الهااشمي
2008-06-04, 09:44 PM
الثقافة للإنسان كالعافية للجسد والمؤشر لسلامة الحياة وحسن التصرفات والأفعال، وعقلانية التعامل والقرار، والثقافة عنوان للحضارة والعلم والصحة والرشد، وليس غيرها إلا التخلف والحماقة والجهل والمرض واعتلال الصحة واختلال التوازن وسوء التصرف. بل إن فعل المؤسسات والحكومات والأنظمة الحاكمة وتصرفاتها حين تخلوا من الثقافة إنما لأنها دون عقل أو إدراك بل وفي تمام غياب المسئولية ودون فهم الأبعاد والنتائج التي ستكون -لا سمح الله- كارثية وغير محدودة وهو ما يوجب على الجميع ابتداء من الحكام والمحكومين الإلمام والتمتع بالثقافة وآفاقها لتكون واقعاً معاشاً وعلامة صحة وإثبات سوية وحياة طويلة لابد أن تتمثلها الجماهير من الناس لتكون هي حياتهم العقلانية والعاطفية والروحانية والنفسية والاجتماعية والنضالية. وذلك حتى لايصيبهم الملل والضيق والضجر وخاصة وهم ينتظرون لنتائج نضالهم وسرعة قطف ثماره ناسين أو متناسين وعالمين أو جاهلين أنهم في “نضال سلمي” وهو الكفاح الطويل المتميز بالعمل النضالي والدؤوب المتواصى فيه بالحق وبالصبر”، (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) والذي هو أساساً أي النضال السلمي ممارسة للفضيلة وخدمة المجتمع والدفاع عنه وحمايته من الظلم والتعسف والنضال السلمي في حد ذاته جهد نوعي وثقافي جماهيري متميز إذا ما اقترن بالفهم وحس المسئولية وبثقافة النضال السلمي الواعية والهادئة والصابرة والمصابرة ذات النضال ذات الرسالة الربانية الخالدة المحتاجة ليس إلى قوة بدنية فحسب، وإنما أيضاً إلى طاقة روحية وثقافة واعتبار بالسيرة النبوية وبالتاريخ الإسلامي والإنساني على امتداد الأزمنة والعصور والأنظمة والشعوب لأن تلك الطاقة والثقافة النضالية السلمية الرشيدة. بما فيها من حسن التوكل على الله وسلامة القصد والنية كفيلة بإذن الله للحفاظ على ثبات ونماء وتطور واستمرارية النضال السلمي والاستعداد الدائم لمجابهة التحديات والصبر عليها في رحابة صدر وسعة فهم وثقافة. والجماهير بنضالها السلمي المثقف والهادف تثبت شعبيتها وحضورها ونضالها وسمو أفعالها وتصرفاتها وبذلك تقترب من دورها وكفاحها وصبرها وطول نفسها، والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا”. ذلك لأن الجماهير المغلوبة على أمرها والمظلومة في حياتها وأرزاقها والمحاربة في حريتها وحقوقها وإرادتها سيكون لها البقاء والحياة والنصر والتمكين بوعد وعهد ممن لا يخلف الميعاد وإن الله على نصرهم لقدير. فمزيداً من الثقافة والوعي والفهم والإدراك لسنن الله في الخلق والأنفس والمجتمعات، وانطلاقاً من فهم الواقع والجماهير ومعاناتها وتفويتاً لكل محاولات المكر والاستفزاز والاستدراج السلبي غير الحميد والمستهدف تحويل النضال السلمي المشروع دستورياً وقانونياً إلى تخلف وفوضى وتخريب هي أصلاً ليست بثقافة النضال السلمي الجماهيري وإنما هي جهالة وأزمة أخلاقية سياسية وثقافية وحضارية تسلح بها وتمترس فيها المناهضون لشعوبهم، المخاصمون للجماهير التي تناضل لإثبات حقها ورفع الظلم عنها ومحو أميتها وتحررها من الخوف والقهر ورفض الاستبداد والإلغاء والتهميش والعبودية إلا لله وحده وهو ما يثبت محاولة الجماهير اقترابها من الثقافة بنضالها السلمي وابتعاد الأنظمة الحاكمة عن الثقافة، أنها تعيش أزمة ثقافية جامعة تجعلها بمنأى عن كرامة شعوبها وإنسانية مواطنيها وحقوقهم وحياتهم، وبالتالي تسعى لتأزيم علاقتها معهم والعمل عن قصد وإصرار في تشويه معنى “نضالهم السلمي” وممارستهم الديمقراطية ونضالهم الجماهيري بتحويل ذلك النضال على أنه تخريب وإرهاب وإفشال للتنمية، بل وتسعى تلك السلطة إلى تحويل النضال السلمي على السجون والمحاكم وإعدامه بالجوع والفقر والمرض وذل الحاجة وحتى اللجوء إلى الكهوف والجبال وردود الأفعال والسلطة بذلك تقتل أخاها (جماهير النضال السلمي) دون أن تجد غراباً يريها كيف تواري سوءة أخيها وهي نتيجة -كما أسلفنا- كارثية وسوء خاتمة للسلطة التي استبدلت الذي هو أدنى من الذي هو نضال سلمي وحضاري وجماهيري وإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، والعاقبة للمتقين.