المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((( حضرموت .. من الجبهة إلى الجبهة )))


بوعمر
2011-10-24, 01:56 AM
حضرموت .. من الجبهة إلى الجبهة




لعل محمد البوعزيزي مفجر الثورة التونسية أوقعنا معشر العرب جميعاً في ربيع عربي لم تتوافق فيه التواقيت ولا الالتزامات الذهنية له فقد جاء على حين غفلة أو لنقل على حين جهل بما هو الوطن الذي نريده ، فلا التوانسة أو المصريين أو الليبيين أو السوريين وحتى اليمنيين فطنوا قبل الرابع عشر من يناير / كانون الثاني 2011م إلى غايتهم من أوطانهم وما يريدون منها ، كذلك نحن الحضارمة مازلنا حتى هذه السطور غير مدركين لماهية الوطن الذي نريده ، وحتى لماذا نريده ...؟؟؟

وقعت بين يداي شبه وثيقة تاريخية قد تحل اللغز الحضرمي السياسي ، ولست هنا بذي قدرة على نشر ما جاء في هذه الوثيقة من معلومات لرغبة صاحبها الأصلي بأن تودع في أدرج مكتب شخصية حضرمية معاصرة أن هو أذن بالنشر فستنشر ، غير أن القراءة في تلكم الأسطر هي من عززت الفكرة الداخلية المتقافزة في رأسي مع هروب زين العابدين من تونس وتنحي مبارك عن حكم مصر والترنح المستمر في سوريا واليمن وحتى الخطاب الحضرمي في هذا الربيع العربي وحالة البذخ الفكرية التي تجود بها أذهان الحضارمة قبل محابرهم ، فمؤامرة العام 1967م كانت واقعة ومازال طرف من أطرافها حياً يرزق وهو الأمين العام للحزب الاشتراكي علي سالم البيض عندما كان منطوياً تحت راية الجبهة القومية آنذاك ، وليس الحديث اليوم عن المؤامرة التاريخية على حضرموت بمقدار الحديث حضرموت فيما بعد جبهة الإنقاذ ...

نبدو كجيل حضرمي واقعين تحت حد السكين في تساؤل لابد وأن يطرح ماذا يمكن أن نقدم للعالم في حال حضورنا السياسي ..؟؟ ، وهنالك تساؤل يمكن أن نقدمه نحن أبناء الجيل الحضرمي لأنفسنا ماذا خسر العالم عندما غبنا ووقعنا تحت الاحتلال اليمني ..؟؟ ، أسئلة من هكذا طراز تضع الفهم العميق لماهية الدولة السياسية العصرية التي فشلنا في تسويقها قبل العام 1967م واليوم مازلنا في معركة إثبات الخصوصية للهوية الحضرمية ، ومعارك الإثبات المتفاعلة في كل مرحلة من مراحل حضرموت الأخيرة ، كل هذا يضعنا في مسؤولية مشتركة لوضع تصور لماهية الدولة السياسية العصرية ليس إيفاءً لشروط النهج الدولي أكان علمانياً أو إسلامياً معتدلاً أو متطرفاً أو غير ذلك من التصريف فالأهم والأجدر هو إيجاد النهج الذي يكفل أساسيات الدولة من حرية وعدالة وكرامة ومساواة ...

مشروع الدولة الحضرمية كان حقيقة واقعة عندما كانت النظرة في الأفق السياسي ممكنة ، فالحقبة التاريخية التي وضع فيها المناضل عمر سالم باعباد يرحمه الله دستور الدولة ورسم خريطتها السياسية وعلمها الوطني كانت حقبة أصعب من هذه الحقبة المعاصرة لكثير من المعطيات فحضرموت آنذاك كانت مقسمة سياسياً بين سلطتني القعيطي والكثيري تحت غطاء المندوب البريطاني السامي ، وفي تلكم الحقبة كان الصراع جارفاً نحو التحرر الوطني في غاية القومية العربية القصوى ، ولذلك فأن كثير من الشعوب التي ناضلت وقاتلت من أجل مبادىء الحرية وقعت في متناقضات أخرى هي منّ عصفت بها كما عصفت بحضرموت أيضاً ...

وضعية حضرموت كمكون سياسي مشكلته في عدم القدرة على التعاطي بين فكرة الدولة المدنية وبين الشارع ، فالخطاب الحضرمي مازال متشبثاً بالتنظير على قوارع الماضي ومازالت الأفكار الحضرمية تراوح في مكانها على الرغم من المستجدات التي طرأت تحت تأثيرات رياح الربيع العربي ، بل أننا أصبحنا نخلق مكونات في بعض منها لا تفي ضرورات الدولة السياسية الأساسية ، وهذا نهج يفرق وأن نحن حاولنا بالقدر الممكن الاجتماع من حوله من باب الاجتماع تحت كل راية حضرمية دونما تدقيق عميق في الأيدلوجيات وحتى في الأهداف ...

ما نحن بحاجة إليه واقعاً هو التواصل في متطلبات الدولة ، ولعلي أشير إلى الدراسات البحثية النوعية التي وضعها المهندس بدر باسلمه والدكتور عبدالله سعيد باحاج فيما نشره موقع ( المكلا اليوم ) في مدار الأشهر التسعة الماضية حيث أنها تضمنت مفاهيم عامة للدولة الحضرمية القادمة ، وهذا جهد طيب محمود لأن العامة من الناس تحتاج لمخاطبة واقعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بشيء من الواقع على الأرض وما يحدث فيها ، وهذه جوانب رئيسية لتأسيس قواعد الدولة ونهجها ...

ليس من المستحيل الاستقلال الحضرمي فكثير من المعطيات السياسية تعطي مؤشرات تؤكد القدرة على تحقيق استقلال حضرموت في أي مشروع سياسي سيصل إليه اليمنيين ، فهنالك فدرالية مطروحة على صنعاء أن هي تمكنت من إزاحة علي عبدالله صالح من خلال المبادرة الخليجية ، وهنالك فيدرالية سيجبر عليها اليمنيين الجنوبيين في حال تم التوافق على تقسيم اليمن ، وهنالك قدرة على الاستقلال في حال دخول اليمنيين في حرب أهلية قد تكون لعدم قدرة الأطراف المتنازعة على إيجاد مخارج آمنه للوضع السياسي الراهن ، إلا أن كل الخيارات السياسية لمستقبل حضرموت لا تتحقق إلا بشرط واحد هو الالتفاف حول مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي يجب أن يطرح على الحضارمة من خلال شكل لمسودة دستور وطني يحصل على التوافق الممكن ...

من الجبهة القومية التي أسهمت في احتلال حضرموت إلى جبهة الإنقاذ التي تتشكل نواتها لتحرير حضرموت هنالك مسافة بعيدة بين الانقياد وبين الرفض ، فهذه فرصة تاريخية مواتية لتشكيل الوعي السياسي المسئول والمفرط في غاية تحقيق الاستقلال الوطني كهدف أعلى يمكن أن يتحقق بتحقيق الشروط والالتزامات التاريخية التي لابد أن يتحملها جيل حضرموت في ربيع العرب الثائر ....