المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انفاق المال


حسين اليافعي
2008-10-23, 02:13 PM
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
"وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه "
ولأن جمع المال وامتلاكه شهوة من شهوات النفس البشرية كما جاء في قوله تعالى :
"زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ "آل عمران :14.
و زينة للحياة الدنيا كما في قوله تعالى :"المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا "الكهف 46
وفتنة أيضا من فتنها كما في قوله تعالى :"إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ "التغابن 15.
فقد وضع الإسلام مجموعة من الضوابط التي يهذب بها هذه الشهوة ويخمد بها نار تلك الفتنة ،
وبهذه الضوابط تتحد د طرق جمع المال وسبل إنفاقه بحيث لا تتعدى هذه الطرق والسبل ما حرم الله ،
ولم ينته الأمر عند هذا الحد بل أعلن الإسلام مسئولية الإنسان الكاملة عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ،
فقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
"لن تزول قد ما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه ،
وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به "
وقد قال أحد التابعين :إذا مات المسلم أصابته عند موته مصيبتان كبيرتان :
الأولى :أنه يترك ماله كله
والثانية أنه يحاسب عليه كله .
وقال أحد العلماء:المال الذي أعطاه الله بني آد م، أعطاهم الله إياه فتنة؛ ليبلوهم هل يحسنون التصرف فيه أم لا.
ونجد الإسلام يضع مجموعة من الضوابط والآداب لإنفاق المال والتي تتمثل في الآتي :

1- أن يكون المسلم معتدلاً في انفاقه للمال فلا يصل إلى حد البخل والإقتار بحيث يضيع
حقوق أهله وذويه ويظلم نفسه ، ولا يصل إنفاقه إلى حد التبذير والإسراف في هذا المال ،
فالإسلام دين الوسطية في كل شيء وهو يدعو إلى الإعتدال في كل شيء
قال تعالى :"وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً"الفرقان 67.
وفي آية أخرى :"وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً "الإسراء 29.
فالتبذير والترف والإسراف في المال جدير بأن يحول الإنسان من أقصى الغنى إلى أدنى الفقر
في فترة وجيزة هذا إلى جانب ما يصاحب البذ خ والترف من إرتكاب المحرمات والتدني في الشبهات والشهوات.
والإنفاق على الأولاد والزوجة له أجر عظيم كما في قوله صلى الله علية وسلم :
{الرجل إذا أنفق النفقة على أهله يحتسبها كانت له صدقة } [في الصحيحين]،
وقوله :{أربعة دنانير:دينار أعطيته مسكيناً، ودينار أعطيته في رقبةٍ، ودينار أنفقته في سبيل الله،
ودينار أنفقته على أهلك، أفضلها الدينار الذي أنفقته على أهلك }[رواه مسلم].
2- ألا يكتنز المسلم ماله ويحبسه عن الإستثمار وإنشاء المشروعات المفيدة ،
والنافعة فالحق سبحانه ينهي عن الإكتناز في قوله تعالى :
"وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *
يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا
كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ "التوبة34-35.
3- ألا يبد د المسلم ماله وينفقه في المحرمات وأخطرهاالمخدرات فإن
هذه السموم سوف تحوله بلا شك من الغنى إلى الفقر مهما بلغت
درجة غناه هذا إلى جانب أنها سوف تقضي على عقله وصحته وتخسره آخرته ودنياه .
ملاحظه هامة:
إن عادة التدخين تعتبر تبديدًا للمال فيما يضر الإنسان صحيا وماليا وحكم الإسلام في التدخين الآن أصبح واضحًا
حيث أفتى الكثير من العلماء بحرمته بعد أن أثبت الطب الأضرار الصحية المتسببة عنه والتي لا يحصى ،
وقد اعتمد العلماء في فتواهم على ثلاث آيات من كتاب الله تعالى :
الآية الأولى"وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ "الأعراف 157
إذا صنفنا التدخين بين طيب وخبيث لاشك أنه خبيث بكل المقاييس .
الآية الثانية :"وَلاَ تُلْقُوا بأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ "البقرة 195
وقد أثبت الطب أن التدخين يسبب الكثير من الأمراض الفتاكة أخطرها مرض سرطان الرئة
الآية الثالثة :"إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين "الإسراء 27
والمدخن يعتبر بلا شك مبذرا لماله فيما لا يعود عليه بخير ولكن بضرر شديد .
4- أن ينفق المسلم ماله أولا على الضروريات والحاجيات
قبل الكماليات ولا يقدم الكماليات على الضروريات
التي تتوقف عليها حياة الإنسان كالمأكل والمشرب والملبس
والمسكن والزواج فإذا إكتفى في جانب الضروريات
والحاجيات فلا مانع أن ينفق على الكماليات التي لا تتنافى مع
الشريعة كالأجهزة المنزلية بكافة أشكالها وغير ذلك من تحسينات ..
5- أن يغتنم المسلم غناه ويعلم أن هذا الغنى نعمة من الله وأنه قد يأتي من وراءه فقر ،
وإغتنام الغنى بأن يستغل ما معه من أموال إستغلالاً حسنًا لمنفعته الدنيوية والأخروية .
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه:"إغتنم خمسا قبل خمس:
شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ".
أنها دعوة عامة من نبي الأمة ولا بد لنا من تلبية هذه الدعوة دعوة للإغتام وقنص الفرص العظيمة
التي يهيئها الله عز وجل لنا ألا وهي حياتنا ....
حياتنا التي وضعها الله عز وجل أمانةً في اعناقنا سنسأل عن كل صغير وكبير فيها
{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}الكهف49
هذا الكتاب الذي فيه صحائف أعمالنا أي نتاج حياتنا .
شبابنا..صحتنا ..أموالنا ..أوقاتنا ..
حياتنا كلها من يوم أن جرى علينا القلم الى يوم لقأونا بالله عز وجل
لمن كانت ؟؟ لله ومن أجل الله أم لهوانا ومن أجل أنفسنا ؟؟
هذه أمور يجب الوقوف عليها والمراجعة ...
ان المتأمل في هذا الحديث يجد حكمة كبري و دعوة عظيمةٌ لإنتهاز
فرصة الحياة قبل فوات الأوان ،،وأن تجعل كل
لحظة في حياتك لله وفي سبيل الله ...
دعوة لأن تجعل حياتك بكل ما فيها وسيلةً للتقرب من الله في حال الرخاء قبل
الشدة، حتي يعينك الله في المحن والشدائد ويجعل لك من أمرك مخرجا ويسرا.
قال الله تعالىومن يتق الله يجعل له مخرجاً*ويرزقه من حيث لايحتسب).الطلاق 2-3
" احفظِ الله يحفظكَ ، احفظِ الله تجده تجاهك"
اللهم علمنا ما ينفعنا وإنفعنا بما علمتنا .
اللهم نسألك الرزق الحلال وبارك لنا فيه .