الفردي
2011-09-13, 08:27 AM
نقلا عن السياسي برس .
الحسم الفكري للثورة الجنوبية تم
التاريخ : 10/9/2011م
ملف الكاتب
بقلم الشيخ/ عبدالسلام بن عاطف
--------------------------------------------------------------------------------
في كل الصراعات السياسية , أكانت تحرُّرية أو بين الدول أو داخل الدولة الواحدة . ينقسم الصراع إلى ساحتين , الساحة الأولى فكرية غير مادية , و الساحة الثانية على الأرض . و قد ينتصر أحد طرفي الصراع على الأرض , و يضع شروطه و قوانينه , لكنه قد يكون خسر المعركة فكرياً و ثقافياً دون أن يدري , فيحدث تعارض بين الحسم المادي و الحسم الفكري و يظل الصراع قائماً دون حسم .
و في اعتقادي أنَّ الحسم الفكري مقدمٌ على الحسم المادي . على سبيل المثال لو تناولنا الوحدة اليمنية , و تذكَّرنا الجبهة القومية ( تحولت إلى الحزب الاشتراكي في 1979 ) كيف سعت جاهدة إلى زراعة ثقافة الوحدة اليمنية منذ 30 نوفمبر 1967 , و جعلتها هدف لازم التحقيق , فألزمت طلاَّب المدارس كل صباح بالقسم على تحقيقه , و جعلت حياة الشعب الجنوبي في فقرٍ و كدر , و دفعته للهجرة , حتى وصل الجنوبيون إلى قناعة أن الحل الجذري لمآسيهم يكون بالوحدة . و بمجرد الحسم الفكري في عقول الجنوبيين , كان من السهل تحقيق الوحدة على الأرض دون الحاجة إلى استفتاء الشعب الجنوبي.
بالمقابل نجد الجنوبيين الذين كانوا مهجَّرين في اليمن الشمالي , و الذين لم يتعرضوا للثقافة الجبرية بالوحدة , نجدهم عارضوا الوحدة اليمنية , بالرغم من أقامتهم في الشمال . فتداولوا الأمر بلقاءات كثيرة , أعقبت توقيع 30 نوفمبر 1989 , و أوفدوا مبعوثاً ينقل وجهة نظرهم إلى سلطة الحزب الاشتراكي في الجنوب قبل إعلان الوحدة بأشهر , لكنَّ مساعيهم نالت وافر القدر من الرفض أولاً ثم التقارير إلى نظام صنعاء ثانياً .
مما سبق نستطيع القول : أنَّ حسم الصراع فكرياً مقدمٌ على الحسم المادي على الأرض , و إذا تقدم الحسم المادي على الحسم الفكري , فزوال نتائجه حتمي الوقوع . و بالمقابل إذا تقَّدم الحسم الفكري ثم لحقه الحسم المادي على الأرض فالخلاص من تبعاته ليس من السهل . و الوحدة اليمنية أكبر شاهد على ذلك , ففي الوقت الذي انتصرت ثورات شعوب عربية على أنظمة أقوى و أشد فتكاً من نظام صنعاء , تلك الشعوب التي لا تحمل السلاح و جغرافية الأرض لا تنفعها بل تضرها , نجد ثوَّار الجنوب مازالوا يراوحون في مكانهم و الأرض و السلاح و الخبرات العسكرية معهم .
و تعثر الحسم المادي على أرض الجنوب برغم كل الفرص , الذي تلام عليه القيادات , لا يعني الفشل , فأنا أجزم اليوم بأن الحسم الفكري قد تم . فهاهي القضية الجنوبية قد أضحت من قضايا المنطقة , تتصدر الملفات العربية و الدولية . و لن يكون حل مشاكل اليمن من وجهة نظر دول الإقليم و دول العالم إلاَّ بحل القضية الجنوبية .
و على صعيد الخصم أصبحت السلطة على يقين بحتمية حل القضية الجنوبية حتى و إن لم تعترف بها صراحةً , و المعارضة تعترف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية و ليست حقوقية , و تجعلها على رأس أولوياتها بعد إسقاط النظام , و الشعب اليمني بأكمله أدرك مقدار الخطيئة التي وقع فيها , عندما تخلى عن مساندة حقوق الجنوبيين المنهوبة . و لا تعنينا الحلول التي يقدمونها لحل القضية الجنوبية , فما يعنينا فقط هو اعترافهم بالقضية الجنوبية كقضية سياسية .
و أهم ساحات الحسم الفكري بالنسبة للقضية الجنوبية , هي الجبهة الداخلية , حيث أصطف الشعب الجنوبي خلف قضيته , رجل و امرأة , طفل و شيخ , في الداخل و الخارج , في سلطة صنعاء أو معارضة صنعاء , و أصبح الجميع مؤمناً بها , مصراً على حسمها في هذا الربيع لولا الخلاف حول آلية الحل . هذا الخلاف التي خلقه لنا بقايا القيادة الجنوبية السابقة و المتواجدين في سلطة صنعاء و معارضة صنعاء و الثورة السلمية الجنوبية (الحراك الجنوبي) و كأنهم قد اتفقوا على تمزيق الشعب الجنوبي .
و عليه فأنا أرى أنَّ الحسم الفكري للثورة الجنوبية في العقول و الوجدان قد تم . و يُعد إنجازاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى , و يستحق هذا الإنجاز كل ما قدمه الجنوبيون من تضحيات . و بقي علينا حسم الصراع على الأرض , و إذا فشل رجال اليوم فالأجيال القادمة كفيلة بذلك .
انتهي ,,,,,,,,,,,,,,
عبد السلام بن عاطف
12 شوال 1432
10 سبتمبر 2011
الحسم الفكري للثورة الجنوبية تم
التاريخ : 10/9/2011م
ملف الكاتب
بقلم الشيخ/ عبدالسلام بن عاطف
--------------------------------------------------------------------------------
في كل الصراعات السياسية , أكانت تحرُّرية أو بين الدول أو داخل الدولة الواحدة . ينقسم الصراع إلى ساحتين , الساحة الأولى فكرية غير مادية , و الساحة الثانية على الأرض . و قد ينتصر أحد طرفي الصراع على الأرض , و يضع شروطه و قوانينه , لكنه قد يكون خسر المعركة فكرياً و ثقافياً دون أن يدري , فيحدث تعارض بين الحسم المادي و الحسم الفكري و يظل الصراع قائماً دون حسم .
و في اعتقادي أنَّ الحسم الفكري مقدمٌ على الحسم المادي . على سبيل المثال لو تناولنا الوحدة اليمنية , و تذكَّرنا الجبهة القومية ( تحولت إلى الحزب الاشتراكي في 1979 ) كيف سعت جاهدة إلى زراعة ثقافة الوحدة اليمنية منذ 30 نوفمبر 1967 , و جعلتها هدف لازم التحقيق , فألزمت طلاَّب المدارس كل صباح بالقسم على تحقيقه , و جعلت حياة الشعب الجنوبي في فقرٍ و كدر , و دفعته للهجرة , حتى وصل الجنوبيون إلى قناعة أن الحل الجذري لمآسيهم يكون بالوحدة . و بمجرد الحسم الفكري في عقول الجنوبيين , كان من السهل تحقيق الوحدة على الأرض دون الحاجة إلى استفتاء الشعب الجنوبي.
بالمقابل نجد الجنوبيين الذين كانوا مهجَّرين في اليمن الشمالي , و الذين لم يتعرضوا للثقافة الجبرية بالوحدة , نجدهم عارضوا الوحدة اليمنية , بالرغم من أقامتهم في الشمال . فتداولوا الأمر بلقاءات كثيرة , أعقبت توقيع 30 نوفمبر 1989 , و أوفدوا مبعوثاً ينقل وجهة نظرهم إلى سلطة الحزب الاشتراكي في الجنوب قبل إعلان الوحدة بأشهر , لكنَّ مساعيهم نالت وافر القدر من الرفض أولاً ثم التقارير إلى نظام صنعاء ثانياً .
مما سبق نستطيع القول : أنَّ حسم الصراع فكرياً مقدمٌ على الحسم المادي على الأرض , و إذا تقدم الحسم المادي على الحسم الفكري , فزوال نتائجه حتمي الوقوع . و بالمقابل إذا تقَّدم الحسم الفكري ثم لحقه الحسم المادي على الأرض فالخلاص من تبعاته ليس من السهل . و الوحدة اليمنية أكبر شاهد على ذلك , ففي الوقت الذي انتصرت ثورات شعوب عربية على أنظمة أقوى و أشد فتكاً من نظام صنعاء , تلك الشعوب التي لا تحمل السلاح و جغرافية الأرض لا تنفعها بل تضرها , نجد ثوَّار الجنوب مازالوا يراوحون في مكانهم و الأرض و السلاح و الخبرات العسكرية معهم .
و تعثر الحسم المادي على أرض الجنوب برغم كل الفرص , الذي تلام عليه القيادات , لا يعني الفشل , فأنا أجزم اليوم بأن الحسم الفكري قد تم . فهاهي القضية الجنوبية قد أضحت من قضايا المنطقة , تتصدر الملفات العربية و الدولية . و لن يكون حل مشاكل اليمن من وجهة نظر دول الإقليم و دول العالم إلاَّ بحل القضية الجنوبية .
و على صعيد الخصم أصبحت السلطة على يقين بحتمية حل القضية الجنوبية حتى و إن لم تعترف بها صراحةً , و المعارضة تعترف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية و ليست حقوقية , و تجعلها على رأس أولوياتها بعد إسقاط النظام , و الشعب اليمني بأكمله أدرك مقدار الخطيئة التي وقع فيها , عندما تخلى عن مساندة حقوق الجنوبيين المنهوبة . و لا تعنينا الحلول التي يقدمونها لحل القضية الجنوبية , فما يعنينا فقط هو اعترافهم بالقضية الجنوبية كقضية سياسية .
و أهم ساحات الحسم الفكري بالنسبة للقضية الجنوبية , هي الجبهة الداخلية , حيث أصطف الشعب الجنوبي خلف قضيته , رجل و امرأة , طفل و شيخ , في الداخل و الخارج , في سلطة صنعاء أو معارضة صنعاء , و أصبح الجميع مؤمناً بها , مصراً على حسمها في هذا الربيع لولا الخلاف حول آلية الحل . هذا الخلاف التي خلقه لنا بقايا القيادة الجنوبية السابقة و المتواجدين في سلطة صنعاء و معارضة صنعاء و الثورة السلمية الجنوبية (الحراك الجنوبي) و كأنهم قد اتفقوا على تمزيق الشعب الجنوبي .
و عليه فأنا أرى أنَّ الحسم الفكري للثورة الجنوبية في العقول و الوجدان قد تم . و يُعد إنجازاً بكل ما تحمل الكلمة من معنى , و يستحق هذا الإنجاز كل ما قدمه الجنوبيون من تضحيات . و بقي علينا حسم الصراع على الأرض , و إذا فشل رجال اليوم فالأجيال القادمة كفيلة بذلك .
انتهي ,,,,,,,,,,,,,,
عبد السلام بن عاطف
12 شوال 1432
10 سبتمبر 2011