المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المناضل البطل بليل جيوب قاسم الداعري


kasimalisaleh
2012-01-27, 06:24 AM
بحث متقدم
الجمعة 27 يناير-كانون الثاني 2012
الرئيسية التحقيقات 26 سبتمبر الأسبوعية الجمهورية اليمنية الأخبار المقالات دليل المواقع إتصل بنا
[ رقم العدد: 1095 ] [ الموضوع: مقابلات ] [ رقم الصفحة: 17 ] [ ] [ ] [ رجوع ]

(أعياد الثورة اليمنية)«بالليل جيوب الداعري».. يروي تفاصيل لم تنشر بعد: بعد إستشهاد لبوزة واجهت قوات الاحتلال حرباً ضروساً.. ورفضنا التهديدات والاغراءات للتخلي عن المقاومة
صحيفة 26سبتمبر
في هذه السطور جزء من سفر نضالي لثورة 14 أكتوبر ينشر لأول مرة على لسان المناضل بالليل إبن جيوب قاسم الداعري، والحديث هنا قد يبدو على بساطته في التعبيرات والجمل غير الرنانة، ولكنه مليء بمواقف ومشاق وكفاح مرير إمتزجت فيه المعاناة القاسية والمرارة والألم بدماء شهداء احرار قدموا ارواحهم قرباناً لتحرير شعب من نير الاستعمار مثلما تداخلت فيه وحدة النضال اليمني المشترك جنوباً وشمالاً يومها عبر الامدادات بقوافل الاسلحة من ثوار 26سبتمبر لثوار 14أكتوبر وعبر إيواء الثوار الهاربين من بطش المستعمرين، احتضنتهم تعز وإب والبيضاء وشكلوا قيادات لتنظيم الكفاح المسلح في تلك المناطق، اضافة الى قيادات جبهات القتال في الجنوب يومها.. ولنترك الحديث للمناضل بالليل جيوب قاسم الداعري.

حاوره: عواس قائد سيف
عندما تفجرت ثورة 14 أكتوبر من على جبال ردفان، واصلها ابناء ردفان، وبعد استشهاد راجح غالب لبوزة وغيره من الثوار، استمرت المقاومة رغم التهديدات والانذارات المتكررة والاغراءات الى قبائل ردفان من اجل اخماد نار المقاومة ولكن قبائل ردفان رفضت كل هذه الاغراءات وتشهد على ذلك الوثائق الموجودة لدينا. وأمام المقاومة المسلحة. تقدم الجيش الموالي لحكومة بريطانيا الى نقيل الربوة وجبل البدوي لاسباب عدم توقف الهجمات على مراكز الحكومة والطريق المؤدي من عدن - ردفان - الضالع ويربط نقيل الربوة يبن جميع قبائل ردفان، وهو جبل خال من السكان ولكنه واجه جيش الاحتلال بمقاومة قوية من قبل الثوار وقتل في ذلك اليوم كثيراً من جيش الاحتلال وسقطت عدد من الطائرات المروحية واعترفت قوات الاحتلال بأكثر من28 قتيل وجريح -حسب اعترافاتهم- ولقد استشهد في ذلك اليوم عدد من الثوار من بينهم الشهيد قاسم صائل سلام وجرح عمه احمد سلام، ولكن تمركز جيش الاحتلال في نقيل الربوة حتى 18 يناير 1964م تقدمت فرقة الى وادي دي ردم بلاد الداعري والمحلأي، الذي يبعد عن نقيل الربوة بحوالى اربعة كيلو. ولقد اطلقنا عليهم النيران من جميع الجهات في وادي دي ردم وقتل الكثير من الفرقة، حيث تم الاستيلاء على رشاش برن عيار 303 وبندق كندة عيار 303 بعد قتلهم من قبل يحيى قاسم جيوب ومجاميعه. وبعد تقدم الجيش من نقيل الربوة الى وادي دي ردم لانقاذ ما بقي من الجرحى من تلك الفرقة ويساندهم سلاح الجو تم اعتقال الشيخ جيوب بن قاسم شيخ أهل داعر.
وقامت الطائرات بقصف القرى الآهلة بالسكان (قرية النقيل والحجف والذئبة) والتي تقع في وادي دي ردم «جبل بطة» واستشهد فاضل محمد عبده على إثر القصف الجوي وقتلت عدد من المواشي والابقار وإلحاق اضراراً كبيرة في المنازل وهرب السكان الى الجبال ثم الى القبائل المجاورة، واستمرت المقاومة بشراسة على نقيل الربوة والطريق المؤدية الى ردفان الضالع، إلاّ أن وادي دي ردم كان منطقة عسكرية من ذلك الهجوم الأول فاقترح وزير الداخلية صالح بن حسين بان تدفع حكومة الاتحاد تعويض الاضرار التي لحقت بالقرى في مقابل عدم مهاجمة مراكز الاحتلال وعدم قطع الطريق من اجل مواصلة امدادتهم الى الجيش الذي في الضالع وفي نقيل الربوة، ولقد رفض هذا الاقتراح ولكن رغم ذلك شكلت لجنة من قبل مساعد المستشار البريطاني وبعض من ضباط الجيش وتحركت هذه اللجنة الى وادي دي ردم من اجل الاطلاع على الاضرار التي لحقت بالمنازل من جراء القصف الجوي ونسف بعض ا لمنازل ورافق هذه اللجنة عدد كبير من الجيش واحد عشر جملاً محملة بالمدافع والذخائر والمؤن المحتاجين لها حيث كانت لا توجد طريق للسيارات في الوادي وردفان عامة.

نصب الكمائن
وحيث علم الثوار في اليوم الذي تقدم فيه الجيش، قام الثوار بنصب كمائن في القرى التي يريد جيش الاحتلال الوصول اليها وفي الجبال وحين وصل الجيش، أي جيش الاحتلال واللجنة والابل المحملة بالمدافع والذخائر الى مقربة من القرى وقفوا حيث رأوا ان لا يدخلوا الى القرى، وان يقفوا في هذا المكان، وهناك بدأوا يحطون حمولة الابل وينصبون نواظير الميدان والاطلاع من ذلك المكان اطلقت النيران عليهم من كل مكان من قبل الثوار من الكمائن التي اعدت لهم وقتلت معظم الإبل وقتل عدد من الجيش، حيث كان يرافقهم عدد من المستشارين البريطانيين والعاملين في اجهزة الاتصال لتحديد الاهداف لسلاح الجو الذي كان يغطي سماء المنطقة. ولكن رغم ذلك اصيبوا بخسائر فادحة، مما دفعهم الى الانسحاب الى الخلف رغم الأعداد الكبيرة من الجيش التي ترافقهم مخلفين ورائهم المؤن والسلاح التي كانت على الابل ونواظير الميدان، فقام سلاح الجو البريطاني باحراق كلما تركوه ورائهم، وفي ذلك اليوم قتل من سلاح الجو احمد علي غازي داعري ومحمد مقبل عبدالله داعري وجرح عبدالمجيد عبدالله داعري وحسن عبدالله محسن محلأي وتم الاستيلاء على ما تبقى من ذخائر وقنابل يدوية ونواظير ميدان ومؤن اخرى واحدى الابل التي اصيبت اصابة طفيفة تم الاستيلاء عليها وبذلك عاد الجيش الى نقيل الربوة والحبيلين.

اشعال الفتنة
قامت الحكومة البريطانية وحكومة الاتحاد بمحاولة اخرى، رغم ان قبائل ردفان شكلت لجانا اصلاح من اجل اطفاء نار الفتنة التي اشعلوها بين القبائل ولكن بدعم الحكومة البريطانية وحكومة الاتحاد التي قامت بتسليح بعض قبائل ردفان لحماية نقيل الربوة والتمركز فيه بدلاً عن الجيش والجيش ينسحب الى الحبيلين لحماية طريق ردفان - الضالع التي ظلت معظم الاوقات مقطوعة ولم يوفروا الامدادات لقواتهم في منطقة الضالع المتواجدة على حدود شمال الوطن حينذاك ولكنهم فشلوا، حيث ذهب سلاحهم وذخائرهم مهب الرياح، حيث تمركز الثوار عشية انسحاب آخر جندي من نقيل الربوة وتم تهديم الطريق التي كانت تمتد بين الحبيلين ونقيل الربوة كمدخل لمنطقة ردفان فنجحت لجان الاصلاح بين جميع قبائل ردفان المتقاتلة منذ زمن طويل وقبائل ردفان معروفة بالفتن على امتداد الزمن الطويل ولم تخضع منذ قرون، فتمركز الثوار في نقيل الربوة وازدادت حدة القتال على طريق الضالع الحبيلين وظل الجيش المنسحب من نقيل الربوة الى الحبيلين، وما أضيف اليه من امداد لم سيتطع ان يحمي طريق عدن - الضالع رغم الامدادات الضئيلة التي يحصل عليها الثوار فاستدعي الشيخ جيوب بن قاسم من السجن من قبل المستشارين البريطانيين وامارة الضالع والذي ظل سجيناً طوال هذه الفترة منذ ستة اشهر الحادث الاول الذي حصل في وادي دي ردم على ان يذهب الى قبيلته وبقية قبائل ردفان من اجل اقناعهم والتفاوض مع الحكومة وتلبية كل شروطهم وبذلك كانت بالنسبة له فرصة ثمينة لخروجه من السجن والذي كان مقرر بقاءه في السجن لفترة طويلة لاسباب ان اسرته هي التي كانت الفاعلة التي قتلت واستولت على سلاح جنود الاحتلال في اول يوم من معركة دي ردم، حيث تم اعتقاله لذلك وعندما خرج من السجن ووصل الى اسرته امرهم بالرحيل الى شرق ردفان وادي بنا، حيث لم يوافق على تلك الشروط منذ وجوده في سجنهم إلاّ انها بذلت تلك الشروط وهو في السجن ورفضت من قبله وانضم الى لجان الاصلاح بين القبائل.

تقدم الجيش الانجليزي
وبعد ذلك تقدم الجيش الانجليزي بدلاً عن جيش الاتحاد وحل محله وكانت القاعدة الرئيسية للجيش الانجليزي منطقة الحبيلين وتقدم الى بادبيان باتجاه الربوة على مقربة منها ولكنه لم يستطع الاستيلاء على نقيل الربوة فارسل الاستطلاع من جنوده خلف خطوط الثوار ليلاً، حيث يواجهوا سلاح الجو والمدفعية ولكن بنفس اليوم حوالى الساعة الخامسة مساءاً اكتشفوا حينما كانوا يصطادون احد المارين فقتلوه فاكتشفوا فطوق عليهم الثوار وقتلوهم واستولوا على اسلحتهم وقطعوا رؤوسهم وأوصلوها الى مدينة إب، حيث كانوا باتجاههم الى مدينة تعز، حيث كان في ذلك اليوم موجود الزعيم جمال عبدالناصر في زيارة لمدينة تعز، حيث امر بعدم وصول رؤوس الانجليز اليه لاسباب عدم التسريبات الصحفية، وحين خطب بميدان الشهداء بتعز قال: «على بريطانيا ان تحمل عصاها على كتفها وترحل من الجنوب» أعلنت بريطانيا على منطقة ردفان كاملة بأن تكون منطقة عسكرية وضربت الحصار عليها من كل مكان، بحكم وجودها بين مناطق تواجد استعماري..وكثفت القوات البريطانية من حملتها باكثر شدة وضراوة، حيث كان اول تقدم بسبعمائة جندي بريطاني وبانزال جوي على جبل الحمرين والذي يقع شمال جبل بطة بحوالي اربعة كيلو مترات ويحد مناطق الضالع ويشرف على وادي دي ردم ويقع على مخلفة من نقيل الربوة ويقع جبل بطة بين واديي دي ردم وتيم ويطل على قرى داعري ومحلأي. وبعدما تقدمت فرقتين من الجيش البريطاني فرقة دخلت عن طريق نقيل الربوة وادي تيم على جبل بطة من الخلف وفرقة نقيل الربوة وادي دي ردم جنوباً على جبل بطة وفرقة ثالثة من جبل الحمرين وادي دي ردم شمالاً على جبل بطة دخلوا الجبل في ساعات متأخرة من الليل، حيث حصل الاشتباك مع بعض المتواجدين في الجبل واصيب صالح مقابل في يده وحوصر اربعة من الثوار في دار اروى خلف الجبل، اي جبل بطة، من الفرقة المتقدمة من وادي تيم وحدث اشتباك بين المجموعة المحاصرة في دار اروى وبقية الثوار المنتشرين في الجبل مع الانجليز وقصف الطابق الاعلى من الدار بواسطة سلاح الجو وبقي الثوار في الجزء المتبقي من الدار حتى اسدل الظلام وقتلوا اربعة من الثوار في وادي تيم خلف جبل بطة، حيث تواجهوا مع الفرقة البريطانية وجهاً لوجه واستشهد هؤلاء الاربعة وسيطر الانجليز على جبل بطة ولكن بعد ان منيوا بخسائر فادحة.

امدادات من شمال الوطن
ثم وصلنا خبر بأن قوة واصلة الينا من شمال الوطن (سابقاً) عن طريق جبن وادي بنا وعلينا ان نتوجه لحمايتها وايصالها الى شرق ردفان وادي بنا وتوجهنا الى بنا حتى وصلنا جبال آسة وادي بنا بين يافع والشعيب والتقينا بالقافلة وكنا نمشي في ظلام الليل حتى لا يكتشفنا سلاح الجو البريطاني حتى وصلنا بالقافلة المحملة بالاسلحة والذخائر الى المواقع التي نريد البقاء فيها لمواجهة القوات المتقدمة.
ونقلنا أول دفعة من الذخائر على ثلاثة من الابل الى جبال ردفان (الحورية) وخرجنا قبل غروب الشمس، حيث جهزنا فرقة تسبق أمامنا، وبقينا مع الابل ستة نفر وهم: بالليل جيوب قاسم، محمود ناصر قاسم، علي محمد مثنى، سالم خالد، وناصر صائل سلام، وكان تعود الابل الاخ زين بن قايد، حيث كانت تقوم الطائرات بقصف منطقة ردفان طوال اربعة وعشرين ساعة باعتبارها منطقة عسكرية، وكانت الطائرات المدمرة تنزل الاضاءة في الليل من اجل رؤية اية حركة، واستمرينا بمواصلة المشي مع الابل حتى وصلنا حبيل الجلدة وهو حبيل واسع مستوي، حيث شاهدنا دورية انجليزية في طريقنا، وتمكنا من رؤية هذه الدورية قبل ان يرونا وهم متجهين من الشمال جنوباً ونحن متجهين من الشرق غرباً، حيث وقفنا حتى مرت الدورية، وبعدها واصلنا السير حتى وصلنا «حنكة» و«ودنة» في الساعة الثالثة صباحاً وقمنا في حنكة ودنة باخفاء الذخائر في «جرار الطين» والابل خلف الاشجار، حيث اصبحت الطائرات تقصف جبل ودنة وقرية اهل عيسى وقتل من جراء هذا القصف رجل وامرأة. وفي نفس الليلة جرحت والدة الشهيد نصر بن سيف وكريمته في جبل الحورية من جراء القصف المدفعي اثناء الليل وارسلنا رسول لصالح علي الغزالي الموجود في جبل ردفان بالحورية لاستلام ما لدينا من ذخائر وحملها على الظهور.. وفعلاً وصل الاخ صالح علي الغزالي واستلم الكمية وعدنا في ظلام الليل حتى الصباح الباكر وصلنا شرق ردفان، أي مواقعنا.
ثم ارسلت الينا دفعة اخرى من الذخائر عن طريق البيضاء وسلم منها النصف الى منطقة دثينة، ومرت هذه الدفعة المتجهة الى ردفان عن طريق يافع حتى وصلت شرق ردفان وهي اول دفعة تمر في منطقة يافع. وقمنا بالتنسيق مع دثينة ومع بني المسعود في حالمين ومع اهل يافع منهم الاخ علي محضار ومجموعته ومع الحواشب والصبيحة والضالع، ثم ارسلنا من ابناء ردفان الى هذه المناطق المذكورة للمساهمة في العمل وحضر عدد من ممثلي الصحافة المصرية الى منطقة ردفان.
وقد وضعت هذه القوة في يمن (الكفرية) شرق ردفان وقامت الطائرات القاذفة بقصف هذه المواقع وكذلك قصف منطقة عوس وادي بنا شرق ردفان معقل الثوار واسقطت اثنتان من المقاتلات ثم قصفت بعد فترة «كنظارة» كمعقل رئيسي للثوار ايضاً، حيث قتلت وجرحت 16 نفراً اثنان استشهدوا وخمسة جراحهم خطيرة ولكن لم تستطيع القوات البريطانية اطفاء الحركة الوطنية.

الحركة الوطنية
وبدأت الحركة الوطنية في عدن وسائر مناطق الجنوب، حيث شكلت قيادة ردفان ا لغربية والحواشب في حدود ماوية من اجل ضرب القوات البريطانية المتقدمة من الخلف ثم قامت الحركة الوطنية في عدن وسائر مناطق الجنوب.
وعقدت الجبهة القومية اول مؤتمر لها في تعز وحضرنا وكان لي الشرف اني احد المندوبين لمنطقة ردفان بصفتي قيادي عسكري لحضور المؤتمر وحضر في المؤتمر الاخوة: محمد ناصر قاسم، قاسم عبدالله الزمحي، بالليل بن راجح، وصالح علي.. وبعد عقد المؤتمر قررنا ان يكون من احد القياديين لمنطقة ردفان ان يكون مسؤولاً عسكرياً في تعز لمدة ستة اشهر بالتناوب.

قيادة في تعز
وبقي قاسم عبدالله الزومحي ومعه فضل عبدالكريم في تعز وبعدها مسك مسؤولاً عسكرياً بالليل جيوب قاسم، وهذا القرار لا ينطبق إلاّ على القياديين وبعدها نزلت الى منطقة ردفان لاسباب خلافات داخل القيادة العسكرية، ونزلنا انا وطه مقبل المسؤول العسكري وعلي سالم البيض المسؤول العسكري للمنطقة الغربية محافظة لحج التي تسمى الآن وقد أسهم الاخ علي سالم البيض اسهاماً فعالاً في الهجوم والاستطلاع، حيث دخلنا انا والاخ علي سالم البيض وسعيد صالح وعبدالكريم الذيباني الى منطقة نقيل الربوة رأس وادي تيم، حيث تخفينا في احدى الجبال في نقيل الربوة، وكانت في ايامها المعارك في اشدها وشاهدنا القوات البريطانية في الربوة وحبيل المصداق وجبل بطة وغيرها.
وكان في ذلك اليوم القصف الجوي في وادي دي ردم، حيث اقتربت منا احدى الطائرات العمودية والتقط الاخ علي سالم البيض صورة للطائرة العمودية وفي الليل عدنا الى وادي بنا ومنها تقدم الجيش البريطاني الى بير جحز اسفل وادي تيم وقمنا بهجوم الساعة الثالثة صباحاً، وكنت انا المدفعي على عيار اربعة بوصة (هون) ثم تقدم الجيش في الصباح الباكر الى المفتح على مشارف وادي بنا وقامت الطائرات المقاتلة بقصف مواقعنا في فلعان وشمخ وحبيل خزار وكان الاخ علي سالم البيض متواجد معنا في فلعان عندما كان القصف الجوي، وقمنا بهجوم مضاد وعادت القوات البريطانية الى جبل بطة وهاجمناها في نفس الليلة في نفس الجبل ومنها عاد الاخ علي سالم البيض والاخ طه مقبل الى تعز ومعهم الاخ محمود ناصر مسؤولاً عسكرياً بدلاً عني، حيث اجريت تغيرات طفيفة للقيادة في ردفان الشرقية وعين بدل محمود ناصر عبدالكريم الذيباني لمدة ستة اشهر، الذي كان في الحواشب الشرقية وكلاً من قاسم عبدالله الزومحي، بالليل جيوب قاسم وبالليل بن راجح، واحمد جودة، قيادة جماعية وكنت انا عضو في القيادة العسكرية ومسؤول التنظيم الداخلي لمنطقة ردفان، حيث بلغني ان احدى الرشاشات البرن قد اختفى من قريةالخضراء، حيث نخزن كمية من الاسلحة والذخائر فاتجهنا انا والشهيد قاسم عبدالله الزومحي الى قرية الخضراء لاخذ الاسلحة ونقلها الى مكان آخر ولكن عندما وصلنا رفض الذين عندهم الاسلحة تسليمها، حيث بذلنا محاولات لاقناعهم ولكنهم رفضوا، فقررنا تدمير البيوت التي يوجد فيها السلاح، حيث طلبنا فرقة من الثوار من وادي بنا مع المدافع المضادة للمباني ولكن علم الاخ علي محضار بذلك فوصل الينا وتدخل في حل هذه المشكلة حتى قريب من الصباح والقرية مطوقة، حيث تم اقناعهم من الاخ علي محضار بتسليم الاسلحة وقمت انا بالليل جيوب باستلامها واخذها الى مواقع اخرى.

خلاف القومية مع التحرير
وهكذا استمر النضال حتى حدث التوحيد بين الجبهة القومية وجبهة التحرير، واستمر هذا التوحيد حوالى ستة اشهر، ولكن دون جدوى وحصل الخلاف واستمرينا بالعمل النضالي المتواصل. وبعد الخلاف مباشرة استلمت دفعة من السلاح من تعز وليست هي المرة الاولى إلاّ انه قد توليت مرات عديدة من مثل هذه المهمات فيما مضى، ولكن في تلك المرة كان غير عادي لاسباب الخلافات والطريق المقطوعة بين البيضاء والسوادية فتوجهت من تعز و معي سيارتين محملة بالذخائر وعدد من الافراد المرافقين لي فخرجت الساعة الخامسة من تعز وامسيت في يريم، وفي الصباح الباكر اتجهت قاع الديلمي رداع والتقيت ببعض الافراد الآتين من قيادة ردفان وأخبروني بان مركز مطفة قد سقط بيد القبائل المتمردة والطريق مقطوع وقتلوا اربعة من المارين في الطريق واحرقت سيارة، ونصحوني بالعودة ولكني اصريت على ان اواصل الطريق، وقمت بسرعة واجريت تجربة على الرشاشات الجرمل وواصلت السير حتى وصلت مدينة رداع وتمرد عليَّ السواقين وسلموا انفسم الى الامن لانهم لا يريدون مواصلة السير بسبب الاحداث في تلك المناطق، ولكني اقنعت مدير الامن في رداع وامرهم بمواصلة السير معي الى السوادية، ومن هناك يستطلعوا الاوضاع. وعندما وصلنا الى السوادية في الليل سلموا انفسم الى المركز الموجود هناك للتخلي عن مواصلة الطريق، وقال مدير المركز ان الطريق مقطوع وعليكم ان تحملوا الاسلحة والذخائر على الابل وتمشوا مدة ثلاث ايام في طريق خالية من السكان حتى تصلوا الى (بر) (يافع) ولكني اجريت معه محاولة اخرى لاقناعه حيث فتحت صندوق جرمل من الرصاص واعطيت تسعة افراد من اصحابه رصاص وهم يرتدون ملابس مدنية واقنعته بان يرافقونا مع مجموعتي الى مرداة قريب من مركز مطفة ويمشون على الاقدام هم واصحابي مرافقين للسيارات ويحملون الاسلحة الرشاشة وكان لدي مدفعين وامرت ان لا يتصرفوا اذا التقينا بالناس الذين سيطروا على الطريق وقطعوها، حيث اني ساتفاهم معهم واذا لم يتفاهموا سوف نقاتلهم ولكن وصلنا الى مرداة بالسلامة واخبرونا بأن الطريق مقطوع وامرت الجنود بالعودة ولا يبقى معي سوى المرافقين، فأستطعنا عبور الطريق بسلام الى الناصفة ذي ناعم لواء البيضاء وهنا انتهت مهمة السيارات وحملت الاسلحة والذخائر على الحمير وواصلت السير مدة يومين الى شرق ردفان وادي بنا وقمت بهجوم مباشر على حبيل المصداق حيث وقعنا في كمين انزال جوي من طائرات عمودية بريطانية في جربة دلة الساعة الخامسة عصراً، حيث اشتبكت مع العدو واستخدمنا الاسلحة الموجودة معنا وهي مدفع هون، وبلانسيد ورشاشين برن وسقط من العدو خمسة بين قتيل وجريح وكان من ضمن الفرقة عبدالكريم احمد والشهيد عبدالله عوض وسعيد صالح حسين وصائيل خالد ومحمد حسين الجمل وعدد من الزملاء وعدد الفرقة 54.

نماذج من الهجوم على القاعدة البريطانية
ولقد قمت سابقاً بهجمات عديدة ما يقارب حوالى (82) هجوماً وزرع اكثر من ستة من الالغام وعلى سبيل المثال اول هجوم على القاعدة البريطانية الموجودة في حبيل المصداق والتي لم تتعرض لهجوم سابق بحكم صعوبة الموقع وعدم الوصول اليه، ولكني حينما اصريت بالهجوم عليه اتجهت ليلاً من شرق ردفان موقع القيادة واتجهت وادي بنا الهور ارض بن مسعود شرعة واختفينا في احدى الشعاب عندما اقترب منا ضوء الصباح وفي الليلة الثانية واصلنا السير المعدي الضباب حبيل الريدة حتى دخلنا جبل الاحمرين المطل على القاعدة، حيث قمنا بالاستطلاع وترتيب الهجوم، حيث رتبت المدفع البلنسيد والذي كان مع الاخ مثنى صالح ثابت ومساعده عبدالكريم صالح والمدافعين عنه نصر بن حسن وعلي نصر وصائل مثنى وكانت المسافة على مقربة وهو المركز المتفرع من القاعدة وتوليت انا مهمة هجوم القاعدة الرئيسية، حيث كان لدي مدفع هون عيار اثنين بوصة والتي لا تزيد مسافته على مائتي ياردة، حيث اقتربت على مقربة من الشبك المحيط بالقاعدة وحيث كان معي المساعدين الذين يحملون القذائف محسن علي ناصر وسالم مثنى، وكانت الفرقة المدافعة منهم احمد ناصر غازي واحمد هادي وسيف عوض وناجي العبادي وعدد آخر من الرفاق وكانت كلمة السر «فرد الباداء» والمجيب «نقطة التجتمع قلعة الاحمرين» واكون انا الذي يبدأ بالهجوم، وكان الهجوم ناجح. وكان الهجوم في الساعة السابعة بعد المغرب، حيث قتل من العدو من جراء هذا الهجوم الاول عليهم اكثر من 31 قتيلاً واستخدمنا في هذا الهجوم مدافع الهون والبلنسيد والرشاشات، وقد كان عدد الفرقة 42 مقاتلاً وقد عدنا الى مواقعنا من نفس الطريق، وبعد فترة عدت بهجوم آخر على هذا الموقع من الجانب الآخر شرقاً، حيث كان الموقع لم توجد فيه اية دلالة تدل على ان هناك قاعدة وكان في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلاً بعد غروب القمر وموقع الهجوم على بعد 004 متر من القاعدة امرت الفرقة بان يطلق كل واحد منهم طلقة وحددت لهم اتجاه القاعدة وينتظروا حتى يرد العدو ويباشروا هجومهم من حيث تطلق النار، حيث استطعنا اصابة موقع المدفع على ضوء نيرانهم. وكانت النار مشتعلة والقذائف تنفجر في مواقع العدو وكان دفاعهم بشكل دائري وقتل قائد القاعدة وكان مجموع قتلاهم حوالى 51 قتيلاً.
وعدت بالفرقة وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل شوهدت الطائرات العمودية تنزل على القاعدة والنيران زالت تشتعل فيها. وفي الصباح طاردتنا الطائرات العمودية والمقاتلة فأطلقنا النار على احدى الطائرات العمودية واصيبت وهبطت في وادي تيم وكان عدد الفرقة 53 مقاتلاً.

هجوم جبل «بطة»
وقد ا ستخدمنا في هذه المعركة مدافع الهون والبلنسيد والرشاشات والبنادق، وكان يرافقني في هذا الهجوم بالليل بن راجح، سالم جابر، عبدالقوي بن ناجي، محمد جابر، البكاري، محمد حسين الجمل وعدد آخر من المناضلين.
وقد عاودت هذه القاعدة بهجمات عديدة ولكني اكتب نموذجاً من الهجمات العديدة التي قدتها في جبهة ردفان ومنها هجوم على جبل بطة وقد قدت عدداً من الهجمات على هذا الجبل وكان يرافقني في هذه الهجمات المتعددة على هذا الجبل منهم: عبدالقوي بن قايد، صالح مثنى لحاقي، سيف مقبل صالح، سيف بن صالح، محمد عبدالله لابر، محمد راجح سعيد، محمد صالح قاسم، سعيد صالح حسين، مثنى صالح ثابت، صايل قاسم حسن، قاسم عبدالله الزومحي، احمد جودة، محمد حسين جمل، عاطف حيدرة راجح وعدد كثير من الزملاء.. وقمنا ايضاً بهجمات عديدة على مركز كرارة والظهرة ومشبر وقد كان من رفاقي قاسم بن قاسم ومثنى صالح علي ومحمود صالح واحمد هادي والشهيدين سند وجعبل البكري ومحسن علي ثابت وعبدالله عوض ويحيى قاسم جيوب وعثمان بن صالح ونصر بن حسن ومحمود عبدالله محسن والشيهد عبدالمجيد عبدالله ومحمد قاسم جيوب وصالح محمد مانع ومحمد راجح ثابت ومحمد صالح الضمبري وكثير وكثير من المناضلين.

زرع الالغام
وفي احدى الكمائن قتل ا لقعز في قطانة وكان من الثوار في تلك الفرقة محمود عبدالله وعبدالكريم صالح، وكمين آخر وقع في فرقة شعب الضبر دلة واصيب فيه محسن حسين وصالح قاسم شوارب ونحن في طريقنا لزرع احد الالغام في وادي تيم وكنا انا بالليل جيوب وسعيد صالح وعبدالمجيد عبدالله وصالح محمد مانع ومحمود صالح وهيثم ثابت وصالح هيثم، حيث اشتركنا في المعركة وبعدها واصلنا السير لزرع اللغم بين الشحة وحبيل ذنب التي توجد فيها المواقع الانجليزية وعدنا فوجدنا ان محسن حسين مفقود من الفرقة ولكنا قمنا بحشد عدد من الثوار واتجهنا الى الموقع الذي وقعت فيه المعركة فوجدناه مصاب في الرجل «كاسر» وهو مختبئ وسط احدى الاشجار واذكر من احدى افراد الفرقة قايد محسن وقاسم مثنى ومحمد راجح ثابت وعدداً آخر من الثوار واخذنا الجريح وعدنا اليوم الثاني على موقع الكمين واستولينا على عدد من النواظير والذخائر والبطائق والوثائق التي كان يواصلهم بعض العملاء.
وفي ا ليوم الثالث من تلك العملية هجمنا على مركز كرارة الساعة الثالثة بعد الظهر، وقد اشترك سلاح الجو البريطاني بالدفاع على هذا المركز.
وقد كان من رفاقي في هذا الهجوم مثنى صالح وقاسم بن قاسم ومحمد راجح وآخرين.
وهذه فقط من ذكريات النضال المرير لنيل الحرية من المستعمر الاجنبي.. والتاريخ احداثه مليئة بالمآثر النضالية التي اجترحها الثوار الابطال، فمنهم من استشهد ومنهم من هو على قيد الحياة، وان شاء الله سنبقى على تواصل معكم عبر احاديث قادمة.