المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بالي من الزين نظره وبعد يارب توبه


قرصم
2010-05-26, 12:33 AM
بالي من الزين نظره وبعد يارب توبه


سوف يدرس طلاب المدارس في منهج مادة التاريخ في الجنوب بعد سنين الحكاية التالية:
" أنه في يوم 13 يناير 2006م، تمكن عدد من أبناء الجنوب وفي مقدمتهم المتقاعدين العسكريين والمسرحين قسراً، من إعلان تأسيس دولة الجنوب، من داخل جمعية ردفان الخيرية في عدن، وتوَجت أول خطوة على الأرض في 7 يوليو 2007م، في ساحة الحرية في مدينة خورمكسر "، - ولايهم أبداً كيف سارت الأمور، المهم أنه إعلن عن تأسس دولة الجنوب.

"لان كل عمل بشري غير مقدس ويسمح بالإضافة الية أو نقضة، كذلك الأفكار والمفاهيم التي تصوغها حتى التجارب الكبيرة ليست مقدسة، ولدينا في الإسلام قاعدة - رأي خطأ يتحمل الصواب ورأي غيري صواب يتحمل الخطأ - تجردنا بدرجة أو أخرى من حالة القداسة". ( صبري قنديل، جريدة العربي المصرية، العدد 11200 بتاريخ 21 مارس 2010 )

لذلك، هناك حمقى يبحثون عن ضوء ( أسود )، وهناك عقلاء في إطارنا لا يراجعون الجهلاء.. هناك صمت أمام (جنون) مراهقين طفوليين، وهناك من يغني بلا وعي.. هناك من يكتب بلا وعي وهناك من يقرأ العناوين بلا وعي.. هناك من يحوَل الكلمات الى عبارات كـ(الرصاص).. وهناك مطالب شعبية وسقفها محدد، ويظن البعض أنه سوف يحققها بنفسه من خلال إعتلاء المنابر والتسابق على المكرفونات، للإعلان عن تجربتهم، بحثاً عن بزوغ فجرَهم عبر إصدار فتاوى وطنية لتشبه وجوههم وقلوبهم السنتهم.

كاتب هذه السطور، العبد الفقير لله من بني البشر، الذي لا يعرف ما يخبئه لنا القدر، فيه مستقبل أو تعاسة، خذلان أم إنتصار، شدة أو يسر. هل نعطي أنفسنا فرصة لجرد الحساب، مهما كان الحساب، يريحنا أو يعكر مزاجنا؟ ثم نفتح صفحات الأيام الخوالي، التي عشنا بالطول والعرض، أو لم تحتسب من حياتنا؟ من خلال معيار الماضي والمستقبل، الذي ينطوي على الأنانية والصفاء.. أم نترك لأنفسنا لطغيانها وعماها، وفقدانها البوصلة الموجهة والقبلة الصحيحة. ولا يعنينا ما يجري في إطارنا، كما يقولون تعبيراً، عن قلة الإهتمام أو قلة الإحتكام، الى البصر والبصيرة، ثم إنعدام الرؤيا وقلة ( الحيلة ) والفشل واليأس، فالحمد لله، لدينا من يفسر الماء بالماء.. ونقول كفانا حمل السلم بالعرض، والحلم الطويل، ومش معقول نصلَح الدنيا، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

هل نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ونقول حط رأسك بين الرءوس.. وليس أرفع رأسك، ونقول يا قطاع الرءوس.. وكل ذلك يعني المواقف السلبية في ظل المنطق العابث المغلوط، المصر على العناد والمعاندة ضد الطبيعة والتاريخ، الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، فلا يرى الوطن وطن.. ولا التجربة تجربة.. ولا الهزيمة هزيمة.. وإنما هناك نفس مهزومة عليلة، لا تعكس إلا العقل السالب، وغير جليلة، حتى تركنا العابثون يفعلون ما يريدون، قادونا مشياً على الأقدام، معصبين على عيوننا، الى أعمق حفرة في التاريخ لا لها قرار. وقالوا لنا من حفر حفرة أحياناً يقع فيها، وما كان ربك بظلام للعبيد.

الجنوب والجنوبيين الصادقين، بحاجة الى من يضع حد للمشكلة بأسرها، يجمَع صفوفهم على وفاء وكرامة بالحوار، على قاعدة الإتفاق والتوافق، وليس بالكلام أو الحوار المنافق... مالم نستأجر لنا قائد من خارج إطارنا، كما كنا بالأمس، للـَم الشمل وتوحيد الكلمة، يخوض غمار المعركة لتحقيق الوحدة الوطنية الجنوبية، خصوصاً وإن العقل الخرب، لا ينتج سوى المزيد من اللامعقول.. زمن ضيع، وجوع، وفقر، ينخر عظام شعبنا في الداخل، ودماء تسيل بغير ثمن، وأجواء توافر المناخ لمزيد من العبث، اللهم لا شماته.

لمن يكون الجنوب؟ هل لا زلنا جنوبيين؟ هذا هو آخر تجليات المنطق الوطني المطلوب، آزاء المواقف الدولية والإقليمية. في الماضي إحتل الإشتراكيون مساحة العقل والوعي للمواطن الجنوبي، وصالوا وجالوا، يروضونه كيفما شاءوا، ومن ورائهم راشدون آخرون يعرفون كيف يوزعوا الأدوار، ويستفيدوا من العبث الذي يخلف كل حدث، بينما نحن كالأطرش في الزفة.

هكذا إنطلقنا وطبقنا ما رسم لنا، وهو جمل يعصر وجمل يأكل العصار، والشاطر هو الساكت، الذي لا يرفع يده، ومش مهم في سره ومع نفسه يلطم خده.

ولان عدن تقف على الدوام في قلب كل حدث، وقد حاولوا الرفاق ترييفها والقبائل قبيلتَها، والان من يحاول يضعها في ذيل كل حدث، فأن نصيبها من الدنيا، حدده السلف لشر خلف، وصارت أكبر من الأحداث خلاف غيرها. بينما عدن وكعادتها، البساطه والكبرياء، تشفق على من يسئ اليها، وهي على الدوام حمالة الأسية، علمت الآخرين حروف الأبجدية ، ولكنهم يجهلون المقولة ( من علمني حرفاً صرت له عبداً ).. فقد قالت بالأمس، لا للدولة البريطانية، وتقول اليوم الف لا لورثة الدولة العثمانية.

ومن واقع تجربة مريرة، نقول للأخ المناضل أبو عدنان، الذي نكن له كل تقدير وإحترام، أن من لدية نظرة إستراتيجية واضحة المعالم، يتعين عليه رؤية الخارطة السياسية بأكملها، وإنتهاج سياسة واقعية، إنطلاقاً من أن الشجرة ليست الغابة. وأخواننا، ممن يرغب البعض على إطلاق عليهم تسمية (المثلث)، فإن من ينكر دورهم وتضحياتهم، هو جاحد، ومن يبالغ في إعطائهم دوراً أكبر من إمكاناتهم، فهو كاذب، لأن الأمر مرتبط بالدرجة الأولى بالإستراتيجية الجغرافية والسكانية وأيضاً بالثروة، ومن لا يريد يفهم هذه الحقيقة فهذه مشكلته والأيام بيننا.. وحسب فهمي – قد يكون قاصر أو ساذج- فإن من أطلاق تسمية ( المثلث)، تعد في نظري تجديد نسخة طبق الأصل لتسمية ( الطغمة والزمرة ) وهذا ما لا يرضاه شعبنا، وكل المناضلين في الداخل والخارج.

وفي الختام، فقد إعتدنا في الجنوب، أن نتلقى ليس الإتهامات الغليظة لبعضنا البعض فحسب، بل ظللنا نتلقى الضرب والضربات على الرأس ومن تحت الحزام، لأكثر من 25 عام، من عبده ومكرد وحزام، تحت شعار الوحدة والوئام، ورغم ذلك لم نصلي على سيد الأنام.. كما إعتدنا أن نمضي في سياساتنا الوطنية المستمدة أنذاك من المصالح العليا، التي نعمل كنا من أجل تحقيقها، ظناً منا بأننا سوف نقمع العابثين، ونضيئ عقول المخدوعين.. لكن المسبب لا يعالج الأسباب، إلا من أعترف بشجاعة، بأنه أخطأ وصاب، وهذه حكمة يعرفها ذوو الألباب يا خيرة الأحباب، وعلى قدر فراشك مد رجلك.. وأنا أعلن لأهلي ووطني المعذرة وأطلب من الله الثواب، فالمحبة عذاب من صابه الله بها صاب.


عوض علي حيدرة
27 مارس 2010
الولايات المتحدة الأمريكية