المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((( حضرموت .. المسؤولية التاريخية )))


بوعمر
2011-04-27, 06:28 PM
حضرموت .. المسؤولية التاريخية



مقدمة :
الشعور بالمسؤولية هي أول وسيلة لتحقيق رؤانا وأحلامنا ـ الداعية التركي محمد فتح الله كولن ـ




على مدار السنوات العشر الأخيرة اخذ مجموعة من أبناء حضرموت قضية وطنهم على عاتقهم ، اجتهدوا في العمل تجاه وطنهم الحضرمي بعد سنوات طوية جداً من اختطاف حضرموت السياسي ، فمنذ الثلاثين من نوفمبر 1967م ظلت حضرموت بتاريخها الحضاري تحت بند الاختطاف السياسي حتى بدأت من إبريل 1997م الشرارة الأولى لاستعادة الحضارمة دورهم التاريخي والسياسي ، فأبان الحراك الشعبي الثائر في المكلا على أثر مناقشة البرلمان اليمني لفصل حضرموت بين داخل وساحل شهدت المكلا ثورة شعبية كانت محطة لجيل أخذ زمام المبادرة لأجل حضرموت ...

ومع انتشار المواقع على شبكة الانترنت بدأت العناصر الحضرمية " الثورية " أن صح التعبير بهذا التوصيف لحراكها الفكري فضخت الآلاف من المقالات والبحوث والدراسات والأفكار التي تؤصل لحقيقة ( حضرموت الدولة ) الكيان السياسي كان هدفاً ولا شك غاية في البعد عن التحقق في بداية الألفية غير أن استمرار الضخ والبذل والسعي الحثيث وتفاعل الأحداث السياسية عند الجانب اليمني المحتل جنت منه حضرموت نقاطاً متوالية لصالح أهدافها وغايتها ، فشكل الحراك الجنوبي دعماً غير مباشر للأهداف الحضرمية العليا ، إضافة إلى الرغبة اليمنية في التوجه نحو حضرموت بحكم توافر عناصر الريادة الفكرية ، والاستثمار الاقتصادي أو بالمفهوم الأصح الاستنزاف لثروات حضرموت الاقتصادية ...

وفي استقراء لكل المفاهيم الجنوبية التي تداولت قضية الجنوب اليمني منذ إعلانها في العام 2007م يمكن استنباط الدلالات المطالبية للحراك الجنوبي من ما قدمه المفكرين والناشطين الحضارمة على مدار سنوات حيث تم الاستناد على المقالات والدراسات المنشورة للارتكاز على تقديم قضية الجنوب اليمني ، حتى في تصنيفهم أن اليمن هو أسم جهوي لا يمثل الجنوب جزء منه ، وها تفسير مغلوط لأن المقصد هو حضرموت وليس الجنوب اليمني ، ولقد ظلت القضية الجنوبية مبهمة غارقة في الإبهام لعدم استنادها لمفاهيم ومرجعيات تثبت واقعها الاعتباري لغير الوجود السياسي المنتهي في 22 مايو 1990م ، وعلى ذلك راوح الجنوبيين مكانهم حتى أفاق رأسهم الأكبر علي سالم البيض مؤخراً ليتحدث عن مرجعية " الجنوب العربي " بعد أن هزمت كل المقاصد الأولى ...

ومع حالة الضخ المتواصلة من الفئة الحضرمية الفكرية كان من الطبيعي جداً أن تنسجم حضرموت بمفكري الداخل فيها مع الرؤى المؤصلة للهوية الحضرمية تحديداً ، فمع توافد اليمنيين على ساحة التغيير بصنعاء ، وساحة التحرير في تعز ، وتطور الأحداث في الجانب اليمني من انشقاقات توالت في جسد النظام الحاكم ، كان ولابد من مفكري حضرموت الداخل أن ينسجموا مع هويتهم وقضيتهم الحضرمية ، فالقضية الجنوبية لا تمثلهم كما لا يمثلهم قضية إسقاط النظام اليمني فانحاز الشرفاء منهم لقضية وطنهم كاستجابة طبيعية لهويتهم الوطنية ...

ومع ظهور " مجلس حضرموت الأهلي " وبحكم أهلية حضرموت وتأصيلها فكرياً واجتماعياً كان الحدث فيه نوع القفز العالي جداً للأهداف الحضرمية المعلنة من قبل الناشطين في كواليس حضرموت وضميرها ، وكان محتماً أن يقف المجلس الأهلي بين خيارات صعبة فأما أن ينحاز للاستقلال كهدف أعلى أو يكون محطة عبور للاستقلال أو أن يكون خياراً قاسياً على حضرموت بإعادة سيناريو الزمن المر بتكرار التآمر على حضرموت كما حدث في العام 1967م ، وامام هذه الخيارات يبدو المجلس الأهلي تحت بند المؤامرة بعد أن وضح عليه الرضوخ لسطوة حزب الإصلاح اليمني ، وبعد أن أصر أعضاءه على عدم تقديم استقالاتهم من مناصبهم الحزبية اليمنية أو المنتمين لما يسمى الحراك الجنوبي ...

وبرغم سوداوية المشهد الحضرمي الآني ، وبرغم التدافع الشديد عن المصنفين مقاتلين في صف حضرموت الهدف الأعلى تبقى بواعث " المسؤولية التاريخية " هي المطلوبة فعلياً ، فلقد طرحت ( حضرموت أمّة ) خيارات حضرموت بكيفيتها الصحيحة والتي يجب الالتزام بمسارها السياسي ، فمجلس حضرموت الأهلي هو مجرد رمز لحراك حضرمي لابد وأن تليه رمزيات أخرى تتمثل في تشكيل عديد من الهيئات والتنظيمات وحتى الأحزاب السياسية ، هنا دعوة ليست فيها خشية من أي تجاوزات ستحدثها الوقائع السياسية في المشهد اليمني أو الجنوبي على حد سواء ، فكلا الطرفين خصمين صريحين لحضرموت ، وكلا الطرفين سيذهبان إلى الفيدرالية في طرح بديل عن تجربة يمنية جنوبية وشمالية مريرة ، وهي الطرح الخليجي والدولي الذي يتدواله اليمنيين ...

" المسؤولية التاريخية " تبدو في المضي تجاه أمرين الأول هو تشجيع الجانب الفكري في داخل الوطن الحضرمي بمواصلة إفراد حضرموت بهويتها الحضارية ومطالبها السياسية ، والأمر الثاني هو أن يتم طرح الأفكار والرؤى من الفئة التي أسست لهذه المرحلة لتكوين الخلايا الناشطة في مجالات السياسية والاقتصاد والفكر لتحقق حضرموت وضعها المطلوب فعلياً في أقل توقيت زمني لتتبلور فكرة استقلال حضرموت ، خاصة وأن اليمنيين لن يستطيعوا من خلال الفيدرالية تجاوز صراعاتهم القبلية وسيبذلون الكثير في صراعهم على السلطة السياسية في اليمن ...

بمقدورنا الخلاص من اليمن بتخلفه وجهله وتاريخه متى ما تملكنا أدوات النجاح على مبادىء واضحة المعالم والغايات ، ليس مهماً إطلاقاً إعلان الاستقلال اليوم أو الشهر القادم بمقدار أن يتم ذلك الاستقلال بالكيفية التي نستطيعها كحضارمة نكرس كل جهودنا وطاقاتنا لتعزيز الحضور الحضرمي ومنازعة أهل الريادة في الخليج على ريادتهم ، هنا فرصة عظيمة يجب أن تستثمر سياسياً أولاً واقتصادياً ثانياً ، على أن تحاط الهوية الحضرمية بخصوصيتها بكل القوة على حمايتها وإزالة ما لحق بها على مدار أربعة وأربعين عاماً ...