المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جائزة نوبل في اليمن الدوافع و الخلفيات!


مقهى الدروازه
2011-10-13, 09:21 AM
حظي ربيع الشباب العربي في مصر و تونس و ليبيا و سورية و اليمن , بإهتمام ملحوظ من وسائل الإعلام النرويجية التي تابعت الثورات الشعبية العربية بإعجاب منقطع النظير و خصصت حيزا واسعا لتحليل الأحداث والتطورات في العالم العربي وبشكل غير مسبوق , وكان واضحا ان جائزة نوبل للسلام والتي تتخصص اللجنة النرويجية للجائزة وحدها بحق ترشيح وتسمية من ينالها ستكون هذه المرة من حصة أحد الأطراف العربية من دون جدال إنسجاما مع القراءة العامة للمزاجين الشعبي و الرسمي , وفعلا فقد أعلن في وقت سابق من أن شباب الثورة المصرية وكذلك التونسية يقفون في صدارة المرشحين كوائل غنيم و إسراء عبد الفتاح وغيرهما قبل أن يعلن رئيس لجنة جائزة نوبل و رئيس الوزراء النرويجي الأسبق "توربيورن ياغلاند" إسم الفائز وكانت مفاجأة من العيار الثقيل وحيث كانت من نصيب الإعلامية و الناشطة السياسية اليمنية السيدة توكل كرمان مثالثة مع رئيسة ليبيريا و ناشطة ليبيرية أخرى ! , وكان مبعث المفاجأة هو أن أسم توكل لم يكن مطروحا بقوة في بورصة الترشيحات , كما أن دخول اليمن في تاريخ تلك الجائزة الدولية المرموقة و الأكثر شهرة عالميا هو بحد ذاته أمر مثير للغاية و تاريخي في دلالاته و معانيه , طبعا كان التركيز على دور السيدة توكل في النشاط السياسي السلمي في الحراك الجماهيري اليمني و دعوتها العلنية لتغيير الأوضاع وشجاعتها في التصدي للسلطة في مجتمع محافظ بل شديد المحافظة كالمجتمع اليمني إضافة لتشجيع النساء في العالم الثالث على المبادرة و الإنخراط في الحياة العامة , ومن المعروف عن السيدة كرمان حماستها و عملها الحثيث والمتحمس من أجل مبادئها الوطنية وتحملها للسجن و الإعتقال وحتى نتائج سلبية أكبر في المواجهات الساخنة الدائرة في اليمن , وتكريم كرمان هو في النهاية تكريم للمرأة اليمنية وللشعب اليمني العريق في الحضارة البشرية , لقد سبق لي شخصيا أن تعرفت إلى الزميلة توكل كرمان ولمست عن كثب حماستها الثورية و دعوتها لتغيير الأوضاع نحو الأفضل من خلال مشاركتها في تغطية أعمال القمة الثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في دولة الكويت أواخر عام 2009 وكان حضورها مشهودا و متميزا و تركت إنطباعات إيجابية للغاية لكل من تابع مسيرتها الإعلامية و السياسية , وهي بطبيعة الحال تستحق شرف نيل تلك الجائزة بكل إقتدار و مسؤولية بل أن اقتسام الجائزة مع أخريات هو تقليل من شأنها الحركي المهم و الحاسم في جنوب الجزيرة العربية وفي هذه المرحلة التاريخية الحساسة بالذات وحيث ينفض الشعب العربي عن كاهله غبار التخلف و الخنوع ويعانق شمس الحرية الساطعة , وطبعا نهنئ أنفسنا والشعب اليمني العزيز الكريم و الأخت توكل بتلك الجائزة و التي نحسبها مجرد رمز لتاريخ نضالي عريق لاينقطع.. ولكن للسياسة النرويجية و للحسابات السياسية البعيدة المدى دور كبير في ترجيح كفة المرشحة اليمنية على الترشيحات الأخرى المصرية أو التونسية رغم إستحقاق جميع الثوار للتقدير و التكريم و الإحترام , النرويجيون لهم باع طويل للغاية في التركيز على الملفات السياسية التي قد تبدو منسية أو مهملة و لكنها حركية للغاية في تفكيرهم , و إختيار الفائز ليس بعيدا عن أهداف سياسية معينة يراد تحقيقها في المديات القريبة , فالجائزة ليست بعيدة عن السياسة بل أنها مقترنة بها إقتران الرضيع بأمه , وكان إختيار المرشحة اليمنية تعزيزا لدور مستقبلي قريب ولتفعيل ملف مهم يتعلق بالسياسة النرويجية تحديدا وهو ملف إسترداد و إعتقال الشاب اليمني فاروق شاهر عبد الحق الهارب لليمن والمحتمي بحماية نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي يرفض تسليمه لبريطانيا أو للنرويج لكونه قد اقترف عام 2008 جريمة قتل بحق صديقته النرويجية التي قتلها في لندن بعد سهرة صاخبة ووجدت جثتها في حاوية قمامة قريبة من منزل فاروق عبد الحق في أحد أحياء لندن الراقية , وحيث هرب بعد يوم من الجريمة ولاذ باليمن التي رفضت سلطاتها تسليمه لأي جهة نظرا لنفوذ والده الكبير وهو رجل الأعمال الكبير جدا و الثري جدا و سمسار السلاح و النفط المعروف , فقد حاول النرويجيون سواء عبر الوسائل الرسمية أو حتى الخاصة ومنها محاولة المخابرات النرويجية متابعة المتهم في اليمن و تحديد مكان إقامته هناك في مهمة خصوصاً عام 2009 باءت بالفشل لأن فاروق عبد الحق يعيش في قصر منعزل خارج صنعاء و من الصعوبة الوصول إليه , ومن يعرف العقلية النرويجية يفهم جيدا بأن النرويجيين على إستعداد لصرف مليون دولار من أجل إستعادة دولار واحد سرقها منهم أحدهم!! أي انهم يتبعون مختلف السبل لأخذ حقهم , وقد فشلت جميع الوساطات مع حكومة علي عبد الله صالح لتسوية الموقف و تسليم المتهم و محاكمته وكان تركيز وسائل الإعلام النرويجية على إمكانية القاء القبض على فاروق عبد الحق بعد رحيل علي عبد الله صالح وقيام نظام يمني جديد طبعا سبق لبعض قادة المعارضة اليمنية و منهم الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد أن أعلن عن ضرورة تقديم فاروق عبد الحق للعدالة...! طبعا هذه المبررات النرويجية الخفية و التي ستكون احد أهم الملفات أمام الحكومة اليمنية المقبلة لا تقلل أبدا من أحقية و جدارة السيدة توكل كرمان لنيل تلك الجائزة المرموقة , ولكننا آثرنا تسليط الضوء على نقطة غامضة لربما ليست معروفة للكثيرين, و بين السياسة و الصحافة و النوايا الخفية و الطموحات المستقبلية تبقى جائزة نوبل للسلام بمثابة تكريم لكفاح الشعب اليمني العزيز برموزه النضالية الشبابية الشامخة.
كاتب عراقي

http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/160242/reftab/36/Default.aspx