المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال مهم جدا للمهندس علي نعمان المصفري: الجنوب بين الثورة والرحيل


نورس الجنوب
2011-04-12, 04:49 AM
الجنوب بين الثورة والرحيل
*المهندس علي نعمان المصفري
يتشكل تاريخ جديد في جنوب الجزيرة العربية وبأيقاع ضمير الشعوب مستوحى من عمق معاناتها ولوجا الى قلب الحدث في اللحاق بالتطور الأنساني وتعويض ما فات بمنطق العقل وروح العصر وضمير حي لحوية شعوب لاتمل ولاتكل لتستريح على قمة ونشوة أنجازاتها.
هذا العهد التاريخي بصورة المتعددة رسم لوحة لملحمة تاريخية من نضال الشعوب العربية خلصت حقيقة قضية شعب الجنوب, لتتصدر المشهد السياسي ولم تغيب الشمس عنه رغم التعتيم الملحوظ الذي طوق عليه منذو أجتياحة في 7 يوليو 1994.
ذاب الجنوب الى الأبد في وهم أعدائية لكنه في ضمير أبنائه ظل شمسا لاتغيب.
تعددت وسائل التهميش والأقصاء والأختزال في أحداث لجرائم تراجيديه حصدت أرواح الألآف من أبنائه وجرح الألآف وتشريد أضعافهم وفقدان العمل وصودرت الحريات وأذُلت وأهينت الكرامة , وسلبت ونهبت الأرض والثروة, لا لذنب أقترفوه بل لأنهم جنوبيون. زج بهم عنوة دون قناعة في مشروع توحد مع الجارة الجمهورية العربية اليمنية.
لم يجد الجنوبي مخرج من هذا المأزق سوى الأعتصام وكان لساحة الحرية في خور مكسر المكان لذات اليوم 7 يوليو 2007 المشهد الحزين لذكرى الأحتلال.
قاوم شعب الجنوب وصمد ونزف في صمت رهيب لا عرب ولا يحزنون أستجابوا الى حنينه. ظل يسافر في نفق الظلم سنين بكبرياء الأرادة وقوة الحق وعقيدة الولاء للوطن. كان القدر الحليف والأليف والسكون يلف الأمة في رداءة الفعل والتفاعل والمحتلون يستفحل بأسهم شرا وقسوة على الجنوب الأنسان والأرض والموروث. وفي غور السنين تشعب الجرح وزاد الجور ووزر المأساة حد الأنقراض.
ومن المؤثرات الدولية التي أعاقت عودة الدولة تمحورت في صورة قوة التضخيم لتاريخ الحزب الأشتراكي خلال فترة حكمه للجنوب منذو 30 نوفمبر 1967 وحتى 22 مايو 1990. ومدى خطورته على الأقليم والعالم جراء سياساته.
وألصاق القاعدة رديفا للجنوب بعد الوحدة كان مؤثرا في أستحلاب الغرب والولايات المتحدة تحديدا مع دول الأقليم ليبقى الجنوب فزاعة مستمرة لاتغيب عن خاطر تلك الأطراف بتفنن عمد الرئيس صالح على أعتمادة وسيلة مؤسسة على قاعدة الوازع النفسي للغرب من وحي مصالحه في قرب وأشراف اليمن على أكبر مخزون للنفط في العالم.
سبر نظام صالح بمأمن في أنفاق وسراديب الغرب والأقليم سنوات يكابر فيها على قدرته في السيطرة والاحكام على الجنوب والقاعدة ودونه يتفجر البرميل التدميري على الكل في غياب نظام صالح ليكتسب خصوصية التمّيز عن غيرة من الأنظمه الأقليمية ويمكنه من أحتلال مكانه قريبه جدا من مراكز القرار الدولي بل ليكن خاتم سليمان في معصم النظام العالمي الجديد بعد سقوط جدار برلين وأنتهاء الحرب الباردة.
لعب نظام صنعاء وفق نسق الفائدة والخروج من الخسارة على حساب الجنوب الهوية والتاريخ والدولة التي باتت شبح شيطاني لايمكن أن يرى النور, وعلى أن أجتثاثة نهاية للشر.
المؤسف في هذا الوضع أن اليمننه هي الأخرى من أستفحلت داء في الجسد الجنوبي سلوكا وممارسة أفقدت الجنوبي حتى حق التفكير في هويته الى حد من النفسي المؤذي لروح قبل الجسد وغلبت حتى لغويا في مفهوم الشمال والجنوب بدل الجنوب العربي واليمن.
هي صورة عمل على تكريسها أصحاب مشروع اليمننه عبر الأجيال. نتجت في ممارسات, أوصلت العامة الى حد الاعتقاد بالأنتماء الى اليمن وأختزال الهوية الجنوبية ليس فقط من خلال تسمية الجنوب العربي بالجنوب اليمني ولكن من حيث السياسات المتوالية في الجنوب وتركيز نضاله في اللهث خلف هوية اليمن منذو الاستقلال.
ومع أن الأحتفاظ بالهوية وحقوق شعب الجنوب والسيادة كان يمكن بدعوات التوحد أن تجد سبيلها على طريق الوحدة العربية الشاملة مراسي آمنة لأحتضان ولادة الوحدة وبالأشكال المألوفة في تاريخ الشعوب, لكن ما حدث عبّر عن وحشيه من نوع غريب. جعل الجنوبي عبر أجيال من شبح الوحدة بصلصال الواقع يتذكر الموت, ولا يفكر في العروج اليها؟
دونما مشاركة شعب الجنوب في القرار النخبوي الفردي في أعلان مشروع التوحد كانت الكارثة المحموله في تراكم المعاناة لعقدين من زمن الضياع. فقد شعب الجنوب كل شئ وتناثرت أجزاء أجسادة وسط وهم الوحدة. غاب الكل عن الجنوب وتم حجب الشمس عنه ليبقى خلف التاريخ في أسقاط رهيب ظل الجنوب ينزف حتى الأنقراض من كل ما هو حي ليموت وليحي القراصنة الجدد على حساب خلاياه الحية.
لكن للأرادة السياسية للشعب في الجنوب قوة في الحضور في القدر الألآهي. ليخلق من الضياع والتهميش والأقصاء جسد حي لشعب حي في حراك سلمي قبل كل شعوب المنطقة, ليكسر جدار الخوف ويزيل حواجز التردد. وأنطلق قطار التحرير ليكن معلم للشعوب. وهاهم كانوا في تونس ومصر وأمصار أخرى.
واليوم في ساحات الحرية عندما أستلهم الشباب نهوض أخوتهم في الحراك الجنوبي ليتواصل النضال لتحقيق الأهداف وضمانها في أستحقاقات, تكفل لكل الأطراف في الحصول على حقوقها السياسية التي غابت أزمنة من الهوان والغبن والاضطهاد ليرتفع الاحتلال عن الجنوب والظلم عن اليمن, وينتهي ألم صعدة ويعيش الكل في وئام بعودة البئية السياسية التي تم تجريفها. والتي أفقدوا فيها كل عوامل التحضر والتطور الأنساني في عملية متكافلة كضمانة وخير لأستقرار المنطقة والعالم ومصالح الشعوب بعيدا عن الأرهاب والعنف ووفق نسق تطورنساني سبيلا لمواصلة تطور العملية الأنسانية وبعيدا عن الفرض والولاء والوصاية.
من مزيج الدم والعرق تُصنع اليوم ثورة بطيف شعبي يتناغم بأيقاع ثوري تلازم مع نبض الشارع. أستحوذ قلوب العامة في عقيدة مسكونة في الوجدان. بقت الحصانة لأستمرارية الحدث والفعل والتفاعل في نسق حضاري ندر حدوثه, بأعتراف الأطراف بحقوق الكل وعلى أستيعاب بحذر مقاصد تلك الأيادي التي تريد أختطاف ثورة الحراك والشباب. وعلى بقائها في منأى عن عدم أمتلاك صدارة أتخاذ القرار والتوجيه, كي لا تعود الثورة والحراك الى أن تكون في ذيل الأحداث بمغادرة صدارتها بحيل الأدعاء بالمشاركة والدعم وخلف الأكمة الألتواء والاحتواء.
وها هو اليوم الحلم القادم الذي برحيل الرئيس يتحقق, بالتأكيد تحت شعار الخبز والحرية والكرامة. و بعد أدراك الغرب والأقليم الحقائق على الأرض وعلى أن التأخير مزيد من الدم. وتُفرض لحظة رحيل الأنظمة ضمانة لتحيا الشعوب بأستعادة حقوقها وعلى قاعدة الهويه.
لتفتح مسالك التطور واسعة للنهوض والتطورلتبقى ناطحات سحاب عدن تخجل سمائها وتسرق نظر الأهالي قبل السواح, و مصدر أشعاع حضاري للمنطقة, بل ومصدر أمن وأمآن وضهر دافئ حاضن للمحتاجين كما كان عبر العصور. ملاذ آمن لمن لا له وطن ودار وينشد حريتة وتقرير مصيره.
ولنا مع الغد لقاء والحديث عن المصير؟
*كاتب وباحث أكاديمي
لندن في 11 أبريل 2011