المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السكان الأصليون في أرخبيل سقطرى ، و السيناريو الأسوء ( بقلم : عويس القلنسي "


ياسر السرحي
2010-06-30, 02:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السكان الأصليون في أرخبيل سقطرى ، و السيناريو الأسوء ( بقلم : عويس القلنسي )



سقطرى – لندن " عدن برس " خاص : 30 – 6 – 2010
تضم الشعوب الأصلية حوالي 300 مليون شخص على مستوى العالم والشعوب الأصلية هي فئة من السكان لها خصائص مميزة ، فالأرض التي تعيش عليها والموارد الطبيعية التي تعتمد عليها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهويتها وثقافتهاوبالتالي ، فإن حرمانها من أراضيها أو فرض قيود على الوصول إلى مواردها الطبيعية لا يؤدي إلى إفقارها اقتصاديا فحسب، بل وإلى فقدان هويتها وتهديد استمرار ثقافتها أيضا.. هذا بعض ما قيل عن الشعوب الأصلية عموما.. أما نحن أبناء أرخبيل سقطرى فيجب أن نستعد لما هو أسوء في قادم الأيام و بما أننا نُعدّ من الشعوب الأصلية، فلابد أن ندفع ثمن هذه الأصالة ، و من المعروف بأن السكان الأصليين في كل أرجاء المعمورة يتعرضون للظلم و إحتلال الأرض و الطرد من الأوطان التي كانت تعيش عليها و التهميش و هضم الحقوق.


وها هي بوادر هذا السيناريو تظهر أعراضه جلية مع إشراقة شمس كل يوم جديد، و هاهي قطعان و قوافل المستوطنين الجدد القادمين إلى أرخبيل سقطرى من كل أصقاع الأرض تحت حجج وذرائع مختلفة و أغطية دولية أو محلية، و هم من مختلف الجنسيات و الطبقات الإجتماعية فمنهم العمال البسطاء، و صغار التجار من أصحاب الدكاكين و البقالات و المطاعم و الميكانكيين و الفنيين، و ممثلين الهيئات الدولية المختلفة، بالإضافة إلى التجار و سماسرة الأراضي و العقارات الذين بدأوا يشترون أراضي الجزيرة من أصحابها الأصليين قطعة قطعة، ثم يعيدون بيعها لغيرهم بملايين مضاعفة، و قد بدأ الكثير من هؤلاء القادمون الجدد يرسّخون اقدامهم هناك، و يجلبون عائلاتهم إلى الجزيرة و يهيئون أنفسهم للبقاء الدائم و العيش في الجزيرة.. و هاهي الشركات المحلية و الدولية الصغرى منها و الكبرى تنظر بعيون شرهة، و تستعد لقطف عذرية تلك الجزيرة البكر، و التي لا محالة سوف تستقدم معها عمالتها الماهرة من الخارج، بينما يُستبعد السكان الأصليون، أما لأجندة أستعمارية محضة، أو بسبب إفتقار السكان الأصليين إلى الخبرة و المهارة التي تتمتع فيها تلك العمالة المجلوبة من الخارج، ليكون مصير السكان الأصليين أما النزوح إلى خارج الجزيرة و التشرد أو اللجوء إلى الكهوف و أعالي جبال الجزيرة، بدلا من (طحيرهر) التي أنقرضت من هناك بسبب الصيد الجائر، فيواجهوا هم أيضا نفس المصير مع الوقت و هو الإنقراض... و الإنقراض من الممكن أن يكون ماديا و هو الإنقراض النوعي، أو معنويا و هو الإنقراض الحضاري، و هو أخطر أنواع الإنقراض، لأن الأمة المنقرضة حضاريا يبقى منها بعض الفلول و التجمعات البشرية، و لكنها تكون قد فقدت كل عناصرها الحضارية من لغة و ثقافة وعادات و تقاليد، بالإضافة إلى فقدانها لمقاليد السلطة و الحكم في بلادها ليتحكم فيها الغرباء في عقر دارها، فهي بذلك تُعدّ بحكم المنقرض على الرغم من جود بعض أفرادها.. فتترحم عليهم الأمم كما ترحمت على الكثير من الشعوب الأصلية التي واجهة الإنقراض كالهنود الحمر و كثيرا من الشعوب الأخرى في أمريكا و أروبا و أسيا و أفريقيا، و التي لم يبقَ منها سواء الأسماء و الأثار التي تعج بها متاحف العالم، و أحتلت أوطانهم من قبل أقوام مختلطة ليس لها أصل و لا فصل فهي خليط هجين من من الغوغاء و المرتزقة الذي ليس لهم وطن أو هوية أو إنتماء بل هم كالهوام السائبة باحثة عن الماء و الكلأ فتأتي كأمواج تسونامي لتحتل الأرض ، و تدمر في طريقها الأخضر و اليابس، و تسحق كل من يقف في طريقها فتأسس المدن الضخمة فيتكاثرون فيها كالجراد لتكبر هذه المدن مع الزمن و تبتلع ما حولها من الأرض فتدمر البيئة و تخل في التوازن البيئي الذي كان موجودا بين الشعوب الأصلية و بيئاتها التي أستطاعت أن تعيش بكل تناغم و إنسجام مع البيئة و الحفاظ عليها عبر آلاف السنين.. و ما الحصار و التجهيل و الإهمال الذي يتعرض له شعب أرخبيل سقطرى حاليا إلا جزء من هذا السناريو القادم..