مجزرة الضالع بعيون دحباشية !
أخذت استراحة قليلة لسويعات من منتدى الضالع بوابة الجنوب ورحلت طائفا في المنتديات الشمالية ومواقعها الإخبارية لأرى صدى مجزرة الضالع ومدى تأثيرها ووقعها لدى قلوب الشماليين وعيونهم .
ورأيت العجب فيما يكتبونه .
منهم من يرى إن الضالع تستحق لأنها وكر الانفصاليين واحد أهم معاقلهم .
ومنهم من يرى إن الدولة بدأت تعرف الطريق الصحيح وهو ضرب المخربين بلا هوادة .
ومنهم من يرى إن رجال الأمن البواسل دافعوا عن أنفسهم من عصابات التخريب وشرذمة التمرد .
ومنهم من وصل تفكيره إن شهداء الضالع قتلوا بأيدي همج الحراك وان الجيش أنقذ الموقف ومنع التدهور ولولا ماقام به الجيش لكان الضحايا أكثر .
ومنهم من قال إن القتلى والجرحى كان نتيجة صراع بين قوى الحراك وان الجيش قام بتهدئة الموقف بين قوى المشترك المسلحة وقوى الانفصال المخربة .
طبعا هنالك أراء كثيرة فمنهم من وقف شامتا سعيدا بما حدث ومنهم من يعلن إن الصميل خرج من الجنة وانه سيضرب به قوى التخريب والهمجية ومنهم من اعتبر القتلى مغرورين .
تلك أفكار أبناء الشمال المواطنين والذي يعبرون عن أنفسهم بتلك الكتابات .
هذا هو رأي المواطن الشمالي والذي أبدا لم أر من يدين القصف والقتل لأبناء الضالع وكأن الجنوبيين ليسوا بشر ولا كأنهم عرب ولا كأنهم مسلمين .
يا ترى إن كان هذا موقف الإنسان العادي فكيف درجة الحقد والكراهية من قبل النظام ؟
وما مدى الاستهتار بدمائنا وأرواحنا ؟
وهل يمكن إن ننتظر من هؤلاء الإنصاف أو الخروج على الحاكم الظالم ؟
إن كانت النظرة هذه هي نظرة الشقيق لشقيقه كما يدعون فكيف تكون نظرة الأعداء؟
اليك وثيقتي المفضلة اخي ابو عامر
لأربعاء 10 ربيع الأول 1431 ـ 24 فبراير 2010 العدد 3435 ـ السنة العاشرة
http://www.alwatan.com.sa/news/images/issueinfo_right.gifhttp://www.alwatan.com.sa/news/images/print.gif (http://www.alwatan.com.sa/news/WriterPrinting.asp?issueno=3435&id=17949)http://www.alwatan.com.sa/news/images/Feedback.gif (http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3435&id=17949&Rname=69#commit)http://www.alwatan.com.sa/news/images/save.jpg (http://www.alwatan.com.sa/news/WriterSave.asp?issueno=3435&id=17949) كتاب اليوم
يوسف مكي (
[email protected])http://www.alwatan.com.sa/news/images/alwatan_logo.gifفي الأزمة اليمنية.. لعل الحديث عن وحدة اليمن، يشكل البداية الصحيحة لفتح مغاليق الأزمة اليمنية. وحدة الشمال والجنوب، كانت حلما لدى جميع اليمانيين، منذ هيمن البريطانيون على عدن وحضرموت، وبقية مناطق الجنوب. وأثناء الكفاح الوطني، رفعت القوى الوطنية شعار وحدة اليمن.
ورغم أن الشطر الجنوبي تمكن من إنجاز استقلاله بنهاية الستينات، من القرن المنصرم، لكن وحدة الشطرين، لم تتحقق إلا عام 1990. وتمت بعد مفاوضات سريعة، غيبت الفوارق التي تحققت على الأرض، خلال ما يقرب من قرن من الزمن. وكان الحفاظ على الوحدة وصيانتها من الارتداد، يقتضي معالجة تلك الفوارق، بشكل تدرجي.
فاستمرار الاحتلال الإنجليزي للجنوب لحقب طويلة أفرز حقائق جديدة، أهمها تضعضع الكيانات القبلية في الجنوب، بالمقاربة مع نظيراتها في الشمال، وقيام أوضاع سياسية مختلفة، فقد كانت سياسات بريطانيا بالمقارنة مع سياسات حكم الأئمة في الشمال، تبدو أكثر تسامحا حين يتعلق الأمر بمنح هامش من الحريات. ففي الوقت الذي كانت حرية العمل السياسي واضحة في الجنوب كان النظام في اليمن الشمالي يحرم أي نوع من نشاط خارج دائرة الحكم.
في هذه المناخات، تشكلت حركات سياسية في جنوب اليمن، تحولت فيما بعد إلى حركات تعمل على تحقيق الاستقلال. وحين أعلن النظام الجمهوري في الشمال كانت البلاد تعيش في ظل أوضاع بالغة التعقيد. فقد واجه الحكام الجدد إسقاطات النظام القبلي، وتدخلات الأنظمة العربية. تدخل الرئيس عبدالناصر، لمؤازرة النظام الجمهوري، لكنه لم يتمكن من حسم الأمر. واستمرت الحرب بين النظام الجديد، وأنصار الإمام، حتى ما بعد نكسة يونيو عام 1967، حين اتفق الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز والرئيس عبدالناصر في مؤتمر قمة الخرطوم على وضع حد للصراع، وتحقيق مصالحة عربية شاملة أعادت لشمال اليمن بعضا من الاستقرار.
في الشطر الجنوبي، تحقق الاستقلال، وتسلمت الجبهة القومية السلطة. وبدأت الجبهة ذاتها تشهد تحولات سياسية وأيديولوجية، جعلت من الشطر اليمني الجنوبي حليفا إستراتيجيا للسوفيت. ومع كل الصراعات والمشاكل، فإن الدولة أصبحت أقرب إلى "دولة رفاه" بالمعنى المجازي، حيث تعهدت بتوفير التعليم والعلاج المجانيين، والسكن والعمل والغذاء، لكن عمليات التأميم قضت على إمكانية بروز طبقة متوسطة في البلاد. وكانت البقية الباقية من القوة الاقتصادية لملاك الأراضي قد صفيت. وحين تحققت الوحدة بين شطري اليمن، لم يكن في الجنوب سوى الدولة، وعموم الناس الذين يشكلون القاعدة العريضة من الجمهور. ولم يكن هناك هرم اقتصادي. بمعنى أنه لم تكن هناك طبقات أخرى، غير الفقراء والمعدمين.
في اليمن الشمالي، بقي القطاع الخاص، يمارس دوره، وبقي الإقطاع نشيطا، كما بقي للقبيلة ثقلها المادي والمعنوي، وكان حضورها السياسي قويا جدا، يلمس بشكل واضح في التشكيلات السياسية بالمؤتمر الشعبي والإصلاح، وبقية الحركات السياسية الأخرى.
هذا يعني أن الوحدة بين الشطرين، تمت بين بلدين، بنظامين اقتصاديين مختلفين: أحدهما يقوم على هرم، متكامل قاعدته غالبية الجمهور من فقراء وحرفيين، بقلبه تقف البيروقراطية والتجار وضباط كبار وملاك صغار، وفي قمته يقف شيوخ القبائل، والإقطاع، وأجهزة الحكم. أما في الشطر الجنوبي، فلا يوجد هرم على الإطلاق، وإنما عناصر تستمد قوتها من كونها تتربع على السلطة، والثروة ليست نتاجا لحراك ذاتي، رغم أن السلطة تهيمن بشكل مطلق على القطاع العام، بل تعتمد بشكل كبير على المساعدات والقروض، وتقدمها للشعب في صيغة خدمات مجانية، تماهيا مع الالتزام الأيديولوجي للنظام.
فعلى سبيل المثال، نجحت الوحدة الألمانية، وقد تحققت في وقت متقارب مع وحدة اليمن، وعوامل التشابه بينهما كثيرة، بينما عانت وحدة اليمن من كثير من العثرات. لقد استمر انفصال اليمن لحقبة أطول من تلك التي شهدتها ألمانيا. فقد تم احتلال بريطانيا لمرفأ عدن عام 1833 وبقيت تحت الاحتلال حتى عام 1967. في حين تم فصل الجزء الشرقي من ألمانيا عن الوطن الأم إثر استسلام ألمانيا عام 1945، وتم هدم جدار برلين في نوفمبر عام 1989، بعد 45 عاما على الاحتلال السوفيتي للمدينة.
إن الثقافة الديموقراطية، بالطريقة الغربية، ترسخت بألمانيا الغربية وكانت بنية النظام وأوضاعه الاقتصادية تساعد كثيرا على تأهيل اندماج الشطر الشرقي الألماني سريعا في الوطن الأم، في حين لم يكن الوضع كذلك، في اليمن. هناك وضع قبلي نشط في الشطر الشمالي، وحضوره معنوي ومادي، يمكن قياسه معياريا، أما في الشطر الجنوبي، فإن هذا التشكل القبلي شهد تضعضعا متدرجا في كثير من المحطات.
شهدت القبيلة في الجنوب تضعضعها الأول أثناء هيمنة الاستعمار البريطاني، بفعل الظروف التي شهدتها البلاد أثناء هيمنة البريطانيين. وتضعضعت مرة أخرى، حين قاد النضال المسلح، عناصر شابة، تمركزت في المدن الرئيسية، كعدن وحضرموت، وخلقت تشكيلات مدنية، غير قبلية، وحين قاد هؤلاء الشبان حربا على البريطانيين انطلقت من جبال ردفان. إن قيادة هؤلاء الشباب للعمل المسلح، وتمكنهم من إحراز انتصارات باهرة على المحتل، تعني تراجع دور الوجاهات القبلية، لصالح القوى الجديدة. ومع تضعضع المرتكزات المادية للبنيان القبلي، أصبح حضوره معنويا فقط، حتى وإن بقي محتفظا لبعض الوقت، بقوته الاقتصادية. وتضعضعت مرة ثالثة، بعد الاستقلال حين قام نظام اقتصادي اعتمد على سيطرة الدولة على الاقتصاد، وشكل القطاع العام العمود الفقري للاقتصاد. وأصبحت البلاد، دون هرم اقتصادي، حيث لا طبقة متوسطة ولا إقطاع. ومع حملة التأميمات التي قامت بها الدولة لم يعد هناك أي حضور للقبيلة، سوى الحضور الاعتباري، المرتبط بقوة النسب وصلات القربى.
حين حدثت الوحدة، وجرى الانتقال بالاقتصاد في الشطر الجنوبي، من الاقتصاد "الاشتراكي"، إلى اقتصاد السوق، وبدأ تفكيك القطاع العام لم يتم ذلك بشكل منظم، ولم يؤد إلى تشكيل هرم، حتى وإن كان جنينيا في الجنوب بأي شكل من الأشكال. لم يمر الشطر الجنوبي بمرحلة تأهيل للانتقال من النظام الاقتصادي القديم إلى الشكل الجديد. وتحول الجنوب برمته إلى أطراف، ينسحب عليها ما يصفه الدكتور سمير أمير ﺒ"التطور اللامتكافئ".
في ألمانيا، كانت الوحدة مكسبا لشطري البلاد فقد جرت مرحلة من التأهيل والانتقال المخطط من تفكيك القطاع العام إلى الاندماج باقتصاد السوق الحر. جرى ضخ مليارات الماركات لتنشيط الفعاليات الاقتصادية، وكانت نتيجة ذلك أن انطلق قطار التنمية الاقتصادية، بقوة في ألمانيا الشرقية.
بالتأكيد لم يكن ذلك ممكنا أبدا، في اليمن بشطريه، فالبلاد شمالها وجنوبها تنوء بقوافل العاطلين عن العمل، وترزح بأسرها تحت ثقل مشاكل اقتصادية مستعصية، إضافة إلى ضعف المراقبة والمساءلة، وجميعها تجعل البلاد عاجزة عن تحقيق التنمية والالتحاق بركب التطور. وكانت النتيجة أن الوحدة غدت، منذ بداياتها كسيحة وعاجزة عن تلبية حلم المواطنين في يمن سعيد. وحين تتضاعف المشاكل، الاقتصادية والاجتماعية، وتعجز الدولة عن إيجاد معالجات جدية لأزماتها، تضعف هيبة الدولة، ويتطاول عليها المهمشون والجياع.