشر لعدن وتشكل فيها ما يسمى لحكومة وطنية تمارس بعض الشئون الداخلية التي كانت قبل مدة وجيزة وقفاً على الحكام الانجليز وتسارع إلى تكوين الاتحاد الفيدرالي بين أمارات المنطقة الغربية من الجنوب لتخفي وراءه تحكمها ونفوذها وتسلطها عن أنظار العالم.

واليمن ينفض عن كاهله غبار القرون الماضية ويتخلص نهائياً من حكم الأئمة وظلمهم وفسادهم وعب ويضع الأسس الصحيحة القويمة لحكم عربي شعبي ديمقراطي يستهدف مصلحة الشعب ويستمد سلطته ووجوده من إرادة الشعب ويعلن عن رغبته في مساعدة أبناء الجنوب لتحقيق أمانيهم في الحرية والوحدة والتقدم.

والأقطار العربية المتحررة تقود انقلاباً ثورياً في كل المجالات وعلى كافة المستويات وتضع جميع إمكانياتها المادية والمعنوية لخدمة القضايا العربية المعلقة... والوطن العربي كله من أقصاه إلى أقصاه يموج بالثورة والتمرد ويتحرك في وعي وإيجابية وإيمان للمشاركة في صنع الإنسان العربي القادر على تحمل دوره الحضاري وأداء رسالته الخالدة.

وكل الأحداث في العالم شرقه وغربه شماله وجنوبه تبشر بانتهاء عصر التحكم والسيطرة وبزوغ فجر الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. فهل يصح بعد كل هذا أن نستسلم نحن في الجنوب لحياة راكدة جامدة وهادئة كهدوء الأموات بينما صيحات الحرية من حولنا وهدير أمواجها يصم الآذان ويبعث من في القبور.

دعونا نرتفع إلى مستوى الأحداث الإقليمية والعالمية... أقولها لكل مسئول في الجنوب يريد أن يرضي ضميره ويؤدي واجبه ويتجاوب مع سنة التطور وحتمية التاريخ... وأقولها لكل مواطن لدية من الفهم والوعي ما يستطيع أن يشارك به في رفع وصمة التخلف والتأخر عن وطنه وبلده.

على المسئولين أن يبروا ذمتهم بالعمل المخلص من أجل تطوير بلدهم وإفساح المجال أمام نهوضه وتقدمة وعلى الفاهمين الواعين من أبناء الجنوب أن يأخذوا بزمام المبادرة وأن لا ينتظروا استجابة من أحد في مسئولية كل أعباءها ملقاة على كواهلهم فإن وجدوا من يمهد لهم الطريق ويمد لهم يد العون كان عليهم له حق الشكر وإلاّ وجب أن يشقوا طريقهم بمفردهم متحملين كل النتائج مستعدين لكافة الاحتمالات وباذلين جميع التضحيات.

حرام والله هذا الركود والجمود ووصمة عار على شباب يستطيع أن يتكلم وأن يعمل ويتحرك فيلوذ بالصمت ويفضل الخمول والقعود.
قد أبحرت شمم الجبال وأجبلت ***** لجج البحار ونحن لم نتبدل

قال التلميذ لأستاذه: رأيتهم بعيني رأسي يمارسون التمييز بصورة مقلوبة فلا يفتشون المسافر الأجنبي ولا يأخذون على أمتعته ضريبة بينما يتعرض المواطن الجنوبي لتفتيش استفزازي مهين لا تسلم منه حتى جيوب ملابسهم الداخلة,,, أجاب الأستاذ على تلميذه: فترة ضعف تمر بها كثير من الأمم المتأخرة نرجو أن لا تدوم!!!.

الناشر: صحيفة الطليعة ــــ العدد 200
تاريخ النشر: 29 ذو الحجة 1382هــ 23 مايو 1963م.
عنوان المقال: دعونا نرتفع إلى مستوى الأحداث.
كاتب المقال: سعيد عوض باوزير.