المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خصائص أهل السنة والجماعة وعقيدتهم


@نسل الهلالي@
2010-08-11, 12:57 AM
خصائص أهل السنة والجماعة وعقيدتهم
واعلم انه ليس كل من وقف بين طائفتين أومقالتين فهو على الوسطية ،فقد يكون من كان كذلك مذموماً ، كالمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم : (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء )إنما لابد أن يكون على حق بين باطلين ، وهدى بين ضلالتين ، وأن يكون كالوادي الموطوء السهل بين الجبلين الوعرين .
ونحن نرى في زماننا فرقا ضالة كالرافضة وغلاة الصوفية الخرافية ـ بل الماسونية والعلمانية وأهل الفجورـ يزعمون أنهم على الوسطية ، وأصبح كثير من الناس يدّعون الوسطية ، مع أنهم في أقصى اليمين أو الشمال .
والدعاوى إن لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء ؛فالسنة المحضة هي الإسلام المحض، وهي الوسطية ، قال شيخ الإسلام : " ....صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشَّوْب هم أهل السنة والجماعة " ا هـ (3/ 159)من المجموع ،
وقال رحمه الله :"وهذا الصراط المستقيم هو دين الإسلام المحض، وهو ما في كتاب الله تعالى ،وهو السنة والجماعة ؛فإن السنة المحضة هي دين الإسلام المحض..." وذكر حديث الافتراق والفرقة الناجية ،وهي الجماعة ، ثم قال: "وهذه الفرقة الناجية أهل السنة ،وهم وسط في النِّحَل ، كما أن ملة الإسلام وسط في الملل " ا هـ (3/369)المجموع .
إن منهج أهل السنة تميزعن الفرق الأخرى بخصائص ،فكان من ثمرتها على أهل السنة سلوك مسلك الوسطية ، فمن هذه الخصائص :
1ـ سلامة مصدر التلقِّي : للكِتاب والسنة والإجماع ،قال شيخ الإسلام "ويزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة وظاهرة مما له تعلّق بالدين " ا هـ مجموع الفتاوى (3/157).
وقال شيخ الإسلام :"وكذلك في سائر أبواب السنة هم وسط ؛لأنهم متمسكون بكتاب الله ،وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان " ا هـ (3/375)المجموع .
وقال في وصْف الفرق المخالفة للسنة :"وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع ،فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة " ا هـ (3/245) من" مجموع الفتاوى" .
2ـ التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، كما قال الطحاوي :" ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام " وذلك لأن العقول لاتدرك الغيب ، ولا تستقل بمعرفة الشرائع على سبيل التفصيل ؛لعجزها وقصورها ،أما الآخرون فيحكِّمون آراءهم وعقولهم وأهواءهم على النصوص ، ومنشأ فساد الأمم والأديان إنما هو تقديم العقل على النقل ، والرأي على الوحي ، والهوى على الهدى .
3ـ موافقة منهجهم للفطرة السليمة ،فالنقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح ، وأماغيره من منهاج فهو مجموع أوهام وتخرُّصات ، تُعمي الفطر,وتُبلِّد العقول .
4ـ اتصال سند هذا المنهج بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والصحابة و التابعين، وأئمة الدين ، فالخلف أتباع للسلف ، والعبرة بالأمر العتيق ، ومالم يكن بالأمس ديناً ، فليس اليوم بدين .
5ـ الوضوح والسهولة والبيان قال تعالى :(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكِر ) فلا تعقيد في هذا المنهج ولا غموض ،ولا التواء ، انظر قوله تعالى : (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) وقوله تعالى : (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) وقوله تعالى :(أفمن يخلق كمن لايخلق ) وقوله تعالى: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون).
6ـ السلامة من الاضطراب والتناقض واللبس كما قال الله عز و جل : (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)أما العقائد الأخرى فلا تَسَلْ عما فيها من الاضطراب والتناقض واللبس : فالرافضة يقولون : "إن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون ، ولا يخفى عليهم الشيء، ويعلمون متى يموتون ،ولا يموتون إلا بإذنهم " ومع ذلك ينقلون عنهم أنهم أخذوا بالتقية ، وأن إمامهم الثاني عشر في الشعب مختفٍ حتى الآن من أعدائه !! فإذا كان لا يموت إلا بإذنه ، فلماذا يختفي ؟! ويدّعون أن أئمتهم لهم هيمنة على جميع ذرات الكون، فماذا أبقوا لله عز و جل ؟ ثم لماذا تسلط عليهم غيرهم ، وأخذوا الملك منهم ؟! وأكثر دين الرافضة قائم على الجهالات والتناقضات ، وحدِّث ولا حرج عما عند غلاة الصوفية من تناقضات قبيحة، حتى بلغ ببعضهم القول بالحلول والاتحاد.
وكذا الجهمية الذين يعبدون عدما ،والمرجئة الذين جعلوا إيمان أفسق الناس كإيمان الملائكة والرسل!!وكذا القدرية الذين نفوا القدر، ومقابلهم الذين احتجوا بالقدر على المعايب والذنوب .
وإذا نظرت إلى تناقضات اليهود والنصارى فبحر لاساحل له.
والشيوعية أنكروا الله عز وجل وجميع الأديان ، ولما سُلِّط عليهم هتلر أمر "استالين " بفتح المعابد والتضرع إلى الله تعالى ، فالقوم متناقضون غير ثابتين على كلامهم، قال تعالى: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم).
ولذا فعقيدة أهل السنة قد تأتي بالمُحَار لا بالمُحَال والتناقض: كما في عذاب القبر ونعيمه والمغيبات ، فهي أشياء تحار في كيفيتها العقول، ولذا أمرنا بالتسليم ،وليست هذه الأمور محالة عند العقل الصحيح الصافي من الشهوات والشبهات ، أما اليهود فيزعمون أنهم شعب الله المختار، وأن الله خَلَق الشعوب الأخرى حميراً يمتطيها اليهود ،فكيف ينسبون إلى أحكم الحاكمين التحيز لشعب دون بقية الشعوب ؟! والنصارى يقولون باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد ـ فكيف يكون الثلاثة واحداً؟!
وصدق من قال:
جعلوا الثلاثة واحداً ولو اهتدوْا لم يجعلوا العدد الكثير قليلا!!
"ولذا قالت طائفة من العلماء: إن عامة مقالات الناس يمكن تصورها إلا مقالة النصارى ، وذلك أن الذين وضعوها لم يتصوروا ما قالوا ، بل تكلموا بجهل ، وجمعوا في كلامهم بين النقيضين ، ولهذا قال بعضهم : لواجتمع عشرة نصارى لتفرقوا عن أحد عشر قولا ، وقال آخر : لو سألت بعض النصارى وامرأته وابنه عن توحيدهم ؛لقال الرجل قولا ، وامرأته قولا آخر ، وابنه قولا ثالثا " انظر" الجواب الصحيح" (2/155)وهداية الحيارى ( ص321).
والرافضة يرون نقص وتحريف القرآن الذي بين أيدينا ، وأن القرآن الصحيح مع الغائب المنتظر في السرداب الذي سيخرج في آخر الزمان ، فما الفائدة من قرآن سيظهر بعد موت معظم الأمة ؟! وأما النصيرية فلهم القِدْح المعلى من هذه الترهات ، فسائر فرقهم يعبدون عليا ، ومع ذلك يعظمون قاتله عبدالرحمن بن ملجم ،بزعم أنه خلّص اللاهوت من الناسوت !!
وقبلة البهائين حيث يوجد زعيمهم البهاء المازندراني ، وتتقلب بتنقله ،فكيف يتأتى لهم العلم بتنقل زعيمهم قبل الهواتف والأجهزة الموجودة في هذه الأيام ؟ بل مع هذه الأجهزة كيف يتأتى لهم في بقاع الأرض العلم بذلك على وجه الدقة؟
أما منهج أهل السنة فليس فيه تناقض ولا اضطراب ، وما من إشكال أورده أهل البدع على أهل السنة إلا أجاب عليه علماء السنة بما يوافق العقل والنقل ، ولو نظرة فيما عند أصحاب هذه الإشكالات لرأيت ما هو أطم وأعظم ، وصدق الله القائل : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا).
7ـ العموم والشمول والصلاحية لكل زمان ومكان ، ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم آخر الرسل ، وشريعته آخر الشرائع ، والناس جميعا مخاطبون بها قال تعالى:( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) وقال تعالى :( لأنذركم به ومن بلغ )فلا بد أن تكون شريعته صالحة لكل زمان ومكان ، ولذلك وجدت قواعد عند علماء السنة تحكم كل جزئية مستحدثة بحكم من أحكام الشرع ، وتلحق الجزئيات بالكليات ، والفروع بالأصول ، وترد الأشباه والنظائر إلى بعضها ، فتجمع بين المتماثلين ، وتفرق بين المختلفين ، كالقياس ، والأصل في الأشياء الإباحة ، والعمل بالعرف والمصالح المرسلة مالم يخالف ذلك نصا... الخ .
8ـ الثبات والاستقرار أمام الضربات المتوالية ، مما جعل المتمسكين بها أهل قوة في حجتهم ، أو تمكين وظهور على غيرهم ، ولا يمكن أن يزيلهم عدوهم بالكلية :
فما أن يظن أعداؤها أن عظامها قد وهن ، وأن جذوتها خبتْ ،حتى تعود جذعة ناصعة نقية ، فهي ثابتة على مر التاريخ ، لم تفت في عضدها تحريفات الغالين وتأويلات الجاهلين (إنا نحن نزلنا الذِّكر وإنا له لحافظون) فلم يحرف متأخرو أهل السنة ما كان عليه سلفهم ، كما هو الحال في الفرق الأخرى ، ومهما ملأت دعوة غير دعوة السنة الدنيا ضجيجا وصراخا، وبلغت أوج مجدها إلا وانفرط عقدها، وهدم نظامها على أيدي أتباعها ، كما حصل للشيوعية .
أما أهل السنة فلا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة ، وذلك لسلامة إيمانهم ، قال تعالى :(الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ..." الحديث (م )فمتى أخذت الأمة بهذه العقيدة ؟ظهرت على عدوها ،وإلا تصدّع كيانها ، وتفرقت كلمتها ، وتسلط عليها عدوها . ثم إن الأمة الزائغة عن عقيدتها الصحيحة ، المنحرفة عن منهاج دينها القويم ؛ لاتلبث أن تهبط من عليائها ، وتنزل من شامخ عزها ، وتشرف على حضيض التلاشي والفناء ،فتلقى صَغاراً بعد شمم ، وخمولاً بعد نباهة , وذلاًّ بعد عزة ، وحطة بعد رفعة ،وجهلاً بعد علم ، وتقاطعاً بعد ائتلاف ، فما الذي أضاع الأندلس ،وأغرى النصارى باحتلالها وإذلال أهلها ؟ وما الذي سلّط التتار حتى شنوا غارتهم الشعواء على حاضرة الإسلام فذهب ضحيتها قرابة المليونين ، وتقوّض بسببها صَرْح الخلافة الإسلامية ؟ وما الذي سلط الأعداء على المسلمين في هذا الزمان إلا زيغ العقيدة ،وانتشار الأهواء وإعجاب كل ذي رأي برأيه ؟!
ومع هذا ، فلا يزال في الأرض من ينادي بقوة بهذه العقيدة المباركة، والسلسلة متصلة حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك .
10ـ تدعو إلى الألفة والاجتماع .
11ـ التميز والمفارقة للباطل.
12ـ سلامة القصد والعمل .
13ـ التأثير على السلوك والأخلاق والمعاملة ، فليست عقيدة مفرغة ، بل لا بد فيها من العمل وفق ما جاءت به الشريعة ، العلم يهتف بالعمل، إن أجابه وإلا ارتحل.
14ـ ربط خلف الأمة بسلفها .
15ـ عبادة الله بأسمائه وصفاته جلا وعلا .
16ـ لاتنافي العلوم الدنيوية النافعة .
17ـ تقدِّّر مكانة العقل ،وتحدِّد مجاله .
18ـ تعترف بالعواطف والشهوات الإنسانية ، وتوجهها وجهة صحيحة .ا هـ ملخصاً من كتاب عقيدة أهل السنة والجماعة لمحمد بن إبراهيم الحمد.
19ـ لا معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
20ـ الإجماع حجة شرعية .
21ـ عدم إحداث قول لم يقل به العلماء المتقدمون ،قال شيخ الإسلام في قوله تعالى : (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان...)الآية ،قال:"فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم ..... ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيراً وانفع من أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله... فإنهم أفضل ممن بعدهم ، كما دل عليه الكتاب والسنة ، فا لإقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم ، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم خير وانفع من معرفة ما يُذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم ، وذلك أن إجماعهم لايكون إلا معصوماً، وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم، فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم ،ولا يُحْكم بخطأ قول من أقوالهم حتى يُعرف دلالة الكتاب والسنة على خلافه ،....لأن كثيراً من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام ، مسبوق بإجماع السلف على خلافه ، والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا .... وأيضاً فلم يبق مسألة في الدين إلا وقد تكلم فيها السلف ، فلابد أن يكون لهم قول يخالف ذلك القول أو يوافقه . ا هـ (13/23ـ27).
22ـ التمسك بالجماعة والجمل الثابتة ونبذ الفرقة وما يوصِّل إليها .
قال شيخ الإسلام :"فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وسنة الخلفاء الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، وما تنازعت فيه الأمة وتفرقت فيه : إن أمكنه أن يفصل النزاع بالعلم والعدل ؛ وإلا استمسك بالجمل الثابتة بالنص والإجماع ،وأعرض عن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا ، فإن مواضع التفرقة والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى... والواجب أمْرُ العامة بالجمل الثابتة بالنص والإجماع ، ومنعهم من الخوض في التفصيل الذي يوقع بينهم الفرقة والاختلاف ،فإن الفرقة والاختلاف من أعظم ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم "ا هـ (12 /237).
وقال :"ومن جمع الخصال الثلاث التي هي جماع الصلاح ,وهي: الإيمان بالخلق والبعث,أي بالمبدأ والمعاد،الإيمان بالله واليوم الآخر ،والعمل الصالح :وهو أداء المأمور به ,وترك المنهي عنه ،فإن له حصول الثواب وهو أجره عند ربه ، واندفاع العقاب ، فلا خوف عليه مما أمامه ، ولا يحزن على ما وراءه " ا هـ (12/469).
26ـ التفرقة بين العاجز والقادر فيما يجب عليهما من معرفة العلم ." وانظر مجموع الفتاوى (3/312ـ314)".
23ـ كما أن ملة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم هي الامتداد الصحيح لملل الأنبياء عليهم السلام ؛ فعقيدة أهل السنة هي الامتداد الصحيح لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه .
قال شيخ الإسلام في معرض كلامه على حديث الافتراق وأهل البدع : " وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع ،فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة " ا هـ (3/245) المجموع .
24 أهل السنة لا يأخذون إلا ما كان ثابتاً عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والسلف الصالح.
25ـ ولذا كان أهل السنة أعلم الناس بأحوال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأقواله وأفعاله : قال شيخ الإسلام : " إن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية : أهل السنة والحديث ، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها ، وأئمتهم فقهاء فيها ، وأهل معرفة ٍ بمعانيها ، وإتباعا لها تصديقا وعملا وحبا ، وموالاة لمن والاها ، ومعاداة لمن عاداها ، الذين (يردُّون ) المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة " ا هـ (3/ 247) المجموع .
26ـ أهل السنة لايفرق جماعتهم الاختلافُ في اجتهاداتهم : قال شيخ الإسلام :"... وقد كره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المجادلات ما يُفضي إلى الاختلاف والتفرق فوصف الفرقة الناجية بأنهم المستمسكون بسنته ،وأنهم هم الجماعة... وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله : ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومنا صحة ، وربما اختلف قولهم في المسالة العلمية والعملية مع بقاء الأُلفة والعصمة وأخوَّة الدين ... وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط ، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا ؛لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أُخُوة " ا هـ (24 / 170) المجموع .,وقال أيضاً : " وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية والمسائل العملية ،وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد احد منهم على أحد لابكفر ، ولا بفسق ، ولا معصية " ا هـ (3/ 229).
وقال أيضاً: " وأبو حنيفة وأصحابه لايُجَوِّزون الاستثناء في الإيمان بكون الأعمال منه، ويذمون المرجئة، والمرجئة عندهم الذين لايوجبون الفرائض ولا اجتناب المحارم ، بل يكتفون بالإيمان ، فتبين أن النزاع في المسألة قديكون لفظيا ، والمقصود هنا أن النزاع في هذا كان بين أهل العلم والدين من جنس المنازعة في كثير من الأحكام ، وكلهم من أهل الإيمان والقرآن " ا هـ (13/41ـ47).
27ـ وهم خير الناس للناس : تعليما ،وهداية ،وإحسانا إليهم بلا عوض ، كما قال أحمد في خطبته: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم ،يدعون من ضلّ إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ،يُحيُون بكتاب الله الموتى ، ويَبصِّرون بنور الله أهل العمى ، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من ضالٍّ تائه قد هدوه ، فما أحسن أثرهم على الناس ، وأقبح اثر الناس عليهم ...." والله سبحانه وتعالى يحب معالي الأخلاق ،ويكره سفسافها ، وهو يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات ، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات ، وقد قيل أيضاً :وقد يُحب الشجاعة ولو على قتْل الحيات ، ويحب السماحة ولو بكف من تمرات " ا هــ من مجمع الفتاوى (16/313ـ317) .
28ـ وهم أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع الحفاظ على الجماعة : قال شيخ الإسلام :" من الأمر بالمعروف :الأمر بالائتلاف والاجتماع ، والنهي عن الاختلاف والفرقة "ا هـ (3/421). ونصح ولاة الأمر ،مع الحفاظ على الجماعة ،والطاعة لهم في المعروف ، قال شيخ الإسلام :" وهي متوسطة بين طريقة الحرورية وأمثالهم ممن يسلك مسلك الورع الفاسد الناشئ عن قلة العلم ، وبين طريقة المرجئة وأمثالهم ممن يسلك مسلك طاعة الأمراء مطلقا و إن لم يكونوا أبرارا " ا هـ المجموع (28/508).
29ـ ربط الولاء بالحق وحده ، وبالجمل الثابتة لا المسائل الاجتهادية :
قال شيخ الإسلام :"وليس لأحد أن يعلِّق الحمد والذم والحب والبغض والموالاة والمعاداة ، والصلاة واللعن بغير الأسماء التي علق الله بها ذلك :مثل أسماء القبائل والمدائن ، والمذاهب ،والطرائق المضافة إلى الأئمة والمشايخ ، ونحو ذلك مما يراد به التعريف ... فمن كان مؤمنا وجبت موالاته من أي صنف كان ، ومن كان كافراً وجبت معاداته من أي صنف كان ... ومن كان فيه إيمان وفيه فجور أُعطي من الولاء بحسب إيمانه ، ومن البغض بحسب فجوره ، ولا يخرج من الإيمان بالكلية بمجرد الذنوب والمعاصي ، كما يقول الخوارج والمعتزلة ، ولايُجعل الأنبياء والصد يقون والشهداء والصالحون بمنزلة الفساق في الإيمان والدين والحب والبغض والموالاة والمعاداة " ا هـ (28/ 227ـ229).
وقال رحمه الله :" الواجب أن يكون المسلمون يدا واحدة ، فكيف إذا بلغ الأمر ببعض الناس إلى أن يضلل غيره ويكفره ، وقد يكون الصواب معه ، وهو الموافق للكتاب والسنة ، ولو كان أخوه المسلم قد أخطأ في شيء من أمور الدين ؛فليس كل من أخطأ يكون كافرا ولا فاسقا ، بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان " ا هـ (3/420).
وقال شيخ الإسلام في (16/ 96) ـ في معرض ذمِّه لظلم بعض من تأثر ببدعة لمن هو مثله أو أشد: "ومن لم يعْدل في خصومه ومنازعيه ، ويعذرهم بالخطأ في الاجتهاد ، بل ابتدع بدعة، وعادى من خالفه فيها أو كفَّره ، فإنه هو (ظالم لنفسه ) " ا هـ.
وقال في (19/73ـ74) :"فهذا أصْل البدع التي ثبت بنص سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإجماع السلف أنها بدعة ، وهو : جَعْل العفو سيئة ، وجعْل السيئة كُفْرا ، فينبغي للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين ، وما يتولّد عنهما من بُغْض المسلمين ، وذمِّهم ، ولعنهم ، واستحلال دمائهم وأموالهم " ا هـ وفي (11/15) قال :" ....ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ًممقوتاً ؛فهو مخطئ ضال ، مبتدع "ا هـ
وقال في رسالته إلى أهل البحرين (16/485ـ506) :" والذي أَوْجَب هذا :أن وفدكم حدثونا بأشياء من الفرقة والاختلاف بينكم ، حتى ذكروا أن الأمر آل إلى قريب المقاتلة ، وذكروا أن سبب ذلك الاختلاف في رؤية الكفار ربهم ، وماكنا نظن أن الأمر يبلغ بهذه المسألة إلى هذا الحد ، فالأمر في ذلك خفيف ،وإنما المهم الذي يجب على المسلم اعتقاده أن المؤمنين يرون ربهم في الدار الآخرة في عرصة القيامة ، وبعدما يدخلون الجنة ، على ما تواترت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند العلماء بالحديث ...."إلى أن قال :" فأما مسألة رؤية الكفار :فأول ما انتشر الكلام فيها ، وتنازع الناس فيها ـ فيما بلغنا ـ بعد ثلاثمائة سنة من الهجرة ، وأمسك عن الكلام في هذا قوم من العلماء ، وتكلم فيها آخرون فاختلفوا فيها على ثلاثة أقوال ، مع أني ،ما أعلم أن أولئك المختلفين فيها تلاعنوا ولاتها جروا فيها ، إذْ في الفرق الثلاث قوم فيهم فضل ، وهم أصحاب سنة .
والكلام فيها قريب من الكلام في مسألة محاسبة الكفار ،هل يحاسبون أم لا؟هي مسألة لا يُكفَّر فيها باتفاق والصحيح أيضاً :أن لا يُضَيَّق فيها ولا يُهجر..." ثم ذكر الأقوال الثلاثة في مسالة رؤية الكفار ربهم ،إلى أن قال :"فبالجملة فليس مقصودي بهذه الرسالة : الكلام المستوفى لهذه المسألة ، فإن العلم كثير ، وإنما الغرض بيان أن هذه المسألة ليست من المهمات التي ينبغي كثرة الكلام فيها ،وإيقاع ذلك إلى العامة والخاصة حتى يبقى شعاراً، ويوجب تفريق القلوب ، وتشتت الأهواء ، وليست هذه المسألة فيما علمتُ مما يوجب المهاجرة والمقاطعة ؛فإن الذين تكلموا فيها قبلنا عامتهم أهل سنة وأتباع ، وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا كما اختلف الصحابة رضي الله عنهم والناسُ بعدهم في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في الدنيا ، وقالوا فيها كلمات غليظة كقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ: من زعم أن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية ، ومع هذا فما أوجب هذا النزاع تهاجراً ولا تقاطعا، وكذلك ناظر الإمام أحمد أقواماً من أهل السنة في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة حتى آلتْ المناظرة إلى ارتفاع الأصوات ، وكان أحمد وغيره يرون الشهادة ، ولم يهجروا من امتنع من الشهادة ،إلى مسائل نظير هذه كثيرة والمختلفون في هذه المسألة أعذر من غيرهم ....وقال ما ملخصه :وهنا آداب تجب مراعاتها :
1) من سكت عن الكلام في هذه المسألة ولم يدع إليها فإنه لايحل هجره ، وإن كان يعتقد أحد الطرفين ،فإن البدع التي هي أعظم منها لايُهجر فيها إلا الداعية دون الساكت ،فهذه أولى.
2) لا ينبغي جعْل هذه المسألة شعاراً أو محنة فإن هذا مما يكرهه الله ورسوله .
3) لايفاتح العامة في هذه المسألة ، ويتركون في عافية وسلام عن الفتن.
4) ترك الإطلاق والتعميم في القول في موضع التخصيص .
5) لايخرجن أحد عن الألفاظ المأثورة.
6) إذا اشتبه الأمر :هل هذا القول مما يعاقب عليه أم لا؟ فتترك العقوبة لحديث :" ادرءوا الحدود بالشبهات ...." ولاسيما إذا آل الأمر إلى شر طويل وافتراق أهل السنة والجماعة فإن الفساد الناشئ في هذه الفرقة أضعاف الشر الناشئ من خطأ نفر قليل في مسألة فرعية.
7) إذا اشتبه الأمر على الإنسان ؛فليدع بدعاء :" اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض ،عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ؛اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " أخرجه مسلم .
30ـ أهل السنة لا يمتحنون الناس بما لم يأمر به الله ولا رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانظر المجموع (3/414) وقال أيضا :"فكيف يجوز مع هذا لأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي أخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله تعالى وقد برّأ الله نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممن كان هكذا ، فهذا فعل أهل البدع كالخوارج الذين فارقوا المسلمين واستحلوا دماء من خالفهم وأما أهل السنة والجماعة فهم معتصمون بحبل الله ؛وأقل ما في ذلك أن يفضل الرجل من يوافقه على هواه وإن كان غيره أتقى لله منه ... وكيف يجوز التفريق بين الأمة بأسماء مبتدعة لاأصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟وهذا التفريق الذي حصل من الأمة :علمائها ومشايخها وأمرائها وكبرائها هو الذي أوجب تسلطا الأعداء عليها ، وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله ، فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به ؛وقعت بينهم العداوة والبغضاء ، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا،وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا ،فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب " ا هـ (3/419ـ421)
31ـ ( لا يعصِّمون ولا يؤثِّمون ) .
32ـ أهل السنة يعملون على تأليف القلوب واجتماع الكلمة ، وأئمتهم يتجاوزون عمن أساء إليهم، مع دعوته للصواب،والدعاء بالهداية والرشاد والمغفرة ؛قال شيخ الإسلام :"تعلمون أن من القواعد العظيمة التي هي من جماع الدين تأليف القلوب واجتماع الكلمة ، وصلاح ذات البين ، فإن الله تعالى يقول: (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم )أو أمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف ، وتنهى عن الفرقة والاختلاف ، وأهل هذا الأصل :هم أهل الجماعة ،كما أن الخارجين عنهم أهل الفرقة،وجماع السنة: طاعة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وإني لاأحب أن يؤذَى أحد من عموم المسلمين ـ فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلا ،لاباطنا ولا ظاهرا ، ولا عندي عتب على أحد منهم ولا لوم أصلا ، بل لهم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم أضعاف أضعاف ماكان ، كل بحسبه ، ولا يخلو الرجل : إما أن يكون مجتهدا مصيبا ، أو مخطئا مذنبا ، فالأول : مأجور مشكور ، والثاني مع أجره على الاجتهاد : فمعفوٌّ عنه مغفور له ، والثالث : فالله يغفر لنا وله ولسائر المؤمنين .... وتعلمون أنا جميعا متعاونون على البر والتقوى، وواجب علينا نصر بعضنا البعض أعظم مما كان وأشد ، وأنا أحب الخير لكل المسلمين ، وأريد لكل مؤمن من الخير ما أحبه لنفسي ... وأهل القصد الصالح يُشكرون على قصدهم ، وأهل العمل الصالح يُشكرون على عملهم ، وأهل السيئات نسأل الله أن يتوب عليهم " ا هـ (28/50ـ57).وهذه البقية مستفادة من " معالم الانطلاقة الكبرى " إلا النادر.
33ـ ويرون أن المؤمن يُحَبُّ ويُبْغَض ويُمْدَحُ ويُذَمَّ على حسب ما فيه من خير وشر ، وسنة وبدعة ، ويرون تبعض الولاء والبراء،وأهل البدع أبْعَدُ عن الاتباع في الولاء والبراء ، "انظر مجموع الفتاوى " (4/486) (11/15)(8/365)(3/227) والمنهاج (4/544ـ570).
34ـ ليس كل مخالف يخرج من دائرة السنة عندهم ،فقد يقع السني في بعض البدع والجهل والظلم ،قال شيخ الإسلام في سياق الدفاع عن أهل السنة ، وتفنيد شبهات أهل البدع في ذم أهل السنة بقلة الفهم ، والاحتجاج بالموضوعات والمنكر من الحكايات ، بعد أن سلَّم بوجود شئ من ذلك عند بعض أهل السنة ـ لا كلهم ـ فقال : "ولا ريب أن هذا موجود في بعضهم ، يحتجون بأحاديث موضوعة في مسائل الأصول والفروع ، وبآثار مفتعلة ، وحكايات غير صحيحة ، ويذكرون من القرآن والحديث ما لايفهمون معناه ، وربما تأولوه على غير تأويله ، ووضعوه على غير موضعه .
ثم إنهم بهذا المنقول الضعيف ، والمعقول السخيف ، قد يكفِّرون ويُضلِّلون ويبدِّعون أقواماً من أعيان الأمة ويُجهِّلونهم ،ففي بعضهم من التفريط في الحق ، والتعدِّي على الخْلق ، ما قد يكون بعضه خطأ مغفوراً،وقد يكون منكراً من القول وزوراً، وقد يكون من البدع والضلالات التي توجب غليظ العقوبات ، فهذا ـ أي وجود ذلك عند بعض أهل السنة ـ لاينكره إلا جاهل أوظالم ، وقد رأيت ُ من هذا عجائب .
لكن هم بالنسبة إلى غيرهم في ذلك كالمسلمين بالنسبة إلى بقية الملل ، ولاريب أن في كثير من المسلمين من الظلم ، والجهل ،والبدع ،والفجور مالا يعلمه إلا من أحاط بكل شيء علما، لكن كل شر يكون في بعض المسلمين فهو في غيرهم أكثر ،وكل خير يكون في غيرهم فهو منهم أعلى وأعظم ، وهكذا أهل الحديث بالنسبة إلى غيرهم ..."ا هـ (4/23ـ25) مجموع الفتاوى .
وقال في (19/191) :" وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفَعَلوا ما هو بدعة ولم يعلموا أنه بدعة ، إما لأحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة ،وإما لآيات فهموا منها ما لم يُرَدْ منها ، وإما لرأْي رأوه ، وفي المسألة نصوص لم تبلغهم " ا هـ .
وفي (16 /432) قال:" لكن ينبغي أن تُعْرف الأدلة الشرعية إسناداً ومتنا،فالقرآن معلوم ثبوت ألفاظه ، فينبغي أن يُعْرف وجوه دلالته ،والسنة ينبغي معرفة ما ثبت منها وما عُلم انه كذبٌ ؛فإن طائفة ممن انتسب إلى السنة ،وعظَّم السنة والشرع ، وظنوا أنهم اعتصموا في هذا الباب بالكتاب والسنة ؛ جمعوا أحاديث وردتْ في الصفات ، منها ما هو كذبٌ معلوم أنه كذبٌ ،ومنها ما هو إلى الكذب أقرب ، ومنها ما هو إلى الصحة أقرب ومنها متردِّد ،وجعلوا تلك الأحاديث عقائد، وصنفوا مصنفات ، ومنهم من يكفِّر من يخالف ما دلتْ عليه تلك الأحاديث " ا هـ وقال في "منهاج السنة " (5/241):" فإن كثيراً من المنتسبين إلى السنة فيهم بدعة ، من جنس بدع الرافضة والخوارج " ا هـ وانظر "الاستقامة " (1/13ـ،49)
35ـ تفاوت مراتب البدع ، فمنها ما يخرج من السنة ، ومنها ما دون ذلك ، كما في كلام الشاطبي في "الاعتصام " وتقسيمه البدعة إلى كلية وجزئية ،وأن الجزئية لا تُخرج من السنة إلا إذا كثرت حتى تقوم مقام البدعة الكلية ، القائمة على أصل مخالف للكتاب والسنة ،وكذا تفاوت مراتب الكفر والفسوق والعصيان والنفاق والذنوب ، فهذا الفهم والتقسيم ساعدهم على وضع الشيء في موضعه.
36- التفرقة بين العموم والمعين ، والقول والقائل ، ومراعاة ضوابط تنزيل الحكم العام على الأعيان : قال شيخ الإسلام في (3/229ـ230) من المجموع " هذا مع أني دائما ـ ومن جالسني يعلم ذ لك مني ـ أنِّي من أعظم الناس نهياً عن أن يُنْسَبَ معيَّنٌ إلى تكفير، وتفسيق ،ومعصية إلا إذا عُلم أنه قد قامتْ عليه الحجة الرسالية ، التي من خالفها كان كافراً تارة ،وفاسقاً أخرى ،وعاصياً أخرى ، وإني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية ، والمسائل العملية ، ومازال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ، ولم يشهد أحدٌ منهم على أحدٍ :لابكفر ، ولا بفسق ، ولا بمعصية ...إلى أن قال :" وكنتُ أبيِّن لهم أن ما نُقِل لهم عن السلف والأئمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا ؛فهو أيضاً حق ،لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين ، ..." ا هـ وانظر المجموع (28/ 500ـ501).
وقال في (24/172):"وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر ؛اتبعوا أمر الله تعالى في قوله : (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ) وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشورة ومناصحة ، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الأُلفة والعصمة وأُخُوَّة الدين ، نعم من خالف الكتاب المستبين،والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة ،خلافاً لا يُعْذَر فيه ؛فهذا يُعامل بما يُعامل به أهل البدع " ا هـ .
37- النظر والموازنة بين خير الخيريْن وشر الشريْن ،فيعمل الأول، ويُترك الثاني ,ومراعاة المصالح والمفاسد ، والحال والمآل .
هذه مسالة مشهورة عند أهل العلم ، وقد قال شيخ الإسلام في (20/ 54 ) مبينا أن العقل يشهد لذلك أيضا ، وقال :" كما يقال : ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر ، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين ، ويُنْشَد :
إن اللبيب إذا بدَى من جسمه مرضان مختلفان داوى الأخطرا.
وهذا ثابت في سائر الأمور .... ولهذا استقر في عقول الناس أنه عند الجدب يكون نزول المطر لهم رحمة ، وإن كان يتقوّى بما يُنبته أقوام على ظلمهم ، لكن عدمه أشد ضرراً عليهم ، ويرجحون وجود السلطان مع ظلمة على عدم السلطان ، كما قال بعض العقلاء :ستون سنة من سلطان ظالم خير من ليلة واحدة بلا سلطان ..." ا هـ .
38ـ قبولُ الحق من كل أحد ، وردُّ الباطل على كل أحد ، لأن الحق همهم وبغيتهم ، فينظرون إلى القول لا إلى القائل.
39- أهل السنة يذكرون مالهم وما عليهم ، وأهل البدعة يذكرون مالهم ،ويكتمون ما عليهم ، لأنهم أسسوا مذهبهم على الحق المبين ، فلا يخافون من ذكر ما ظاهره ضدهم ، لأنهم قادرون على وضعه في موضعه مع بقية الأدلة.
40- إنصاف أهل السنة لأهل البدع ،ورحمتهم بهم أكثر من رحمة أهل البدع ببعضهم ، لأن أهل السنة أهل شفقة ورحمة بالأمة ، وليسوا أهل انتقام وتشف من المخالف، كالوالد إذا أنكر على ولده بشدة وهو يريد الخير، وكالطبيب مع المريض إذا عالجه بما يكره ، وهو يريد له العافية.
ومن ذلك : رد أهل السنة على بعضهم إذا خالفوا الحق في معاملة أهل البدع ، أوفي الانتصار للحق بنوع خطأ أو باطل ـ انظر " المنهاج " (8/198) والدرء "(1/221) .
والرد على أهل البدع للإحسان إليهم لا للتشفي والانتقام ، انظر " المنهاج "(5/ 239).
41- أهل السنة يخطِّئون ولا يكفِّرون كل من خالفهم كأهل البدع ،انظر " المنهاج" (5/251)
42- مراعاة أدب الخلاف .
43- الاستفصال عند إطلاق العبارات المجملة قبل قبولها أوردها.انظر"الدرء" (1/ 238ـ241/244ـ251)(2/104)
44- رد المشتبه إلى المحكم ، والمجمل إلى المفصّل ...
45- التعاون على البر والتقوى وفيما ينصر الإسلام حالا ومآلاً مع الموافق والمخالف ،مع مراعاة ضوابط ذلك .
46- الاستدلال قبل الاعتقاد.

السقاف الجنوبي
2010-10-31, 10:24 PM
جزاك الله خير