المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القضيــة الجنوبيـــة في مفهوم حزب الرابطة "رأي"


ابو سهر
2011-11-30, 11:41 PM
القضيــة الجنوبيـــة في مفهوم حزب الرابطة "رأي"
http://www4.0zz0.com/2011/11/30/19/787539198.gif (http://www.0zz0.com)
القضيــة الجنوبيـــة
في مفهوم حزب الرابطة "رأي"
توطئة:
إن القضية الجنوبية حساسة وهامة كقضية وطنية وأولوية لا يجتازها أو ينكرها أي وطني، ومع حساسية المرحلة التي يمر بها وطننا الجريح من أقصاه إلى أقصاه بكل همومه وقضاياه التي لا تقبل تأجيل ولا مواربة في الطرح والنقاش، وما يعتمل في الساحة الوطنية من نكوصات تعيد طرح مسألة فك الارتباط بضراوة تهدد وحدة الوطن، وليست القضية الجنوبية وليدة الساعة ولكنها متجذرة منذ نشأة الوحدة المرتجلة المتجاوزة بإجحاف لتفاصيل حقوقية مفصلية لما كانت تسمى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وما قدمته من تنازلات أنجزت وحدة اندماجية مركزية سلمت الوطن لنظام مركزي دون إعتبار لمبدأ الندية والشراكة الحقة وبالغ هذا النظام في عشرين عاماً في تعميق الشرخ بكل تصرفاته الفاسدة ضد الوطن نال الجنوب منها نصيب الأسد عبر ظاهرة الاستقواء.. وهي ظاهرة طاغية.. ولدت نزعة توسعية مدمرة.. وبفعلها الطاغي تحولت الدولة المستقوية إلى سلطة توسعية تكتسح كل مقدرات شريكتها .. وبما أن هذه الاكتساحات مدمرة في سلوكها.. وإلحاقية تجلت في نتائجها القضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز فآثارها الرهيبة ولدت نزعة نفور عميقة.
أولاً: مدخل تاريخي:
1) لم يسبق أن قامت دولة في تاريخ اليمن الطبيعية تشمل كل المساحة التي تقوم عليها حالياً "الجمهورية اليمنية". فهذه المنطقة من الجزيرة العربية حكمتها طوال تاريخها الصراعات على السلطة.. ولذا فقد تميز هذا التاريخ بظاهرتين رئيسيتين تحكمتا في صياغة مساره وسماته منذ أوائل العصر "المكاربي السبئي" –أواخر القرن الثامن وأوائل القرن السابع قبل الميلاد– وحتى إعلان الوحدة بنظام الدولة البسيطة في مايو 1990م.. هاتان الظاهرتان هما:
الظاهرة الأولى: تزامن كثير من الكيانات السياسية التاريخية. فقد كانت مثلاً ممالك (حضرموت) و(سبأ) و(قتبان) و(أوسان) متزامنة إبان العصر المكاربي والعصور السبئية اللاحقة.. وكما كانت متزامنة أيضاً مع إمارات ودويلات مدينية نشأت معظمها بعد تفكك دولة "معين"؛ واستمر هذا التزامن في أغلب العصور السبئية والحميرية اللاحقة؛ وفي العهد الإسلامي خبت هذه الظاهرة لحوالي ثلاثة قرون بالرغم من ذلك كان لهذه المنطقة أكثر من واليٍ، ثم برزت ظاهرة تزامن الكيانات السياسية مرة أخرى واستأنفت دورها وتأثيرها على مجرى الأحداث أواخر القرن الثالث الهجري مع مستهل حكم الأئمة وحتى إعلان الوحدة عام1990م.. وهذه الظاهرة أحد الأسباب الرئيسية لصبغ تاريخ جنوب الجزيرة العربية بالانقسامية.
الظاهرة الثانية: الاستقواء. وهي ظاهرة آسرة بنشوتها الطاغية.. وفي خميرتها تولدت النزعة التوسعية المدمرة.. وبفعلها الطاغي تحولت الدولة المستقوية إلى دولة توسعية تكتسح كل ما جاورها من الكيانات الضعيفة.. وبما أن هذه الاكتساحات مدمرة في سلوكها.. وإلحاقية في نتائجها فآثارها الرهيبة تولد نزعة انتقامية مدمرة.. ونتائج وآثار حرب صيف 1994م ليست استثناءً من هذه الظاهرة.
2) فوجئ الجميع في حرب 1994م أن القوة العسكرية في الجنوب لا جاهزية لها وأن الجسور مع الناس لاوجود لها وانتهت بغلبة القوة والكثرة التي فرضت وحدة الأرض ولكن دمرت وحدة الإنسان وما يعتز به من نظام وقانون وكرامة... إلخ..
3) مسمى الجنوب: عند إنشاء حزب الرابطة في عام 1948م وإشهاره عام 1951م لم يكن حينذاك اسم الجنوب كمسمى سياسي قد أطلق على منطقة الجنوب التي كانت تسمى "عدن ومحمياتها الشرقية والغربية" وجاء مسمى الحزب "رابطة أبناء الجنوب " نفسه الذي أصبح فيما بعد حزب "رابطة الجنوب العربي" ليحدد معالم كيان سياسي ليحل محل أكثر من 22 كياناً.. وعرّف الحزب هذا الكيان بأن الجنوب العربي هوعدن ومحمياتها الشرقية والغربية والجنوب العربي الكبير هو اليمن الطبيعية؛ ولأول مرة في التاريخ يطلق هذا الاسم على كيان سياسي..
4) في عام 1956م أعلن حزب الرابطة مشروعه لاستقلال الجنوب وإقامة إتحاد فيدرالي للجنوب كله على النمط نفسه الذي طبق فيما بعد في ماليزيا، إلا أن الإستعمار رفض هذا المشروع الذي إعتبره تطرفاً ومن ثم بدأ الإستعمار البريطاني حربه على الرابطة بكل الطرق، نفياً وتشريداً وإيقاف لصحيفة الرابطة... إلخ، ثم اشتعلت على إثر ذلك أعمال مسلحة في عدة مناطق وإزدادت في مناطق أخرى.
5) طرح حزب الرابطة قضية الجنوب على الأمم المتحدة لأول مرة بدءاً من عام 1959م.. واستمر في عرض القضية وتقدم بمذكرات للأمم المتحدة مطالباً بــ :
أ‌) استقلال الجنوب من الإستعمار.
ب‌) ضمان وحدة أراضيه.
ت‌) انتقال السيادة للشعب ليقرر مصيره.
وصدرت قرارات الأمم المتحدة بهذا النص بالإجماع في عام 1963م.
وفي مرحلة متأخرة قبل الإستقلال ظهرت أصوات ترفض تقرير المصير للشعب وتطالب بضم الجنوب إلى اليمن "الأم" وأن أي منطقة تتحرر من الإستعمار من مناطق الجنوب يجب ضمها إلى "اليمن الأم" وأن إقامة دولة في الجنوب خيانة وطنية!! وأقاموا الدولة وحدث ما حدث بعد ذلك....
6) كان كل من النظامين في عدن وصنعاء يريد أن يقيم وحدة بأداته في الحكم (الأداة الثورية في الحزب الإشتراكي ونظام الجمهورية العربية اليمنية في الشمال) وجاءت الظروف فاستغلها النظام في صنعاء لإتمام الوحدة على عجل دون أي دراسة .. وخرج الناس مستبشرين إعتقاداً بأن الوحدة ستكون نهاية للنظامين.. فجمعتهما .. ثم ألغت أحدهما.
7) ومن هنا، نستطيع القول أن السبب في نشوء القضية الجنوبية هو الفهم الخاطئ "للوحدة"، وفي الإرث التاريخي لهذا المفهوم.. فلقد ساد لدى السلطات في المركز مفهوم الاجتياح والضم والإلحاق، ولايزال سائداً، في التعامل مع "الجنوب" أرضاً وإنساناً..
فالأرض تم التعامل معها من قبل سلطة المركز وأهل النفوذ بمفهوم التوسع في الأملاك.. والإنسان بمفهوم التابع المنهزم، عديم الأهلية، وفي أحسنها ناقص الأهلية، فتملك الإنسان الجنوبي مشاعر الغربة في وطنه، وحاصره العوز والفقر على أرضه، فاستشعر الضياع، بل وفقد الأمل.

ثانياً: القضية الجنوبية
وللتأكيد على أن الأزمة تكمن في مفهوم الوحدة، وفي الإرث التاريخي لهذا المفهوم، نورد فيما يلي بعض الأمثلة على سبيل المثال لا الحصر للتصرفات التي عمقت حالة الرفض في الجنوب للوحدة، وساهمت في ظهور "القضية الجنوبية" حاملة كل مرارات الواقع وأوجاعه:
1. تهميش الكيانات الممثلة لأبناء الجنوب من أحزاب وتنظيمات وعلماء وحكام سابقين ومشايخ وشخصيات وأيضا طال التهميش تاريخ زعامات الجنوب التاريخية المؤسِّسَة للحركة الوطنية.
2. إلغاء تاريخ الحركة الوطنية في الجنوب، وكأن الجنوب لم يثر ضد الإستعمار إلا بعد ثورة سبتمبر 1962م!! مع أن ثورته وأنتفاضاته لم تتوقف ومطالبته بإستقلال الجنوب ووحدته منذ مطلع الخمسينات!
3. محاولة إلغاء تاريخ الجنوب القريب والبعيد ومن مظاهر ذلك:
(أ) تغيير اسم تلفزيون عدن الذي عُرف به منذ بداية ستينات القرن الماضي إلى (يمانية).
(ب) تغيير اسماء معظم المدارس والشوارع.. وبعض المطارات في الجنوب...إلخ.
(ج) تغيير تاريخ الجنوب وحركته الوطنية من المناهج الدراسية.
4. تسريح عشرات الآلاف من الموظفين من أبناء الجنوب والذين كانوا يعملون لدى مؤسسات الدولة الرسمية أو في شركات القطاع العام في ظل النظام السابق للجنوب دون وضع برنامج لإعادة تأهيل القادرين على العمل ممن تم تسريحهم .. ولا وجود لضمان دخل كافٍ لتغطية الحاجات الضرورية لهم.
5. التصرف في عقارات وأملاك الدولة في الجنوب ومنحها للمتنفذين إما مكافأة أو تعويضاً أو بغرض تحسين الوضع المادي لمن تم منحه أرضاً أو مبنى أو مسكناً.
6. حصر الأعمال التنفيذية والصلاحيات فقط في يد المتنفذين سواء في مؤسسات الدولة المدنية أو العسكرية.
7. الاحتفاظ بالمنح الدراسية والدورات التدريبية فقط لأبناء المتنفذين خاصة تلك المنح الدراسية إلى اوروبا والولايات المتحدة وكندا.
8. فرض شراكة المتنفذين في أي إستثمارات مما نفر معظم مستثمري الجنوب والتمييز بينهم وبين قرنائهم من الشمال.
9. من أهم الإشكالات الكبيرة التي ضاعفت نفور الجنوبيين من الوحدة هو أن النظام، بعد إجتياح الجنوب عام 1994م، قد اعتبر الإنسان في الجنوب كماً مهملاً. فبقدر الإهتمام بالأرض والممتلكات والثروات من أسماك ونفط وغاز وووو إلخ.. وإنتشار الفساد نهبا وسلبا ومحاولة قتل ميناء عدن بل محاولة وأده، فإن التعامل مع الإنسان كان مهينا.. وتم إتباع سياسة الإذلال للإنسان؛ وإستدعاء كل عوامل الصراع بين أبناء الجنوب من ثأرات سياسية وقبلية؛ وإثارة صراعات جديدة وتغذية كل تلك الصراعات بالآتي :-
(1) بإستخدام المال العام منعا وعطاءً.
(2) الوظيفة العامة: مدنية وعسكرية، حرمانا وإحالة للتقاعد، ومن يبقى في وظيفة فلا صلاحيات له.
(3) القوة العسكرية والأمنية.
(4) الإستثمار.. فلا إستثمار إلا بشريك من أهل النظام.
(5) فرض الأتاوات على من لديهم أعمال مع شركات النفط!!
(6) الحرمان من المنح الدراسية.. وأيضاً الكليات العسكرية والأمنية.
(7) القضاء الذي يدار رئاسياً وأمنياً.
(8) الشعور بالتمييز في المعاملة في كل شي ويستوي في ذلك المواطن العادي وصاحب أعلى المراتب السياسية والعلمية والإجتماعية.
واعتمد النظام في تثبيت الوحدة على القوة والفتن والمال.. وكلها عوامل متغيرة لا يمكن الإعتماد عليها في الحفاظ على أمر أوقضية يراد لها الثبات والديمومة.
ولو كان المفهوم للوحدة قائماً على قاعدة المساواة بين الشمال والجنوب، والتكامل بينهما، لما كان لاختلاف الموروث الثقافي بين الشمال والجنوب أن يبرز ويُسْفر عن غربة في وطن يعيشها ابن الجنوب. فهذا الإختلاف للموروث الثقافي موجود حتى فيِ إطار الجنوب وحده ولكنه لم يظهر كعامل سلبي ولكن ظهر كعامل تنوعي إيجابي.
وإدراكاً من حزب الرابطة "رأي" للواقع المعاش، ومن قراءة واعية لتاريخ منطقتنا، ومن إيمان بأن الوحدة هدف عظيم يحقق مصالح استراتيجية لبلادنا ومجتمعنا، مراعياً ومعترفاً بمصالح الآخرين اقليمياً ودولياً، وهي نظرة موضوعية لا عاطفية، وبالتالي تأخذ الواقع والعوامل التاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بعين الاعتبار، فهو إيمان بالوحدة يتعامل مع كل المعطيات فلا يتجاوز واقعاً، ولا يقفز عليه، ولا يحرق المراحل فتحرق الجميع، بل وحدة لا تتعرض للهزات والتعثر والمخاطر، ولذا فلا يجب أن تكون خاضعة لأمزجة الحكام وأهوائهم وخلافاتهم ومصالحهم الخاصة المؤقتة، وليست وحدة يرتهن بقاؤها ببقاء نظام معين أو مرحلة معينة أو فئة بعينها، بل وحدة تصان بالتفاف الشعب حولها ويبني أبناؤها جميعاً أسسها وهياكلها المحققة لمصالحهم ومواطنتهم السوية، حجراً حجراً، ولبنة لبنة، بعيداً عن التشنج والنرجسية والإستحواذ والإلغاء والتمييز. فبقدر تحقيقها لمصالح الناس، تكسب رضاهم فتدوم وتترسخ ولا ينفرط عقدها؛ فحرص حزب الرابطة "رأي" في كل مبادراته واطروحاته ورؤاه على إيجاد الحلول العملية بعيداً عن إستغلال عاطفي أو مهاترات سياسية. وعلى سبيل المثال لا الحصر قدم حزب الرابطة "رأي" ما يلي:
1) مشروع لقانون الحكم المحلي واسع الصلاحيات، في:15/9/1997م، مستهدفاً فيه معالجة الاختلالات وسيطرة الفساد لغياب عناصر الحكم الرشيد القائمة على الأضلاع الثلاثة: المشاركة، والشفافية والمساءلة، وسيادة القانون.
2) مشروع الإصلاح الوطني الشامل، في 7نوفمبر 2005م، الذي نص فيه بوضوح إلى خيار الدولة المركبة عوضاً عن الدولة البسيطة القائمة. فالدولة البسيطة، بمركزيتها الشديدة، تصنع البيئة المناسبة لسياسة التهميش والتمييز.
3) في:17/1/2008م، قدم رؤيته للسياسات الداخلية والخارجية، مؤكداً على أن "ما يجري من حراك جنوبي بدأ بقضايا حقوقية مطلبية، ثم تحول إلى حراك سياسي واحتقان حاد، له أسبابه التي لو تمت المبادرة بعلاجها لما تحولت إلى احتقانات، بل لما احتاج أحد للمطالبة بحقوقه".. وشدد على أهمية المواطنة السوية المرتكزة على أعمدة ثلاثة، هي:
1- العدالة في توزيع السلطة والثروة، (عدالة).
2- الديمقراطية المحققة للتوازن، (ديمقراطية).
3- التنمية الشاملة المستدامة، (تنمية).
ويرى حزب الرابطة {رأي} أنه من الأهمية بمكان الإقرار والإعتراف بأن تفاعل الجغرافيا والتاريخ يعزز موروثاً ثقافياً يختلف باختلاف الجغرافيا ومجريات التاريخ على تلك المساحة الجغرافية من أحداث، وعلاقات. فعلى سبيل المثال، الاستعمار الذي مُني به الجنوب لا شك كان له أثره غير الهين على الموروث الثقافي لابن الجنوب ميّزه عن شقيقه في الشمال، والعكس صحيح.
4) في:8/6/2009م، قدم الحزب "المبادرة الوطنية لحل الأزمة اليمنية" وحدد آليتها في النظام الإتحادي الفيدرالي، الناتج عن حوار وطني شامل لا يستثني أحداً.. مشدداً فيها على دقة المرحلة وأي تباطؤ أو تلكؤ في الاسراع في وضع المخرج موضع التنفيذ سيقود بلادنا إلى نفق أسوأ وسينتهي بنا إلى "تصفير الثقة" نهائياً.
5) واستمرت الأمور تتدهور، وحدة الرفض للوحدة تنمو، وجدار الكراهية يعلو يوماً بعد يوم. فتقدم الحزب في 6/3/2010م بمبادرته: الفيدرالية بين إقليمي الشمال والجنوب، وأن تتمتع وحدات كل إقليم بحكم محلي كامل الصلاحيات.
6) واستمر تجاهل الجميع خطورة ما يجري على ارض الوطن شمالاً وجنوباً.. فخرجت جموع الشعب بطليعتها الشبابية في فبراير الماضي باعتصاماتها معلنة ثورة شبابية شعبية تطالب برحيل النظام.. والتحق الحزب بهذه الثورة رافعاً شعار (لا حوار ولا سبيل للنظام إلا الرحيل).. وإستمالت قطاعات في الجنوب لأهداف الثورة أملاً في نظام جديد ولكن جاءت بعض الممارسات في بعض الساحات لتغرس نفورا جديدا أشد فهي ممارسات تقوم على شمولية وغطرسة وفرض،، فعاد الرفض أشد مماكان.
7) إن أبناء الجنوب قد أمَّلوا في الأحزاب والتنظيمات السياسية والكيانات المنضوية في الثورة أن تحدد موقفها بوضوح تجاه قضيتهم السياسية العادلة بالإعتراف بها وبمحوريتها؛ بأن وقفوا مؤيدين للثورة مناضلين في صفوفها أفراداً .. وتنظيمات ..إلا أن مما زادهم ألماً ونفوراً هو تجاهل زملاءهم من تلك الأحزاب في ساحات التغيير والحرية في الإقليم الشمالي لقضيتهم واستخدام العبارات الملتوية والغامضة في الإشارة إليها.

ثالثا: خيار الفيدرالية
ولذلك نرى أن حل القضية الجنوبية ليس في وحدة قائمة على نظام الدولة البسيطة.. وإنما في وحدة قائمة على أساس إتحادي فيدرالي بين الشمال والجنوب.. أي ما كان يُعرف باسم الجمهورية العربية اليمنية.. والإقليم الجنوبي الذي كان يُطلق عليه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .. وكما سبق وقلنا أننا نؤمن بالوحدة كهدف سام يحقق مصالح الوطن في المقام الأول ولا يتصادم مع مصالح الآخرين، فإننا نعتقد أن الوحدة على أساس إتحاد فيدرالي بين الشمال والجنوب، قائماً على قاعدة الندية والتساوي، لا قاعدة الضم والإلحاق وعودة الفرع إلى الأصل، وأنه بعد تجربة ثلاث إلى خمس سنوات يُستفتى أبناء الجنوب في استفتاء عام ونزيه وتحت إشراف دولي ليقرروا مصيرهم الذي يرتضونه، ونعتقد أن هذا هوالخيار الأنسب الذي نراه مخرجاً للوطن من أزماته.. ويصونه من الاقتتال والتشرذم والتجزئة فقد أصبح الآن بقاء الحال على ما هو عليه، أو الانفصال، لن يؤدي أي منهما إلا إلى صراع دام، وتمزق.. لذلك فإن الأخذ بنظام الإتحاد الفيدرالي بين إقليمين (الشمال والجنوب) ثم الحكم على هذا النظام بعد تجربته هو الأسلم للبلاد والعباد وهو ما تحتاجه بلادنا لـ:
1) التخلص من الترهل والفساد والبيروقراطية في منظومة الحكم المولد لعوائق التنمية وللغبن السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
2) التخلص من أسباب التباغض والتنافر.
3) التخلص من البيئة الحاضنة والمحفزة لكل فكر سلبي وافد أو راكد.
وبنفس القدر فالنظام الفيدرالي ومن خلال تجارب الشعوب ومعطيات العصر وحركته السريعة قد أفرز حقائق لا مراء فيها تؤكد أنه هو النظام الأمثل والأنسب لتحقيق:
(أ) العدالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
(ب) إزالة أسباب الغبن.
(ج) وأد النزعات الانقسامية والانفصالية والتصادمية.
(د) تحقيق الأمن والاستقرار.
(هـ) تنمية ورعاية المصالح المشتركة مع الغير.
والجدير ذكره انه لا ننكر حق كل فرد أن ينادي بما يؤمن به من وسائل لتحقيق أهدافه طالما أنه يقر للآخر ذات الحق.. ومن هنا، فنحن لسنا على خصومة مع من ينادي بالانفصال، وعليه أن لا ينكر عدم اتفاق الآخرين معه في اختياره لآلية الانفصال أو فك الإرتباط

رابعا: الفيدرالية الأنسب
1- هي الفيدرالية القائمة على إقليمي الشمال والجنوب، وفي كل إقليم حكومة للإقليم.
2- فيدرالية تتمتع فيها الوحدات المكونة لكل إقليم بحكم محلي كامل الصلاحيات، أسسه هي:
2-1: حكومات محلية منتخبة.
2-2: برلمانات منتخبة بنظام القائمة النسبية.
2-3: نظام قضائي مستقل.
2-4: خدمة مدنية مستقلة.
3- حكومة فيدرالية تنحصر صلاحيتها في إدارة السياسة الخارجية والدفاعية والأمن "الاستخباراتي".. والسياسة النقدية والمالية والشرطة الفيدرالية.. والمحكمة الدستورية العليا.
4- نظام تشريعي قائم على أساس الغرفتين مع مراعاة شروط المساواة والندية بين الإقليمين.
5- تكون الانتخابات البرلمانية على المستوى الإتحادي وفي كل إقليم بتطبيق الانتخابات بالقائمة النسبية.
6- انتخابات الرئاسة الفيدرالية والحكومات المحلية تكون بالنظام الفردي.
7- الثروات الطبيعية ملك للإقليم.. ويكون للسلطات المركزية نسبة منها تكفي لتغطية نفقاتها وتغطية المشاريع الفيدرالية ويتم إيداعها في خزينة الدولة الفيدرالية لتمويل برامج التنمية التي هي عبر الحكومة الفيدرالية حسب خطط التنمية المقرة سلفاً من وزراء التنمية المحليين والإدارة الفيدرالية مع الأخذ في الاعتبار ضرورات التكامل.. ومبادئ عدالة توزيع الثروة.. وشمولية التنمية دون تمييز بين مناطق الدولة الفيدرالية.. مع تطبيق القاعدة ذاتها في العلاقة بين حكومة الإقليم ووحداتها المنتجة للثروة.

خاتمة هامة:
إن هذا التفكير في الحكم اللامركزي أو في نظام الدولة المركبة هو الفكر الذي يطرحه حزب الرابطة منذ الخمسينات.. وأن ما هو مطروح في هذه الورقة أيضاً قد تم طرح أسسه –كما هو مذكور أعلاه – في مراحل مختلفة 1997م، 2005م، 2008م، 2009م، 2010م..
كما أن الأستاذة نادية عبدالله مرعي (مساعدة رئيس الحزب) قد أوضحت، في إجتماع اللجنة التحضيرية لمجلس شباب الثورة بساحة التغيير بصنعاء في 20/ 6/ 2011م، أن الشراكة الحقه بين إقليمي الشمال والجنوب تقتضي المساواة في التمثيل سواء في أطر الثورة أو الدولة. كما أكد الأستاذ الأمين العام محسن محمد أبوبكر بن فريد، في حديثه لقناة الجزيرة في 25/ 6/ 2011م، أننا نتبنى النظام الفيدرالي بين إقليمي الشمال والجنوب وفي نفس الوقت لا نحجر على أحد ولا نلغي أحداً أو نقصي أحداً وفي نهاية المطاف نحن نعتقد أنه ينبغي أن يسمع للأصل وهو الشعب في الجنوب.. ماذا يريد هذا الشعب فلا أحد وصي عليه إلا نفسه. كما أكد الأستاذ يحيى الجفري (رئيس الدائرة السياسية) في حديثه لقناة السعيدة على قضية المساواة بين الإقليمين.. وعلى نفس الصعيد أشار حزب الرابطة في ورقته "الممر الآمن" لانتقال السلطة المعلنة في 2 رمضان الحالي الموافق 2 / 8 / 2011م، إلى أن التمثيل يكون بالتساوي بين الشمال والجنوب في المجلس الوطني وكل ما ينشأ عنه.
وها نحن نعيد طرح مشروع الفيدرالية على إقليمين بوصفه حل سيحافظ على وحدة الوطن وفق أرقى نظام اتحادي يجسد الأمل في قيام وحدة قابلة للإستمرار تتيح لشعبنا تجاوز كل التأزمات التي تضعف الوطن وتشتت قواه ومقدراته. فالوحدة قوة لوطننا وشعبنا ويظل اختيارها عبر الفيدرالية بين إقليمين هو الأمل والخيار الوحيد للحفاظ على الوحدة بما يحقق مصلحة الشعب والوطن للاستقرار والتنمية وسيبقى للتجربة بضع سنوات يكون بعدها الخيار لأبناء الإقليم الجنوبي ليقرر مصيره الذي يرتضيه .. والله من وراء القصد.

صادر عن حزب رابطة أبناء اليمن
"رأي"
صنعاء: 22 رمضان1432هـ.. 22 اغسطس2011م