المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذكر الله من تاليف محمد عبد الله الصلاحي 9/5/2008م


قمة ثمر
2008-05-09, 03:43 PM
ذكر الله من تاليف محمد عبد الله الصلاحي 9/5/2008م

أولادي الاحباء أخواني الاشقاء أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله والاكثار من ذكر الله واياكم والغفلة عن ذكر الله ..فقد توعد الله من غفل عن ذكره...فقال تعالى...
وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (37)
فأما نحن - أصحاب العقيدة الإسلامية - فنرى في واقع الحياة مصداق ما يقرره الله من وجود الثبات والتغير متلازمين في كل زاوية من زوايا الكون , وفي كل جانب من جوانب الحياة . وأقرب ما بين أيدينا من هذا التلازم ثبات التفاوت في الرزق بين الناس , وتغير نسب التفاوت وأسبابه في النظم والمجتمعات . . وهذا التلازم مطرد في غير هذا المثال .
إفساد الشيطان لقرينه وندامته يوم القيامة
ولما بين زهادة أعراض الحياة الدنيا وهوانها على الله ; وأن ما يعطاه الفجار منها لا يدل على كرامة لهم عند الله , ولا يشير إلى فلاح ; وأن الآخرة عند ربك للمتقين , استطرد يبين مصير أولئك الذين قد ينالون تلك الأعراض , وهم عمي عن ذكر الله , منصرفون عن الطاعات التي تؤهلهم لرزق الآخرة المعد للمتقين:
(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين . وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون . حتى إذا جاءنا قال:يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين . فبئس القرين . ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون). .
والعشى كلال البصر عن الرؤية , وغالباً ما يكون عند مواجهة الضوء الساطع الذي لا تملك العين أن تحدق فيه ; أو عند دخول الظلام وكلال العين الضعيفة عن التبين خلاله . وقد يكون ذلك لمرض خاص . والمقصود هنا هو العماية والإعراض عن تذكر الرحمن واستشعار وجوده ورقابته في الضمير .
(ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيّض له شيطاناً فهو له قرين). .
وقد قضت مشيئة الله في خلقة الإنسان ذلك . واقتضت أنه حين يغفل قلبه عن ذكر الله يجد الشيطان طريقه إليه , فيلزمه , ويصبح له قرين سوء يوسوس له , ويزين له السوء . وهذا الشرط وجوابه هنا في الآية يعبران عن هذه المشيئة الكلية الثابتة , التي تتحقق معها النتيجة بمجرد تحقق السبب , كما قضاه الله في علمه .
ووظيفة قرناء السوء من الشياطين أن يصدوا قرناءهم عن سبيل الله , بينما هؤلاء يحسبون أنهم مهتدون:
(وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون). .
وهذا أسوأ ما يصنعه قرين بقرين . أن يصده عن السبيل الواحدة القاصدة ; ثم لا يدعه يفيق , أو يتبين الضلال فيثوب ; إنما يوهمه أنه سائر في الطريق القاصد القويم ! حتى يصطدم بالمصير الأليم .
والتعبير بالفعل المضارع:(ليصدونهم). .(ويحسبون). . يصور العملية قائمة مستمرة معروضة للأنظار ; يراها الآخرون , ولا يراها الضالون السائرون إلى الفخ وهم لا يشعرون .
ثم تفاجئهم النهاية وهم سادرون:
(حتى إذا جاءنا قال:يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين . فبئس القرين)!
وهكذا ننتقل في ومضة من هذه الدنيا إلى الآخرة . ويطوى شريط الحياة السادرة , ويصل العمي (الذين يعشون عن ذكر الرحمن)إلى نهاية المطاف فجأة على غير انتظار . هنا يفيقون كما يفيق المخمور , ويفتحون أعينهم بعد العشى والكلال ; وينظر الواحد منهم إلى قرين السوء الذي زين له الضلال , وأوهمه أنه الهدى .
الزخرف
من الاية 38 الى الاية 43
حَتَّى إِذَا جَاءنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (38) وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (39) أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (40) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ (41) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ (42) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43)
وقاده في طريق الهلاك , وهو يلوح له بالسلامة ! ينظر إليه في حنق يقول: (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين)! يا ليته لم يكن بيننا لقاء . على هذا البعد السحيق !
ويعقب القرآن على حكاية قول القرين الهالك للقرين بقوله: (فبئس القرين)!
ونسمع كلمة التيئيس الساحقة لهذا وذاك عند إسدال الستار على الجميع:
(ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون)!
فالعذاب كامل لا تخففه الشركة , ولا يتقاسمه الشركاء فيهون !
الدرس الثالث:40 - 43 تسلية ومواساة الرسول على إعراض الكفار ومصيرهم البائس
عندئذ ينصرف عن هؤلاء , في مشهدهم البائس الكئيب ; ويدعهم يتلاومون ويتشاتمون . ويتجه بالخطاب إلى رسول الله [ ص ] يسليه عن هذا المصير البائس الذي انتهى إليه فريق من البشر ; ويعزيه عن إعراضهم عنه وكفرهم بما جاء به ; ويثبته على الحق الذي أوحى إليه ; وهو الحق الثابت المطرد من قديم , في رسالة كل رسول:
(أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين ? فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون . أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون . فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم . وإنه لذكر لك ولقومك , وسوف تسألون . واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا:أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ?). .
وهذا المعنى يتكرر في القرآن تسلية لرسول الله [ ص ] وبياناً لطبيعة الهدى والضلال , ورجعهما إلى مشيئة الله وتقديره وحده ; وإخراجهما من نطاق وظيفة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - ووضع حدود فاصلة بين مجال القدرة الإنسانية المحدودة في أعلى درجاتها عند مرتقى النبوة , ومجال القدرة الإلهية الطليقة ; وتثبيت معنى التوحيد في صورة من أدق صوره , وفي موضع من ألطف مواضعه:
(أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين). .
وهم ليسوا صماً ولا عمياً , ولكنهم كالصم والعمي في الضلال , وعدم الانتفاع بالدعاء إلى الهدى , والإشارة إلى دلائله . ووظيفة الرسول أن يُسمع من يَسمع , وأن يهدي من يبصر . فإذا هم عطلوا جوارحهم , وطمسوا منافذ قلوبهم وأرواحهم فما للرسول إلى هداهم من سبيل ; ولا عليه من ضلالهم , فقد قام بواجبه الذي يطيق .
والله يتولى الأمر بعد أداء الرسول لواجبه المحدود:
(فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون . أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون). .
والأمر لا يخرج عن هذين الحالين . فإذا ذهب الله بنبيه فسيتولى هو الانتقام من مكذبيه . وإذا قدر له الحياة حتى يتحقق ما أنذرهم به , فالله قادر على تحقيق النذير , وهم ليسوا له بمعجزين . ومرد الأمر إلى مشيئة الله وقدرته في الحالين , وهو صاحب الدعوة . وما الرسول إلا رسول .
(فاستمسك بالذي أوحي إليك . إنك على صراط مستقيم). .
واثبت على ما أنت فيه , وسر في طريقك لا تحفل ما كان منهم وما يكون . سر في طريقك مطمئن القلب . (إنك على صراط مستقيم). . لا يلتوي بك ولا ينحرف ولا يحيد .
وهذه العقيدة متصلة بحقيقة الكون الكبرى , متناسقة مع الناموس الكلي الذي يقوم عليه هذا الوجود . فهي
ا
مستقيمة معه لا تنفرج عنه ولا تنفصل . وهي مؤدية بصاحبها إلى خالق هذا الوجود , على استقامة تؤمن معها الرحلة في ذلك الطريق !
والله - سبحانه - يثبت رسوله [ ص ] بتوكيد هذه الحقيقة . وفيها تثبيت كذلك للدعاة من بعده , مهما لاقوا من عنت الشاردين عن الطريق !
(وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون). .
ونص هذه الآية هنا يحتمل أحد مدلولين:
أن هذا القرآن تذكير لك ولقومك تسألون عنه يوم القيامة , فلا حجة بعد التذكير .
أو أن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك . وهذا ما حدث فعلاً . .
فأما الرسول [ ص ] فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه , وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام . ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم , وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة . وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية . وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به . فلما أن تخلوا عنه أنكرتهم الأرض , واستصغرتهم الدنيا ; وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك , بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين !
وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه , واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة , إذا هي تخلت عن الأمانة: (وسوف تسألون). .
وهذا المدلول الأخير أوسع وأشمل . وأنا إليه أميل .
(واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا:أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ?). .
والتوحيد هو أساس دين الله الواحد منذ أقدم رسول . فعلام يرتكن هؤلاء الذين يجعلون من دون الرحمن آلهة يعبدون ?
والقرآن يقرر هذه الحقيقة هنا في هذه الصورة الفريدة . . صورة الرسول [ ص ] يسأل الرسل قبله عن هذه القضية: (أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ?)وحول هذا السؤال ظلال الجواب القاطع من كل رسول . وهي صورة طريفة حقاً . وهو أسلوب موح شديد التأثير في القلوب .
وهناك أبعاد الزمان والمكان بين الرسول [ ص ] والرسل قبله . وهناك أبعاد الموت والحياة وهي أكبر من أبعاد الزمان والمكان . . ولكن هذه الأبعاد كلها تتلاشى هنا أمام الحقيقة الثابتة المطردة . حقيقة وحدة الرسالة المرتكزة كلها على التوحيد . وهي كفيلة ان تبرز وتثبت حيث يتلاشى الزمان والمكان والموت والحياة وسائر الظواهر المتغيرة ; ويتلاقى عليها الأحياء والأموات على مدار الزمان متفاهمين متعارفين . . وهذه هي ظلال التعبير القرآني اللطيف العجيب . .
على أنه بالقياس إلى النبي [ ص ] وإخوانه من الرسل مع ربهم لا يبقى شيء بعيد وآخر قريب . فهناك دائماً تلك اللحظة اللدنية التي تزال فيها الحواجز وترتفع فيها السدود , وتتجلى الحقيقة الكلية عارية من كل ستار . حقيقة النفس وحقيقة الوجود كله وأهل هذا الوجود . تتجلى وحدة متصلة , وقد سقط عنهاحاجز الزمان وحاجز المكان وحاجز الشكل والصورة . وهنا يسأل الرسول [ ص ] ويجاب , بلا حاجز ولا حجاب . كما وقع في ليلة الإسراء والمعراج .
وإنه ليحسن في مثل هذه المواطن ألا نعتد كثيراً بالمألوف في حياتنا . فهذا المألوف ليس هو القانون الكلي . ونحن لا ندرك من هذا الوجود إلا بعض ظواهره وبعض آثاره , حين نهتدي إلى طرف من قانونه . وهناك حجب من تكويننا ذاته ومن حواسنا وما نرتبه عليها من مألوفات . فأما اللحظة التي تتجرد فيها النفس من هذه العوائق والحجب فيكون لقاء الحقيقة المجردة للإنسان بالحقيقة المجردة لأي شيء آخر أمراً أيسر من لمس الأجسام للأجسام !
وفي سياق تسلية الرسول [ ص ] عما يعترض به المعترضون من كبراء قومه على اختياره ; واعتزازهم بالقيم الباطلة لعرض هذه الحياة الدنيا . تجيء حلقة من قصة موسى - عليه السلام - مع فرعون وملئه , يذكر فيها اعتزاز فرعون بمثل ما يعتز به من يقولون: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم)! وتباهيه بما له من ملك ومن سلطان , وتساؤله في فخر وخيلاء: (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي ? أفلا تبصرون ?). . وانتفاخه على موسى - عبدالله ورسوله - وهو مجرد من الجاه الأرضي والعرض الدنيوي:(أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ?). . واقتراحه الذي يشبه ما يقترحون:(فلولا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين). .
وكأنما هي نسخة تكرر , أو اسطوانة تعاد !
ثم يبين كيف استجابت لفرعون الجماهير المستخفة المخدوعة ; على الرغم من الخوارق التي عرضها عليهم موسى - عليه السلام - وعلى الرغم مما أصابهم من ابتلاءات , واستغاثتهم بموسى ليدعو ربه فيكشف عنهم البلاء .
ثم كيف كانت العاقبة بعدما ألزمهم الله الحجة بالتبليغ:(فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين , فجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين). .
وها هم أولاء الآخرون لا يعتبرون ولا يتذكرون !
ومن خلال هذه الحلقة تتجلى وحدة الرسالة , ووحدة المنهج , ووحدة الطريق . كما تتبدى طبيعة الكبراء والطغاة في استقبال دعوة الحق , واعتزازهم بالتافه الزهيد من عرض هذه الأرض ; وطبيعة الجماهير التي يستخفها الكبراء والطغاة على مدار القرون !
الدرس الرابع:46 - 56 سخرية فرعون بموسى واستخفافه لقومه لفسقهم وهلاكهم
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه , فقال:إني رسول رب العالمين . فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون). .
هنا يعرض حلقة اللقاء الأول بين موسى وفرعون , في إشارة مقتضبة تمهيداً لاستعراض النقطة الرئيسية المقصودة من القصة في هذا الموضع - وهي تشابه اعتراضات فرعون وقيمه مع اعتراضات مشركي العرب وقيمهم - ويلخص حقيقة رسالة موسى: (فقال:إني رسول رب العالمين). . وهي ذات الحقيقة التي جاء بها كل رسول:أنه(رسول)وأن الذي أرسله هو (رب العالمين). .
ويشير كذلك إشارة سريعة إلى الآيات التي عرضها موسى , وينهي هذه الإشارة بطريقة استقبال القوم لها: (إذا هم منها يضحكون). . شأن الجهال المتعالين !

الشنفره
2008-05-09, 04:06 PM
جــــــزاااكــــ
الله الف خير
مشاء الله عليك

قمة ثمر
2008-05-11, 05:56 AM
شكرا لك يا الشنفرة على الرد المميز الله يحفظك و يرعاك

Mukalla
2008-05-21, 04:59 PM
مشكووور أخي (قمة ثمر) على هذا الموضوع الرائع
اللهم اجعل لساننا رطبا بذكر
(الا بذكر الله تطمئن القلوب)اية

قمة ثمر
2008-05-21, 09:05 PM
شكرا لك يا مكلا على الرد المميز والمرور المتواصل على مواضيعي الله يحفظك و يرعاك