المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصورة الأقرب لما يحدث في جنوب اليمن


اسدالجنوب
2008-12-21, 10:06 AM
الصورة الأقرب لما يحدث في الجنوب اليوم انه تحول إلى ساحة
حرب، ليس بالضرورة ان تكون حرباً معلنة لكن اجتماعات مجلس
الدفاع الوطني المتتالية والمستمرة لا تدع مجالا لتفسير آخر .
في المقابل يخوض الشارع الجنوبي مواجهات صعبة مع قوات
الجيش والأمن في مشهد اقرب ما يكون إلى الانتفاضة الشعبية.
السلطات تخوض أكثر من معركة في آن واحد، معركة دموية مع
الشارع الغاضب، معركة سياسية مع أحزاب المشترك، معركة إعلامية
مع الوسط الصحافي الذي يراد تكميمه حتى لا ينقل الحقيقة كما
هي، بيد أن الحرب المستعرة على الساحة الوطنية اليوم يراد لها أن
تتجه صوب أحزاب المشترك تحديداً، وكأن هذه الأحزاب هي من فجر
الوضع في الجنوب وخلق ازمة سياسية تزداد تفاقما كل يوم، الإعلام
الرسمي يُحمٌل المشترك كامل المسؤولية عما يجري من أحداث مؤسفة
في المحافظات الجنوبية والشرقية، وهو أمر يبعث على الشك والريبة
ويضع أكثر من تساؤل على بساط البحث، فأحزاب المشترك تنفي في
كل مناسبة أي دور لها في تحريك الشارع الجنوبي وتوجيهه، وتؤكد
باستمرار أن المشترك أعجز من أن يقود مسيرة أو ينظم اعتصاماً
جماهيرياً حاشداً، في الوقت الذي تنسب فيه السلطة كل ما يدور على
الساحة الجنوبية إلى هذه الأحزاب وهو ما يوحي بوجود شيء ما تم
التخطيط والإعداد له مسبقا يهدف إلى النيل منها.
العام الثاني للحراك الجنوبي
في اذار (مارس) من عام 2007 انطلقت الفعاليات الاحتجاجية ﻟﻤﺠلس
تنسيق جمعيات المتقاعدين العسكريين والمدنيين، وكما هو معروف فقد
كانت المطالب حقوقية بحتة، لكن السلطة فشلت في التعامل مع تلك
المطالب بل واستخفت بها، وهو ما دفع بالمتقاعدين للانتقال بمطالبهم
الحقوقية إلى إطارها السياسي المعروف اليوم، وقد تميز الحراك
الشعبي طيلة تلك الفترة بطابعه السلمي ووحدة قيادته، وتناميه
المستمر في أوساط الجماهير، وعلى الرغم من ظهور بعض الأصوات
الانفصالية في قيادات الحراك الشعبي الجنوبي واعتقال السلطة
لبعض تلك القيادات إلا أن الاحتجاجات لم تجنح للعنف ولم تهدد به،
وظلت متمسكة بنهجها السلمي كخيار لا تراجع عنه لا سيما وان أحزاب
المشترك أضحت شريكاً أساسياً وفاعلا في تلك الاحتجاجات السلمية.
ومع دخول حركة الاحتجاجات (الجنوبية ) عامها الثاني فقد
طرأت عليها بعض المتغيرات التي لم تكن غالبها في صالحها،
أبرزها انقسام قادتها وتنازعهم قيادة الحراك، وغياب المشروع
الجامع والرؤية الواضحة لمستقبل الحراك وأهدافه، أضف إلى ذلك
المحاولات التيُ بذلت من قبل السلطات لشق وحدة العمل المشترك
والتحالف الذي نشأ بين تياري المتقاعدين والمشترك بقصد إضعاف
فاعلية الحراك وصرفه عن غاياته، ورغم ذلك لم ينجرف ذلك الحراك
الشعبي إلى محرقة العنف والفوضى التي اُريد حرقه فيها.
بيد أن ما نراه اليوم هو صورة مختلفة تماماً عن صورة الاحتجاجات
التي بقيت إلى حوالي سنة كاملة محتفظة بطابعها السلمي وتفوقها
الأخلاقي الذي أحرج السلطة ولم يدع لها فرصة لتشويشه أو العبث
به، اليوم الساحة الجنوبية هي ساحة مواجهات يومية بين المواطن
وحكومته، غاب عنها العقل وحضرت فيها الدبابة واﻟﻤﺠنزرة والرصاص
الحي والقنابل المسيلة للدموع، وفتحت السجون والمستشفيات أبوابها
في حين اُغلقت مقرات الأحزاب والجمعيات، وهرب الناس من منازلهم
وصعد بعضهم إلى الجبال حاملاً سلاحه، وأعلن البعض عن ثورة
مسلحة، وصرنا نسمع عن جنود يتم استهدافهم وآخرين يتم أسرهم،
وعن جموع قبلية مسلحة أعادت تمركزها وانتشارها في بعض المواقع
استعداداً لمواجهات طويلة مع السلطات. لكن علينا أن نعترف بان
العنف الحاصل اليوم وتلك المصادمات التي وقعت بين طرفي الصراع
لم تكن بقرار أو توجه أو سياسة حث عليها قادة الحراك الجنوبي، لم
نسمع أن احدهم طالب الجماهير أو دعاها إلى الخروج على السلطة، لم
يدع احد إلى العصيان المدني أو إسقاط النظام، ولم يحرض احد على
حمل السلاح واستهداف قوات الأمن، لم يحدث ذلك رغم أن الخطاب
السياسي لبعض قادة الحركة الاحتجاجية كان قد تجاوز سقف
الوحدة بكثير.
المشترك في الصورة
أمور كثيرة تبعث على الدهشة والاستغراب وقعت قبل أن يصل
الوضع في الشارع الجنوبي إلى حالة الانفجار التي وصلها، منها قصة
التجنيد العسكري التي كانت المدخل لتفجير الأوضاع وإشعال الأزمة
على هذا النحو، فالقصة نفسها تكررت في اغلب المحافظات الجنوبية
حيث دُعي الشباب (ومن قبل جهات مؤتمرية) للتوجه إلى المعسكرات
القريبة لتسجيل أنفسهم بغرض الالتحاق بوظائف عسكرية ضمن
مشروع محاربة البطالة وإيجاد فرص عمل للعاطلين، لكن الشباب
فوجئ بمعاملة مهينة من قبل المعنيين إلى جانب انهم لم يحصلوا على
فرصتهم في العمل وفقًا للانظمة والقوانين، (الحكومة أعلنت مؤخرا
وقف عملية التجنيد.. يبدو أن العملية استوفت أغراضها) وبالتالي
عاد الشباب الغاضب إلى مناطقهم ليفرغوا شحنات غضبهم على
السلطة المحلية التي استخفت بعقولهم، وتُرك الوقت الكافي لشباب
الضالع (الذينُ رفض تجنيدهم) ليفعلوا ما بدا لهم في ظل صمت
وغياب طويل ومستغرب لأجهزة الأمن، وكان مراقبون وشهود عيان
قد أكدوا بأن وجوهاً كثيرة ممن شاركت في أعمال الشغب والفوضى
والتخريب في الضالع هي من خارج المحافظة، وهو ما يلقي بظلال من
الشك حول هوية أولئك المنفذين والدافع الحقيقي لما قاموا به والجهة
المحرضة لهم، ويتضح جزء من ذلك المشهد الغريب حينما سارعت
السلطة إلى القيام بحملة اعتقالات واسعة في صفوف قادة الحراك
الجنوبي ليس في الضالع وحدها بل وفي لحج وعدن ومناطق أخرى،
حيث شملت الاعتقالات شخصيات سياسية لا علاقة لها نهائيا بأحداث
الشغب تلك، وعلى الفور سارع الإعلام الرسمي الموجه لإطلاق التهم
وتعميمها على أحزاب المشترك باعتبارها المحرض والمستفيد من كل ما
الرسمية أحزاب « الثورة » جرى، وكمثال على ذلك فقد اتهمت صحيفة
المشترك بالوقوف وراء تلك الاعمال وشحن الشارع بدافع تصفية
الحسابات الحزبية والسياسية مع الحزب الحاكم على حد زعمها.
لقد سارع إعلام السلطة الموجهة لوضع المشترك في الصورة منذ
اللحظة الأولى لبدء أحداث الشغب وسارت التعبئة للرأي العام
باتجاه تحميله مسؤولية ذلك العنف والتحريض والفوضى والخروج
على الأنظمة والقوانين، والهدف النهائي من ذلك تسليط الضوء
على المشترك وتصويره على أنه عدو للوحدة يهدف من خلال تغذية
الاحتجاجات والاعتصامات الجماهيرية في الشارع إلى تقويض وحدة
الشعب والإضرار بمصالح الوطن، وفي المقابل تظهر السلطة وكأنها
المناضل الوحيد في ساحة الدفاع عن الوحدة ضد المتآمرين الذين
يحاولون العودة بعجلة التاريخ إلى الوراء .
الوحدة أو الموت
يكاد يُجمع السياسيون والمراقبون على أن السلطة ضاقت
بالنضال السلمي للمشترك والمتقاعدين، وأنها قررت أخيرا الدفع
بهؤلاء إلى الميدان الذي تجيد الحركة فيه وهو ميدان العنف
والفوضى بعد أن فشلت في إدارة معاركها السياسية والاقتصادية
مع المعارضة والشارع. ومنذ البداية كان الخطاب الرسمي يُروج
كلما اشتدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية « الوحدة أو الموت » لمقولة
كان شعار 1994 وقد « الوحدة أو الموت » ، وتصاعدت مطالب المحتجين
استطاع أن يحشد وراءه كل فئات الشعب وقواه السياسية للوقوف
ضد محاولة الانفصال الفاشلة، اليوم هناك من يحلم بتكرار المشهد
من جديد ولكن على طريقته الخاصة.
يوجد من يحلم بعودة تلك الصورة النادرة التي جمعت كل أبناء
الوطن للدفاع عن وحدتهم ووقفوا فيها جميعهم خلف قيادة واحدة،
وبمعنى آخر هناك محاولة لإعادة إنتاج مشروع وحدوي جديد على
غرار مشروع وحدة 94 الذي أعطى المشروعية الأخلاقية والقانونية
للنظام باسم الوحدة .
وكما يقول محللون سياسيون فإن النظام صار بلا مشروع وطني
وبلا رؤية يستطيع من خلالها إقناع الشعب بضرورة استمراره،
وبناءً عليه كان لا بد له من خلق مشروع جديد يُعيد تلاحم الناس
حوله ويضمن تأييدهم له، وليس هناك أفضل من مشروع الوحدة
والدفاع عن الوحدة كطريق وحيد لتحقيق تلك الغاية بعدما فشلت
كل الطرق الأخرى.
وعلى هذا الأساس تتم عسكرة المدن واستفزاز الناس بالدبابات
والمصفحات ومضادات الطائرات، إلى جانب الإفراط في استخدام
القوة ضد المحتجين كي يندفعوا لحمل سلاحهم وينتشروا على
رؤوس الجبال ويعلنوا التمرد، حينها تصرخ السلطة مجددا
وتبدأ في إعادة رسم المشهد السياسي في البلاد « الوحدة أو الموت »
بطريقتها الخاصة، فيتم تعبئة الجماهير واستنهاضها للدفاع
عن الوحدة ضد فلول التمرد، ويتم حشر أحزاب اللقاء المشترك
في الزاوية الحرجة بتصويرها الرديف المساند سياسيا لهؤلاء
المتمردين، وبهذه الطريقة يتم ضرب عصفورين بحجر واحد، حيث
يبدأ النظام باستعادة حيويته وشعبيته الجماهيرية باعتباره السد
المنيع الواقف ضد محاولات تمزيق الوطن، إلى جانب ذلك يتم حرق
صورة المشترك جماهيريا بتصويره أحد أعداء الوحدة.
بوابة العبث بأمن واستقرار « الوحدة أو الموت » وهكذا تغدو مقولة
البلد وبداية مغامرة جديدة غير محسوبة العواقب قد تودي بالوطن
وبوحدته، ذلك أن ظروف اليوم مختلفة تماماً عن ظروف حرب 94
ولن يكون بمقدور السلطة حشد الجماهير المتذمرة والمستاءة من
سياستها، كما أن المواطن في الجنوب ما عاد بنفس حماسته السابقة
التي كانت أثناء حرب صيف 94 بعدما ظل يتجرع طلية الفترة
الماضية النتائج الكارثية لسياسة الحزب الحاكم، كما لا يمكن هذه
المرة إغفال الدور الخارجي (الدولي والإقليمي) الذي بات يدعم من
طرف خفي فكرة عودة الجنوب اليمني إلى ما كان عليه في السابق
لمصالح خاصة.
الجديد لا يملك مقومات « الوحدة أو الموت » والخلاصة أن مشروع
النجاح التي توفرت لنفس المشروع عام 94 لاختلاف الظروف
الداخلية والخارجية، ولن يكون من اﻟﻤﺠدي حشد القوات أو تعبئة
الجماهير ضد جزء من أبناء الشعب ممن يشعرون بالضيم والغبن
وأنهم مسلوبو الحقوق من نظام ظل لأربعة عشر عاماً ينتقص منهم
ولا يضعهم في قائمة اهتماماته، هذا إلى جانب أن الأمور اليوم
صارت أكثر وضوحا ولم يعد الناس مستعدين لان ينخدعوا مرة
أخرى ويدفعوا الثمن باهظاً أضعافاً مضاعفة، فهذا مما صار فوق
احتمالهم.

ملا حظة

تمت ترجمتها : من تلفزيون تي: في لميغ
الصحفي المتخصص في شبه الجزيرة العربية
:با سكال رينية باريس فرنسا

احمد الخليفي
2008-12-21, 10:45 AM
اشكر كاتب هذا التقرير الذي استطاع ان يشخص الوضع القائم في اليمن تشخيص علمي ودقيق واكاد اجزم
بان ماورد في هذا التقرير هي الحقيقه بعينها . فهل وصل الامر بحاكم صنعاء ان يحرق اليمن باسره من اجل ان
يبقى هو في الحكم مهما تكون النتائج وان شعاره هذا الحاكم اصبح يقول( انا ومن بعدي الطوفان ) فعلى اصحاب
المشترك واخص بلذكر الحزب الاشتراكي بان يقرو هذا التقرير بتمعن ويعرفو مايخطط لهم وللجنوب.

شكرآ اسد الجنوب على نقل هذا التقرير المهم

تيارالحريه
2008-12-21, 01:11 PM
مقال رائع وتحليل جيد من صحفي اجنبي هذه الحقيقه فعلا .