المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن الوحده الخليجيه مجددا .. مقال جدير بالقرائه للكاتب الكبير حسن علي كرم


مقهى الدروازه
2010-05-28, 12:18 AM
عن الوحده الخليجيه مجددا ...
الوطن الكويتيه - عدد الجمعه 28 - 5 - 2010

خلال السنوات العشر القادمة أي الى نهاية العقد الحالي من المتوقع بل من المؤكد ان تطرأ تغيرات سياسية واقتصادية على دول المنظومة الخليجية، فالايقاع لاسيما الاقتصادي سريع، ولا يمكن ان يستقيم الاقتصاد وينساب في مساره السليم ما لم تواكبه السياسات السليمة.
وما يقال عن الوحدة الخليجية أو التقارب الخليجي أو التلاحم الخليجي أو حتى بحدود ادنى التعاون الخليجي لا يمكن ان يتحقق كما يبتغيه القائلون اذا لم يتم وضع مساري السياسة والاقتصاد على سكة واحدة.
واما عن الجوار الخليجي، فلن تكون البلدان المحيطة ببلدان المنظومة الخليجية وهي ايران والعراق واليمن والاردن ان تبقى على حالها الراهن، فإيران على سبيل المثال اذا لم تتعرض لحرب جزئية أو شاملة بذريعة تدمير منشآتها النووية لن يستطيع النظام الاسلامي الصمود في وجه المعارضة الشعبية الليبرالية الجارفة هناك. اما في العراق فلا احد يستطيع ان يتكهن ان كان النظام الديموقراطي سينجح أم ستستأنف الانقلابات وحكم الفرد. واما في اليمن فالوضع هناك اسوأ..
ان البلدان الخليجية، لم تعد مشيخات صغيرة، كما يتصورها البعض، ولا كما ينعتها بعض المغرورين بأنها بلدان كرتونية وانما هي بلدان اثبت التاريخ والتجربة العملية بأنها بلدان متأصلة ضاربة جذورها في اعماق اعماق الارض، على الرغم من صغر حجمها وتواضع امكاناتها، ولعل اهم ما يميز هذه البلدان هو انها تستمد قوتها من خلال ضعفها وتثبت من خلال مواقعها قوتها باعتبارها بلدانا وجدت أو ابقيت لتكون حواجز تفصل ما بين البلدان الاكبر (العراق والسعودية وايران) فالانجليز الذين فرضوا نفوذهم خلال القرنين الماضيين على بلدان المنطقة وساهموا في تثبيت دعائم بلدان وتنصيب انظمة وتعيين حكام اهم ما شغلهم هو بقاء هذه المشيخات الصغيرة المطلة على ضفاف الخليج مأمونة من مطامع الجوار.. وستبقى الى ما شاء الله خاضعة للحماية الدولية ما بقيت التوازنات الدولية، والسلام العالمي والمصالح المتعددة تفرض ذلك، وفي المقابل فإن هذه البلدان الخليجية الصغيرة قد تشابكت مصالحها الامنية والاقتصادية بالدول الكبرى الامر الذي يتعذر فك التشابك معها لصالح عمل وحدوي بل في نظري تفضل كل دولة على حدة التعاون مع البلدان الكبرى على التعاون مع البلدان المجاورة من هنا فالحديث عن عمل وحدوي يجمع بلدان المنظومة الخليجية هو ضرب من الخيال. وحلم من احلام ليالي الصيف، فهذه البدان الخليجية الصغيرة وجدت وحدات مستقلة ومصدات وحواجز تفصل بلدان الجوار الكبيرة، ولن تسمح الدول الكبرى التي يهمها امن المنطقة اختفاء هذه البلدان تحت أي ذريعة وتجربة الكويت خير مثال، ولعل دعوة الحركة السلفية الى توحيد البلدان الخليجية وتأييدها وما اسمته الطرح الفكري الراقي للدكتور عبدالله النفيسي في الندوة التي نظمتها الحركة السلفية تحت عنوان «الكويت بين الاطماع الخارجية والاوضاع الداخلية» وهو ما جاء من خلال تصريح صحافي لعضو المكتب السياسي للحركة قد تكون دعوة صادقة ونابعة عن خوفها على الكويت وعلى الدول الخليجية، لكن المشاريع الوحدوية لا تتحقق من خلال الطرح العاطفي، فيما تظل لكل دولة خليجية مصالح تتقاطع مع الدولة الاخرى، وفيما تظل الخلافات الحدودية والسياسية معطلة وآخرها الخلاف البحريني القطري الحدودي، وفي كل الاحوال لا يشكل الدكتور عبدالله النفيسي مرجعية فكرية يعول عليها وهو معروف عنه التناقضات والاسقاطات الفكرية الكثيرة..!!
وفي مثل ذلك ايضا، ما كتبه الامين العام الاسبق لمجلس التعاون الخليجي السيد عبدالله يعقوب بشارة في مقالته المعنونة (الوحدة الخليجية.. يا سلام) والمنشورة في عدد الاثنين الماضي في «الوطن» حيث كتب مقالته وكأنه ما زال في مقره في الامانة العامة في العاصمة السعودية الرياض، لا في منزله في منطقة السرة في وطنه الكويت.. فهذه المقالة الخجولة لم تسمن ولم تغن من جوع ولم تعط رأيا ولا توضح موقفا عن مسألة الوحدة المزعومة.. وكان على السيد بشارة وهو المرجعية السياسية والدبلوماسية العتيدة ان يدلي برأي صريح وواضح، فالوحدة ليست نزهة برية أو رحلة سياحية قصيرة، وانما تتعلق بمصير امة ومصير وطن.
من التناقضات العجيبة حقا ألا نسمع أو نقرأ أي طرح وحدوي في كل البلدان الخليجية غير الكويت؟!!
لا تبنى مصالح الأوطان على ذرائع العواطف والاوهام وانما وفقا لحقائق التاريخ والجغرافيا، والاوطان ليست متاعا مستهلكا حتى يمكن التنازل عنه بسهولة.
لقد جرب العرب نماذج وحدوية فاشلة، فهل ثمة مجال لتجريب نماذج فاشلة اخرى…؟!!

حسن علي كرم


http://www.alwatan.com.kw/ArticleDetails.aspx?Id=32065&WriterId=35