المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن .. من حلم الوحدة الى فك الارتباط


مقهى الدروازه
2010-04-04, 01:06 AM
اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
مسار الوحدة ومصيرها
1/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد أحمد قناف

http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2010/04/04/154075_00000_smaller.jpg

رغم أن محافظات جنوب اليمن عموماً تشهد هدوءاً نسبياً في الآونة الأخيرة، فإن محافظتي الضالع ولحج على وجه الخصوص لا تجيدان إلا لغة التصعيد ومظاهر الاحتجاج رغم التضييق الأمني على قادة ما يسمى بـ «الحراك الجنوبي».

ما يجري اليوم على الساحة اليمنية لم يأت من فراغ، حسب مراقبين، بل نتيجة إلى تراكم سياسات وصفت بـ «الخاطئة»، وعزز ذلك سوء الإدارة، ومركزية القرار، وإقصاء لشركاء إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990. حدث الوحدة الحلم الذي سبقه ورافقه ولحقه سيل من الأحداث نستعرضه في حلقتنا الأولى من ملف الجنوب اليمني، ونسلط الضوء فيه على إرهاصات الحلم الوطني، وأبرز الأحداث التي شكلت ملامح أزمة اليوم.

يقول سائق التاكسي طارق، 50 عاماً من أبناء مدينة عدن، إن الهتافات العالية والشعارات المعادية التي ترددها عناصر ما يعرف بـ «الحراك الجنوبي» تؤرق نظام صنعاء، إلا أنها لا تعني الكثير لأبناء مدينة عدن على وجه الخصوص، لانشغالهم بشؤونهم اليومية التي ألهتهم عن ذواتهم.

يمر طارق بسيارته يومياً من النفق الواصل بين مديريتي التواهي والمعلا في عدن، وهو ذات النفق الذي أبرمت فيه ارتجالا صيغة اليمن الجديد قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة اليمنية أواخر الثمانينيات، حين طرح رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينئذ علي عبدالله صالح أثناء زيارته لمدينة عدن، على حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إقامة حكم فدرالي ودولة اتحادية، إلا أن أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني حينذاك علي سالم البيض فاجأه بإقامة وحدة اندماجية، بحسب شهادة نائب الأمين العام لحزب اتحاد القوى الشعبية المعارض وأستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، في حديثه لـ «الجريدة».

الطريق إلى الوحدة

لم يكن الطريق إلى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 -يوم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية- مفروشاً بالورود بالنسبة لليمنيين الذين عانوا طويلاً ويلات الحروب بين الشطرين فترة تنكر النظامين السياسيين فيهما لالتزامهما قضية الوحدة الوطنية. وشهدت الدولتان الجارتان توتراً حاداً نتج عنه 3 حروب حدودية بسبب الاختلافات الايديولوجية بينهما والفارق الحضري، كما يحلو القول لكثير من المهتمين. وتم وقف العمليات العسكرية في أعنف المواجهات مطلع السبعينيات من القرن الماضي اثر تدخل جامعة الدول العربية.

ولعلّ التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها الواقع اليمني خلال هذه الفترة، إضافة إلى التدخل الشيوعي في اليمن الجنوبي، وعدم الاستقرار السياسي وتجاذب المصالح بين القوى المختلفة في شمال اليمن وتأثير القوى الإقليمية والدولية، أدت مجتمعة إلى توتر الأوضاع، وفي الوقت نفسه أدت إلى تقارب النظامين في صنعاء وعدن.

كان نظام الحكم في شمال اليمن أقرب إلى الرأسمالية ومنسوجاً من تحالف ثلاثي ضم العسكريين والقبائل والإسلاميين، بينما كان في الجنوب قائماً على نظام الحزب الواحد، وهو الحزب الاشتراكي اليمني الذي يتبع المعسكر الاشتراكي. استمرت سياسة التعايش السلمي بين النظامين أكثر من أربع سنوات بعد استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني الذي استمر نحو 137 عاماً، وبعد جلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967. وإذا كان نظام صنعاء اليوم قد أفلح في إقصاء الإسلاميين، فإن القبيلة والعسكريين مازالا يتحكمان في مفاصل الدولة جنوباً وشمالاً. كانت أولى الخطوات العملية في اتجاه الوحدة في الرابع من مايو 1988، عندما تم السماح للمواطنين في الشطرين بالتنقل بين البلدين بالبطاقة الشخصية، وتم في مطلع يوليو 1988، إلغاء النقاط الأمنية المتمركزة على الحدود بين البلدين.

وواكبت الجهود النهائية في طريق الوحدة اليمنية، تغيرات دولية ملحوظة، خصوصاً ذلك التقارب الذي حدث بين القطبين السوفياتي والأميركي، وتوجه الدول الشيوعية في الكتلة الشرقية إلى التخلص من أنظمتها الشمولية، وغيرها من الأحداث، مما جعل الأجواء في البلدين تتجه نحو جدية عالية في تحقيق التغير السلمي في بناء دولة الوحدة. تلك العوامل كما أشارت دراسة للدكتور عبدالعزيز الشعيبي الأستاذ في جامعة عدن، ساهمت في التسريع بالخطوات نحو إعادة تحقيق الوحدة الوطنية.

صراعات داخلية

في شمال اليمن كما في جنوبه، لم يكن هناك استقرار سياسي وتشابهت الحياة السياسية بينهما لكن أحداثها اختلفت، كما ذكر الباحث اليمني محمد حسين الفرح في كتابه «معالم عهود رؤساء الجمهورية». وبحسب الفرح، فقد شهد الشمال صراعاً على السلطة منذ فجر ثورة سبتمبر 1962، كان محصلتها نفي رئيسين خارج البلاد في انقلابين أبيضين واغتيال رئيسين آخرين، ليأتي بعد ذلك الرئيس علي عبدالله صالح في 17 يوليو 1978.

الانقلابات والصراعات على السلطة في الشمال كانت أقل دموية وعنفاً عن مثيلاتها في جنوب اليمن، الذي شهد دوامات عنف متعددة كان أولاها الانقلاب على أول رئيس لدولة الجنوب قحطان الشعبي في 1969، وذلك بعد قرابة 6 سنوات من ثورة أكتوبر 1963 في الجنوب، ومقتل ونفي ثلاثة رؤساء آخرين، حتى انفجرت «أحداث يناير» عام 1986، والتي راح ضحية لها عدد من قيادات الدولة والحزب، بمن فيهم الأمين العام للحزب والرئيس الأسبق عبدالفتاح إسماعيل. كما أسفرت تلك الأحداث عن مقتل حوالي 12 ألف من كوادر الحزب وجرح قرابة 20 ألفاً آخرين، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين من أنصار الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، المقيم حالياً في سورية.

اتفاق الوحدة

كانت أحلام اليمنيين في القطرين بإقامة وحدة وطنية قد دفعت النظامين نحو اتفاق تعز في نوفمبر 1970، الداعي إلى إقامة اتحاد فدرالي بين الشطرين، والذي تلاه اتفاقية القاهرة في 13 سبتمبر 1972، وانتهاءً باتفاقية صنعاء في 4 مايو 1988، وما تلاها من مفاوضات واتفاقات. وكان من نتائجها إعلان الوحدة الاندماجية في 22 مايو عام 1990، وذلك عقب اتفاق عدن التاريخي في 30/11/1989، بين قيادتي الشطرين، إذ تم التصديق على الدستور الذي تم إعداده منذ عام 1981. كما تم التوجه للاستفتاء عليه شعبياً، والمضي في الانتخابات التشريعية (للسلطة التشريعية الموحدة)، وتشكيل لجنة للإشراف على الانتخابات، ودعوة جامعة الدول العربية لإرسال مندوبيها لمراقبة الانتخابات.

في الاجتماع الثاني للجنة التنظيم السياسي الموحد الذي عقد في عدن يوم 10 يناير 1990، تم إقرار مبدأ التعددية السياسية من خلال الموافقة على (البديل الثاني) الذي ينص على احتفاظ الحزب الاشتراكي (في الجنوب) وحزب المؤتمر الشعبي العام (في الشمال) باستقلاليتهما، وحق القوى السياسية في ممارسة نشاطاتها بكل حرية وفقاً للدستور في ظل اليمن الواحد.

وفي اجتماع صنعاء يوم 22 يناير1990، صدر عدد من القرارات في الجوانب الاقتصادية والمالية والإعلامية والثقافية والتربوية والتشريعية والشؤون الخارجية، والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتصورات، بشأن دمج الوزارات والمؤسسات والمصالح.

الجمهورية اليمنية

في يوم 22 مايو 1990، تم في مدينة عدن توقيع اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية، وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل زعيمي الشطرين، إذ نص الاتفاق على قيام وحدة اندماجية كاملة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد هو «الجمهورية اليمنية» ويكون لها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. بعد نفاذ هذا الاتفاق يُكون مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية لمدة الفترة الانتقالية ويتألف من خمسة أشخاص ينتخبون من بينهم في أول اجتماع لهم رئيساً ونائباً للرئيس.

وحددت الاتفاقية فترة انتقالية مدة سنتين وستة أشهر، ويتكون مجلس النواب خلال هذه الفترة من كل أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب الأعلى، بالإضافة إلى 31 عضواً يصدر بهم قرار من مجلس الرئاسة، ويمارس مجلس النواب كل الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور عدا انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور.

ويروي عضو مجلس الرئاسة السابق سالم صالح محمد، (عن الحزب الاشتراكي)، في مذكراته أنه تم اختيار الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً لمجلس الرئاسة في الجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائباً للرئيس، عندما اجتمع مجلس الشورى ومجلس الشعب، وكيف أسندت تلك المهمة للشيخ سنان أبولحوم، أحد أبرز المشايخ في شمال البلاد، الذي ترأس ذلك الاجتماع نظراً لكونه أكبر الموجودين سناً.

شهدت الفترة الانتقالية وضع الأسس الدستورية والقانونية لدولة الوحدة، إذ تم الاستفتاء على دستور الوحدة في منتصف مايو 1991 ليصبح نافذاً بعد ذلك بعد أن كانت السلطات المختلفة تستمد شرعيتها من اتفاقية إعلان قيام الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية، وهي فترة تدخلت فيها مشاعر الإنجاز أكثر فأثرت على متطلبات المرحلة.

وهنا يقول المحامي المعروف في عدن شيخ طارق عبدالله في حديثه لـ «الجريدة»، إنه اقترح الصيغة الفدرالية لمنظومة الحكم في اليمن الجديد في سلسلة مقالات نشرها عقب إعلان الوحدة، وهو ما تطالب به اليوم كثير من الأحزاب السياسية، أبرزها حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الذي انطلق من عدن في خمسينيات القرن الماضي.

وبينما يعزو المحامي القانوني الصيغة التي قامت عليها الوحدة حينئذ إلى الاندفاع العاطفي من كل أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب تجاه الوحدة الوطنية آنذاك، إلا أنه قال إن «دستور الوحدة (القائم) غير مناسب، واليمن الموحد يمكن أن يستقر ويتقدم ويدوم فقط في حالة انتهاج النظام الفدرالي».

التعددية

شهدت الفترة الانتقالية ظهور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة الحزبية والأهلية. وكان أبرز الأحزاب التي تأسست خلال الفترة، ثم لعبت في ما بعد أدواراً سياسية مهمة هو «التجمع اليمني للإصلاح»، الذي أعلن قيامه في سبتمبر 1990. وقد جاء تأسيس «حزب الإصلاح» من أجل القيام بدور سياسي مساند

لـ»حزب المؤتمر الشعبي العام» في مواجهة شريكه «الحزب الاشتراكي اليمني»، بحسب شهادة الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق والرئيس المؤسس لـ «الإصلاح» في مذكراته. وأكد الأحمر أن الرئيس صالح طلب منه عقب قيام الوحدة هو وحلفاؤه من القوى الإسلامية، تشكيل حزب سياسي يكون رديفاً لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وذلك «بغرض معارضة الاتفاقات الثنائية التي أبرمها الرئيس صالح مع حليفه في تحقيق الوحدة: الحزب الاشتراكي اليمني الممثل للجنوب، من أجل تعطيل تلك الاتفاقات وعدم تنفيذها».

يذكر أن هذه الشهادة أثارت ضجة في الأوساط السياسية والثقافية عقب صدور مذكرات الشيخ الأحمر قبل رحيله بأشهر قليلة.

سياسة التربص

أستاذ السياسة في جامعة صنعاء عبدالله الفقيه قال لـ»الجريدة» إن «كلا من المؤتمر والاشتراكي عملا خلال الفترة الانتقالية على توظيف الموارد العامة للدولة، بما في ذلك الوظيفة العامة لتعزيز مواقعهما وتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية الأولى، فظهرت أحزاب وصحف وجمعيات ترتبط بهذا الحزب أو ذاك. كما تم إثقال كاهل الخزينة العامة بعشرات (إن لم يكن بمئات) الآلاف من الموظفين الوهميين، رغم الفارق الكبير بين عدد السكان في الشطرين لمصلحة الشمال».

ويضيف الفقيه: «اتصفت العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية بالتوتر الشديد في معظم الأوقات، ويمكن رد ذلك التوتر إلى الصراع الشديد بين الحزبين على السلطة، وإلى سعي كل طرف إلى تهميش الآخر»، وذلك كإرث قديم من فترة ما قبل الوحدة، لذا لوحظ أن الحزبين رغم إعلاناتهما المتكررة بإتمام توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة، فقد ابقيا على الجيش والأجهزة الأمنية والإعلامية مشطرة.

وكانت أسوأ مظاهر الخلاف موجة الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت قيادات وأعضاء في الحزب الاشتراكي، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين شريكي الوحدة، وتبادل الاتهامات لما يجري من فوضى في البلاد.

كل تلك الظروف شكلت تحديات كبيرة بين يدي الدولة اليمنية الجديدة، مما جعل أداء أول حكومة يمنية يتسم بالضعف الشديد. ومع انتهاء الفترة الانتقالية جرت أول انتخابات في تاريخ اليمن تقوم على قاعدة التعددية الحزبية، وذلك في 27 أبريل عام 1993. وقد أسفرت الانتخابات عن ظهور ثلاث قوى سياسية على الساحة هي بالترتيب: المؤتمر الشعبي العام وقد حاز 123 مقعداً، والتجمع اليمني للإصلاح (62 مقعداً)، ثم الحزب الاشتراكي وقد حصل على 56 مقعداً. وإذا كان فوز المؤتمر والاشتراكي قد مثل تحصيل حاصل فإن ظهورا لإصلاح كقوة سياسية جديدة قد مثل أبرز إفرازات تلك المرحلة.

الائتلاف والاختلاف

بحسب الدكتور الفقيه، اتسمت المرحلة التالية لانتخابات أبريل عام 1993، بتشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب هي المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، وإلغاء مبدأ القسمة على اثنين بالتساوي الذي كان معمولاً به خلال الفترة الانتقالية. وقد تم الإلغاء لسببين: الأول، هو دخول شريك جديد في السلطة، والثاني هو النتائج المتواضعة التي حققها الحزب الاشتراكي في الانتخابات التي اقتصرت بشكل عام على دوائر الجنوب الذي كان لايزال تحت سيطرة الحزب إلى حد كبير.

وساعدت عوامل محلية وإقليمية على تصعيد الصراع بين المؤتمر والاشتراكي، أهمها التدهور الاقتصادي الذي ترتب على طرد ما يقارب المليون يمني من السعودية، وعلى قطع المساعدات التي كانت تتدفق على اليمن –عقب حرب الخليج الثانية، والإبقاء على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والإعلام مشطرة. وأسهم الموقف الدولي من الأزمة الذي اتسم باللامبالاة إلى حد كبير في إنجرار الأطراف اليمنية نحو مستنقع حرب أهلية في مايو 1994.

اتسمت الفترة التالية لحرب 1994 بإخراج الحزب الاشتراكي من السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية (في 6 أكتوبر 1994) من حزبي المؤتمر والإصلاح، لكن شهر العسل بين الحزبين لم يدم طويلا، ففي حين رأى الإصلاح نفسه الوريث الشرعي لحصة الاشتراكي في السلطة، رأى المؤتمر في زيادة قوة الإصلاح خطراً ينبغي العمل على تجنبه.

إعلان الانفصال

أعلن البيض انفصال الجنوب عن الشمال في 21 مايو 1994، ونصب نفسه رئيساً للدولة الجديدة، والتي لم تحظ إلا باعتراف جمهورية أرض الصومال، والتي لم يكن أحداً قد اعترف بها أصلا. بالنسبة للدول المجاورة الداعمة للاشتراكي فقد لاقت حرجاً كبيراً في الاعتراف بالدولة الانفصالية، لكن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة شجّع فكرة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي الذي ارتأى أن الاعتراف بالدولة الانفصالية سيؤدي إلى تطويل الحرب التي اندلعت بين الشطرين، مع ما يمكن أن تجلبه من مخاطر على الاستقرار في المنطقة.

ومع ان الحرب لم تدم إلا سبعين يوماً فإنها أدت إلى خسائر فادحة تكبدها اليمنيون في الأموال والأرواح. ولعل أبرز الخسائر بعد الأرواح تمثلت في الدمار الذي لحق بالتسلح اليمني والذي يجعل بعض المحللين يذهبون إلى القول، إن تلك الحرب الأهلية الخاطفة قد حققت أهداف القوى الإقليمية والدولية في القضاء على ترسانة الأسلحة اليمنية التي كانت تقلق تلك القوى كثيراً.

النصر والهزيمة

انتهت الحرب بهزيمة قوات الحزب الاشتراكي (قوات الاصطفاف الوطني) وانتصار ما أطلق عليه الرئيس صالح «قوات الشرعية الدستورية» والقوى الحليفة، وفي مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين» – حزب «الإصلاح»، التي أعلنت «الجهاد المقدس» ضد عناصر الحزب الاشتراكي. وتم بذلك الحفاظ على الوحدة اليمنية ولكن بثمن باهظ. وكنتاج طبيعي فقد أعقبت الحرب أعمال نهب وسلب للمرافق والممتلكات العامة والحزبية في المدن الرئيسية خصوصاً في جنوب البلاد، لاسيما بعد فرار قادة الاشتراكي إلى الدول المجاورة.

إلا أن أكثر القرارات كلفة على اليمن اليوم تسريح آلاف العسكريين والمدنيين ممن اتهموا بمناصرة مشروع الانفصال، وهؤلاء هم من أطلقوا شرارة ما يعرف بـ»الحراك الجنوبي»، فضلاً عن توزيع أراض شاسعة كانت أممتها دولة الجنوب على أصحابها لقادة عسكريين ونافذين من أبناء الشمال والجنوب.

ورغم إسهام الرئيسين صالح والبيض في تسريع مشروع الوحدة، ولا يختلف اثنان في اليمن على ذلك، فإن إعلام صنعاء الرسمي قام –بعد حرب صيف 1994- بقص صورة البيض من جوار الرئيس صالح وهما يوقعان اتفاق الوحدة، وأثناء رفع علم اليمن 1990 في عدن، وهو أمر اثار حفيظة الطبقة السياسية والمثقفة في البلاد عموماً.

وختاماً، فإن ذلك النصر وتلك الهزيمة ولدا صدعاً ظل مغموراً لأكثر من عقد، إلا أنه ظهر للعيان الآن بسبب سوء إدارة البلاد وتكرار السياسات الخاطئة، وارتفاع منسوب الفقر في عموم اليمن، في ظل شعور متزايد بالإقصاء والحرمان من الحق في السلطة والثروة، بين أبناء الجنوب على وجه الخصوص، وهو ما أدخل البلاد في نفق أطول، حسب مراقبين.

تواريخ أساسية

• 26 سبتمبر 1962: أطيح بالحكم الإمامي في شمال اليمن، وأعلنت الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.

• 14 أكتوبر 1963: انطلقت ثورة أكتوبر ضد الإنكليز وأعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – عاصمتها عدن، التي حصلت على استقلالها الكامل في 30 نوفمبر 1967، مع رحيل آخر جندي بريطاني.

• 13 يناير 1986: حدثت مجزرة بين قيادات اليمن الجنوبي في ما كان يسمّى «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، تحت مظلة «الحزب الاشتراكي اليمني»، وكانت بين كل من القادة الموالين للشمال برئاسة علي ناصر محمد وبين الجناح اليساري الذي يتزعمه علي سالم البيض والرئيس السابق عبدالفتاح إسماعيل. وتحوّلت المجزرة إلى حرب أهلية تواجه فيها رفاق الأمس عبر القبائل التي ينتمون إليها، قبائل أبين من جهة وقبائل الضالع من جهة أخرى، وراح ضحية لها أكثر من 12 ألفاً أغلبيتهم من المدنيين، فضلاً عن إصابة وتشريد عشرات الألوف، معظمهم اتجهوا شمالاً بمن فيهم الرئيس علي ناصر محمد الذي أقام ما يقرب من أربع سنوات في صنعاء ثم غادر إلى سورية ولايزال مقيماً فيها حتى اليوم.

• 30 نوفمبر 1989: وقع الرئيس علي عبدالله صالح باسم الجمهورية العربية اليمنية والرئيس علي سالم البيض باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اتفاقية الوحدة، وبموجبها رفع الزعيمان علم الجمهورية اليمنية على سارية القصر الجمهوري في عدن صبيحة 22 مايو 1990.

• لم تلبث العلاقة بين الجانبين على حالة الوئام لأشهر، حتى خاضادوامة خلافات مرتبطة بالترتيبات المطلوبة لدمج المؤسسات الشطرية خصوصاً القوات المسلحة، وبلغت الأزمة ذروتها بعد انتخابات مجلس النواب عام 2003، إذ جاء الحزب الاشتراكي في المرتبة الثالثة بعد حزبي المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس، وحزب الإصلاح الإسلامي الحليف القوي للرئيس حينئذ.

• في فبراير 1994، وقع الطرفان وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك حسين، نصّت على مجموعة من الإصلاحات السياسية، أبرزها تحديد صلاحيات الرئيس ونائبه، وإخراج المعسكرات من المدن.

• في أبريل 1994، اندلعت شرارة الحرب الأولى من محافظة عمران شمالي اليمن عندما اشتبك لواءان عسكريان أحدهما شمالي وآخر جنوبي. قتل في المواجهة عشرات الجنود والضباط ودمرت العديد من المعدات بينها دبابات وأسلحة ثقيلة.

• في مايو 1994، اشتعلت حرب ضارية بين قوات الرئيس علي عبدالله صالح وقوات الحزب الاشتراكي بقيادة علي سالم البيض، وعشية الذكرى الرابعة لتحقيق الوحدة (21 مايو) أعلن البيض الانفصال من طرف واحد وكان إعلاناً بفشل الوحدة بين الشمال والجنوب.

• استمرت المواجهات بين الطرفين حيث رفع الرئيس صالح شعار «الوحدة أو الموت»، وانتهت في 7 يوليو من نفس العام وكانت الحصيلة مروعة، حيث قتل وجرح في الحرب أكثر من عشرة آلاف شخص مدنيين وعسكريين. وبينما كانت قوات الرئيس صالح تطبق على عدن كان علي سالم البيض والمئات من القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية يومها يغادرون إلى المنفى، وخرج على إثر ذلك الحزب الاشتراكي من السلطة، واعتزل الحياة السياسية سنوات عدة.

• في 7 يوليو أيضاً، أعلنت السلطات في صنعاء إنهاء العمليات العسكرية ووجه القائم بأعمال رئيس الحكومة الراحل محمد سعيد العطار رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة التزم فيها احترام الحكومة اليمنية للتعددية السياسية والحزبية وتنفيذ الإصلاحات السياسية ووثيقة العهد والاتفاق، والعفو العام عن جميع المشاركين في الحرب: سياسيين وعسكريين.

في الحلقة الثانية

تركِّز الحلقة الثانية من ملف جنوب اليمن، على ما يُعرَف بـ«الحراك الجنوبي» ومرحلة ظهوره، ومناطق نشاطه في المحافظات الجنوبية. كما تتناول الحلقة الآليات التي انتهجتها حكومة صنعاء في التعامل مع مشاكل الجنوب، ومواجهة فعاليات «الحراك» المطالبة بالانفصال.

http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=154075

معلاوي
2010-04-04, 01:23 AM
شكرا لك
وارجو تجميع الحلقات

المصرب
2010-04-04, 01:27 AM
اعادت وحدت اليمن
متى كنا نحن وهولاء المجوس دوله واحده
انالله تظليل
الله يعينا على الحلقه الثانيه

مقهى الدروازه
2010-04-04, 01:30 AM
اعادت وحدت اليمن
متى كنا نحن وهولاء المجوس دوله واحده
انالله تظليل
الله يعينا على الحلقه الثانيه


لا يا اخي هناك هناك اطروحات جديره بالاحترام وضعتها الجريده لانستعجل الامور ...

مقهى الدروازه
2010-04-04, 01:49 AM
اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال

مسار الوحدة ومصيرها
1/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد أحمد قناف
رغم أن محافظات جنوب اليمن عموماً تشهد هدوءاً نسبياً في الآونة الأخيرة، فإن محافظتي الضالع ولحج على وجه الخصوص لا تجيدان إلا لغة التصعيد ومظاهر الاحتجاج رغم التضييق الأمني على قادة ما يسمى بـ «الحراك الجنوبي».

ما يجري اليوم على الساحة اليمنية لم يأت من فراغ، حسب مراقبين، بل نتيجة إلى تراكم سياسات وصفت بـ «الخاطئة»، وعزز ذلك سوء الإدارة، ومركزية القرار، وإقصاء لشركاء إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990. حدث الوحدة الحلم الذي سبقه ورافقه ولحقه سيل من الأحداث نستعرضه في حلقتنا الأولى من ملف الجنوب اليمني، ونسلط الضوء فيه على إرهاصات الحلم الوطني، وأبرز الأحداث التي شكلت ملامح أزمة اليوم.

يقول سائق التاكسي طارق، 50 عاماً من أبناء مدينة عدن، إن الهتافات العالية والشعارات المعادية التي ترددها عناصر ما يعرف بـ «الحراك الجنوبي» تؤرق نظام صنعاء، إلا أنها لا تعني الكثير لأبناء مدينة عدن على وجه الخصوص، لانشغالهم بشؤونهم اليومية التي ألهتهم عن ذواتهم.

يمر طارق بسيارته يومياً من النفق الواصل بين مديريتي التواهي والمعلا في عدن، وهو ذات النفق الذي أبرمت فيه ارتجالا صيغة اليمن الجديد قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة اليمنية أواخر الثمانينيات، حين طرح رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينئذ علي عبدالله صالح أثناء زيارته لمدينة عدن، على حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إقامة حكم فدرالي ودولة اتحادية، إلا أن أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني حينذاك علي سالم البيض فاجأه بإقامة وحدة اندماجية، بحسب شهادة نائب الأمين العام لحزب اتحاد القوى الشعبية المعارض وأستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، في حديثه لـ «الجريدة».

الطريق إلى الوحدة

لم يكن الطريق إلى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 -يوم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية- مفروشاً بالورود بالنسبة لليمنيين الذين عانوا طويلاً ويلات الحروب بين الشطرين فترة تنكر النظامين السياسيين فيهما لالتزامهما قضية الوحدة الوطنية. وشهدت الدولتان الجارتان توتراً حاداً نتج عنه 3 حروب حدودية بسبب الاختلافات الايديولوجية بينهما والفارق الحضري، كما يحلو القول لكثير من المهتمين. وتم وقف العمليات العسكرية في أعنف المواجهات مطلع السبعينيات من القرن الماضي اثر تدخل جامعة الدول العربية.

ولعلّ التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها الواقع اليمني خلال هذه الفترة، إضافة إلى التدخل الشيوعي في اليمن الجنوبي، وعدم الاستقرار السياسي وتجاذب المصالح بين القوى المختلفة في شمال اليمن وتأثير القوى الإقليمية والدولية، أدت مجتمعة إلى توتر الأوضاع، وفي الوقت نفسه أدت إلى تقارب النظامين في صنعاء وعدن.

كان نظام الحكم في شمال اليمن أقرب إلى الرأسمالية ومنسوجاً من تحالف ثلاثي ضم العسكريين والقبائل والإسلاميين، بينما كان في الجنوب قائماً على نظام الحزب الواحد، وهو الحزب الاشتراكي اليمني الذي يتبع المعسكر الاشتراكي. استمرت سياسة التعايش السلمي بين النظامين أكثر من أربع سنوات بعد استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني الذي استمر نحو 137 عاماً، وبعد جلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967. وإذا كان نظام صنعاء اليوم قد أفلح في إقصاء الإسلاميين، فإن القبيلة والعسكريين مازالا يتحكمان في مفاصل الدولة جنوباً وشمالاً. كانت أولى الخطوات العملية في اتجاه الوحدة في الرابع من مايو 1988، عندما تم السماح للمواطنين في الشطرين بالتنقل بين البلدين بالبطاقة الشخصية، وتم في مطلع يوليو 1988، إلغاء النقاط الأمنية المتمركزة على الحدود بين البلدين.

وواكبت الجهود النهائية في طريق الوحدة اليمنية، تغيرات دولية ملحوظة، خصوصاً ذلك التقارب الذي حدث بين القطبين السوفياتي والأميركي، وتوجه الدول الشيوعية في الكتلة الشرقية إلى التخلص من أنظمتها الشمولية، وغيرها من الأحداث، مما جعل الأجواء في البلدين تتجه نحو جدية عالية في تحقيق التغير السلمي في بناء دولة الوحدة. تلك العوامل كما أشارت دراسة للدكتور عبدالعزيز الشعيبي الأستاذ في جامعة عدن، ساهمت في التسريع بالخطوات نحو إعادة تحقيق الوحدة الوطنية.

صراعات داخلية

في شمال اليمن كما في جنوبه، لم يكن هناك استقرار سياسي وتشابهت الحياة السياسية بينهما لكن أحداثها اختلفت، كما ذكر الباحث اليمني محمد حسين الفرح في كتابه «معالم عهود رؤساء الجمهورية». وبحسب الفرح، فقد شهد الشمال صراعاً على السلطة منذ فجر ثورة سبتمبر 1962، كان محصلتها نفي رئيسين خارج البلاد في انقلابين أبيضين واغتيال رئيسين آخرين، ليأتي بعد ذلك الرئيس علي عبدالله صالح في 17 يوليو 1978.

الانقلابات والصراعات على السلطة في الشمال كانت أقل دموية وعنفاً عن مثيلاتها في جنوب اليمن، الذي شهد دوامات عنف متعددة كان أولاها الانقلاب على أول رئيس لدولة الجنوب قحطان الشعبي في 1969، وذلك بعد قرابة 6 سنوات من ثورة أكتوبر 1963 في الجنوب، ومقتل ونفي ثلاثة رؤساء آخرين، حتى انفجرت «أحداث يناير» عام 1986، والتي راح ضحية لها عدد من قيادات الدولة والحزب، بمن فيهم الأمين العام للحزب والرئيس الأسبق عبدالفتاح إسماعيل. كما أسفرت تلك الأحداث عن مقتل حوالي 12 ألف من كوادر الحزب وجرح قرابة 20 ألفاً آخرين، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين من أنصار الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، المقيم حالياً في سورية.

اتفاق الوحدة

كانت أحلام اليمنيين في القطرين بإقامة وحدة وطنية قد دفعت النظامين نحو اتفاق تعز في نوفمبر 1970، الداعي إلى إقامة اتحاد فدرالي بين الشطرين، والذي تلاه اتفاقية القاهرة في 13 سبتمبر 1972، وانتهاءً باتفاقية صنعاء في 4 مايو 1988، وما تلاها من مفاوضات واتفاقات. وكان من نتائجها إعلان الوحدة الاندماجية في 22 مايو عام 1990، وذلك عقب اتفاق عدن التاريخي في 30/11/1989، بين قيادتي الشطرين، إذ تم التصديق على الدستور الذي تم إعداده منذ عام 1981. كما تم التوجه للاستفتاء عليه شعبياً، والمضي في الانتخابات التشريعية (للسلطة التشريعية الموحدة)، وتشكيل لجنة للإشراف على الانتخابات، ودعوة جامعة الدول العربية لإرسال مندوبيها لمراقبة الانتخابات.

في الاجتماع الثاني للجنة التنظيم السياسي الموحد الذي عقد في عدن يوم 10 يناير 1990، تم إقرار مبدأ التعددية السياسية من خلال الموافقة على (البديل الثاني) الذي ينص على احتفاظ الحزب الاشتراكي (في الجنوب) وحزب المؤتمر الشعبي العام (في الشمال) باستقلاليتهما، وحق القوى السياسية في ممارسة نشاطاتها بكل حرية وفقاً للدستور في ظل اليمن الواحد.

وفي اجتماع صنعاء يوم 22 يناير1990، صدر عدد من القرارات في الجوانب الاقتصادية والمالية والإعلامية والثقافية والتربوية والتشريعية والشؤون الخارجية، والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتصورات، بشأن دمج الوزارات والمؤسسات والمصالح.

الجمهورية اليمنية

في يوم 22 مايو 1990، تم في مدينة عدن توقيع اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية، وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل زعيمي الشطرين، إذ نص الاتفاق على قيام وحدة اندماجية كاملة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد هو «الجمهورية اليمنية» ويكون لها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. بعد نفاذ هذا الاتفاق يُكون مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية لمدة الفترة الانتقالية ويتألف من خمسة أشخاص ينتخبون من بينهم في أول اجتماع لهم رئيساً ونائباً للرئيس.

وحددت الاتفاقية فترة انتقالية مدة سنتين وستة أشهر، ويتكون مجلس النواب خلال هذه الفترة من كل أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب الأعلى، بالإضافة إلى 31 عضواً يصدر بهم قرار من مجلس الرئاسة، ويمارس مجلس النواب كل الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور عدا انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور.

ويروي عضو مجلس الرئاسة السابق سالم صالح محمد، (عن الحزب الاشتراكي)، في مذكراته أنه تم اختيار الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً لمجلس الرئاسة في الجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائباً للرئيس، عندما اجتمع مجلس الشورى ومجلس الشعب، وكيف أسندت تلك المهمة للشيخ سنان أبولحوم، أحد أبرز المشايخ في شمال البلاد، الذي ترأس ذلك الاجتماع نظراً لكونه أكبر الموجودين سناً.

شهدت الفترة الانتقالية وضع الأسس الدستورية والقانونية لدولة الوحدة، إذ تم الاستفتاء على دستور الوحدة في منتصف مايو 1991 ليصبح نافذاً بعد ذلك بعد أن كانت السلطات المختلفة تستمد شرعيتها من اتفاقية إعلان قيام الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية، وهي فترة تدخلت فيها مشاعر الإنجاز أكثر فأثرت على متطلبات المرحلة.

وهنا يقول المحامي المعروف في عدن شيخ طارق عبدالله في حديثه لـ «الجريدة»، إنه اقترح الصيغة الفدرالية لمنظومة الحكم في اليمن الجديد في سلسلة مقالات نشرها عقب إعلان الوحدة، وهو ما تطالب به اليوم كثير من الأحزاب السياسية، أبرزها حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الذي انطلق من عدن في خمسينيات القرن الماضي.

وبينما يعزو المحامي القانوني الصيغة التي قامت عليها الوحدة حينئذ إلى الاندفاع العاطفي من كل أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب تجاه الوحدة الوطنية آنذاك، إلا أنه قال إن «دستور الوحدة (القائم) غير مناسب، واليمن الموحد يمكن أن يستقر ويتقدم ويدوم فقط في حالة انتهاج النظام الفدرالي».

التعددية

شهدت الفترة الانتقالية ظهور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة الحزبية والأهلية. وكان أبرز الأحزاب التي تأسست خلال الفترة، ثم لعبت في ما بعد أدواراً سياسية مهمة هو «التجمع اليمني للإصلاح»، الذي أعلن قيامه في سبتمبر 1990. وقد جاء تأسيس «حزب الإصلاح» من أجل القيام بدور سياسي مساند

لـ»حزب المؤتمر الشعبي العام» في مواجهة شريكه «الحزب الاشتراكي اليمني»، بحسب شهادة الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق والرئيس المؤسس لـ «الإصلاح» في مذكراته. وأكد الأحمر أن الرئيس صالح طلب منه عقب قيام الوحدة هو وحلفاؤه من القوى الإسلامية، تشكيل حزب سياسي يكون رديفاً لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وذلك «بغرض معارضة الاتفاقات الثنائية التي أبرمها الرئيس صالح مع حليفه في تحقيق الوحدة: الحزب الاشتراكي اليمني الممثل للجنوب، من أجل تعطيل تلك الاتفاقات وعدم تنفيذها».

يذكر أن هذه الشهادة أثارت ضجة في الأوساط السياسية والثقافية عقب صدور مذكرات الشيخ الأحمر قبل رحيله بأشهر قليلة.

سياسة التربص

أستاذ السياسة في جامعة صنعاء عبدالله الفقيه قال لـ»الجريدة» إن «كلا من المؤتمر والاشتراكي عملا خلال الفترة الانتقالية على توظيف الموارد العامة للدولة، بما في ذلك الوظيفة العامة لتعزيز مواقعهما وتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية الأولى، فظهرت أحزاب وصحف وجمعيات ترتبط بهذا الحزب أو ذاك. كما تم إثقال كاهل الخزينة العامة بعشرات (إن لم يكن بمئات) الآلاف من الموظفين الوهميين، رغم الفارق الكبير بين عدد السكان في الشطرين لمصلحة الشمال».

ويضيف الفقيه: «اتصفت العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية بالتوتر الشديد في معظم الأوقات، ويمكن رد ذلك التوتر إلى الصراع الشديد بين الحزبين على السلطة، وإلى سعي كل طرف إلى تهميش الآخر»، وذلك كإرث قديم من فترة ما قبل الوحدة، لذا لوحظ أن الحزبين رغم إعلاناتهما المتكررة بإتمام توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة، فقد ابقيا على الجيش والأجهزة الأمنية والإعلامية مشطرة.

وكانت أسوأ مظاهر الخلاف موجة الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت قيادات وأعضاء في الحزب الاشتراكي، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين شريكي الوحدة، وتبادل الاتهامات لما يجري من فوضى في البلاد.

كل تلك الظروف شكلت تحديات كبيرة بين يدي الدولة اليمنية الجديدة، مما جعل أداء أول حكومة يمنية يتسم بالضعف الشديد. ومع انتهاء الفترة الانتقالية جرت أول انتخابات في تاريخ اليمن تقوم على قاعدة التعددية الحزبية، وذلك في 27 أبريل عام 1993. وقد أسفرت الانتخابات عن ظهور ثلاث قوى سياسية على الساحة هي بالترتيب: المؤتمر الشعبي العام وقد حاز 123 مقعداً، والتجمع اليمني للإصلاح (62 مقعداً)، ثم الحزب الاشتراكي وقد حصل على 56 مقعداً. وإذا كان فوز المؤتمر والاشتراكي قد مثل تحصيل حاصل فإن ظهورا لإصلاح كقوة سياسية جديدة قد مثل أبرز إفرازات تلك المرحلة.

الائتلاف والاختلاف

بحسب الدكتور الفقيه، اتسمت المرحلة التالية لانتخابات أبريل عام 1993، بتشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب هي المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، وإلغاء مبدأ القسمة على اثنين بالتساوي الذي كان معمولاً به خلال الفترة الانتقالية. وقد تم الإلغاء لسببين: الأول، هو دخول شريك جديد في السلطة، والثاني هو النتائج المتواضعة التي حققها الحزب الاشتراكي في الانتخابات التي اقتصرت بشكل عام على دوائر الجنوب الذي كان لايزال تحت سيطرة الحزب إلى حد كبير.

وساعدت عوامل محلية وإقليمية على تصعيد الصراع بين المؤتمر والاشتراكي، أهمها التدهور الاقتصادي الذي ترتب على طرد ما يقارب المليون يمني من السعودية، وعلى قطع المساعدات التي كانت تتدفق على اليمن –عقب حرب الخليج الثانية، والإبقاء على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والإعلام مشطرة. وأسهم الموقف الدولي من الأزمة الذي اتسم باللامبالاة إلى حد كبير في إنجرار الأطراف اليمنية نحو مستنقع حرب أهلية في مايو 1994.

اتسمت الفترة التالية لحرب 1994 بإخراج الحزب الاشتراكي من السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية (في 6 أكتوبر 1994) من حزبي المؤتمر والإصلاح، لكن شهر العسل بين الحزبين لم يدم طويلا، ففي حين رأى الإصلاح نفسه الوريث الشرعي لحصة الاشتراكي في السلطة، رأى المؤتمر في زيادة قوة الإصلاح خطراً ينبغي العمل على تجنبه.

إعلان الانفصال

أعلن البيض انفصال الجنوب عن الشمال في 21 مايو 1994، ونصب نفسه رئيساً للدولة الجديدة، والتي لم تحظ إلا باعتراف جمهورية أرض الصومال، والتي لم يكن أحداً قد اعترف بها أصلا. بالنسبة للدول المجاورة الداعمة للاشتراكي فقد لاقت حرجاً كبيراً في الاعتراف بالدولة الانفصالية، لكن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة شجّع فكرة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي الذي ارتأى أن الاعتراف بالدولة الانفصالية سيؤدي إلى تطويل الحرب التي اندلعت بين الشطرين، مع ما يمكن أن تجلبه من مخاطر على الاستقرار في المنطقة.

ومع ان الحرب لم تدم إلا سبعين يوماً فإنها أدت إلى خسائر فادحة تكبدها اليمنيون في الأموال والأرواح. ولعل أبرز الخسائر بعد الأرواح تمثلت في الدمار الذي لحق بالتسلح اليمني والذي يجعل بعض المحللين يذهبون إلى القول، إن تلك الحرب الأهلية الخاطفة قد حققت أهداف القوى الإقليمية والدولية في القضاء على ترسانة الأسلحة اليمنية التي كانت تقلق تلك القوى كثيراً.

النصر والهزيمة

انتهت الحرب بهزيمة قوات الحزب الاشتراكي (قوات الاصطفاف الوطني) وانتصار ما أطلق عليه الرئيس صالح «قوات الشرعية الدستورية» والقوى الحليفة، وفي مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين» – حزب «الإصلاح»، التي أعلنت «الجهاد المقدس» ضد عناصر الحزب الاشتراكي. وتم بذلك الحفاظ على الوحدة اليمنية ولكن بثمن باهظ. وكنتاج طبيعي فقد أعقبت الحرب أعمال نهب وسلب للمرافق والممتلكات العامة والحزبية في المدن الرئيسية خصوصاً في جنوب البلاد، لاسيما بعد فرار قادة الاشتراكي إلى الدول المجاورة.

إلا أن أكثر القرارات كلفة على اليمن اليوم تسريح آلاف العسكريين والمدنيين ممن اتهموا بمناصرة مشروع الانفصال، وهؤلاء هم من أطلقوا شرارة ما يعرف بـ»الحراك الجنوبي»، فضلاً عن توزيع أراض شاسعة كانت أممتها دولة الجنوب على أصحابها لقادة عسكريين ونافذين من أبناء الشمال والجنوب.

ورغم إسهام الرئيسين صالح والبيض في تسريع مشروع الوحدة، ولا يختلف اثنان في اليمن على ذلك، فإن إعلام صنعاء الرسمي قام –بعد حرب صيف 1994- بقص صورة البيض من جوار الرئيس صالح وهما يوقعان اتفاق الوحدة، وأثناء رفع علم اليمن 1990 في عدن، وهو أمر اثار حفيظة الطبقة السياسية والمثقفة في البلاد عموماً.

وختاماً، فإن ذلك النصر وتلك الهزيمة ولدا صدعاً ظل مغموراً لأكثر من عقد، إلا أنه ظهر للعيان الآن بسبب سوء إدارة البلاد وتكرار السياسات الخاطئة، وارتفاع منسوب الفقر في عموم اليمن، في ظل شعور متزايد بالإقصاء والحرمان من الحق في السلطة والثروة، بين أبناء الجنوب على وجه الخصوص، وهو ما أدخل البلاد في نفق أطول، حسب مراقبين.تواريخ أساسية

• 26 سبتمبر 1962: أطيح بالحكم الإمامي في شمال اليمن، وأعلنت الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.

• 14 أكتوبر 1963: انطلقت ثورة أكتوبر ضد الإنكليز وأعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – عاصمتها عدن، التي حصلت على استقلالها الكامل في 30 نوفمبر 1967، مع رحيل آخر جندي بريطاني.

• 13 يناير 1986: حدثت مجزرة بين قيادات اليمن الجنوبي في ما كان يسمّى «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، تحت مظلة «الحزب الاشتراكي اليمني»، وكانت بين كل من القادة الموالين للشمال برئاسة علي ناصر محمد وبين الجناح اليساري الذي يتزعمه علي سالم البيض والرئيس السابق عبدالفتاح إسماعيل. وتحوّلت المجزرة إلى حرب أهلية تواجه فيها رفاق الأمس عبر القبائل التي ينتمون إليها، قبائل أبين من جهة وقبائل الضالع من جهة أخرى، وراح ضحية لها أكثر من 12 ألفاً أغلبيتهم من المدنيين، فضلاً عن إصابة وتشريد عشرات الألوف، معظمهم اتجهوا شمالاً بمن فيهم الرئيس علي ناصر محمد الذي أقام ما يقرب من أربع سنوات في صنعاء ثم غادر إلى سورية ولايزال مقيماً فيها حتى اليوم.

• 30 نوفمبر 1989: وقع الرئيس علي عبدالله صالح باسم الجمهورية العربية اليمنية والرئيس علي سالم البيض باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اتفاقية الوحدة، وبموجبها رفع الزعيمان علم الجمهورية اليمنية على سارية القصر الجمهوري في عدن صبيحة 22 مايو 1990.

• لم تلبث العلاقة بين الجانبين على حالة الوئام لأشهر، حتى خاضادوامة خلافات مرتبطة بالترتيبات المطلوبة لدمج المؤسسات الشطرية خصوصاً القوات المسلحة، وبلغت الأزمة ذروتها بعد انتخابات مجلس النواب عام 2003، إذ جاء الحزب الاشتراكي في المرتبة الثالثة بعد حزبي المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس، وحزب الإصلاح الإسلامي الحليف القوي للرئيس حينئذ.

• في فبراير 1994، وقع الطرفان وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك حسين، نصّت على مجموعة من الإصلاحات السياسية، أبرزها تحديد صلاحيات الرئيس ونائبه، وإخراج المعسكرات من المدن.

• في أبريل 1994، اندلعت شرارة الحرب الأولى من محافظة عمران شمالي اليمن عندما اشتبك لواءان عسكريان أحدهما شمالي وآخر جنوبي. قتل في المواجهة عشرات الجنود والضباط ودمرت العديد من المعدات بينها دبابات وأسلحة ثقيلة.

• في مايو 1994، اشتعلت حرب ضارية بين قوات الرئيس علي عبدالله صالح وقوات الحزب الاشتراكي بقيادة علي سالم البيض، وعشية الذكرى الرابعة لتحقيق الوحدة (21 مايو) أعلن البيض الانفصال من طرف واحد وكان إعلاناً بفشل الوحدة بين الشمال والجنوب.

• استمرت المواجهات بين الطرفين حيث رفع الرئيس صالح شعار «الوحدة أو الموت»، وانتهت في 7 يوليو من نفس العام وكانت الحصيلة مروعة، حيث قتل وجرح في الحرب أكثر من عشرة آلاف شخص مدنيين وعسكريين. وبينما كانت قوات الرئيس صالح تطبق على عدن كان علي سالم البيض والمئات من القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية يومها يغادرون إلى المنفى، وخرج على إثر ذلك الحزب الاشتراكي من السلطة، واعتزل الحياة السياسية سنوات عدة.

• في 7 يوليو أيضاً، أعلنت السلطات في صنعاء إنهاء العمليات العسكرية ووجه القائم بأعمال رئيس الحكومة الراحل محمد سعيد العطار رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة التزم فيها احترام الحكومة اليمنية للتعددية السياسية والحزبية وتنفيذ الإصلاحات السياسية ووثيقة العهد والاتفاق، والعفو العام عن جميع المشاركين في الحرب: سياسيين وعسكريين.

في الحلقة الثانية

تركِّز الحلقة الثانية من ملف جنوب اليمن، على ما يُعرَف بـ«الحراك الجنوبي» ومرحلة ظهوره، ومناطق نشاطه في المحافظات الجنوبية. كما تتناول الحلقة الآليات التي انتهجتها حكومة صنعاء في التعامل مع مشاكل الجنوب، ومواجهة فعاليات «الحراك» المطالبة بالانفصال.


http://www.aljarida.com/aljarida/article.aspx?id=154075 (http://www.aljarida.com/aljarida/article.aspx?id=154075)



من القرائه الاوليه يتضح هناك اظهار حقائق هناك الكثير لايعلم بها من الخارج وبخاصه جزئية قص صورة الرئيس البيض لدى اعلان الوحده الامر الذي اثار حفيضة الكثير
..

نايف الكلدي
2010-04-04, 02:22 AM
شكرا عزيزي مقهى الدروزة على النقل الموفق

بحق هذه الحلقات تعتبر وثيقة تاريخة ..

تستحق المتابعة , وفيها الكثير من الحقائق . والتوثيق لــ مرحلة من مراحل جنوبنا العربي

وان شاء الله سوف تشهد الحلقات القادمة مزيدا من الحقائق والوثائق المهمة

ونتمنى من الجميع اثرى الموضوع ..

والرد على الصحيفة من خلال الرابط المرافق لــ الصحيفة .


تم تثبيت الموضوع .


تحياتي

الربان
2010-04-04, 03:01 AM
يا جماعة نرجو التعليق على المقال في موقع الجريدة..
وخصوصا على كلمة أعادة وكلمة الوحدة الوطنية وكذلك على عدم ذكر أن بداية الحرب
كانت 4/مايو وأعلان فك الأرتباط أتى بعده وليس كما في مقدمتهم
في الموضوع السابق أمس الأول بأن الحرب قامت عندما قام الرئيس
البيض بأعلان الأنفصال...
كل هذا يؤكد بأنهم معتمدين على مراسلين ومصادر يمنية,
لذلك يجب علينا التعليق على كل كلمة محرفة في مقالاتهم
من خلال رابط الصحيفة.
أرق التحايا للجميع.

رفيق الجنوب
2010-04-04, 03:03 AM
لم اقراء الا السطور الاولاى من الموضوع على ان اتمه غدا لتاخر الوقت

ولكن لفت انتباهي انه ليس سهوا تم كتابة ((وإقصاء لشركاء إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990.))

وسؤالي متى تمت سابقا لكي نقول اعادة تحقيق؟؟؟؟

اليس كان من الاصح ان يقال اعلان!!

لانها لم تتم سابقا ولم تقم اصلا

ولم تقم لانها فشلت في اتمام مهامها خلال الفتره الانتقاليه

لنا عوده..

خالد اليافعي
2010-04-04, 08:44 AM
في مقدمة الامر اشكر اخي مقهى الدراوزة على المجهود الطيب..
ولكن هناك اشياء يجب ان نقف امامها ؛ ولايجب ان ندير ظهرنا لها مثلاً..
1) تعمد ذكر احاث يناير ؛؛ ع الرغم انهم في اغتيلات حصلت في الجمهورية العربية اليمنية ؛؛ ولم يتم ذكر اياً منها بالحصر اتمنى ان لا يكون ذلك بقصد لأني مقروص من هذه النقطة..
2) عبارة اعادة تحقيق الوحدة ؛؛ متى كنا متوحدين اصلاً كي يتم اعادة تحقيقها..
3) عبارة الانفصال ؛؛ والمفروض ان يقال فك الارتباط..
هذه من الاشياء المهمة بالنسبة لي وحبيت ان اعلق عليها..

ابن خلدون الحضرمي
2010-04-04, 11:43 AM
الشكر والتقديرللأخ مقهى الدروازة.
مايجب ان نوطن أنفسنا عليه من الآن وحتى الحلقة الأخيرةان هذه الحلقات لم تعد من قبل قيادات الحراك الجنوبي ولذلك لن تاتي وفق اهواءنا ومنضورنا وفهمنا لقضية الجنوب والتعبير عنها 100% وعلينا التعامل معهاوفق ذلك و هذالا يقلل من أهمية الحلقات في التعريف بتحول الوحدة إلي احتلال وفتح المجال لنا لطرح آرانا وبكثافةلتوضيح مغالطات السلطة في صنعاء وتكمن اهميتها الأولى أنها تاتي بعد خطاب راس السلطة في سرة بان الاوضاع والأمن في الجنوب مستقر ين إلامن بعض التضخيمات الأعلامية.
ستتناول الحلقات منذ الأولى مصطلحات ومفاهيم خاطيئة ولكنها كانت سايدة ومتداولة في الجنوب منذ منتصف القرن العشرين عندما ظهرة الحركات القومية المنادية بالوحدة العربية كالبعث والقوميين العرب وامتدادتها في الجنوب وتعمقت بعد الاستقلال مثل ((اعادة الوحدة ارضا وشعبا والشطرين إلي آخر )) ومهمة مثقفينا والمهتمين بالتاريخ دحض هذه المصطلحات والافتراءات والتشوهات التي الحقتها بالتاريخ وترتب عليها تشويه وطمس تاريخ الجنوب والحاقه بتاريخ اليمن عن قصد.
والاهمية الثانية انها تقرع هذه المرة الجرس بقوة عاليةوطويلة منبة العالم إلي وجود بؤرة توتر شديدة الحساسية في منطقة حساسة لا تحمل أية هزة وتداعيتها وأن التجاهل لهذه القضية المفصلية لم يعد مقبول وانه كفى تجاهل والرهان على احمادها ووادها في المهد وان على المجتمع الدولي يتحمل مسؤوليته الاخلاقية والادبية اتجاهها وإلا سيكون هو اول من يكتوي بنارها وان استمر ار التجاهل سوف يترتب عليها مالا يحمد عقباه على صعيد امن الاقليم والامن العالمي وان المعالجات الجزئية والامنية ستزيدها اشتعالا يحرق المنطقة باكملها وان لصبر الجنوب واساليبه الحضارية حدود وان هذا التجاهل المتعمد سيجعل الجنوب يشعر بظلم ذو القربى اولا (( المحيط الاقليمي)) والعالم ثانيا والتحدير من رد فعل المظلوم .
ودور مثقفينافي التعقيب على الحلقات العشر في تقديري الشخصي إلي جانب تفنيد مغالطات السلطة في صنعاء من خلال كتابها ومرتزقتها هي التصدي لثلاثه محاور:
الأول : تفنيد المصطلحات والمفاهيم الخاطيئة المتداولة في اوساط المثقفين العرب كمسلمات مثل اعادة الوحدةوالشطر والتشطير والانفصال.
الثاني : رفض مصطلح الانفصال والانفصاليين والتركيز على فك الارتباط والاستقلاليين.
الثالث : بدء الحرب عام1994 ومن ميدان السبعين وبعد استكمال ضرب الالوية الجنوبية المنقولة إلي اليمن عام 1990م وذلك يقودنا بالضرورة إلي ان الحرب مبيته وغايتها التخلص من الشريك الجنوبي الذي بدا بالاغتيالات وانتهى باعلان الحرب وفرض الاحتلال.
والأهمية الأخيرة لهذة الحلقات في كونها أول مرة يجري تناول قضية الجنوب بهذه السعة وعلى مدار عشرة ايام وبذلك تتخطى المحلية إلي المحيطيين الاقليمي والعالمي وهنا أيضا يكمن دور مثقفينا في استغلال الصحيفة وانتشارها الاقليمي والعربي في طرح قضيتناالعادلة ونشرها من خلال التعليق الرصين والمدعوم بالبراهين البعيد عن المهاترات والسب والتجريح فالقضية مهما كانت عادلة تصرع ان عمد اصحابها إلي اطهارهابمثل هذه الاساليب التي سيعمد كتاب السلطة جرنا إليها للتشويش عليها[/color][/size][/right][/b]اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
مسار الوحدة ومصيرها
1/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد أحمد قناف

http://www.aljarida.com/aljarida/resources/articlespictures/2010/04/04/154075_00000_smaller.jpg

رغم أن محافظات جنوب اليمن عموماً تشهد هدوءاً نسبياً في الآونة الأخيرة، فإن محافظتي الضالع ولحج على وجه الخصوص لا تجيدان إلا لغة التصعيد ومظاهر الاحتجاج رغم التضييق الأمني على قادة ما يسمى بـ «الحراك الجنوبي».

ما يجري اليوم على الساحة اليمنية لم يأت من فراغ، حسب مراقبين، بل نتيجة إلى تراكم سياسات وصفت بـ «الخاطئة»، وعزز ذلك سوء الإدارة، ومركزية القرار، وإقصاء لشركاء إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990. حدث الوحدة الحلم الذي سبقه ورافقه ولحقه سيل من الأحداث نستعرضه في حلقتنا الأولى من ملف الجنوب اليمني، ونسلط الضوء فيه على إرهاصات الحلم الوطني، وأبرز الأحداث التي شكلت ملامح أزمة اليوم.

يقول سائق التاكسي طارق، 50 عاماً من أبناء مدينة عدن، إن الهتافات العالية والشعارات المعادية التي ترددها عناصر ما يعرف بـ «الحراك الجنوبي» تؤرق نظام صنعاء، إلا أنها لا تعني الكثير لأبناء مدينة عدن على وجه الخصوص، لانشغالهم بشؤونهم اليومية التي ألهتهم عن ذواتهم.

يمر طارق بسيارته يومياً من النفق الواصل بين مديريتي التواهي والمعلا في عدن، وهو ذات النفق الذي أبرمت فيه ارتجالا صيغة اليمن الجديد قبل التوقيع على اتفاقية الوحدة اليمنية أواخر الثمانينيات، حين طرح رئيس الجمهورية العربية اليمنية حينئذ علي عبدالله صالح أثناء زيارته لمدينة عدن، على حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إقامة حكم فدرالي ودولة اتحادية، إلا أن أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني حينذاك علي سالم البيض فاجأه بإقامة وحدة اندماجية، بحسب شهادة نائب الأمين العام لحزب اتحاد القوى الشعبية المعارض وأستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، في حديثه لـ «الجريدة».

الطريق إلى الوحدة

لم يكن الطريق إلى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 -يوم إعادة تحقيق الوحدة اليمنية- مفروشاً بالورود بالنسبة لليمنيين الذين عانوا طويلاً ويلات الحروب بين الشطرين فترة تنكر النظامين السياسيين فيهما لالتزامهما قضية الوحدة الوطنية. وشهدت الدولتان الجارتان توتراً حاداً نتج عنه 3 حروب حدودية بسبب الاختلافات الايديولوجية بينهما والفارق الحضري، كما يحلو القول لكثير من المهتمين. وتم وقف العمليات العسكرية في أعنف المواجهات مطلع السبعينيات من القرن الماضي اثر تدخل جامعة الدول العربية.

ولعلّ التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها الواقع اليمني خلال هذه الفترة، إضافة إلى التدخل الشيوعي في اليمن الجنوبي، وعدم الاستقرار السياسي وتجاذب المصالح بين القوى المختلفة في شمال اليمن وتأثير القوى الإقليمية والدولية، أدت مجتمعة إلى توتر الأوضاع، وفي الوقت نفسه أدت إلى تقارب النظامين في صنعاء وعدن.

كان نظام الحكم في شمال اليمن أقرب إلى الرأسمالية ومنسوجاً من تحالف ثلاثي ضم العسكريين والقبائل والإسلاميين، بينما كان في الجنوب قائماً على نظام الحزب الواحد، وهو الحزب الاشتراكي اليمني الذي يتبع المعسكر الاشتراكي. استمرت سياسة التعايش السلمي بين النظامين أكثر من أربع سنوات بعد استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني الذي استمر نحو 137 عاماً، وبعد جلاء آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر 1967. وإذا كان نظام صنعاء اليوم قد أفلح في إقصاء الإسلاميين، فإن القبيلة والعسكريين مازالا يتحكمان في مفاصل الدولة جنوباً وشمالاً. كانت أولى الخطوات العملية في اتجاه الوحدة في الرابع من مايو 1988، عندما تم السماح للمواطنين في الشطرين بالتنقل بين البلدين بالبطاقة الشخصية، وتم في مطلع يوليو 1988، إلغاء النقاط الأمنية المتمركزة على الحدود بين البلدين.

وواكبت الجهود النهائية في طريق الوحدة اليمنية، تغيرات دولية ملحوظة، خصوصاً ذلك التقارب الذي حدث بين القطبين السوفياتي والأميركي، وتوجه الدول الشيوعية في الكتلة الشرقية إلى التخلص من أنظمتها الشمولية، وغيرها من الأحداث، مما جعل الأجواء في البلدين تتجه نحو جدية عالية في تحقيق التغير السلمي في بناء دولة الوحدة. تلك العوامل كما أشارت دراسة للدكتور عبدالعزيز الشعيبي الأستاذ في جامعة عدن، ساهمت في التسريع بالخطوات نحو إعادة تحقيق الوحدة الوطنية.

صراعات داخلية

في شمال اليمن كما في جنوبه، لم يكن هناك استقرار سياسي وتشابهت الحياة السياسية بينهما لكن أحداثها اختلفت، كما ذكر الباحث اليمني محمد حسين الفرح في كتابه «معالم عهود رؤساء الجمهورية». وبحسب الفرح، فقد شهد الشمال صراعاً على السلطة منذ فجر ثورة سبتمبر 1962، كان محصلتها نفي رئيسين خارج البلاد في انقلابين أبيضين واغتيال رئيسين آخرين، ليأتي بعد ذلك الرئيس علي عبدالله صالح في 17 يوليو 1978.

الانقلابات والصراعات على السلطة في الشمال كانت أقل دموية وعنفاً عن مثيلاتها في جنوب اليمن، الذي شهد دوامات عنف متعددة كان أولاها الانقلاب على أول رئيس لدولة الجنوب قحطان الشعبي في 1969، وذلك بعد قرابة 6 سنوات من ثورة أكتوبر 1963 في الجنوب، ومقتل ونفي ثلاثة رؤساء آخرين، حتى انفجرت «أحداث يناير» عام 1986، والتي راح ضحية لها عدد من قيادات الدولة والحزب، بمن فيهم الأمين العام للحزب والرئيس الأسبق عبدالفتاح إسماعيل. كما أسفرت تلك الأحداث عن مقتل حوالي 12 ألف من كوادر الحزب وجرح قرابة 20 ألفاً آخرين، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المواطنين من أنصار الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، المقيم حالياً في سورية.

اتفاق الوحدة

كانت أحلام اليمنيين في القطرين بإقامة وحدة وطنية قد دفعت النظامين نحو اتفاق تعز في نوفمبر 1970، الداعي إلى إقامة اتحاد فدرالي بين الشطرين، والذي تلاه اتفاقية القاهرة في 13 سبتمبر 1972، وانتهاءً باتفاقية صنعاء في 4 مايو 1988، وما تلاها من مفاوضات واتفاقات. وكان من نتائجها إعلان الوحدة الاندماجية في 22 مايو عام 1990، وذلك عقب اتفاق عدن التاريخي في 30/11/1989، بين قيادتي الشطرين، إذ تم التصديق على الدستور الذي تم إعداده منذ عام 1981. كما تم التوجه للاستفتاء عليه شعبياً، والمضي في الانتخابات التشريعية (للسلطة التشريعية الموحدة)، وتشكيل لجنة للإشراف على الانتخابات، ودعوة جامعة الدول العربية لإرسال مندوبيها لمراقبة الانتخابات.

في الاجتماع الثاني للجنة التنظيم السياسي الموحد الذي عقد في عدن يوم 10 يناير 1990، تم إقرار مبدأ التعددية السياسية من خلال الموافقة على (البديل الثاني) الذي ينص على احتفاظ الحزب الاشتراكي (في الجنوب) وحزب المؤتمر الشعبي العام (في الشمال) باستقلاليتهما، وحق القوى السياسية في ممارسة نشاطاتها بكل حرية وفقاً للدستور في ظل اليمن الواحد.

وفي اجتماع صنعاء يوم 22 يناير1990، صدر عدد من القرارات في الجوانب الاقتصادية والمالية والإعلامية والثقافية والتربوية والتشريعية والشؤون الخارجية، والتمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتصورات، بشأن دمج الوزارات والمؤسسات والمصالح.

الجمهورية اليمنية

في يوم 22 مايو 1990، تم في مدينة عدن توقيع اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية، وتنظيم الفترة الانتقالية من قبل زعيمي الشطرين، إذ نص الاتفاق على قيام وحدة اندماجية كاملة بين دولتي الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تذوب فيها الشخصية الدولية لكل منهما في شخص دولي واحد هو «الجمهورية اليمنية» ويكون لها سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة. بعد نفاذ هذا الاتفاق يُكون مجلس رئاسة الجمهورية اليمنية لمدة الفترة الانتقالية ويتألف من خمسة أشخاص ينتخبون من بينهم في أول اجتماع لهم رئيساً ونائباً للرئيس.

وحددت الاتفاقية فترة انتقالية مدة سنتين وستة أشهر، ويتكون مجلس النواب خلال هذه الفترة من كل أعضاء مجلس الشورى ومجلس الشعب الأعلى، بالإضافة إلى 31 عضواً يصدر بهم قرار من مجلس الرئاسة، ويمارس مجلس النواب كل الصلاحيات المنصوص عليها في الدستور عدا انتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور.

ويروي عضو مجلس الرئاسة السابق سالم صالح محمد، (عن الحزب الاشتراكي)، في مذكراته أنه تم اختيار الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً لمجلس الرئاسة في الجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائباً للرئيس، عندما اجتمع مجلس الشورى ومجلس الشعب، وكيف أسندت تلك المهمة للشيخ سنان أبولحوم، أحد أبرز المشايخ في شمال البلاد، الذي ترأس ذلك الاجتماع نظراً لكونه أكبر الموجودين سناً.

شهدت الفترة الانتقالية وضع الأسس الدستورية والقانونية لدولة الوحدة، إذ تم الاستفتاء على دستور الوحدة في منتصف مايو 1991 ليصبح نافذاً بعد ذلك بعد أن كانت السلطات المختلفة تستمد شرعيتها من اتفاقية إعلان قيام الجمهورية اليمنية وتنظيم الفترة الانتقالية، وهي فترة تدخلت فيها مشاعر الإنجاز أكثر فأثرت على متطلبات المرحلة.

وهنا يقول المحامي المعروف في عدن شيخ طارق عبدالله في حديثه لـ «الجريدة»، إنه اقترح الصيغة الفدرالية لمنظومة الحكم في اليمن الجديد في سلسلة مقالات نشرها عقب إعلان الوحدة، وهو ما تطالب به اليوم كثير من الأحزاب السياسية، أبرزها حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) الذي انطلق من عدن في خمسينيات القرن الماضي.

وبينما يعزو المحامي القانوني الصيغة التي قامت عليها الوحدة حينئذ إلى الاندفاع العاطفي من كل أبناء الشعب اليمني في الشمال والجنوب تجاه الوحدة الوطنية آنذاك، إلا أنه قال إن «دستور الوحدة (القائم) غير مناسب، واليمن الموحد يمكن أن يستقر ويتقدم ويدوم فقط في حالة انتهاج النظام الفدرالي».

التعددية

شهدت الفترة الانتقالية ظهور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والصحافة الحزبية والأهلية. وكان أبرز الأحزاب التي تأسست خلال الفترة، ثم لعبت في ما بعد أدواراً سياسية مهمة هو «التجمع اليمني للإصلاح»، الذي أعلن قيامه في سبتمبر 1990. وقد جاء تأسيس «حزب الإصلاح» من أجل القيام بدور سياسي مساند

لـ»حزب المؤتمر الشعبي العام» في مواجهة شريكه «الحزب الاشتراكي اليمني»، بحسب شهادة الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب السابق والرئيس المؤسس لـ «الإصلاح» في مذكراته. وأكد الأحمر أن الرئيس صالح طلب منه عقب قيام الوحدة هو وحلفاؤه من القوى الإسلامية، تشكيل حزب سياسي يكون رديفاً لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وذلك «بغرض معارضة الاتفاقات الثنائية التي أبرمها الرئيس صالح مع حليفه في تحقيق الوحدة: الحزب الاشتراكي اليمني الممثل للجنوب، من أجل تعطيل تلك الاتفاقات وعدم تنفيذها».

يذكر أن هذه الشهادة أثارت ضجة في الأوساط السياسية والثقافية عقب صدور مذكرات الشيخ الأحمر قبل رحيله بأشهر قليلة.

سياسة التربص

أستاذ السياسة في جامعة صنعاء عبدالله الفقيه قال لـ»الجريدة» إن «كلا من المؤتمر والاشتراكي عملا خلال الفترة الانتقالية على توظيف الموارد العامة للدولة، بما في ذلك الوظيفة العامة لتعزيز مواقعهما وتحقيق مكاسب في الانتخابات البرلمانية الأولى، فظهرت أحزاب وصحف وجمعيات ترتبط بهذا الحزب أو ذاك. كما تم إثقال كاهل الخزينة العامة بعشرات (إن لم يكن بمئات) الآلاف من الموظفين الوهميين، رغم الفارق الكبير بين عدد السكان في الشطرين لمصلحة الشمال».

ويضيف الفقيه: «اتصفت العلاقة بين المؤتمر والاشتراكي خلال الفترة الانتقالية بالتوتر الشديد في معظم الأوقات، ويمكن رد ذلك التوتر إلى الصراع الشديد بين الحزبين على السلطة، وإلى سعي كل طرف إلى تهميش الآخر»، وذلك كإرث قديم من فترة ما قبل الوحدة، لذا لوحظ أن الحزبين رغم إعلاناتهما المتكررة بإتمام توحيد جميع المؤسسات بما في ذلك القوات المسلحة، فقد ابقيا على الجيش والأجهزة الأمنية والإعلامية مشطرة.

وكانت أسوأ مظاهر الخلاف موجة الاغتيالات والتفجيرات التي استهدفت قيادات وأعضاء في الحزب الاشتراكي، وهو ما أدى إلى تعميق الفجوة بين شريكي الوحدة، وتبادل الاتهامات لما يجري من فوضى في البلاد.

كل تلك الظروف شكلت تحديات كبيرة بين يدي الدولة اليمنية الجديدة، مما جعل أداء أول حكومة يمنية يتسم بالضعف الشديد. ومع انتهاء الفترة الانتقالية جرت أول انتخابات في تاريخ اليمن تقوم على قاعدة التعددية الحزبية، وذلك في 27 أبريل عام 1993. وقد أسفرت الانتخابات عن ظهور ثلاث قوى سياسية على الساحة هي بالترتيب: المؤتمر الشعبي العام وقد حاز 123 مقعداً، والتجمع اليمني للإصلاح (62 مقعداً)، ثم الحزب الاشتراكي وقد حصل على 56 مقعداً. وإذا كان فوز المؤتمر والاشتراكي قد مثل تحصيل حاصل فإن ظهورا لإصلاح كقوة سياسية جديدة قد مثل أبرز إفرازات تلك المرحلة.

الائتلاف والاختلاف

بحسب الدكتور الفقيه، اتسمت المرحلة التالية لانتخابات أبريل عام 1993، بتشكيل حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب هي المؤتمر والإصلاح والاشتراكي، وإلغاء مبدأ القسمة على اثنين بالتساوي الذي كان معمولاً به خلال الفترة الانتقالية. وقد تم الإلغاء لسببين: الأول، هو دخول شريك جديد في السلطة، والثاني هو النتائج المتواضعة التي حققها الحزب الاشتراكي في الانتخابات التي اقتصرت بشكل عام على دوائر الجنوب الذي كان لايزال تحت سيطرة الحزب إلى حد كبير.

وساعدت عوامل محلية وإقليمية على تصعيد الصراع بين المؤتمر والاشتراكي، أهمها التدهور الاقتصادي الذي ترتب على طرد ما يقارب المليون يمني من السعودية، وعلى قطع المساعدات التي كانت تتدفق على اليمن –عقب حرب الخليج الثانية، والإبقاء على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والإعلام مشطرة. وأسهم الموقف الدولي من الأزمة الذي اتسم باللامبالاة إلى حد كبير في إنجرار الأطراف اليمنية نحو مستنقع حرب أهلية في مايو 1994.

اتسمت الفترة التالية لحرب 1994 بإخراج الحزب الاشتراكي من السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية (في 6 أكتوبر 1994) من حزبي المؤتمر والإصلاح، لكن شهر العسل بين الحزبين لم يدم طويلا، ففي حين رأى الإصلاح نفسه الوريث الشرعي لحصة الاشتراكي في السلطة، رأى المؤتمر في زيادة قوة الإصلاح خطراً ينبغي العمل على تجنبه.

إعلان الانفصال

أعلن البيض انفصال الجنوب عن الشمال في 21 مايو 1994، ونصب نفسه رئيساً للدولة الجديدة، والتي لم تحظ إلا باعتراف جمهورية أرض الصومال، والتي لم يكن أحداً قد اعترف بها أصلا. بالنسبة للدول المجاورة الداعمة للاشتراكي فقد لاقت حرجاً كبيراً في الاعتراف بالدولة الانفصالية، لكن المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة شجّع فكرة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي الذي ارتأى أن الاعتراف بالدولة الانفصالية سيؤدي إلى تطويل الحرب التي اندلعت بين الشطرين، مع ما يمكن أن تجلبه من مخاطر على الاستقرار في المنطقة.

ومع ان الحرب لم تدم إلا سبعين يوماً فإنها أدت إلى خسائر فادحة تكبدها اليمنيون في الأموال والأرواح. ولعل أبرز الخسائر بعد الأرواح تمثلت في الدمار الذي لحق بالتسلح اليمني والذي يجعل بعض المحللين يذهبون إلى القول، إن تلك الحرب الأهلية الخاطفة قد حققت أهداف القوى الإقليمية والدولية في القضاء على ترسانة الأسلحة اليمنية التي كانت تقلق تلك القوى كثيراً.

النصر والهزيمة

انتهت الحرب بهزيمة قوات الحزب الاشتراكي (قوات الاصطفاف الوطني) وانتصار ما أطلق عليه الرئيس صالح «قوات الشرعية الدستورية» والقوى الحليفة، وفي مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين» – حزب «الإصلاح»، التي أعلنت «الجهاد المقدس» ضد عناصر الحزب الاشتراكي. وتم بذلك الحفاظ على الوحدة اليمنية ولكن بثمن باهظ. وكنتاج طبيعي فقد أعقبت الحرب أعمال نهب وسلب للمرافق والممتلكات العامة والحزبية في المدن الرئيسية خصوصاً في جنوب البلاد، لاسيما بعد فرار قادة الاشتراكي إلى الدول المجاورة.

إلا أن أكثر القرارات كلفة على اليمن اليوم تسريح آلاف العسكريين والمدنيين ممن اتهموا بمناصرة مشروع الانفصال، وهؤلاء هم من أطلقوا شرارة ما يعرف بـ»الحراك الجنوبي»، فضلاً عن توزيع أراض شاسعة كانت أممتها دولة الجنوب على أصحابها لقادة عسكريين ونافذين من أبناء الشمال والجنوب.

ورغم إسهام الرئيسين صالح والبيض في تسريع مشروع الوحدة، ولا يختلف اثنان في اليمن على ذلك، فإن إعلام صنعاء الرسمي قام –بعد حرب صيف 1994- بقص صورة البيض من جوار الرئيس صالح وهما يوقعان اتفاق الوحدة، وأثناء رفع علم اليمن 1990 في عدن، وهو أمر اثار حفيظة الطبقة السياسية والمثقفة في البلاد عموماً.

وختاماً، فإن ذلك النصر وتلك الهزيمة ولدا صدعاً ظل مغموراً لأكثر من عقد، إلا أنه ظهر للعيان الآن بسبب سوء إدارة البلاد وتكرار السياسات الخاطئة، وارتفاع منسوب الفقر في عموم اليمن، في ظل شعور متزايد بالإقصاء والحرمان من الحق في السلطة والثروة، بين أبناء الجنوب على وجه الخصوص، وهو ما أدخل البلاد في نفق أطول، حسب مراقبين.

تواريخ أساسية

• 26 سبتمبر 1962: أطيح بالحكم الإمامي في شمال اليمن، وأعلنت الجمهورية العربية اليمنية وعاصمتها صنعاء.

• 14 أكتوبر 1963: انطلقت ثورة أكتوبر ضد الإنكليز وأعلنت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – عاصمتها عدن، التي حصلت على استقلالها الكامل في 30 نوفمبر 1967، مع رحيل آخر جندي بريطاني.

• 13 يناير 1986: حدثت مجزرة بين قيادات اليمن الجنوبي في ما كان يسمّى «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، تحت مظلة «الحزب الاشتراكي اليمني»، وكانت بين كل من القادة الموالين للشمال برئاسة علي ناصر محمد وبين الجناح اليساري الذي يتزعمه علي سالم البيض والرئيس السابق عبدالفتاح إسماعيل. وتحوّلت المجزرة إلى حرب أهلية تواجه فيها رفاق الأمس عبر القبائل التي ينتمون إليها، قبائل أبين من جهة وقبائل الضالع من جهة أخرى، وراح ضحية لها أكثر من 12 ألفاً أغلبيتهم من المدنيين، فضلاً عن إصابة وتشريد عشرات الألوف، معظمهم اتجهوا شمالاً بمن فيهم الرئيس علي ناصر محمد الذي أقام ما يقرب من أربع سنوات في صنعاء ثم غادر إلى سورية ولايزال مقيماً فيها حتى اليوم.

• 30 نوفمبر 1989: وقع الرئيس علي عبدالله صالح باسم الجمهورية العربية اليمنية والرئيس علي سالم البيض باسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية اتفاقية الوحدة، وبموجبها رفع الزعيمان علم الجمهورية اليمنية على سارية القصر الجمهوري في عدن صبيحة 22 مايو 1990.

• لم تلبث العلاقة بين الجانبين على حالة الوئام لأشهر، حتى خاضادوامة خلافات مرتبطة بالترتيبات المطلوبة لدمج المؤسسات الشطرية خصوصاً القوات المسلحة، وبلغت الأزمة ذروتها بعد انتخابات مجلس النواب عام 2003، إذ جاء الحزب الاشتراكي في المرتبة الثالثة بعد حزبي المؤتمر الشعبي العام، حزب الرئيس، وحزب الإصلاح الإسلامي الحليف القوي للرئيس حينئذ.

• في فبراير 1994، وقع الطرفان وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان برعاية الملك حسين، نصّت على مجموعة من الإصلاحات السياسية، أبرزها تحديد صلاحيات الرئيس ونائبه، وإخراج المعسكرات من المدن.

• في أبريل 1994، اندلعت شرارة الحرب الأولى من محافظة عمران شمالي اليمن عندما اشتبك لواءان عسكريان أحدهما شمالي وآخر جنوبي. قتل في المواجهة عشرات الجنود والضباط ودمرت العديد من المعدات بينها دبابات وأسلحة ثقيلة.

• في مايو 1994، اشتعلت حرب ضارية بين قوات الرئيس علي عبدالله صالح وقوات الحزب الاشتراكي بقيادة علي سالم البيض، وعشية الذكرى الرابعة لتحقيق الوحدة (21 مايو) أعلن البيض الانفصال من طرف واحد وكان إعلاناً بفشل الوحدة بين الشمال والجنوب.

• استمرت المواجهات بين الطرفين حيث رفع الرئيس صالح شعار «الوحدة أو الموت»، وانتهت في 7 يوليو من نفس العام وكانت الحصيلة مروعة، حيث قتل وجرح في الحرب أكثر من عشرة آلاف شخص مدنيين وعسكريين. وبينما كانت قوات الرئيس صالح تطبق على عدن كان علي سالم البيض والمئات من القيادات الجنوبية المدنية والعسكرية يومها يغادرون إلى المنفى، وخرج على إثر ذلك الحزب الاشتراكي من السلطة، واعتزل الحياة السياسية سنوات عدة.

• في 7 يوليو أيضاً، أعلنت السلطات في صنعاء إنهاء العمليات العسكرية ووجه القائم بأعمال رئيس الحكومة الراحل محمد سعيد العطار رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة التزم فيها احترام الحكومة اليمنية للتعددية السياسية والحزبية وتنفيذ الإصلاحات السياسية ووثيقة العهد والاتفاق، والعفو العام عن جميع المشاركين في الحرب: سياسيين وعسكريين.

في الحلقة الثانية

تركِّز الحلقة الثانية من ملف جنوب اليمن، على ما يُعرَف بـ«الحراك الجنوبي» ومرحلة ظهوره، ومناطق نشاطه في المحافظات الجنوبية. كما تتناول الحلقة الآليات التي انتهجتها حكومة صنعاء في التعامل مع مشاكل الجنوب، ومواجهة فعاليات «الحراك» المطالبة بالانفصال.

http://www.aljarida.com/aljarida/article.aspx?id=154075

رفيق الجنوب
2010-04-04, 12:09 PM
في مقدمة الامر اشكر اخي مقهى الدراوزة على المجهود الطيب..
ولكن هناك اشياء يجب ان نقف امامها ؛ ولايجب ان ندير ظهرنا لها مثلاً..
1) تعمد ذكر احاث يناير ؛؛ ع الرغم انهم في اغتيلات حصلت في الجمهورية العربية اليمنية ؛؛ ولم يتم ذكر اياً منها بالحصر اتمنى ان لا يكون ذلك بقصد لأني مقروص من هذه النقطة..
2) عبارة اعادة تحقيق الوحدة ؛؛ متى كنا متوحدين اصلاً كي يتم اعادة تحقيقها..
3) عبارة الانفصال ؛؛ والمفروض ان يقال فك الارتباط..
هذه من الاشياء المهمة بالنسبة لي وحبيت ان اعلق عليها..

اخي خالد اليافعي
حتى كلمة فك الارتباط لا يجوز ان نقولها لان ما هو موجود الان هو احتلال وقولك فك الارتباط هو اعتراف ان هناك وحده هذا اولا

ثانيا فك الارتباط قد تم في 21.4.1994 واذا لم نعترف بان هذا اليوم هو يوم فك الارتباط فاننا عمليا نبرر للنظام حربه على الجنوب في 94

قد نكون اخذنا بكلمة فك الارتباط من الاخ الرئيس علي سالم البيض ولكن وجب علينا سؤاله اذا كان علينا المطالبه بفك الارتباط الان فاذا ما اعلنته في ابريل 94 بقيام الدوله الجنوبيه ماذا كان!!!!!!!!

كل التقدير
د.رفيق

الدرهم العربي
2010-04-04, 12:13 PM
يا اخوان الكلام في كثير من المغالطات وهذه النبرة المعسوله لن تمشي معنا او علينا بعد اليوم
تزييف الحقائق هذا لسان سلطة الاحتلال
ولا تغركم هذه اللهجة الحميمة عليكم
من متى كان كتاب الشمال واذنابهم يرفقون بناء؟
اين كانوا من قبل حتى انهم يكتبون الان؟
صدقوني ان ما ضيعنا الا العواطف
العواطف التي يغشونها بالسم والمر في نفس الوقت
هذه المقالة وغيرها في تززيف كبير واجحاد بحق الجنوبيين
لكن لا لوم عليهم اللوم على كتابنا ومثقفيننا اللذين يعرفون الحقائق ومكابرين منتظرين الاومر من اسيادهم
ليس كل مايلمع ذهبا

عبود خواجه
2010-04-04, 12:28 PM
اعادت وحدت اليمن
متى كنا نحن وهولاء المجوس دوله واحده
انالله تظليل
الله يعينا على الحلقه الثانيه
لقد نسي المقهى انقلاب الحمدي في تواريخ وهو التاريخ الحقيقي الذي كان يمكن ان يؤسس للوحده الاساس الصحيح لانها ستكون مبنيه على فكر موحد بين الدولتين وهذه في نظري اهم نقطه في تاريخ اليمنين والجنوب العربي

الدرهم العربي
2010-04-04, 12:31 PM
اخي خالد اليافعي
حتى كلمة فك الارتباط لا يجوز ان نقولها لان ما هو موجود الان هو احتلال وقولك فك الارتباط هو اعتراف ان هناك وحده هذا اولا

ثانيا فك الارتباط قد تم في 21.5.1994 واذا لم نعترف بان هذا اليوم هو يوم فك الارتباط فاننا عمليا نبرر للنظام حربه على الجنوب في 94

قد نكون اخذنا بكلمة فك الارتباط من الاخ الرئيس علي سالم البيض ولكن وجب علينا سؤاله اذا كان علينا المطالبه بفك الارتباط الان فاذا ما اعلنته في ابريل 94 بقيام الدوله الجنوبيه ماذا كان!!!!!!!!

كل التقدير
د.رفيق

اخي العزيز لم نختلف على فك الارتباط او الاحتلال فحتى قولك احتلال فهو ظلم وعار في حق الجنوبيين ان يحتلون من قبل هولاء
يجب ان نعرف ان هناك مغالطة وتحوير في الكلام والجمل دائما يمشون عليها هولاء الكلاب عندما نقول احتلال من الذي احتل من؟ سؤال يحتاج الى توضيح ان اقول لك بالفم المليان وبكل الم ان من دخل مدينة المكلا في 94 هم جنوبيين وبقيوا فيها لمدة اسبوع كامل ولم نشهد على شمالي واحد الا بعد ان مهدوا الطريق لهم من احتل من؟
اخي العزيز نحن في محنة كبيرة والله يعيننا
نحن الان موضوعنا الكلام المعسول الذي في المقال
وفوق ذلك تثبيت للموضوع الذي لا يعرف شي عن الجنوب بيقول ان الشمال كان مستقر وعائش في رخاء
يذكروننا بالمشاكل حق الجنوبيين
اين الاغتيالات والاحداث التي دارت في الشمال اغتيال الحمدي وابو شوارب
ثانيا 14 اكتوبر ثورة و 26 سبتمبر انقلاب على حكم الامام شتان بينهم وفرق كبير كيف يقارنون بينهما لا مجال للمقارنه.
الثورة هي التي يقودها الشعب لم نسمع عن شعب الشمال انه تحرك في هذا الانقلاب بينما كان الجنود المصريين هم من حسم الامر وفي الاخير قتلوهم وسحلوهم.

ussa
2010-04-04, 12:34 PM
نحن لم نتوحد اللي توحدوا علي وعلي وبعدين اختلفوا

يعني حتى الشخصين اللي كانوا متفقين اختلفوا

ماذا بقي لهم عندنا

رفيق الجنوب
2010-04-04, 12:44 PM
اخي العزيز لم نختلف على فك الارتباط او الاحتلال فحتى قولك احتلال فهو ظلم وعار في حق الجنوبيين ان يحتلون من قبل هولاء
يجب ان نعرف ان هناك مغالطة وتحوير في الكلام والجمل دائما يمشون عليها هولاء الكلاب عندما نقول احتلال من الذي احتل من؟ سؤال يحتاج الى توضيح ان اقول لك بالفم المليان وبكل الم ان من دخل مدينة المكلا في 94 هم جنوبيين وبقيوا فيها لمدة اسبوع كامل ولم نشهد على شمالي واحد الا بعد ان مهدوا الطريق لهم من احتل من؟
اخي العزيز نحن في محنة كبيرة والله يعيننا
نحن الان موضوعنا الكلام المعسول الذي في المقال
وفوق ذلك تثبيت للموضوع الذي لا يعرف شي عن الجنوب بيقول ان الشمال كان مستقر وعائش في رخاء
يذكروننا بالمشاكل حق الجنوبيين
اين الاغتيالات والاحداث التي دارت في الشمال اغتيال الحمدي وابو شوارب
ثانيا 14 اكتوبر ثورة و 26 سبتمبر انقلاب على حكم الامام شتان بينهم وفرق كبير كيف يقارنون بينهما لا مجال للمقارنه.
الثورة هي التي يقودها الشعب لم نسمع عن شعب الشمال انه تحرك في هذا الانقلاب بينما كان الجنود المصريين هم من حسم الامر وفي الاخير قتلوهم وسحلوهم.

اخي الحبيب ان الاحتلال ياتي باسم نظام ودوله وليس باسم الجنود الذي قادو المعركه فمثلا امريكا احتلت العراق وكلنا يعلم انه احتلال ولكنه ليس جيش امريكا من احتل العراق وانما اجناس مختلفه كان يجنده الامريكان ومع هذا قلنا احتلال امريكي لان من الحتل العراق ليس الجنود الداخلين وانما النظام الامريكي, وعليه فان دخول الجنوبيين الى المكلا كجيش للنظام الشمالي وليس كجنوبيين. ولهذا فان المسمى هو احتلال لا غير. اما ان هؤلاء كيف احتلونا فهذا لاننا سلمناهم الدوله بما حملت والا لكان السماء اقرب لهم من احتلال الجنوب.

اما فيما تبقى من تعليقك فقد اصبت فيه بكل حرف

كل التقدير
د.رفيق

ذي ناخب
2010-04-04, 03:00 PM
نتمنى التعليق في نفس الجريدة وبنفس الموضوع
لان التعليق هناك صدى اكثر من هنا
وشكرا

مقهى الدروازه
2010-04-04, 03:11 PM
لقد نسي المقهى انقلاب الحمدي في تواريخ وهو التاريخ الحقيقي الذي كان يمكن ان يؤسس للوحده الاساس الصحيح لانها ستكون مبنيه على فكر موحد بين الدولتين وهذه في نظري اهم نقطه في تاريخ اليمنين والجنوب العربي


اخي العزيز انا لست المعني من الاقتباس لذلك اقتضى التنويه

والصواب هو المصرب

وهج الحضرمي
2010-04-04, 06:17 PM
بارك الله فيك اخي مقهى الدروازة على النقل
منتظرين الجزء الثاني والذي نتمنى ان تذكر فيه الحقائق كما هي على ارض الواقع دون تغيير حتى نعري النظام ونزيل عنه البريق اللامع المحاط به لخداع الاخرين .

الدرهم العربي
2010-04-04, 06:46 PM
يا اخوان الموضوع اكبر مما نتصور واكبر مما هو مكتوب اللي كتب هذا المقال يقول لكم ان الوحدة قد تم الاستفتاء عليها متى الله اعلم؟
ايش تبغون بالمماطله انتم لكم حقوق ستحصلون عليها في ظل الوحدة وهذا مايريدة الطالح لكي يقول للعرب والعالم لا يمكن ان يحصل استفتاء لشعب الجنوب مرتين

الوضاح
2010-04-04, 07:03 PM
كلام فيه سم وسم مركب يؤدي الى الوفاه

لانه قال ان الحرب التي وقعت في 94 حرب بين علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح

والحقيقه ان الحرب اندلعت

بين دولتي وليس بين رؤيسين

وهذا يعتبر سم مركب

اي بما معناه ان الحرب في دوله واحده وليس بين دولتين

وهذا نقص في كتابة الحقيقه

معلاوي
2010-04-04, 09:26 PM
لم اقراء الا السطور الاولاى من الموضوع على ان اتمه غدا لتاخر الوقت


ولكن لفت انتباهي انه ليس سهوا تم كتابة ((وإقصاء لشركاء إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في مايو 1990.))

وسؤالي متى تمت سابقا لكي نقول اعادة تحقيق؟؟؟؟

اليس كان من الاصح ان يقال اعلان!!

لانها لم تتم سابقا ولم تقم اصلا

ولم تقم لانها فشلت في اتمام مهامها خلال الفتره الانتقاليه


لنا عوده..



ليس سهوا هذا راي كاتب المقال
او الدراسة

معلاوي
2010-04-04, 09:30 PM
وأكد الأحمر أن الرئيس صالح طلب منه عقب قيام الوحدة هو وحلفاؤه من القوى الإسلامية، تشكيل حزب سياسي يكون رديفاً لحزب «المؤتمر الشعبي العام»، وذلك «بغرض معارضة الاتفاقات الثنائية التي أبرمها الرئيس صالح مع حليفه في تحقيق الوحدة: الحزب الاشتراكي اليمني الممثل للجنوب، من أجل تعطيل تلك الاتفاقات وعدم تنفيذها».


على كل هذه وجهة نظر الكاتب واعتمد في موضوعه ما قاله بعض الكتاب والسياسين اليمنيين
لا نستعجل فهناك حلاقات اخرى ننتظرها

رفيق الجنوب
2010-04-04, 11:45 PM
ليس سهوا هذا راي كاتب المقال
او الدراسة

اعلم انه ليس سهوا وقد قلت انه ليس سهوا ولم اقل سهوا اخي المعلاوي

اما موضوع انه راي كاتب المقال فانا لم ارى في حياتي ان احد يزور التاريخ ويقول انا رايي ان يكون التاريخ كذا.... فهذا غير مقبول البته لان التاريخ سرد حقائق وليس اجتهاد

كل الود

د.رفيق

مقهى الدروازه
2010-04-05, 01:05 AM
2

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
غابت الدولة... فظهر الحراك
2/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد عبدالعزيز المجيدي وأحمد قناف
يبدو ان الأحداث المتسارعة في بعض محافظات جنوب اليمن، التي ينطلق منها ما يعرف بـ 'الحراك الجنوبي'، والإجراءات المضادة التي تنتهجها السلطات، تجعل إجراء قراءة واقعية لما يجري في الميدان، أمراً صعباً ومعقداً، بسبب الملفات والقضايا المتداخلة، التي يحتاج تحليلها الى العودة الى الإرهاصات الاولى للأزمة. وتحافظ مدينة الضالع الواقعة إلى الشمال من محافظة عدن – عاصمة اليمن الاقتصادية، منذ فترة، على مستوى من عدم الاستقرار، وذلك رغم التقليل الرسمي لأهمية ما يدور فيها من 'مظاهر فوضى وأعمال خارجة على القانون' بحسب الصيغة الرسمية.

تتكرر المصادمات بين قوات الأمن وعناصر 'الحراك الجنوبي' وغالباً ما ينجم عنها ضحايا من الجانبين، في استمرار لدوامة الأزمات تنهك بالبلد الفقير، كان آخرها مقتل شخصين على الأقل في مديرية ردفان بمحافظة لحج، وتفجير قنبلة عند باب مركز للشرطة فرّ على إثره ما يزيد على 30 شخصاً كانوا اقتيدوا من تظاهرة غير مرخصة حسب قول السلطات الرسمية في مدينة الضالع. وها هو الشيخ طارق الفضلي في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين، يخرج عن التزامه بالهدنة التي أبرمتها السلطة معه رداً على 'اعتداء قوات حكومية' على منزله أواخر الأسبوع المنصرم، حسب بيان متلفز له بث الخميس الماضي.

وأكد مسؤولون وسكان محليون في محافظتي الضالع ولحج أن قوات أمنية وعسكرية تنتشر بكثافة على مداخل مدن المحافظتين، لكن ذلك لم يحل دون خروج تظاهرات أسبوعية على الأقل ترفع صور الرجل الأول في الجنوب سابقاً علي سالم البيض، وعلم الشطر الجنوبي وتطالب بالإفراج عن المعتقلين و'فك الارتباط ' بحكومة صنعاء. وقد يخرج المتظاهرون أسبوعياً في ما أسموه بـ'يوم المعتقل'، وهو يوم الخميس من كل أسبوع.

ظهور «الحراك»

تجمع القوى السياسية وباعتراف سلطة صنعاء على أن حرب صيف 1994 أحدثت تصدعات عميقة في جدار الوحدة الطري. ومما زاد الأمر سوءاً الممارسات التي أعقبت الحرب وانفراد صنعاء بحكم دولة ما بعد 94، كما يؤكد رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان د. عيدروس النقيب في حديثه لـ'الجريدة' عن إرهاصات ظهور الحراك. ويقول إن 'السلطة لم تقم بما كان يتوجب عليها القيام به لحل المشاكل الناجمة عن الحرب، بل إنها استعذبت نتائجها المأساوية ووظفتها لتكريس سياسة النهب والإقصاء والاستبعاد والتسلط'.

في حين يردد مواطنون من الجنوب أن السلطة إلى جانب تسريح عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين عقب الحرب الأهلية في 1994، قد أطلقت يد الفاسدين والنافذين لنهب أراضي الجنوب وبيع مؤسساته العامة إلى المقربين، إلا أن الحكومة تقول إنها نفذت برنامجاً لإعادة المسرحين إلى أعمالهم، وصرفت مليارات الريالات كتعويضات لهم خلال السنوات الثلاث الماضية، كما أنها نفذت برنامجاً لـ'خصخصة القطاع العام' في الشمال والجنوب. ويرى الجنوبيون في تعامل السلطة مع مظاهرهم الاحتجاجية بالاعتقالات المتكررة مبرراً يتجدد كل يوم لمواصلة نضالهم.

خلال السنوات اللاحقة للحرب عبر الجنوبيون بوسائل متعددة عن رفضهم لإجراءات حكومة صنعاء، بينما ثابر الحزب الاشتراكي الذي خرج من السلطة بعد هزيمة قواته العسكرية على الدعوة لإزالة آثار حرب 1994، لكن مسؤولي الحزب قالوا في أكثر من مناسبة إن مطالبهم لم تستجب.

ظهرت عام 1997 أول محاولة جنوبية علنية للتعبير عن الرفض، إذ أعلن في عدد من المحافظات تشكيل ما سُمي وقتها بـ'اللجان الشعبية'، لكنها ووجهت بحملة اعتقالات أخمدتها في المهد. تلاها في عام 2002 الحديث عما سمي بـ'ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية'، وكان متبنوه هذه المرة بعض المنشقين من حلفاء الرئيس صالح في حرب 1994، وهم جنوبيون نزحوا بعد حرب 1986 الأهلية في عدن.

إلا أن الملتقى المذكور أعلن رسمياً في ديسمبر 2003 برئاسة العميد علي القفيش رئيس 'هيئة رعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة'، وذلك من خلال رسالة وجهها إلى رئيس الجمهورية، تضمنت عدداً من القضايا، اعتبرت 'نماذج تمثل جزءاً يسيراً من إجمالي معاناة أبناء هذه المحافظات'. واشتملت تلك الرسالة على 'المطالبة بالفرص المتساوية بين مواطني المحافظات الشمالية والجنوبية في جهازي الدولة المدني والعسكري، وإعطاء صلاحيات أوسع للمجالس المحلية في المحافظات الجنوبية، وإيقاف عمليات الإبعاد والتغيير والتهميش لأبناء المحافظات الجنوبية'. كما طالبت الرسالة

بـ'التوزيع العادل للأراضي وإيقاف السطو عليها'.

الملتقى ضم في عضويته برلمانيين ووزراء سابقين وشخصيات اجتماعية وسياسية تنتمي إلى المحافظات الجنوبية، وجاءت مبادرة إنشائه من عدد من أعضاء مجلس النواب، الذين يمثلون دوائر انتخابية في المحافظات الجنوبية والشرقية.

وبحسب الباحث السياسي سعيد ثابت، فقد كان تشكيل الملتقى بمنزلة رد على إعلان الحكومة عزمها إحالة ما يقرب من عشرين ألفاً في الجهاز العسكري إلى التقاعد، معظمهم من المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى ما قيل وقتها عن خلافات بين الرئيس صالح ونائبه الجنوبي عبدربه منصور هادي وقيام الأول بتقليص صلاحيات نائبه المالية، والتي ترافقت مع عودة عضو مجلس الرئاسة السابق عن الحزب الاشتراكي سالم صالح محمد برفقة الرئيس صالح من دولة الإمارات العربية المتحدة بعد لجوئه إليها عقب حرب صيف 1994.

انطلاق الفعاليات

ويضع الكثير من المراقبين السياسيين ما حدث في جمعية ردفان الاجتماعية الخيرية كبداية أولى لانطلاق مسيرة 'الحراك الجنوبي'، حيث احتشد في تاريخ 15 يناير 2006 مئات المتقاعدين العسكريين من مختلف المحافظات الجنوبية في ملتقى خصص لإزالة آثار صراع 13 يناير 1986 بين عناصر الحزب الاشتراكي. وهذا الصراع كانت أحداثه دارت في محافظة عدن وأدى الى عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين. واعتبرت السلطات اليمنية مشاركة القيادي في 'حركة تاج' السفير السابق للجمهورية اليمنية في سورية وقائد القوات البحرية في تلك الفعالية عام 2006، وإلقائه كلمة عبر الهاتف، عملاً تخريبياً نجم عنه سحب ترخيص جمعية 'ردفان' وإغلاق مقرها.

تأسيس 'ملتقى أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية' كان له أهمية كبيرة تمثلت بكونه البذرة الأولى في سلسلة الفعاليات والاحتجاجات التي تعبر عن اعتراض مجموعة جنوبية كانت محسوبة على السلطة لا على الحزب الاشتراكي، إلا أن السلطة حاولت احتواء تلك العناصر لكنها فشلت في إيجاد معالجات حقيقية لمطالب الملتقى، الأمر الذي سمح بعدها لأطراف جنوبية أخرى باللجوء إلى نفس الآلية، لكن هذه المرة كانت جماعات من خارج السلطة.

إثر ذلك، انطلقت الفعاليات الاحتجاجية على شكل مجموعة من المراسلات مع مكتب رئاسة الجمهورية، من قبل جمعية المتقاعدين العسكريين، والتي تضم في عضويتها عدداً من العسكريين المبعدين عن أعمالهم. وضمنت تلك المراسلات مجموعة من المطالب الحقوقية لخصها

لـ'الجريدة' رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في مجلس النواب د. عيدروس النقيب لكونها تتعلق بالعودة إلى العمل، والحصول على الترقية والتعويض عن سنوات الإبعاد الإجباري عن الوظيفة، ومطالب تتصل بالحقوق المادية التي يحصل عليها ضباط الجيش والأمن من إعاشة ووسائل نقل ووقود وصيانة وأجرة سكن وسواها، بالإضافة إلى مطالب تتصل بالحقوق المستولى عليها وتخص الأراضي التي اشتراها الضباط والجنود قبل الحرب من خلال جمعياتهم السكنية وجرى نهبها بعد الحرب.

وفي 17 مايو 2007، استطاع المتقاعدون العسكريون والمدنيون في محافظات الضالع ولحج وابين وعدن وشبوة وحضرموت، تكوين وإشهار أول كيان تنظيمي يوحد فصائل الحراك في كيان واحد هو 'جمعية المتقاعدين العسكريين'، كما تم انتخاب العميد قاسم عثمان أحمد الداعري رئيساً، والعميد صالح قائد راجح نائباً للرئيس.

وتأسست بعد ذلك عدة هيئات للحراك السلمي، أبرزها المجلس الأعلى لاستعادة دولة الجنوب برئاسة حسن باعوم، ويتلقى هذا المجلس دعمه من معارضة الخارج ممثلة بـ'حركة تاج' الموجودة في بريطانيا. كما أعلن تأسيس 'الهيئة الوطنية لاستقلال الجنوب' برئاسة ناصر النوبة، الذي شغل موقع رئيس جمعية المتقاعدين العسكريين في بداية تشكيلها. كما تشكلت ما عرف بـ'حركة نجاح' التي يرأسها البرلماني الاشتراكي صلاح الشنفرة، ومن قياداتها ناصر الخبجي وعبده المعطري، والأخير هو الناطق الرسمي باسم فصائل 'الحراك'.

وأخذ الحراك بهيئاته المختلفة يصبح أكثر تشدداً في سقف مطالباته، إذ انتقل من مرحلة المطالب الحقوقية الى مرحلة المطالبة بالانفصال وفك الارتباط وتحديد المصير، والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990 (تاريخ إعلان الوحدة).

علي سيف حسن، الأمين العام السابق للتنظيم الوحدوي الناصري، وعضو اللجنة المركزية للتنظيم، وأحد أبناء محافظة الضالع، قال إن 'لجوء قيادات عسكرية وأعضاء مجلس نواب من أبناء الجنوب إلى تشكيل مثل هذه الملتقيات جاء بعد يأسهم من إمكان تحقيق مطالب مواطني دوائرهم أو من خلال أجهزة السلطة التنفيذية والخدمية'. ودافع حسن عن خلفية نشوء الملتقى الجنوبي الذي 'يمارس ضغطاً اجتماعياً مشروعاً من أجل تلبية مطالب شعبية'، معتبراً أنه لا يشكل أي خطر على وحدة اليمن.

ردود الفعل

في المرحلة الأولى من الاحتجاجات كانت السلطات ترتكب أخطاء فادحة وفق مراقبين، فقد وصفت المحتجين بـ'الانفصاليين' رغم أنهم كانوا يرفعون مطالب حقوقية، وقللت من شأن تلك المطالب قبل أن تعود للاعتراف ضمنياً بأن هناك أخطاء وأعلنت تشكيل لجان لمعالجة مشاكل من قالت إنهم 'منقطعون' عن أعمالهم، تلاها تشكيل عدد من اللجان الرئاسية والبرلمانية.

ومن بين ما لا يقل عن أربع لجان رئاسية، اشتهرت لجنة مكونة من أربعة وزراء، خاصة بملف الأراضي في عدد من المحافظات الجنوبية. ورفعت هذه اللجنة تقريرها نهاية عام 2007 لرئيس الجمهورية مطالبة باتخاذ إجراءات صارمة ضد 15 مسؤولاً مدنياً وعسكرياً قالت إنهم ينهبون أراضي واسعة في بعض المحافظات الجنوبية.

يقول النائب علي العمراني، وهو عضو في الكتلة النيابية لـ'حزب المؤتمر' الحاكم، ورئيس لجنة برلمانية لتقصي للحقائق في مقتل مواطنين في منطقة ردفان بمحافظة لحج: 'حاولنا وضع قراءة أكثر شمولية للاحتقانات الموجودة ورفعنا تقريراً مفصلاً للمجلس بشأن الواقعة التي أودت بـ3 أشخاص كانوا يشاركون في مهرجان احتجاجي بالمنطقة في أكتوبر 2007، وأوصينا بإحالة الجنود المتهمين بإرداء الناشطين الثلاثة إلى المحاكمة، وإعادة كل الأراضي المنهوبة وتلك التي صرفت بأوامر من الحكومة إلى نافذين بما فيها الأراضي ذات الملكية العامة، وسرعة محاكمة جميع من ثبت تورطهم في قضايا فساد ونهب من المسؤولين وأقاربهم'.

وكما تمّ التحفظ على تقرير اللجنة الوزارية في رئاسة الجمهورية، يبدو أن هذا التقرير أيضاً تاه في أدراج رئاسة مجلس النواب، الأمر الذي دفع العمراني إلى القول إن 'المؤسسات في البلاد لا تعمل بشكل صحيح'.

مصالح شخصية

وقال نائب محافظة عدن وأمين عام المجلس المحلي عبدالكريم شائف إن عناصر الحراك 'لا تحمل مشروعاً مطلبياً وحقوقياً بقدر ما هو مشروع سياسي، وعندما فقدوا مصالحهم يريدون الآن استعادة الكراسي، مستغلين الظروف التي تمر بها البلاد'. ورأى أن 'الوحدة ليست قضية ألف شخص –يقبلون أو يرفضون- بل قضية الشعب اليمني كله، والكثير من المعالجات الرسمية مستمر وحلت ما نسبته 95 في المئة من مشاكل الأراضي في محافظة عدن على سبيل المثال'.

ويوافقه في الرأي مدير عام مصلحة الأراضي في محافظة عدن شيخ سالم بانافع، الذي يرى أن قيادات الحراك 'اتخذت من قضية الأراضي ذريعة لتبرير مطالبهم، إلا أنهم هم من ظلموا ونهبوا الناس حقوقهم وأمموها في عهد الحزب واستولوا عليها بعد الوحدة'.

ولا يستبعد المحامي شيخ طارق أن يقف وراء المغالاة بالمطالب باتجاه الانفصال من قبل بعض قيادات الحراك، فقدان مصالح شخصية لتلك الزعامات، علماً بأنه يستبعد مسألة الانفصال، لأنه 'يؤمن أن أي انفصال لن يكون في مصلحة المواطنين'. ويعتقد أن 'المطالبة بالانفصال ستؤدي إلى أزمة أكبر مما كانت عليه في الماضي أو في الحاضر لأبناء الجنوب'.

وإن أجمعت فصائل الحراك على هدف 'فك الارتباط' واختلفت وسائل التعبير والضغط، إلا أن مواطنين في عدن وعدد من مدن الجنوب استطلعت آراؤهم لا يرون أن هؤلاء يمثلون أبناء الجنوب –وأنهم أصحاب مشروع سياسي وكل ما يقومون به يخدم في المقام الأول أهدافهم الشخصية، وإن كان ظاهر الهدف حقوقياً.

المعالجات

يقول تقرير منظمة 'هيومن رايتس ووتش' المعنية بحقوق الإنسان، إن الحكومة اليمنية كانت 'تزعم علانية أنها مستعدة للاستماع إلى مظالم الجنوب'، في حين أن 'قواتها الأمنية ردت على الاحتجاجات باستخدام القوة. وكثيراً ما لجأ المتظاهرون إلى العنف، فأحرقوا السيارات وألقوا الحجارة، وكان هذا عادة رداً على عنف الشرطة'.

وإلى جانب الإجراءات الأمنية والاعتقالات الواسعة التي انتهجتها السلطة ضد عناصر الحراك، تحدثت تقارير صحافية محلية عن إنفاق ملايين الدولارات خلال عام 2008 فقط، لاحتواء وجاهات اجتماعية وقيادات ميدانية بهدف محاصرة المد المتنامي للحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية. ويؤكد ذلك أحمد طلان، عضو مجلس محلي سابق في محافظة شبوة الجنوبية، والذي يقول ان السلطة 'وزعت الكثير من الأموال وصرفت مئات السيارات لشراء ذمم كثيرين، كما قامت باحتواء آخرين بتعيينهم في مواقع في السلطة المحلية'.

وكانت السلطات المحلية في مثلث الحراك الساخن (ابين ولحج والضالع) سعت إلى عزل قيادات الحراك في مناطق ريفية نائية، كما أنها قطعت وسائل الاتصال الهاتفي لأسابيع عدة، قبل إعادة تشغيل بعض شبكات المحمول مطلع الشهر الجاري.

ويعترف رئيس كتلة 'الحزب الاشتراكي' د. عيدروس النقيب، وهو ممثل عن إحدى دوائر محافظة لحج الجنوبية، بأن هناك الآلاف من المتقاعدين أعيدوا إلى أعمالهم، وتمت تسوية الوضع المالي للبعض منهم، إلا أنه يستدرك: 'لقد تم ذلك حقاً غير أنهم أعيدوا مجدداً إلى منازلهم. فقد عين بعضهم مستشارين ووضع آخرون في مكاتب دون عمل، فاضطروا إلى العودة إلى المنازل ويتقاضون رواتبهم آخر الشهر'.

جذر المشكلة

رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) عبدالرحمن الجفري، الذي عين نائباً لعلي سالم البيض حين أعلن الانفصال عام 1994، وعاد في 2006 من السعودية حيث أقام منذ غادر البلاد عقب الحرب، لمساندة الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية، قال في حوار مطول مع 'الجريدة' إن أصل المشكلة يكمن في سوء قراءة الأحداث وسوء تقدير ما يجري في البلاد من قبل النخبة الحاكمة، محملاً المسؤولية على كل الأطياف السياسية.

إلى ذلك، يجزم النقيب بأن جذر القضية هو سياسي بامتياز 'مع انه لو تمت معالجة الحقوق المطلبية لما تطورت إلى المطالب السياسية الراهنة'، مضيفاً: 'علينا أن نتذكر أن هناك دولتين اتحدتا وإحداهما أقصت الأخرى بحرب'.

تفتقد السلطة الحاكمة في اليمن إلى رؤية للتعامل مع المشكلة الجنوبية والمشاكل الوطنية عموماً، حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء د. محمد الظاهري، الذي يقول ان 'ثقافة النخبة الحاكمة في اليمن لا تعترف بوجود مشكلات وأزمات'. ويتفق معه رئيس اتحاد نقابات العمال في عدن، عثمان كاكو بقوله إن 'الخطاب السياسي خطاب ملتف، لا يتناول الواقع بثقافة الاعتراف ويعوم الأحداث، كما يعوم الريال اليمني في السوق'، مشيراً إلى التدهور المتسارع لقيمة الريال مقابل الدولار الأميركي.

أربعة فصائل رئيسية

يتكون 'الحراك الجنوبي' من أربعة فصائل رئيسية هي:

1- المجلس الأعلى لتحرير الجنوب، برئاسة حسن باعوم، وهو قيادي سابق في الحزب الاشتراكي.

2- الهيئة الوطنية للاستقلال، برئاسة ناصر النوبة، وهو عميد متقاعد في الجيش.

3- الهيئة الوطنية للنضال السلمي، ويرأسها صالح يحيى، وهو أستاذ جامعي وناشط سياسي سابق في صفوف الحزب الاشتراكي.

4- المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي، يقوده صلاح الشنفرة، وهو نائب في مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي، وتطارده السلطات، ويضم هذا الفصيل معظم القيادات المعروفة في الحراك، وهو الأكثر نفوذا في الساحة الجنوبية، وكان قد اختار علي سالم البيض رئيسا له.

ورغم ذلك فالمسميات نسبية، وفي كل مرة تظهر جماعة وتختفي أخرى تحت مسميات متعددة.

تواريخ أساسية

• 15 يناير 2006: تجمع مئات المتقاعدين العسكريين من مختلف المحافظات الجنوبية في ملتقى 'التسامح والتصالح' (مهرجان خطابي) خُصص لإزالة آثار صراع 13 يناير 1986، الذي دارت أحداثه في محافظة عدن، وكان ضحاياه الآلاف من كوادر الحزب الاشتراكي في الصراع الذي تفجر بين قيادات الحزب.

• 23 مارس 2007: دشنت 'جمعية المتقاعدين العسكريين' أول نشاط احتجاجي في مدينة الضالع، وفي 7 يوليو من العام نفسه، نفذ أعضاء الجمعية في المحافظات أول فعالية مشتركة في مدينة عدن.

• أبريل 2009: وقع ما يشبه المفاجأة، فقد أعلن الشيخ طارق الفضلي الانضمام الى 'الحراك الجنوبي'.

• بحسب إحصائية للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، فقد قتل في فعاليات الحراك منذ بدايته في يوليو 2007 حتى نهاية 2009 نحو 60 شخصاً، وجرح قرابة خمسمئة آخرين بدرجات متفاوتة. ويعتقد أن العشرات من عناصر الشرطة والجيش قتلوا وجرحوا في صدامات مع المحتجين أو سقطوا في هجمات انتقامية.

في الحلقة الثالثة

يتواصل الحديث في الحلقة الثالثة، عن ظاهرة 'الحراك الجنوبي' وعن المنهجية التي يتبعها في التعبير عن مطالب عناصره سواء كانت حقوقية أو سياسية، ويتم التركيز على مطالب بمشكلة الأراضي في عدن. كما يتم التطرق إلى مستقبل 'الحراك' في جنوب اليمن.


http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=154234

مقهى الدروازه
2010-04-05, 03:42 AM
في جزئية اربع فصائل رئيسيه للحراك نرى انه تم اضافة هذه العباره :

ورغم ذلك فالمسميات نسبية، وفي كل مرة تظهر جماعة وتختفي أخرى تحت مسميات متعددة.

دون اي مبرر ويظهر ذلك ان المحرر يريد توصيل معلومه بطريقه غير مباشره عن هشاشة تلك المكونات ان جاز لنا التعبير وكان الاجدر وضع تلك الفصائل دون الحاجه للتعليق عليها بتلك الطريقه ...

ابو علوه الجحافي
2010-04-05, 04:44 AM
وإن أجمعت فصائل الحراك على هدف 'فك الارتباط' واختلفت وسائل التعبير والضغط، إلا أن مواطنين في عدن وعدد من مدن الجنوب استطلعت آراؤهم لا يرون أن هؤلاء يمثلون أبناء الجنوب –وأنهم أصحاب مشروع سياسي وكل ما يقومون به يخدم في المقام الأول أهدافهم الشخصية، وإن كان ظاهر الهدف حقوقياً.


كلام خطير وخبيث يراد منه القول بان الحراك لا يمثل كل الجنوب وواضح من معدين الحلقات انهم شماليين او موظفين مع الامن حتى وان سردوا جزء من الحقائق لغرض دسم السم في العسل.

لا ادري كيف استطلع شعب الجنوب وكيف حصل عللى نتيجته الكاذبه

اعتقد ان هذه الحلقات طالما معديها اعدائنا فلا تتوقعوا ان تنصف قضيتنا وتوضح الحقائق

لا نحتاج الى ذكاء شديد لكي نكتشف ان هذه الحلقات غرضها التحيز لوجهة نظر الاحتلال وهي تقابل مع مسوولين حكوميين واشتراكيين ولم تقابل مع احد من قيادات الحراك فكيف لها ان تكون حيادية

واذا فرضنا حسن النية فان الانحياز اتى من معدي الحلقات كونهم شماليين دونما علم محرري الصحيفة

جبال يافع
2010-04-05, 05:50 AM
وإن أجمعت فصائل الحراك على هدف 'فك الارتباط' واختلفت وسائل التعبير والضغط، إلا أن مواطنين في عدن وعدد من مدن الجنوب استطلعت آراؤهم لا يرون أن هؤلاء يمثلون أبناء الجنوب –وأنهم أصحاب مشروع سياسي وكل ما يقومون به يخدم في المقام الأول أهدافهم الشخصية، وإن كان ظاهر الهدف حقوقياً.


لا تعليق عندي

ولكن المرحلة تبدو طويلة جدا"

ابوناصر55
2010-04-05, 09:22 AM
[quote=ذي ناخب;298077]نتمنى التعليق في نفس الجريدة وبنفس الموضوع
لان التعليق هناك صدى اكثر من هنا
وشكرا[انامعك ومطلوب من الكل التعليق بالجريدة

الدرهم العربي
2010-04-05, 07:03 PM
هنااااااااااااك مؤامرة اعلامية على طمس الجنوب بالكامل عن طريق الكلام المعسول
من خلال المقال تحس ان هذا الكاتب لدية معلومة عن كل شي لكن يلف ويدور في استخدام المسطلحات العربية المتعددة

خالد اليافعي
2010-04-05, 10:44 PM
اعتقد من خلال قراءتي لحلقتين من هذه الجريدة تبين لي ان القائمين على هذا الموضوع ليس محايدين..
انا احس ان القائمين على هذه الحلقات هم من انصار (اللقاء المشترك)..

ابو تميم
2010-04-05, 11:04 PM
نشكركم على اجتهادكم بس يبدو ان في اشيا ناقصه لم تكملوها

واشيا ما اعطيتموها اهتمام وخصوصا" الجنوب ونشكر جهدكم


بس يجب الاستعانه بخبرات جنوبيه كي يوضحون لكم ما حصل ويحصل من بداية الوحده

وتم التطرق بكثره على مشاكل الجنوب ولم يتم التطرق للمشاكل الي عاشتها العربيه اليمنيه

من اقتيالات ونهب وسرقه في الجنوب وهزيمتهم من قبل الجنوب في الحروب السابقه

ولانهم ما قدرو ينتصرون علينا لان جيشنا كان اقوا ترسانه عسكريه في الجزيره فقد سعو الى الوحده

كي يدمرونا بها باسم الوحده وحولو الجنوب الى مستعمره ومكان امن للعماله الشماليه بعد طرد كل ابنا الجنوب

الى دول الشتات في العلم وهم مقتربين في الجنوب بقوت الاستحمار اليمني الاهود في الجنوب

رفيق الجنوب
2010-04-05, 11:43 PM
الذي يثير الاستغراب ان الموضوع مثبت برغم ما يحمل في طياته من زيف وتحوير للحقائق

مقهى الدروازه
2010-04-06, 07:34 AM
3

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
وقود الحراك الجنوبي… وآلياته
3/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد أحمد قناف
سائق التاكسي، نادل المطعم، بائع الفل اللحجي زكي الرائحة، نقابيون وحراكيون، عابرو سبيل، وسائحون من الشمال في عدن، كلهم لا يختلفون في أن الوحدة قيمة وطنية لا يمكن التفريط فيها، وفي الوقت نفسه يتضامنون مع المطالب الحقوقية التي يناضل من أجلها رجال في 'الحراك' سواء في الشمال أو في الجنوب. و'هناك ما يستدعي حراكاً في الشمال أيضاً إذا ما نظرنا إلى قضية مهجري الجعاشن'، هكذا يقول رئيس اتحاد نقابات عمال اليمن - فرع عدن. و'الوطن لا يقبل القسمة على 2 مجدداً، وهذا لسان حال الشارع اليمني عموماً، خصوصاً أن لكل مشكلة حل'، حسب قول قيادي بارز في محافظة الضالع.

العشرات من مناصري 'الحراك' داخل وخارج، من أبناء الجنوب أو غيرهم يتنصلون من انتمائهم إلى اليمن، بل يفضلون مسمى الجنوب العربي، لمجموع محافظات جنوب اليمن.

ومن باب الإشارة التاريخية، فإن دراسة علمية للباحث زيد يحيى المحبشي خلصت إلى وحداوية الأرض اليمنية في جنوب الجزيرة العربية. ومن المفارقات، فقد استند الباحث في دراسته إلى عدد من المراجع لكُتّاب جنوبيين صدرت قبل الوحدة، وقد ورد ذكر سبأ والأحقاف في القرآن الكريم والسنّة، فعندما أسلم أهل اليمن، قال عنهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو يستقبل وفودهم 'جاءكم أهل اليمن... الخ'. إلا أن الأتراك والإنكليز تقاسموا شمال وجنوب اليمن مطلع القرن الماضي، وعلى إثر ذلك ظهرت علامات التشطير ورسمت الحدود السياسية كما هو حال بلدان الجزيرة والوطن العربي الكبير.

إلا أن السياسي المخضرم عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي محمد حيدرة مسدوس يشدد على القول، إنه 'لا يمكن فهم الوحدة أصلاً بدون الاعتراف بأن اليمن قبل إعلان الوحدة كان يمنين هما اليمن الجنوبي واليمن الشمالي، وبدون الاعتراف بأنهما كانتا دولتين بهويتين منفصلتين اعترفت كل منهما بالأخرى، ومعترف بهما دولياً حتى يوم 22 مايو 1990، وبدون الاعتراف بأن الوحدة التي تم إعلانها في هذا التاريخ هي وحدة سياسية بين دولتين، وليست وحدة وطنية بين أطراف دولة واحدة'.

ويضيف مسدوس، وهو مؤسس تيار 'إصلاح مسار الوحدة'، في حديثه لـ'الجريدة'، أن 'الجنوبيين ليسوا ضد الوحدة، وإنما ضد الحرب ونتائجها التي عطلت مسار الوحدة، كما أن الخلاف أساساً ليس حول الوحدة في حد ذاتها، وإنما هو أصلا حول مفهوم الوحدة'.

ويوضح السياسي المخضرم: 'في حين يفهم الجنوبيون الوحدة أنها وحدة سياسية بين دولتين، يفهمها الشماليون أنها وحدة وطنية بين أطراف من دولة واحدة، ويعتقد الشماليون أن يمنية الجنوب تجيز لهم نهب الجنوب والسيطرة على أرضه وثروته وطمس تاريخه السياسي وهويته، وهذا هو ما حصل بالفعل بعد الحرب، وهو شكل من أشكال العبودية'.

مسدوس لا يرى أن ما يدور في الجنوب 'مشكلة حقوق سُلِبت وأراض نُهِبت'، وإنما هي 'مشكلة سياسية تتعلق بالوحدة السياسية بين دولة اليمن الجنوبية ودولة اليمن الشمالية'. ويضيف أن 'القضية الجنوبية التي أوجدتها الحرب هي تختلف من حيث المبدأ عن قضايا المظلومين في الشمال، لأن قضايا المظلومين في الشمال هي قضايا حقوقية في إطار دولتهم، وهي قضايا يحكمها بينهم صندوق الاقتراع'.

انضمام الفضلي وعودة البيض

يقلق السلطة تمدد 'الحراك' أفقياً بين المواطنين، أما ما يربك محاولات سيطرتها عليه هو انضمام شخصيات قوية وذات نفوذ وتأثير.

قبل عام تماماً شكل انضمام طارق الفضلي، وهو نجل سلطان أبين قبل استقلال الجنوب، وشخصية اجتماعية كانت مقربة من الرئيس صالح، صدمة قوية للنظام، وبالمقابل اعتبر إضافة نوعية للحراك، رغم الشك الذي اعتراهم في بادئ الأمر نظراً لعلاقة المصاهرة بينه وبين الأخ غير الشقيق للرئيس صالح.

الفضلي، وهو صاحب نفوذ قبلي واسع في أبين، انضم إلى 'الحراك' معلناً أنه 'مستعد لاستخدام القوة في وجه المحتل' على حد قوله. وبدت خطاباته قوية مما أكسبه ثقة فصائل 'الحراك'.

ومع استمرار رفع عناصر 'الحراك' في بعض مديريات أبين ولحج والضالع، للعلم الشطري للجنوب، وصوراً لـعلي سالم البيض، حدث تطور آخر لم يكن أقل أهمية للحراك من انضمام الفضلي، وتمثل في عودة البيض إلى الواجهة عبر تصريحات وتحذيرات متتالية. واتهمت السلطة الفضلي بالتعاون مع تنظيم 'القاعدة' على خلفيته الجهادية في أفغانستان، وتأسيسه لما عرف بـ'جيش عدن أبين الإسلامي' المسؤول عن تفجيرات في عدن واختطاف وقتل سواح أجانب في 1998.

في مايو الماضي كان الجنوبيون على موعد مع تطور ربما لم يكن في حسبان كثيرين، فقد غادر الرئيس الجنوبي السابق ونائب رئيس دولة الوحدة علي سالم البيض عزلته السياسية، وأعلن من زيوريخ عودته مجدداً إلى الحياة السياسية، لاستئناف ذات الدور الذي أخفق في إنجازه عام 1994، أي العمل على 'فك الارتباط'.

كان الرجل قد خرج إلى المنفى في سلطنة عمان بعد هزيمة الجيش الجنوبي في مواجهة قوات الرئيس صالح وحلفائه آنذاك، وحصل على الجنسية العمانية هو وأفراد أسرته، وتحوّل هناك إلى رجل أعمال ثري حظي بامتيازات فاقت كثيراً من مواطني عمان، حسب قول رجل أعمال عماني.

نائب رئيس هيئة الحراك السلمي في محافظة عدن أنور أحمد عبدالله، يعتبر عودة البيض خياراً استراتيجياً، وفي الوقت نفسه يحمّله مسؤولية ما لحق بالجنوب بسبب 'اندفاعه نحو الوحدة بذلك الشكل'، واستشهد باسماً بعبارة 'اللي شبكنا يخلصنا'، من أغنية لعبدالحليم حافظ.

نائب محافظ عدن عبدالكريم شايف وهو من أبنائها يقول إن 'صمت البيض كان خيراً له، لأنه لا يمكن أن يأتي بشيء مفيد، خصوصاً أنه كان في السلطة ولم يقدم شيئا لبلاده'.

وقد أثارت يقظة البيض المتأخرة حفيظة صنعاء ودفعتها مجددا إلى توجيه أصابع الاتهام لقوى خارجية بدعم مشروع الانفصال، وهو ما لا يستبعده كثير من المراقبين. ويرى المحامي شيخ طارق عبدالله أن عملاً واسعاً بحجم ما يقوم به 'الحراك' يقتضي توفر تمويل، وبالتالي لا يشك في أن جهات خارجية توفر الدعم المالي لأنشطة وفعاليات 'الحراك'.

تذبذب «الحراك»

ترتفع أصوات مناصري 'الحراك الجنوبي' وتخفت لمؤثرات عدة، منها توفر التمويل سواء عبر الاشتراكات أو الهبات من رجال أعمال – حسب أنور أحمد عبدالله القيادي في هيئة الحراك السلمي في عدن، وأيضا حسب توفر الدافع، فضلا عن الإجراءات القمعية الحكومية.

فتارة تنادي فصائل الحراك بالعصيان المدني، وهو ما دعت إليه مجدداً في 4 أبريل 2010، وتارة أخرى تدعو إلى استمرار النضال السلمي، وثالثة تهدد بل وتستخدم العنف كما يحدث من وقت إلى آخر في محافظتي الضالع ولحج على وجه الخصوص. وتتهم السلطات عناصر الحراك بممارسة الحرابة وقطع الطرقات وإحراق المحلات التجارية، وخصوصاً تلك التي يملكها شماليون، بل وتعتقل العشرات منهم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض تجاوزات عناصر الحراك مثل قتل موطنين شماليين، أفقدتهم تعاطف إخوانهم في الشمال وكثير من مناطق الجنوب.

إلا أن قيادي في الحراك أكد لـ'الجريدة' أن 'ما حدث من قتل لمواطنين شماليين من عناصر نسبوا للحراك، هم من دسائس النظام لتشويه صورة نضالهم السلمي'، لكنه أقرّ انه من الممكن وجود عناصر من الحراك 'تلجأ إلى العنف بدافع الحماس والشعور بالرغبة في الانتقام'.

أنور يعود ليؤكد أن نضال الحراك سلمي ويهدف إلى 'فك الارتباط'، مشيراً الى أنه ورفاقه في عدن لا يتفقون مع مظاهر العنف التي تمارسها بعض فصائل الحراك في المحافظات الأخرى قاصداً أبين ولحج والضالع. ثم عاد عبدالله الذي يعمل في مهنة التدريس، ليؤكد 'أن وقت المرونة مع نظام صنعاء قد انتهى ولا تراجع عن خيار استعادة دولة الجنوب'. لكنه قبل انتهاء الحوار، قال: 'يمكن أن نقبل بالحوار مع صنعاء لكن تحت مظلة الحزب الاشتراكي'.

ويقول حسام باعباد وهو ناشط في 'اتحاد شباب الجنوب'، إن المحتجين كانوا في البدء 'عبارة عن مجاميع صغيرة وخلال فترة بسيطة تحوَّلت إلى مجاميع كبيرة وكبيرة جداً. وكان طابع الاحتجاجات على الدوام سلميا في بادئ الأمر لكن السلطات لم تكن متسامحة على الإطلاق'. ولذلك 'عندما تتعامل السلطات المحلية في مثلث النار (أبين ولحج والضالع) بمرونة، تتراجع حدة الحراك، وعندما تستخدم القمع والمواجهة والاعتقالات تشتد ردود فعل عناصر الحراك ويرتفع سقف مطالبهم'.

ومنذ مطلع مارس 2010، تحاول السلطات وضع حد لما قالت انه 'انفلات امني' يضرب بعض المحافظات الجنوبية والشرقية جراء موجة الاحتجاجات التي تصاعدت خلال الأشهر القليلة الماضية. وشاهد أعضاء فريق ملف 'الجريدة'، في 30 مارس، عربات عسكرية تحمل دبابات قدمت من جبهة صعدة عبر العاصمة صنعاء، متجهة جنوباً يعتقد أنها استقدمت لتعزيز القبضة الأمنية في هذه المناطق.

ولا يبدي استغراباً المستشار القانوني شيخ طارق من تصرف الدولة تجاه ما يجري في الضالع ولحج وأبين، قائلاً: 'كل الحكومات في العالم تواجه بشدة أي مظاهر للشغب، إلا أنها لا تتوقف عند ذلك فحسب، بل تمتد حتى تقدم معالجات لمسببات ذلك الشغب'. ويعتقد شيخ أن هذا ما تفتقر إليه المؤسسة الرسمية في اليمن.

لكن هذه الطريقة قد لا تكون حاسمة، إذ يعتقد رئيس الكتلة البرلمانية عن الحزب الاشتراكي د. عيدروس النقيب أن السلطة مازالت تسير في الطريق الخطأ، مبيناً 'إنهم يخطئون إذا اعتقدوا أن القمع والقبضة البوليسية سوف تلغي الاحتجاجات. ربما تستطيع تهدئتها لكنها لن تنتهي وستعود مجدداً'.

آليات الحراك

مع تجاهل السلطة لمطالب المعتصمين في بدايات جولات الحراك والتعامل بقسوة مع الفعاليات السلمية، انتقل طابع الفعاليات إلى المطالب السياسية واتجهت أبعاد الحراك نحو مزيد من التعقيد، نرتبها كما يلي:

أولا: رفض القبول بشركاء سياسيين، والمقصود أحزاب المعارضة التي أبدت رغبة في المساهمة في الفعاليات الاحتجاجية، ويشترط التجرد من الحزبية للانخراط في مضمار الحراك.

ثانيا: الانتقال من الشعارات المطلبية إلى الشعارات السياسية والمطالبة العلنية بفك الارتباط، والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990.

ثالثا: بدء التباينات بين مكونات الحراك بفعل تباين الاتجاهات السياسية وازدحام الساحة بالقيادات، ومن ثم نشوء عدد من الهيئات (نجاح، المجلس الوطني، الهيئة الوطنية للاستقلال، والهيئة الوطنية للحراك، وشباب الجنوب، والحراك السلمي).

رابعا: انخراط شخصيات جديدة كانت حتى وقت قريب محسوبة على السلطة، وخاصة أشخاص مثل طارق الفضلي والشيخ عبد الرب النقيب، ومشايخ من درجات أدنى وبعضهم أعضاء في الحزب الحاكم.

خامسا: ظواهر قطع الطريق أو الاعتداء على بعض المحلات التجارية، وهو ما تقول قيادات الحراك إن هناك من اخترق الفعاليات السلمية ودبر مثل هذه الأعمال، إلا إن هذا لا يعفيها من تحمل مسؤولية حسن الإعداد والتدبير للفعاليات السلمية وحمايتها من الانحرافات، وأبرزها حادثة منطقة 'العسكرية' التي كان ضحاياها ثلاثة من أبناء مديرية القبيطة الأبرياء، وهي منطقة محسوبة إدارياً على محافظة لحج بعد أن كانت ضمن محافظة تعز قبل إعادة التوزيع الإداري لمحافظات الجمهورية. وقد قتلوا على يد قيادي في الحراك، بـ'تهمة التخابر مع السلطات'.

سادساً: دعوات الحراك إلى عصيان مدني في محافظات ومدن الجنوب. ورغم أن الحكومة تقول ان الاستجابة كانت ضعيفة لدعوات الأشهر الماضية، قال عبده المعطري الناطق الرسمي باسم الحراك لـ 'الجريدة'، إن دعواتهم نجحت بنسبة 95 في المئة.

سابعاً: لغة الكراهية والتضييق في التعامل مع الشماليين من قبل ناشطي الحراك سواء كانوا مقيمين في مدن جنوبية أو سائحين.

ثامناً: الاستفادة من ثورة المعلومات واستخدام كل وسائل البث الإلكتروني من داخل وخارج اليمن.

مستقبل «الحراك»

اليوم يبدو أن السلطة بعد أن ارتفعت الشعارات المطالبة بفك الارتباط والانفصال باتت هي الجهة التي تطالب بالعودة الى موضوع تصحيح مسار الوحدة والاعتراف بالآثار الكارثية لحرب صيف 1994، وذلك ما تعهد به الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في كلمته أمام القمة العربية في مدينة سرت الليبية.

يصف نائب رئيس المجلس الوطني لتحرير الجنوب أمين صالح، وهو أحد فصائل الحراك، السلطةَ بـ'نظام الاحتلال'، مضيفاً أن 'هذه الحملات فشلت في الماضي ولم تحقق أي هدف من أهدافها بل زادت قضيتنا عدالة وأظهرتها للرأي العام العالمي والمحلي على السواء'.

مصادر محلية في الضالع ولحج تقول، إن معظم عناصر الحراك تركوا مركز المحافظتين واتجهوا إلى المناطق الريفية حيث يصعب ملاحقتهم هناك، وغالبا ما يقومون بهجمات ليلية تستهدف قوات الحكومة ثم يعودون أدراجهم. وتقول المصادر إن مناطق خارج مدينة لحج بدأت بحفر خنادق تحسبا لمواجهة أي حملات طارئة.

السياسي البارز عبدالرحمن الجفري، رئيس حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) يعتقد أن هناك قراءة مغلوطة لما يجري في الجنوب، ويتساءل 'أليس نفس الأشخاص (من المواطنين) من كادوا يحملوا علي عبدالله صالح على الأكتاف عام 1989 فرحا به وفرحا بالوحدة. ما الذي عكس المواقف؟! أليست خيبة الأمل؟'.

ويقول الجفري إن الحل يكمن في تغيير جذري، لا بالمسكنات المؤقتة، لأن الناس 'سيأخذون السيارة وسيأخذون الوظيفة والفلوس، ولن تتغير قناعاتهم بالانفصال'، مخاطباً النظام بالقول: 'الوحدة ليست صنماً نعبده، فما لم تحقق مصالح الناس وكبرياءهم وتحفظ حقوقهم ومكانتهم في بلادهم، فالناس سترفضها'. وبالمقابل يخاطب الحراك بالقول: 'للذين يرفضون الوحدة: الوحدة ليست صنما من تمر نعبده، إذا شبعت بطوننا، ونأكله إن جعنا. إنما هي هدف سامٍ لتحقيق كرامة الناس ومصالحهم'.

ملف الأراضي

يؤكد مدير عام الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني في محافظة عدن شيخ سالم بانافع لـ'الجريدة'، أن برنامج إعادة الأراضي إلى أصحابها أو تعويض المتضررين وخصوصاً من القيادات الجنوبية السابقة: مدنية وعسكرية، داخل وخارج اليمن، أنجز بنسبة تصل إلى 95 في المئة، وذلك ضمن مخطط 'منطقة المملاح' في عدن.

ويشير بانافع إلى أن 'المعوضين حصلوا على ما يفوق القيم الأصلية لمنازلهم المؤممة قيد الشكاوى'. وكان آخر المستفيدين، حسب بانافع، الرئيس الجنوبي الأسبق على ناصر محمد، إذ تم تسليم ممثليه، في 1 أبريل 2010، أوراق ملكية بيته الذي كان بيع لطرف آخر عوضته الدولة.

وقلل بانافع من أهمية تقرير اللجنة الوزارية المعروف بتقرير 'باصرة - هلال' الذي أعلن قبل عامين، واشتمل على رصد لمشكلات الأراضي في عدن ولحج والمناطق المجاورة فيها، واصفاً إياه بأنه 'مجرد رصد لشكاوى المتضررين دون التحقيق من صحتها أو قانونية الشكاوى'. وأضاف أن التقرير 'لم يذكر أي أسماء لشخصيات نافذة حسب ما اشتهر به في وسائل الإعلام'.

ويشدد بانافع على أهمية أن 'يكف المسؤولون في قيادة الدولة وكل مؤسساتها عن التوجيهات بصرف الأراضي خارج إطار القانون'، ويرى في ذلك المخرج من هذه المشكلة، مؤكداً أن 'ازدواجية الأدوار وضعف المراقبة المصاحبة لأداء الجهاز التنفيذي للدولة يعقد المشكلات أكثر'.

الأراضي… و«الحراك»

في حين استبعد بانافع أن تكون مشكلة الأراضي أحد الأسباب الرئيسية التي ولدت الحراك الجنوبي، يؤكد بثقة أن 'عناصر الحراك وقادته اتخذوا هذه المشكلة ذريعة،' فهم 'يطالبون بما لا يملكون أصلاً'، مشيراً إلى أن مشروع الحراك سياسي بامتياز.

كما يتهم بانافع قادة الحراك الجنوبي في أبين ولحج والضالع، بـ'أنهم تصرفوا - عقب الوحدة مباشرة - بما يزيد على 55 ألف هكتار (ما يعادل 65 في المئة من مساحة عدن)، تحت ذريعة ما عُرِف بالجمعيات الزراعية التي بلغ عددها 87 جمعية، موزعة على أعضاء الحزب الاشتراكي على أساس مناطقي، مستغلين قانون التمليك رقم 18 لعام 1990'.

وهذا الأمر يستدعي السخرية، بحسب بانافع 'خاصة أن عدن محافظة غير زراعية، فكيف يتم إنشاء هذا العدد من الجمعيات، إن لم تكن فقط بغرض البحث عن غطاء قانوني لنهب المساكن والأراضي؟'.

وتعتبر قضية المساكن المؤممة منذ عام 1972 وخاصة في محافظة عدن التي توجد بها الأغلبية العظمى من تلك المساكن، حسب تقرير نشرته صحيفة 'الشرق الأوسط' عام 2001، إحدى أكثر القضايا حساسية بالنسبة للمواطنين، لأنها تلامس مصير أغلب السكان الذين يعيشون بها من قبل التأميم. وتملك أغلبيتهم المساكن بناء على قانون التمليك، إذ حددت أثمانها بإيجار 30 عاماً وفقاً لإيجاراتها في تاريخ صدور قانون التمليك عام 1990.

قائمة سوداء

وأكد بانافع أن مشاكل الأراضي معقدة جدا، وأن الهيئة تقوم بمتابعة الملف من جميع أبعاده القانونية، وأن السلطة المحلية قطعت مسافات كبيرة في إيجاد تسويات لهذه المشاكل، معزياً جوهر المشكلة إلى 'الصمت الرسمي عن سماسرة الأراضي الذين يتاجرون بممتلكات الدولة وبعض المواطنين من خلال محررات بيع وشراء غير قانونية'.

وبينما يرجع بانافع المشكلة إلى قضية التأميم والحكم الشمولي في الجنوب سابقاً إلا أنه يقول، إن لدى هيئته حالياً قائمة سوداء تحوي 16 اسما أطلق عليهم 'مافيا الأراضي' وهم متورطون في مشكلة الأراضي، وقد ساندهم مسؤولون محليون من قيادة السلطة المحلية من خلال التسهيلات بتسجيل قطع الأرض المختلف عليها - في السجل العقاري، ولا يبرئ بانافع قضاة التوثيق، مؤكداً أن سماسرة الأراضي حصلوا على مناخ مناسب للقيام بالنهب.

كما يقول إن الهيئة 'رفعت كشفا بأسماء شخصيات قيادية في الدولة من الجنوب والشمال وبما لديهم من أراض، وهذا الكشف لدى جهة الاختصاص وهي من تقيس هذه الأمور وتقرر متى تحرك هذه الملفات'.

ويضيف بانافع أن من أسباب مشكلات الأراضي ضعف هيبة الدولة، وغياب الرؤية والصرامة 'وإلا لما قام العابثون بذلك'، مضيفاً 'نحن بحاجة إلى دولة القانون وتكون ذات هيبة، وبحاجة إلى ديمقراطية في الحقوق'.

ويقول بانافع على سبيل المثال فإن في قاع (J) في المنطقة الحرة تمّ رصد 99 حالة امتلاك للأرض وجميعها متداخلة، فقد يصل عدد ملاك نفس القطعة إلى خمسة أشخاص أو أكثر، وذلك لأن كل فرد من ورثة الملاك الأصليين يبيع لمشترٍ آخر.

في الحلقة الرابعة

تواصل 'الجريدة' في الحلقة الرابعة، بحث قضية 'الحراك الجنوبي'، إذ سيتم التطرق، وعبر الأمثلة، إلى الجانب الاجتماعي وكيف بدأت وانتشرت ثقافة الكراهية بين عناصر 'الحراك' تجاه كل ما هو شمالي أو جنوبي يؤكد أهمية الوحدة الوطنية.

http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=154388

الصادقين
2010-04-06, 01:03 PM
تركيبتها من اساسها غلط في غلط على قولة الشاعر اللحجي علي سالم حجيري غناء الفنان فيصل علوي ولتذكير بعد مقتل سالم ربيع علي .......... .......... ويقول الحجيري ............... غلط بدينا غلط ونتهينا غلط ........... ياخواني تتعبون انفسكم بالمقالات الطويله والنقاشات ووجع الراس والامور واضحه مثل الشمس وهات نقاش عن الوحده بكلام لافاده منه ............................ هذا الجنوب واخذ خط حربي موت او حياه من مئات السنيين ضد الفرس الزيديه العنصريه وباي عقل وباي منطق تكون وحده اجدادنا حسمو الموضوع من مئات السنيين وهل نحن اشطر من اجدادنا ........................ اذن الوحده من اساسها ليس لها اساس ولايمكن تكون وحده والامور واضحه الى وحدة غالب على مغلوب في الوضع الحالي لماذا لان صاحب العاصمه والمدن المحيطه فيه هوالعدوا التاريخي للجنوب وهو كذالك مسيطر على الامور سيطره كامله فكيف تحلم بوحده تعطيك حقك يامجنون الامور محسومه من قبل الازيود وما باقي على الجنوبي ان يبحث طرق لاستقلاله واعادة كرامته ....... ......... نرجع للذي قادوا الوحده وكذالك غلط في غلط هم عصابه شماليه ليس جنوبيه وعصابه جنوبيه فرحه فرحه بكراسي من الدرجه الثانيه استلمتها ولان الجنوبيين كانوا ليس على قد المسوليه لشعبهم الجنوبي فقد من حفر حفره لاخيه وقع فيها فقد لاقونا نفس المصير من الاعدامات ومن تبقي منهم عايش في الخارج وكل الامور كانه اساسها غلط في غلط

رفيق الجنوب
2010-04-06, 07:47 PM
تركيبتها من اساسها غلط في غلط على قولة الشاعر اللحجي علي سالم حجيري غناء الفنان فيصل علوي ولتذكير بعد مقتل سالم ربيع علي .......... .......... ويقول الحجيري ............... غلط بدينا غلط ونتهينا غلط ........... ياخواني تتعبون انفسكم بالمقالات الطويله والنقاشات ووجع الراس والامور واضحه مثل الشمس وهات نقاش عن الوحده بكلام لافاده منه ............................ هذا الجنوب واخذ خط حربي موت او حياه من مئات السنيين ضد الفرس الزيديه العنصريه وباي عقل وباي منطق تكون وحده اجدادنا حسمو الموضوع من مئات السنيين وهل نحن اشطر من اجدادنا ........................ اذن الوحده من اساسها ليس لها اساس ولايمكن تكون وحده والامور واضحه الى وحدة غالب على مغلوب في الوضع الحالي لماذا لان صاحب العاصمه والمدن المحيطه فيه هوالعدوا التاريخي للجنوب وهو كذالك مسيطر على الامور سيطره كامله فكيف تحلم بوحده تعطيك حقك يامجنون الامور محسومه من قبل الازيود وما باقي على الجنوبي ان يبحث طرق لاستقلاله واعادة كرامته ....... ......... نرجع للذي قادوا الوحده وكذالك غلط في غلط هم عصابه شماليه ليس جنوبيه وعصابه جنوبيه فرحه فرحه بكراسي من الدرجه الثانيه استلمتها ولان الجنوبيين كانوا ليس على قد المسوليه لشعبهم الجنوبي فقد من حفر حفره لاخيه وقع فيها فقد لاقونا نفس المصير من الاعدامات ومن تبقي منهم عايش في الخارج وكل الامور كانه اساسها غلط في غلط

صدقت اخي الحبيب

كل الود
د.رفيق

أبو عامر اليافعي
2010-04-06, 08:47 PM
مستغرب من المشرف الذي ثبت موضوع لاثبات فيه .

نايف الكلدي
2010-04-06, 09:21 PM
مستغرب من المشرف الذي ثبت موضوع لاثبات فيه .




عزيزي ابو عامر اليافعي

هل نعي الدرس ونفهم , بأن تاريخنا ونضالنا يزور , الى الان النظام يحاول بكل الطرق

الملتوية والقذره على تغيير الحقائق , ونحن الى الان في شتات وكلا يغني على ليلاه

الكل مطالب بوقفة جاده ضد هذه الكتابات , وبعض كتاب المال ,

اين كتابنا ومثقفينا من هذا التدليس والكذب ,

المشكلة نحن مقتنعين بقضيتنا لكن الواجب علينا ايضا ان نقنع الاخرين ونفرض راينا بقوه

ارادتنا وحجتنا , نحن اصحاب حق , والحق هو سر قوتنا

نتمنى ان نستفيد من هذا الدرس

تحياتي

أبو عامر اليافعي
2010-04-06, 09:46 PM
عزيزي ابو عامر اليافعي

هل نعي الدرس ونفهم , بأن تاريخنا ونضالنا يزور , الى الان النظام يحاول بكل الطرق

الملتوية والقذره على تغيير الحقائق , ونحن الى الان في شتات وكلا يغني على ليلاه

الكل مطالب بوقفة جاده ضد هذه الكتابات , وبعض كتاب المال ,

اين كتابنا ومثقفينا من هذا التدليس والكذب ,

المشكلة نحن مقتنعين بقضيتنا لكن الواجب علينا ايضا ان نقنع الاخرين ونفرض راينا بقوه

ارادتنا وحجتنا , نحن اصحاب حق , والحق هو سر قوتنا

نتمنى ان نستفيد من هذا الدرس

تحياتي

اخي الكريم انا وانت ليس مهما ان نتجادل على تثبيت موضوع او عدم تثبيته
لكن اريدك ان تعلم ان المواضيع التي يتم تثبيتها لها شروط
الاهم من شروطها :
اولا انها تعبر عن راي المنتدى ووجهة نظره والموضوع الذي ثبته لا يعبر عن راي المنتدى .
ثانيا اهمية الموضوع والموضوع هذا ليس مهما لنا بقدر ماهو موجود في جريدة لم تعط الحراك فرصة ليقول رايه او يكون طرفا في المواضيع المنزلة
انها وجهة نظر اثنان من الصحفيين يزيفان الحقائق ولا مجال للرد عليهما الا بتعليق لايزيد عن 500 حرف لا يغني ولا يسمن من جوع.
وركز على الشرط الاول في التثبيت .
لك التحية.

الجنوب او الموت
2010-04-07, 02:31 AM
اخي الكريم انا وانت ليس مهما ان نتجادل على تثبيت موضوع او عدم تثبيته

لكن اريدك ان تعلم ان المواضيع التي يتم تثبيتها لها شروط
الاهم من شروطها :
اولا انها تعبر عن راي المنتدى ووجهة نظره والموضوع الذي ثبته لا يعبر عن راي المنتدى .
ثانيا اهمية الموضوع والموضوع هذا ليس مهما لنا بقدر ماهو موجود في جريدة لم تعط الحراك فرصة ليقول رايه او يكون طرفا في المواضيع المنزلة
انها وجهة نظر اثنان من الصحفيين يزيفان الحقائق ولا مجال للرد عليهما الا بتعليق لايزيد عن 500 حرف لا يغني ولا يسمن من جوع.
وركز على الشرط الاول في التثبيت .

لك التحية.



صدقت يا كادر الجنوب
لك التحية

مدفع الجنوب
2010-04-07, 02:49 AM
4
http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2010/04/07/154540_270_small.jpg (http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2010/04/07/154540_270.jpg)
جانب من تظاهرة تطالب بــ"الانفصال"، في محافظة الضالع الجنوبية، في 24 مارس الماضي

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال


تشنج وكراهية… وضرر متصاعد
4/10
عدن – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد غمدان اليوسفي




من حضرموت إلى الضالع مروراً بشبوة وعدن ولحج، لا تخلو مدينة من أشخاص يطلقون على كل ما هو شمالي مصطلح 'دحباشي' بشكل مستمر، ولاسيما إذا كان الزائر يرتدي زياً تقليدياً كالثوب والخنجر. ومنذ 1990 عقب الوحدة، لم تتوقف آلة النكتة السياسية والشعبية عن السخرية من 'الدحابشة' الشماليين. ولفظة 'دحباشي' هي الصفة من اسم 'دحباش'، الذي يعود إلى ممثل شمالي كان بطل مسلسل كوميدي يحمل نفس الاسم. و'دحباش' بطل الفيلم يلعب دور الإنسان الجشع المؤذي لجيرانه من خلال أطفاله أو مشاكله التي لا تنتهي، لكنه في نهاية المسلسل التلفزيوني الكوميدي، الذي بثه تلفزيون اليمن مطلع تسعينيات القرن الماضي، عقب 'الوحدة'، يتحول إلى شخص آخر محب للخير والآخرين. ومهم أن نشير هنا إلى أن الفنان آدم سيف، من أبناء مدينة تعز الذي مثّل الدور أيضاً في نفس المدينة، حُرم تماماً التمثيل وبث أعماله الفضائية اليمنية، وكأنه يدفع ثمن الدور الذي قام به.
لا أحد يستطيع نكران أن الممارسات الخاطئة من قبل شماليين يمنيين سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين في الدولة –سواء كانت بعمد أو بسبب تقليد سائد في مناطقهم الشمالية– وفرت لـ'المتشنجين' من أبناء الجنوب زاداً كافياً لاعمال لغة التهكم والسخرية على إخوانهم الشماليين.
فعلى سبيل المثال 'أهل الصعيد في مصر وأهل حمص موضوع النكات الشعبية في البلدين، ولا يؤثر ذلك في العلاقات بمعناها الشامل'، حسب ما يقول منتج فني من أبناء الشمال يعمل مع فنانين جنوبيين.
ورغم أن هناك نكتة في الشمال على الجنوبيين الذي عادة ما يعتبرون 'أصحاب كيف وطرب وغير جديين في حياتهم وغير مبادرين'، فإنه لا تستطيع أن تسمع ألفاظاً جارحة من شماليين لجنوبيين إجمالاً، وهذا حسب ما يراه رجل أعمال من صنعاء. وحسب آراء مواطنين، أسوأ ما في الأمر أن ملاكاً جنوبيين في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت وكذلك في محافظتي لحج والضالع، لا يؤجرون منازلهم لمواطنين شماليين، وهذا ما حدث بالفعل لأحمد سعيد الشرعبي في المكلا.
لغة الكراهية
يقول النائب عن حزب 'الإصلاح' المعارض، علي حسين عشال لـ'الجريدة'، إن 'الحراك الذي يحمل أجندة سياسية هو ظاهرة صحية، فعندما يتحرك الناس وتبدأ ثقافة الجهر بالرأي تتأصل عندهم، واستخدام آلية الخروج إلى الشارع للتعبير عن الرأي والمسيرات والاعتصام والمظاهرات والعصيان، فإن ذلك يجعلهم في حالة أفضل'. وكل ما سبق، حسب رأيه، 'يمثل أدوات مشروعة في العمل السياسي وإعلان حالة رفض أو طلب حق مشروع'.
ويرى عشال وهو أحد مشايخ محافظة أبين ونائب عن إحدى مديرياتها، أن 'المقلق ما يحصل في اليمن اليوم هو فعلاً ما يصاحب هذا الحراك من نبرة تعلي من صوت الكراهية وتسعى إلى إلغاء الآخر، وتنطلق فيها جملة حالة الغضب المصحوبة بشيء لم يعهده تاريخ اليمن الجنوبي الحديث، من ثقافة للكراهية وتعميق لها'.
وتابع: 'هذا الأمر في حاجة إلى الوقوف من قبل النخب السياسية بالذات، أمامه طويلا، وأن تراجع حساباتها من هذه القضية، وأن يكون لها موقف من هذه الحالة، التي يراد لها أن تتأصل في مجتمعنا'.
وطالب عشال بأن يكون هناك موقف من قبل هذه النخب ورأي واضح، مضيفاً: 'أي مواربة أو تغطية أو تعمية أو استخفاف وتجاهل لهذه النبرة وهذه الحالة من التعميق للكراهية لن تخدمنا جميعاً في المستقبل، وبالتالي فإن النخبة السياسية معنية بمعرفة أسباب تعمق هذه الكراهية'.
ومضى عشال يقول: 'لاشك أن هناك أسباباً من بينها الشعور بحالة المظلومية، تؤدي إلى التعبير بشيء من الاحتقان لكن لا ينبغي أن يعمينا أن نقول للصواب هذا صواب وللخطأ هذا خطأ، عندما ترى هذه الكراهية يتم التعبير عنها بالعنف ضد الآخر من منطلقات جغرافية ليس لها علاقة بماهية هؤلاء الأشخاص. هذه ثقافة خطيرة جداً ولم يشهدها تاريخ اليمن الحديث في الشمال أو الجنوب'.
ورأى أن من الضرورة معرفة الأسباب أولاً 'لكونها ظاهرة دخيلة، ومهم جداً معالجة الظاهرة، وتقع ضمن مسؤولية السلطة والنخبة السياسية المعارضة لأنه ينبغي ألا تسكت وينبغي أن تصاحب هذا الموقف الرافض بالتعبئة الجماهيرية وحالة من التعبئة الثقافية والوصول إلى الناس، واستنكار ما يحصل من ظواهر سيئة'.
وحسب قوله، فإن 'معرفة الأسباب استعصت على المراقبين لكن ذلك كله في حاجة إلى لفتة سريعة وعاجلة، كي يتم احتواء الموقف من قبل جميع الأطراف ووقف كارثة قد تأتي لا قدر الله'.
الكاتب الصحافي جمال جبران يقول إن 'الكتابات والافتتاحيات في الصحف الرسمية وتصريحات لمسؤولين في الدولة تحمل نفس المستوى من لغة التهكم والتقليل من شأن المطالب الحقوقية، والمطالبين بمواطنة متساوية في الجنوب'.
كما أنه من غير المنصف عدم الإشارة إلى اللغة التكفيرية التي انتهجها خطباء وقادة بارزون في حزب 'الإصلاح' ضد قيادات وعناصر الحزب الاشتراكي قبل وأثناء وعقب حرب صيف 1994، وكان أكثر من نال حظاً من هذه اللغة الحادة في الخطاب الديني قائمة الستة عشر من القيادات الجنوبية ومعظم أعضائها من الحزب الاشتراكي، وعلى رأسها علي سالم البيض.
ويسأل رئيس كتلة الحزب الاشتراكي في البرلمان اليمني عيدروس النقيب في حديث مع الـ'الجريدة'، 'من الذي يدفع الحراك السلمي باتجاه العنف؟'.
ويقول عيدروس، وهو نائب في البرلمان اليمني عن إحدى مديريات محافظة لحج الجنوبية: 'كل حوادث القمع والقتل التي ارتكبتها السلطات الأمنية في حق المئات من المواطنين في مختلف مناطق محافظات الجنوب لم ينتقم أهالي ضحاياها'.
ويعتقد النقيب أن 'السلطة ترغب رغبة جامحة في دفع الحراك السلمي إلى الأعمال الانتقامية'. ويضيف: 'أربأ بقيادات الحراك السلمي أن تنتقل إلى هذا المربع، لأنها تعلم أن الفعل السلمي هو أكثر ما يؤرق السلطة، وأكثر ما يشرح صدرها ويبعث على سرورها هو الانتقال إلى مربع العنف'.
مظاهر عنف
ومع شعور قوى 'الحراك' -إن صح التعبير– بالتأثير التي تخلفه أنشطتها ومهرجاناتها منذ منتصف 2007، فقد فتح المجال للغة التهكمية، مما أفرز مظاهر عنف مناطقي أخطرها على الإطلاق التصفيات الجسدية لعدد ممن ينتمون إلى شمال اليمن على أيدي عناصر تابعة للحراك. فقد تمت تصفية ثلاثة من أسرة واحدة في منطقة العسكرية في 'حبيل جبر' (محافظة لحج) في 10 من يوليو 2009، وهزت الجريمة البلد كله. وقتل مواطن آخر أمام عائلته في ثاني أيام عيد الأضحى الماضي –منتصف ديسمبر 2009- في منطقة 'الحبيلين' في محافظة الضالع، ثم تواصل الأمر وقتل في أواخر مارس 2010 مواطن من عمران في أبين، وغيرها من الحوادث.
وتتوالى الفعاليات الاحتجاجية في جنوب اليمن باستمرار، وتتطور الاحتجاجات وأساليبها ومطالبها. ورغم حملة الاعتقالات التي بدأتها السلطات اليمنية منذ أول احتجاج سلمي منتصف عام 2007، فإن التظاهرات والتجمعات بمختلف أشكالها لم تتوقف، كان آخرها دعوة جديدة إلى العصيان المدني في مدن الجنوب. وإن كانت التقارير الصحافية الميدانية تؤكد أن دعوات الخامس من أبريل 2010 لم تنجح، ربما بسبب تحذيرات وزارة الداخلية اليمنية.
تعتبر السلطات المطالبين والمحتجين بأنهم خارجون على القانون وتم اعتقال أعداد كبيرة من المتظاهرين، وهو ما يفاقم المشكلة الآن وتمت إحالة عدد منهم إلى المحاكم وحكم على كثير منهم بالسجن.
وتتعالى أصوات عناصر 'الحراك' بعبارات مثل 'الاحتلال'، و'الدحابشة' والتعريف على أساس مناطقي 'شمالي - جنوبي'، وغالباً ما يكون الشماليون من صنعاء وما جاورها، أكثر عرضة للتهكم والسخرية والاعتداءات، لكونهم الأقرب لكبار القيادات في نظام صنعاء. وفي المقابل، يكاد لا يخلو خطاب رسمي لكبار المسؤولين أو مقالات لكتاب موالين للسلطة من ألفاظ تحقر عناصر الحراك ومطالبهم مثل 'المرتزقة'.
احتجاز تعسفي
يكشف تقرير أصدرته وزارة الخارجية الأميركية أن أعمال قمع مارستها الحكومة اليمنية ضد 'جنوبيين' بشكل كبير، إذ ذكرت تقارير أن قوات الأمن قتلت أو جرحت عدداً من المشتبه فيهم خلال اعتقالات جرت ضد تظاهرات في جنوب اليمن بدوافع سياسية، وترتب عن هذه المواجهات مقتل عشرات الأشخاص واعتقال وإصابة المئات منهم.
ولأن الاحتجاجات تُنظم في العادة وتُعلن مقدماً، وكثيراً ما تكون خلال أيام المناسبات الوطنية المهمة للجنوب، فإن قوات الأمن عادة ما تتمكن من الوجود بأعداد كبيرة، وتبدأ في اعتقال المشتبهين في تنظيم الاحتجاجات قبل المسيرات، وفي اليوم المُعلن عنه للاحتجاجات، فإن من يسافرون سواء من أبناء الشمال أو الجنوب يمرون بنقاط تفتيش على الطريق. والذين يجدون أنفسهم على مقربة من أماكن الاحتجاجات قد يتعرضون للاعتقال التعسفي، غالباً من الأجهزة الأمنية، إذا فلتوا من أيدي عناصر في 'الحراك'.
وفي الاحتجاجات نفسها، كثيراً ما تحاول قوات الأمن احتجاز المشتبهين في مشاركتهم، وأحياناً ما تعتقل المارة. الاتهامات الرسمية للمُعتقلين تشمل 'المشاركة في احتجاج غير مرخص له' و'تهديد وحدة الدولة'، لكن قلة قليلة من المعتقلين يخضعون للمقاضاة أو المحاكمة من جراء هذه الاتهامات، طبقاً لمحتجزين سابقين وناشطين في الحراك الجنوبي.
أرقام
لم تعلن إحصاءات دقيقة لعدد المعتقلين والقتلى والمصابين إثر هذه المواجهات، لكن الأعداد بالمئات منذ اشتعال موجة الاحتجاج قبل حوالي ثلاث سنوات، حسب قيادات الحراك، وهو ما يشكل وقوداً لاستمرار الحراك –وكما أشرنا في حلقة سابقة، تم إطلاق 'يوم المعتقل' على يوم الخميس من كل أسبوع، حيث يخرج متظاهرون في كل من لحج والضالع، ويطالبون بالإفراج عن المعتقلين.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن عدد المعتقلين السياسيين على ذمة الحراك الجنوبي في اليمن بلغ حتى أغسطس 2009، 1200 معتقل.
وارتفع عدد المعتقلين في ثلاث محافظات يمنية (أبين ولحج والضالع) توصف بأنها مثلث الحراك الجنوبي إلى أكثر من 100 معتقل خلال شهر مارس 2010، بحسب إحصائية خاصة بموقع 'التغيير نت' الإخباري المستقل.
وكانت حملة الاعتقالات شملت عدداً من السياسيين والقادة في فصائل الحراك الجنوبي ولايزال بعضهم مختفياً في سجون السلطات في كل من صنعاء وعدن وحضرموت. هذه الحملات زادت إثر تزايد موجة احتجاج الجنوبيين، ورفع علم الشطر الجنوبي وصور علي سالم البيض، ومُنع حقوقيون وأهالي معتقلين من زيارتهم للسجون، وهو الأمر الذي جعل مسألة إحصاء المعتقلين صعبة، وزاد من تذمر المنظمات الحقوقية الدولية.
معتقلات داخل معسكرات
منذ بدء الاحتجاجات في عام 2007، فإن بعض المحتجزين في الجنوب، خصوصاً من يُعتقد أن لهم دوراً قيادياً في حركة الاحتجاجات، أحيلوا إلى الاستخبارات العسكرية والأمن السياسي في صنعاء للمزيد من التحقيق والاستجواب.
وفي قضايا نادرة، تحركت السلطات لمحاكمة قيادات من الحراك الجنوبي بناء على اتهامات منها المساس بالوحدة، لكن لم تنته أي من هذه المحاكمات حتى أوائل أبريل 2010 إلى صدور أحكام.
من بين أول من تعرضوا للاعتقال من القادة في الحراك العميد المتقاعد ناصر النوبة، رئيس جمعية العسكريين المُسرحين، وهي منظمة ظهرت بشكل مبكر ونظمت احتجاجات واعتصامات واسعة من قبل العسكريين المتقاعدين.
وكان العميد النوبة قد تعرض للاعتقال من بيته في عدن في 2 سبتمبر 2007. ومن بين المعتقلين أعضاء في الحزب الاشتراكي بينهم أعضاء في مجلس النواب، ومن المعتقلين علي منصر عضو اللجنة المركزية في الحزب الاشتراكي، وحسن باعوم أحد أبرز قادة الاحتجاجات، وعضو مجلس النواب عن الحزب الاشتراكي ناصر الخبجي، ورئيس فرع حزب التجمع الوحدوي اليمني في محافظة حضرموت ناصر باقزقوز وعشرات غيرهم.
في 24 مارس 2009، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة في صنعاء بسجن النائب السابق أحمد بامعلم عشر سنوات بعدما أدانته بتهمة 'المساس بالوحدة والدعوة إلى الانفصال وإثارة الشغب والنعرات الطائفية'، بينما حكمت ذات المحكمة في عدن على العميد المتقاعد علي محمد السعدي بالسجن مدة سنة وثلاثة أشهر بتهمة المساس بالوحدة الوطنية والدعوة إلى الانفصال، وبرأت المحكمة نفسها العميد المتقاعد قاسم الداعري من التهمة ذاتها. ويُعد السعدي والداعري من أبرز قادة الحراك الجنوبي في محافظتي لحج وأبين.
الأضرار الجانبية
قتل المجند عبدالعزيز حميد في يناير 2010، وهو من أبناء محافظة إب في الجزء الشمالي من اليمن، غير أن أسرته لم تنس بعد فجيعتها بمقتل ابنها الشاب، في محافظة شبوة الجنوبية، كما أن القتلة لم يضبطوا.
لم يتم تحديد توجه القتلة، من أنصار 'الحراك الجنوبي' أو من 'القاعدة'، التي قالت السلطات الأمنية إنها وجهت إليها ضربات موجعة في ديسمبر 2009 ومطلع 2010، فكان الضحايا من المواطنين أكثر من المستهدفين. يقول شقيقه الأكبر محمد: 'لقد ذهب ضحية للغباء والتطرف'، موضحاً أنه كره وأسرته عناصر 'الحراك' وأعمالها، والسلطة وأساليبها، حتى الوحدة وأهدافها، بسبب مقتل ابنهم وهو يخدم وطنه.
فصائل 'الحراك' نفت صلتها بتلك الحوادث واتهمت السلطة بتشويه سمعتها، مشيرة إلى أن القتلة هم ممن تدفع بهم السلطة أو تشتري ذممهم وإن كانوا جنوبيين، وهو ما إشار إليه أنور أحمد عبدالله، نائب رئيس هيئة الحراك السلمي في عدن.
على فترات متقطعة، ومنذ بدء الاحتجاجات منتصف 2007، عمد جنوبيون إلى مهاجمة متاجر يملكها شماليون يقيمون في محافظات الجنوب، ففي يوليو 2009 وفي أسوأ هذه الهجمات تم اختطاف أصحاب المتاجر الشماليين وقُتل اثنان منهم في منطقة ردفان في نفس الشهر.
ويرى مراقبون محليون أن تلك الحوادث تبدو استثنائية ومخفية على عكس نشاطات الحراك وأهدافه المعلنة، مشيرين إلى أنها قد تلقي الضوء على طبيعة الموقف المشتعل والأخطار المحدقة المتمثلة في احتمال تصعيد العنف. وما يخشى منه هو تطور المصادمات المسلحة إلى خلق نزاع مسلح في الجنوب بأسره.
يقول عبدالواسع النخلاني، عضو الهيئة المركزية في حزب رابطة أبناء اليمن 'رأي'، وهو حزب تأسس في الجنوب في الخمسينيات من القرن الماضي، إن المخاوف تتضاعف من أن يتحول الجنوب إلى دائرة عنف، مشيراً إلى 'بروز توجهات لدى السلطة تستخدم فيها مثل الهيئات المناهضة للحراك وفصائله أحياناً لضرب الحراك، وأحياناً تقوم بأعمال حوادث تشعل فتيل الأزمات والعداء بين فصائل ومجموعات قبلية، وهكذا'.
وتطابقت آراء عدد من القيادات المحلية مع مواطنين أصليين في عدن بأن هناك رفضاً واسعاً بشأن استخدام عناصر 'الحراك' العنف مجدداً في عدن كما حدث في يناير 1986، إذ استخدمت محافظة عدن ساحة لمعارك فصائل الحزب الاشتراكي اليمني.
وتقول الناشطة الحقوقية داليا أنعم –من مواليد عدن– إنه 'رغم المشاكل والصعوبات التي يعانيها أبناء عدن، فإن الناس هنا يرفضون تدخل القبائل سواء من الضالع أو لحج أو أبين، وتحويل عدن إلى ساحة مواجهات مع السلطة تستخدم فيها أساليب العنف، ويكون المواطن المسالم هو أول ضحية'.
مثلث النار
منذ تصاعد الأزمة في جنوب اليمن عام 2007، أُطلِق على محافظات أبين والضالع ولحج، تسمية «مثلث النار» لما أصبحت تشهده من اضطرابات. وفي ما يلي نبذة عن كلٍّ من المحافظات الثلاث:
أبين
تقع محافظة أبين على الشريط الساحلي للبحر العربي الذي يمتد إلى أكثر من 300 كيلومتر. وتبعد عن العاصمة صنعاء مسافة 427 كيلومتراً، وتتصل محافظة أبين بمحافظتي شبوة والبيضاء من الشمال، ويحدها البحر العربي من الجنوب، ومحافظة شبوة من الشرق، ومحافظتا لحج وعدن من الغرب.
تبلغ مساحة أبين حوالي 16943 كم2 تتوزع في عشر مديريات، وتعتبر مديرية خنفر أكبر المديريات مساحة (4398كم2)، وأصغر مديريات المحافظة رصد وتبلع مساحتها 198كم2.
يبلغ عدد سكان محافظة أبين وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004، 433.819 نسمة وينمو السكان سنوياً بمعدل 2.47 في المئة.
من شخصيات المحافظة الفريق عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية، وعلي ناصر محمد الرئيس السابق لجنوب اليمن وطارق الفضلي.
ويتركز الحراك بقيادة الفضلي في عاصمة المحافظة زنجبار.
الضالع
تقع محافظة الضالع جنوب العاصمة صنعاء على بعد 245 كيلومتراً. ويبلغ عدد سكان المحافظة وفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت لعام 1994 341.449 نسمة.
ينتمي إلى محافظة الضالع عدد من القيادات السياسية بينهم القيادي علي عنتر الذي قتل في أحداث يناير 1986. وتعتبر مدينة الضالع هي المكان الأكثر سخونة في المحافظة، إذ تعرضت قيادات أمنية ومحلية في المدينة للقتل والاعتداءات المتكررة. ومعظم أبناء الضالع كانوا في الجيش الجنوبي السابق، وتم تسريح عدد كبير منهم عقب صيف 1994.
لحج
تقع محافظة لحج في الجنوب الغربي من الجمهورية اليمنية، جنوب العاصمة على بعد حوالي 320 كيلومتراً.
بعد تحرير الشطر الجنوبي من الاحتلال البريطاني أصبحت لحج إحدى المحافظات الست، وبعد إعادة تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990، صارت لحج أيضاً إحدى محافظات الجمهورية اليمنية بنفس التقسيم الإداري السابق. ومن أواخر 1998 فصلت مديرية الضالع عنها لتكون محافظة جديدة حملت اسمها محافظة الضالع.
وتعتبر منطقتا ردفان والحبيلين أكثر المناطق سخونة في المحافظة.
في الحلقة الخامسة
في الحلقة الخامسة، تتناول «الجريدة» دور الإعلام بوسائله المختلفة في الأزمة الجنوبية، وكيف تمّت تغطية الأحداث، وما ترتب على هذه التغطية.
ويتطرق الملف إلى الطريقة التي تعاملت بها السلطة اليمنية مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية، في تغطيتها للأزمة.





http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2010/04/07/154540_271_smaller.jpg (http://www.aljarida.com/AlJarida/Resources/ArticlesPictures/2010/04/07/154540_271.jpg)


إطارات مشتعلة في إحدى مناطق محافظة الضالع، خلال احتجاجات في أبريل 2008

مقهى الدروازه
2010-04-08, 01:16 AM
5


اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
الإعلام… الخصم والحكم
5/10
عدن – محمد الأسعدي
صنعاء – غمدان اليوسفي وصدام أبوعاصم
بين عناوين الأخبار والواقع المعيش في جنوب اليمن وشماله مسافة تستحق وقفة متأنية ودراسة ما يجري على الأرض ونقله إعلامياً إلى جمهور القراء.

الأوضاع في الجنوب وأزمة المتقاعدين وملف الأراضي وما نتج عن ذلك من حراك وهجمة إعلامية مضادة من الصحافة والإعلام الرسمي، تستحق الاهتمام أيضاً، وهذا موضوع حلقة اليوم من ملف القضية الجنوبية. ليس سهلاً أن ينسى دارسو الصحافة والإعلام أن أولى الصحف التي صدرت في اليمن كانت 'فتاة الجزيرة' في عدن في ثلاثينيات القرن الماضي، حين كانت عدن مركزاً ثقافياً عربياً يحتضن نجوم الفن والسينما والنضال والفكر، وكانت القاعدة التي انطلقت منها حركة التحرير في الشمال والجنوب.

يشتكي حسام العولقي، سائق تاكسي في عدن، أن عمله تأثر بالأزمة الجنوبية كثيراً فتراجع عدد السائحين الذين يقدمون إلى المدينة سواء من مناطق شمالية أو جنوبية. ويرى أن 'الحراك' لو كان سلمياً لما تردد الناس في زيارة المحافظات الجنوبية. ويعزو العولقي المشكلة إلى المبالغات التي تنقلها وسائل الإعلام عما يحدث في الجنوب.

في عدن- وإن كانت عدن ليست كل الجنوب إلا أنها ذات قيمة سياسية كبيرة في اليمن- نشأت النقابات، فكانت نقابة الصحافيين في الجنوب (مركزها عدن)، كأول المنظمات الوحدوية التي اتحدت باكراً مع نقابة الصحافيين في الشمال، وذلك في 9 يونيو 1990 عند انعقاد المؤتمر التوحيدي بين النقابتين، علماً أن عوامل الوفاق بينهما بدأت في القاهرة عام 1964 حينما شارك وفد إعلامي من الشمال والجنوب في تأسيس اتحاد الصحافيين العرب.

واحتضنت عدن أول تلفزيون في شبه الجزيرة العربية في 11 سبتمبر عام 1964، حسب مسؤول سابق في التلفزيون. كما أن الأتراك في الشمال استقدموا أول مطبعة إلى اليمن وأطلقوا صحيفة أسموها 'يمن' عام 1872، حسب الباحث الإعلامي عبدالحليم سيف.

وعقب ثورتي سبتمبر 1962 في الشمال وأكتوبر 1963 في الجنوب، ظهرت صحافة وطنية في الشطرين. لكن الفارق كان شاسعا بين الاثنتين، ففي الجنوب إعلام اشتراكي يحمل أجندة الشرق، وفي الشمال إعلام حكومي محصور بين صحف لا تتجاوز عدد الأصابع، وسياسة مغلقة على جميع الأطياف. وكانت وسائل الإعلام الرسمية شمولية التوجه كالأنظمة في ذلك الحين تماماً، وإن كانت بعض كبريات الصحف الرسمية لاتزال تحتفظ بكثير من الشمولية في رسالتها حتى اليوم سواء كانت في صنعاء أو عدن.

ولعلّ أبرز القوانين التي صدرت في العام التي تمت فيه الوحدة كان قانون الصحافة والمطبوعات رقم 25 لعام 1990، والذي صاغه فريق مشترك من الشمال والجنوب، إلا أنه أصبح الآن لا يلبي حاجة الصحافيين، لأنه كان مرتبطا بفترة سياسية أملت ذلك القدر من التضييق على الحريات الصحافية.

الإعلام الجديد و«الحراك»

القضية الجنوبية و'الحراك' والاعتقالات والمواجهات والصدامات صنعت عناونين براقة في الصحف، ووفرت مادة دسمة لوسائل الإعلام المحلية والخارجية. لكن الأزمة في الجنوب تختلف اليوم عن الأزمة السياسية بين أطراف اتفاق الوحدة عقب الانتخابات النيابية عام 1993، والتي أدت إلى حرب صيف 1994.

خروج أنشطة وشعارات الحراك الجنوبي للعالم الخارجي كان أكبر بكثير من أي وقت مضى منذ حرب صيف 1994، إذ استفادت عناصر 'الحراك' استفادة قصوى من وسائل الإعلام الحديثة والإعلام الإلكتروني تحديداً، طبقاً لمراقبين.

وأفسحت شبكة الإنترنت مجالاً واسعاً لتداول أخبار الحراك الجنوبي وتناول هموم أنصاره في مناطق جنوب اليمن بشكل عام، لاسيما بعد توقيف صدور صحف محلية كانت تحمل هم 'الحراك' وملاحقة صحافيين كانوا يتناولون أخبار الجنوب.

ويقول 'ابن الجنوب' وهو اسم مستعار لعضو في الــ'فيس بوك'، إن شبكة الانترنت هي المتنفس الوحيد الذي يقولون فيه ما يشاءون، وينشرون ما يريدون من صور ومن مقاطع فيديو لأحداث عنف يقوم بها ما أسماه بـ'قوات الاحتلال' ضد محتجين جنوبيين، وهو ما يشكل ضغطاً وقلقاً متزايداً على سلطة صنعاء التي تضيق ذرعاً بمثل هذا النشاط.

تقول ليزا الحسني، وهي حقوقية من أبناء عدن ولها صفحة في 'فيس بوك'، لـ'الجريدة'، إن 'بعض المنتديات والمواقع والشبكات الإلكترونية الإخبارية التي غالباً ما تُدار من خارج اليمن بقدر ما أسهمت في خروج القضية للعالم الخارجي شوّهت القضية الجنوبية وفكرتها وأهدافها'، موضحة أن 'بعض أعضاء المنتديات الإلكترونية أو حتى المدونين، تطرفوا في نقاشاتهم وصولاً إلى إشعال نيران الكراهية والمناطقية والتحريض ضد كل ما هو شمالي والدعوات إلى الانفصال متناسين النقاش في القضايا الأساسية'.

ويعتقد مختصون في الإعلام أن قضية الجنوب هي قضية إعلامية، إذ لم يكن لها هذا الظهور القوي قبل أن يتناولها الإعلام الحديث، وهو الأمر الذي جعل السلطات اليمنية تشن حربها المفتوحة ضد الإعلام وضد الإعلاميين.

وبعد حوالي شهر من انطلاق بثها من إحدى الدول الأوروبية، تمكنت السلطات اليمنية من إيقاف بث قناة 'عدن' المؤيدة لـ'فك الارتباط' على قمر 'اتلانتك بيرد' الأوروبي، بينما حولت السلطات اسم إحدى قنواتها الرسمية من 'يمانية' إلى قناة 'عدن' وكانت قبل ذلك تدعى قناة '22 مايو'. وأكدت مصادر رسمية حينها أن قرار إيقاف قناة 'عدن' اللندنية جاء كثمرة لجهود قام بها جهات حكومية ومحامون ومغتربون يمنيون في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، والذين تقدموا بشكاوى حول قيامها ببث الكراهية والتحريض على العنف وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية والأحقاد بين أبناء الشعب اليمني والترويج للقتل والأعمال التخريبية والإرهابية. وذكر هؤلاء أن قناة 'عدن'- التي تديرها جهات تدعو إلى الانفصال- كانت تبث بصورة مخالفة للقوانين المنظمة للبث الفضائي في الولايات المتحدة وبريطانيا.

وكانت مصادر حقوقية اتهمت السلطات اليمنية بوقوفها وراء إيقاف أحد المدونين المقيمين في المملكة العربية السعودية، وذلك إثر نشر أخبار الحراك التي تستفز نظام صنعاء. ووفقاً لتقرير لمنظمة 'هيومن رايتش ووتش'، فقد أوقفت السلطات السعودية اليمني المدون بعد عمليات نشر إلكتروني لأخبار القضية الجنوبية.

«الحراك» والصحافة

'الحراك الجنوبي' أو أي من التسميات المرتبطة بالحراك السياسي وحراك الشارع في الجنوب، كان عليه أن يلقي بظلاله على كل شيء بما فيها الصحافة المحلية، إذ كانت إحدى الاتجاهات التي انصب التركيز والغضب عليها من السلطات المحلية والمركزية. فتعرضت الصحافة والصحافيين لحملة اعتقالات وأحكام ومصادرة وإيقاف وغيرها، بطريقة مماثلة لما تتعرض له قيادات الحراك وعناصره.

ويقبع حالياً أربعة صحافيين في السجون بتهم تخص موضوع الجنوب، وهم صلاح السقلدي، وفؤاد راشد رئيس تحرير 'موقع المكلا برس' (في السجن المركزي في صنعاء بتهم تخص الحراك الجنوبي)، والصحافي فؤاد الزبيزي، والصحافي أياد غانم مراسل صحيفة 'الأيام' في محافظة لحج، والذي صدر حكم بسجنه، وهو سجين في سجن 'صبر' في المحافظة.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ولم تكتفِ السلطات بذلك، فبدأت بما يصفه الصحافيون بالـ'حرب على الصحافة'، إذ تم التضييق على الحريات الصحافية خصوصا على وسائل الإعلام التي تركز على الأزمة في الجنوب.

وقال ناشر ورئيس تحرير أسبوعية 'النداء' سامي غالب، عقب خروجه من جلسة محاكمة على خلفية نشر أخبار متعلقة بالحراك أواخر مارس الماضي: 'الأزمة في الجنوب نقلت العلاقة بين الصحافة المستقلة بالذات والسلطة، إلى طور جديد باعتبارها أزمة غير مسبوقة وهي أزمة سياسية بامتياز'.

ويؤكد غالب -وهو الرئيس السابق للجنة الحريات في نقابة الصحافيين- أنه 'عند الأزمات الوطنية الكبرى وبسبب ضعف الصحافة في اليمن وبالذات الصحافة المستقلة، تتحول الصحافة إلى موضع للتنفيس عن غضب أو توتر كبار مسؤولي الدولة'، مشيراً إلى أن حصل لصحيفته 'النداء' من مقاضاة 'يأتي في سياق عدم اعتراف السلطة بأي مما يحدث في الجنوب أصلاً، وبالتالي تقول إن ما يُنشَر ليس سوى دعاوى كيدية'.

وبحسب وسائل إعلامية محلية، توعّد - مطلع أبريل الجاري- وزير الإعلام شخصياً بملاحقة صحيفة 'حديث المدينة' الصادرة في مدينة تعز على خلفية نشر أخبار تتعلق بـ'الحراك'.

صحيفة «الأيام»

وتعد قضية صحيفة 'الأيام' الموقوفة عن الصدور منذ مايو 2009 أفضل مثل لممارسات التضييق على الحريات الصحافية على خلفية نشر يتصل بالقضية الجنوبية. فالصحيفة اليومية الصادرة من عدن تم احتجاز ناشرها ورئيس تحريرها هشام باشراحيل ونجليه منذ مطلع 2010 حتى أُفرج عنهم في 24 مارس الماضي.

وحاولت 'الجريدة' التواصل مع باشراحيل لحظة الإفراج عنه ولاحقاً بواسطة أعضاء الفريق لكنه اعتذر وقال: 'لا تعليق'. لكن مصادر مطلعة أكدت أن باشراحيل الذي يفوق عمره الـ65 عاماً يمر بأسوأ حالاته الصحية والنفسية بعد السجن. ويُذكَر أن باشراحيل اقتيد إلى سجن في صنعاء حيث تم التحقيق معه على خلفية نشر أخبار تمس الوحدة الوطنية، وتبادل إطلاق نار بين حراس الصحيفة المسلحين وقوات الأمن. وكانت صحيفة 'الثورة' أظهرت صورة على صفحتها الأخيرة في يناير الماضي تبين أسلحة قالت السلطات الأمنية إنها صادرتها من مقر الصحيفة.

وحصدت 'الأيام'، وهي من أوسع الصحف انتشاراً في الجنوب واليمن عموماً، وللسنة الثالثة على التوالي النسبة الأعلى للانتهاكات التي شملت كل طاقمها رئيس تحرير ومحررين وموظفين وحتى حرس الصحيفة، وفقاً لتقرير منظمة 'صحافيات بلا قيود' الذي أشار إلى تعرض مقرها وسكن رئيس التحرير وعائلته لحصار أمني متكرر. كما قُتِل ثلاثة من حراسها وأصيب آخرون، في حين تتحدث مصادر عن مهاجمة حراس الصحيفة لجنود ما أدى إلى نشوب مواجهة.

وتبرر السلطة أن 'الأيام' تنشر أخباراً كاذبة أو مبالغ فيها بغرض تحريض الناس على الوحدة، مما يعزز عوامل الغليان في المناطق الجنوبية.

«مرصد»

ورصد تقرير حديث لمنظمة 'صحافيات بلا قيود' أكثر من 256 حالة انتهاك لحرية الصحافة في اليمن عام 2009 ذكر منها الإخفاء القسري والسجن والمحاكمات والضرب والاختطافات، وسواها. وأكد التقرير الذي أُعلِن في 20 مارس الماضي أن عام 2009 'كان عام الحرب المفتوحة ضد الوسط الصحافي وكل من ينتمي إليه أو تجمعه به علاقة أو عمل'، بعد أن شملت تلك الحرب الصحف ورؤساء التحرير والمحررين والمراسلين بصورة شبه يومية، وكذلك المطابع والموزعين وسيارات التوزيع وأكشاك البيع'.

وأورد التقرير 'ان الانتهاكات جاءت كثيرة العدد والتنوع، وأن جلها حدث بالتزامن مع حالات القمع والانتهاك الرسمي لكل أشكال التعبير السلمي بشقها الحركي المتمثل في الاعتصام والتظاهرات في الجنوب'.

«الجزيرة»… و«العربية»

لم تسلم القنوات الأجنبية من الانتهاكات إذ تعرض مراسلو قناة 'الجزيرة' القطرية لعدة مضايقات وانتهاكات منها احتجازهم في فندقين في كل من عدن وحضرموت، ومنعهم من التصوير عدة مرات لتغطية فعاليات 'الحراك' في بعض محافظات الجنوب.

وقامت السلطات الأمنية بمصادرة أجهزة البث لقناتي 'الجزيرة' و'العربية' بعد اقتحام الأمن لمكتبيهما بصورة عنيفة، لكن وبعد ضغوط إعلامية أُفرِج عن الجهازين بأمر من الرئيس.

وأفاد مدير مكتب 'العربية' في صنعاء حمود منصر، بأن السلطات لم تبلغ أيا من القناتين عن مبررات مصادرة الأجهزة، لكنه لا شك في أن تكون تغطية أحداث وفعاليات 'الحراك الجنوبي' هي السبب الأول.

وتفرض الحكومة 'خطوطاً حمراء' غير مقننة في محاولةٍ منها لضمان فرض الرقابة الذاتية على الإعلام، وهي مفهومة في الأغلب لدى الصحافيين على أنها تشمل الحظر على نشر المقابلات مع رجال السياسة الجنوبيين في المنفى أو قيادات الحراك الجنوبي، ونشر صور لعنف الأجهزة الأمنية بحق المتظاهرين، أو حتى ذكر الأسماء الرسمية للمنظمات المسؤولة عن الاحتجاجات.

ورغم تعالي أصوات المنددين من منظمات حقوقية داخلية وخارجية، فإن الأمر لايزال بالنسبة للحكومة أمراً منطقياً، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية، وفقاً لمهتمين.

ويرى نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق عبدالباري طاهر، في حديث لـ'الجريدة'، أن 'الأزمة الحقيقية تتمثل في عقل السلطة حيث تعتقد أن القوة هي كل شيء وأن القوة حقيقة الله العظمى'، مبيناً أنها 'تتغاضى عن المحارب، وتتفاوض مع المقاتل، وتغض الطرف عن قاطع الطريق أو الخاطف أو المعتدي، ولكن همها محاربة حامل القلم، والمجتمع المدني بشكل عام'.

وتابع طاهر متحدثا عن انعكاسات أزمة الجنوب على أزمة الحقوق والحريات في اليمن، 'الأزمة بدأت في الجنوب، ولكنها الآن تشمل المجتمع اليمني كله، في الجنوب الناس لديهم مطالب وطنية ومطالب ديمقراطية ولديهم حقوق، السلطة تتغاضى عن هذه الحقوق وتحاول أن تحلها بالقوة أو بالعسكرة، فالسلطة تحتكم إلى القوة وترى أن حلها القضايا المجتمعية والثقافية لا يتم إلا بالاحتكام إلى السلاح وهذه هي الأزمة الحقيقية'.

ويعلل سعيد ثابت، وكيل أول نقابة الصحافيين اليمنيين، إقدام السلطات على ذلك بالقول: 'كلما اقتربنا من أبريل 2011 وهو موعد الانتخابات البرلمانية بعد تأجيلها من أبريل 2009، إثر اتفاق بين السلطة والمعارضة عرف باتفاق فبراير، ستصعّد الحكومة من قمعها للحريات حتى لا يتحدث أي صوت مخالف للتوجهات التي تريد الدولة أن تمررها، لأننا سندخل مرحلة 2013 وهي مرحلة الولاية الرئاسية الجديدة والتي ستتم ترتيبات خطيرة فيها'.

محكمة وقانون جديد

ما زاد الطين بلة هو إنشاء محكمة للصحافيين عام 2009 لتكون بمنزلة الضربة القاضية للصحافة، لأنها لن تعمل إلا على قضايا الصحافة، وهو ما يجعل الرقابة أكثر حدة ليتم توفير القضايا ويتواصل عمل المحكمة، حسب رأي صحافيين.

ويُذكَر أن مشروع قانون الإعلام السمعي والبصري والإلكتروني الذي قدمته وزارة الإعلام، يفرض غرامات ورسوما لا تحتملها كل صحف اليمن مجتمعة، إذ يشترط أن يقدم كل مَن يريد فتح موقع إلكتروني إخباري مبلغاً قدره 100 ألف دولار، ونفس المبلغ لأي قناة أجنبية تريد أن تدخل جهاز بث تلفزيوني، كما يمنع فتح قنوات فضائية للأحزاب، وهو ما اعتبرته نقابة الصحافيين 'ردة وتخلفاً'.

العلم الوطني

وبعد مرور عشرين عاما على قيام الوحدة وتغيير اسم الدولة وعلمها الوطني وشعارها والسلام الجمهوري يظهر إلى السطح قانون يخص 'العلم الوطني'. مشروع القانون الذي طُرِح على مجلس الشورى مؤخراً، يحرم الكتابة على العلم ويجرّم نشره على أي إعلانات ويجرّم نشره بالألوان الباهتة وغيرها من المحرمات المرتبطة بالعلم.

ويأتي ذلك في إطار حملة يقودها جهاز الأمن القومي ورئاسة الجمهورية، في محاولة لإعادة الروح الوطنية، إذ يتم نشر العلم الوطني في كل أرجاء البلد، إضافة إلى اللوحات الإعلانية التعبيرية المنادية بحب الوحدة. وفي حين تنتشر هذه اللوحات في شوارع صنعاء فإنها لم تكن موجودة بكثرة في عدن ومدن جنوبية مجاورة أخرى.

في الحلقة السادسة

في الحلقة السادسة، تتناول 'الجريدة' موقف المعارضة اليمنية من الأزمة المُشتعِلة في المحافظات الجنوبية من البلاد، وتشرح مبرّرات رفض قوى المعارضة مطالب قوى 'الحراك الجنوبي' التي تتمركز حول 'فك الارتباط' و'الانفصال'، ولماذا ترفض أحزاب المعارضة الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع الاحتجاجات.

مقهى الدروازه
2010-04-09, 01:23 AM
6


اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال
تقدُّم الحراك... وتأخُّـر المعارضة
6/10
صنعاء – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد عبدالعزيز المجيدي وصدام أبو عاصم
«المشكلة الأساسية لبعض القوى السياسية والحزبية في الساحة الوطنية أنها لا تفقه بديهيات العمل السياسي ولا كيف تمارس دورها في المعارضة وفق محددات بناءة وعملية وعقلانية ورصينة». هذه الجملة جزء من الفقرة الاستهلالية لافتتاحية صحيفة «الثورة» اليمنية الرسمية في عدد 5 أبريل 2010.

وتستطرد الصحيفة: «... مع الأسف الشديد تعمل (الأحزاب) في الاتجاه المغاير، فهي كلما وجدت أن الأوضاع بدأت تنتظم على المسار الصحيح، خرجت علينا ببيان أو تصريح ينفخ في كير التأزيم والتحريض على العنف وإثارة الفوضى، مستخدمةً كل أساليب الدس والتضليل والزيف والخداع، وكأن هذه القوى السياسية والحزبية لا هَمَّ لها إلا كيف تبتكر كل يوم جرحاً جديداً في خاصرة هذا الوطن، وكيف تلبد سماءه بغيوم وأدخنة الحرائق التي تشعلها والأزمات المفتعلة التي تغذيها!! ويتأكد هذا الجنوح الصارخ لهذه القوى السياسية والحزبية في ما صدر عنها يوم أمس من بيان بائس تدافع فيه عن العناصر الانفصالية والتخريبية الخارجة على الدستور والنظام والقانون، والمتورطة في ارتكاب جرائم القتل وسفك الدماء والاعتداء على المواطنين الأبرياء وإقلاق الأمن والسكينة العامة!!».

ما تقدّم قد يكون كفيلاً بتبيان صورة المشهد السياسي في اليمن، حيث تظهر علاقة يطغى عليها التذبذب وعدم الثقة بين السلطة والمعارضة، وهو الأمر الذي يعقِّد من الأزمات القائمة داخل البلاد.

العلاقة بين السلطة وأحزاب المعارضة في اليمن – سواء كانت المعارضة الفعلية أو الشكلية – تعيش حالة من التذبذب في ظل تنام مستمر للأزمات القائمة، سياسية كانت أو حقوقية، اقتصادية أو اجتماعية. وبقدر البعد الملحوظ لأحزاب المعارضة عن مطالب الشارع في مستوياتها الدنيا والاكتفاء فقط بالتصريح والبيانات، يعيش الحزب الحاكم حالة من التخمة السياسية ويرفض الامتثال للأمر الواقع ويُقِرّ بالحجم الفعلي للأزمات من أجل العمل بمسؤولية على إيجاد حلول جذرية، وخاصة لما يجري في جنوب اليمن.

تقف المعارضة اليمنية من الأزمة المشتعلة في المحافظات الجنوبية من البلاد في المنتصف، فهي ترفض المطالب الانفصالية لقوى الحراك الجنوبي، لكنها تقول إنها ليست مع صيغة الوحدة التي أعلنت بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية قبل عقدين، وترفض الطريقة التي تتعامل بها السلطة مع الاحتجاجات.

نهاية عام 2005، تبنت المعارضة خطابا كان ملهما على ما يبدو للشارع اليمني؛ فقد أطلقت مبادرة للإصلاح السياسي انطوت على مطالب ضمنية بتقليص صلاحيات الرئيس وإخضاع الموقع للمحاسبة، وطرحت ضوابط لشغل المناصب العسكرية والأمنية. وقتها قالت المعارضة إنها «ستلجأ إلى الشارع إذا رفضت السلطة المبادرة».

بعد نحو عام، ألقت أحزاب «اللقاء المشترك» التي تمثل المعارضة، بكل ثقلها في الانتخابات الرئاسية إذ قررت منافسة الرئيس علي عبد الله صالح على الموقع الأول في السلطة، ونزلت بمرشح واحد. أثناء الحملات الانتخابية تبنت المعارضة خطابا حماسيا ووجهت نقدا لاذعا للرئيس، لم يشهده اليمن من قبل، حيث عاش تجربة متميزة أثناء الحملة الانتخابية. لكنها سرعان ما انكفأت وعادت أدراجها وتركت الناس لخيباتهم مع نهاية الانتخابات بعودة الرئيس إلى موقعه منذ 1978.

لكن بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 2006، فإن المشاكل التي كانت قد تفاقمت في الجنوب، لم تمهل أحداً. فقاد المتقاعدون العسكريون احتجاجات واسعة في المحافظات الجنوبية للمطالبة باستعادة وظائفهم بعد أكثر من عقد من تسريح «إجباري» تعرضوا له بعد حرب 1994. ورافقهم مدنيون تعرضوا لنفس المستوى من التهميش والإقالة من مناصبهم أو إزاحتهم من وظائفهم باتباع سياسة «خليك بالبيت،» بحسب رأي مواطن من أبناء لحج يعيش في صنعاء.

حروب سياسية

وشهد منتصف مارس 2010 تصعيداً نوعياً بين السلطة والمعارضة حين شن الرئيس صالح هجوماً لاذعاً على أحزاب «اللقاء المشترك»، واصفاً إياها بـ «القوى المسيسة الحاقدة والمريضة الحالمة بالسلطة، والتي تريد هدم المعبد». وإذ اعتبر الرئيس صالح توقيع الحزب الحاكم («المؤتمر الشعبي العام» الذي يرأسه) لاتفاق فبراير 2009 «غلطة»، دعا أحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة إلى «التخلي عن سياسة الغطرسة والكبر»، منتقداً سياستها «التي أسهمت ولا تزال في إشعال الأزمات في مختلف مناطق البلاد»، واتهمها أيضاً بالتعاطف مع تنظيم «القاعدة» والانفصاليين والحوثيين، وافتعال الأزمات وإشعال الحرائق لتدمير الوطن.

وهذه الهجمة كانت رداً على موقف «المشترك» الاحتجاجي في مارس، الذي أغاظ النظام وأثار حفيظته، إذ كان اللقاء المعارض قد وجه كل قواعده في كل المحافظات للخروج إلى الشارع والتضامن مع الحراك الجنوبي، وأقام في 11 مارس 2010 مهرجاناً احتجاجياً في ملعب الظرافي وسط العاصمة صنعاء، حضره الآلاف من أنصار «اللقاء المشترك» وقادته الستة وعدد من الشخصيات المعارضة وأعضاء «لجنة الحوار الوطني» المعارضة أيضاً.

في تلك الاعتصامات الاحتجاجية التي نظمت في عدة محافظات وأهمها صنعاء والحديدة وتعز (محافظات شمالية)، والتي تميزت بأنها جرت فيها صدامات بين محتجين وقوات الأمن أسفرت عن قتلى وجرحى وعن عشرات المعتقلين بينهم قيادات، ندد المشاركون بعسكرة المحافظات الجنوبية والإجراءات الأمنية القمعية ضد المواطنين.

واعتبر رئيس اللجنة التحضيرية للحوار الوطني محمد باسندوة في اعتصام صنعاء، أن «الصيغة الاندماجية للوحدة قد أفسدتها الطريقة التي أدارت بها السلطة الأمور»، وأشار إلى أن «هناك صيغاً أخرى أعدتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الشامل».

وهاجمت السلطات اليمنية المعارضة المنضوية في تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» بعنف، وقالت إن «الحراك الجنوبي» يعتبر بمنزلة «الجناح العسكري» لها. وقال نائب وزير الداخلية حسين الزوعري إن المعطيات لدى الأجهزة الأمنية عن نشاطات من وصفهم بـ «الخارجين على القانون في المحافظات الجنوبية» في إشارة إلى قوى الحراك، خلال الفترة الماضية، تكشف صلة أحزاب «المشترك» بهذه القوى. وأضاف الزوعري: «إن قوى الحراك ترتكب جرائمها بضوء أخضر من المعارضة» التي قال إنها «اعتصمت لتتضامن مع القتلة».

وذكر الزوعري أن «أحزاب المعارضة من خلال مهرجاناتها التضامنية جاءت لترمي طوق النجاة للخارجين على القانون متهمة الحكومة بممارسة القمع والقوة المفرطة».

وحمّل المعارضة مسؤولية ما سيجري لأبناء المحافظات الشمالية، الذي قال إن «البحث عن لقمة العيش والرزق الحلال دفع بهم إلى التواجد في المحافظات الجنوبية»، مؤكداً أن «المشترك مسؤول مسؤولية مباشرة عن حياتهم وممتلكاتهم».

كما هاجم «المجلس الأعلى للتحالف الوطني الديمقراطي»، وهو تكتل يضم أحزابا معارضة صغيرة تحالفت مع الحزب الحاكم، أحزاب «اللقاء المشترك» ووصفها بأنها «انتهازية ولا تعرف ما تريد». وقال المجلس - في بيان - عقب اجتماعه في مارس 2010 برئاسة عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية النائب الأول لرئيس «المؤتمر الشعبي العام» وأمينه العام: «المشترك لم يعد يعرف ماذا يريد، وهذه المواقف الانتهازية التصعيدية التي اتخذتها أحزاب المشترك مؤخراً ليست إلا رد فعل على شعور القائمين على تلك الأحزاب باحتراق الأوراق التي ظلوا يشعلون من خلالها الحرائق والفتن في الوطن، وخاصة بعد إيقاف العمليات العسكرية وإحلال السلام في صعدة».

وبين هذه المواجهات السياسية والإعلامية وحتى الملموسة والدامية التي انتعشت مجدداً، نكتشف أن اليمن دخل مرحلة جديدة في مشوار القلق والهم والغم. فلا ينكر أي عاقل أن تأثير الأزمة السياسية لا يقل تأثيراً على نفسية الشعب بأكمله عن بقية الأزمات حتى العسكرية منها.

تأخر المعارضة

في المراحل الأولى للاحتجاجات ظهرت الأحزاب مرتبكة، وغير قادرة على اتخاذ قرار واضح حيال ما يجري. يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء د. محمد الظاهري إن «المعارضة الحزبية تحديدا عجزت في البداية عن فهم ما يجري في الجنوب»، لكنه لا يحملها المسؤولية «فهي وليدة البنية المتخلفة في البلاد» ويضيف: «هي لا تملك أدوات الدولة، وليست صانع قرار. ومشكلة المعارضة فقط إنها لم تكن قريبة في البداية من الشارع».

كانت الاحتجاجات تطالب بالاعتراف بالقضية الجنوبية، والعودة إلى روح اتفاقية الوحدة، غير أن قوى المعارضة ترددت في التعاطي مع الأمر واعتبرته خطابا انعزاليا، قبل أن تعود بعد نحو عامين إلى اعتبار «الاعتراف بالقضية الجنوبية مدخلا للإصلاح الشامل في البلاد»، حينها كان الحراك قد ذهب بعيدا واستقر على المطالبة بـ «الانفصال كحل وحيد للمعضلة الجنوبية».

وكان الأمين العام لحزب التجمع الوحدوي اليمني المعارض د. عبد الله عوبل متردداً في تقييم موقف «المشترك» قبل أن يعود ويجزم قائلا: «المعارضة تأخرت كثيراً عما يجري وكان يفترض أن تتبنى مشروعا قبل أن يحدث هذا الانقسام». ويضيف بأسف: «كان يمكن أن نتجنب الانشقاق الظاهر الآن والمشاكل، وكان يمكن ان نبني مشروعاً وطنياً على أساس وحدة وطنية ولا نترك التداعيات تمضي باتجاه مطالب فك الارتباط».

رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني د. عيدروس النقيب كان شارك منذ البداية بفعاليات مختلفة لـ «الحراك»، وكان يشعر بأن الأحزاب لم تفعل ما كان يجب عليها، قائلاً: «أنا واحد من المنتقدين للمعارضة فهي لم تعط هذه القضية قدرا كافيا من الاهتمام. لكن المعارضة اليوم تتبنى القضية الجنوبية وتدعو الى معالجتها».

قيادات وقواعد

لم تكن قواعد أحزاب المعارضة في المحافظات الجنوبية بعيدة عن كل ما يجري هناك، بل كانت تشكل القاعدة الجماهيرية للحراك، ومعظمها ينتمي إلى الحزب الاشتراكي. لكن المعارضة في الواقع كان لها جنوبها الخاص.

يتمسك الشيخ أحمد طلان عضو مجلس شورى حزب الإصلاح المعارض بموقف يبدو متناغما إلى حد كبير مع موقف قيادة الحزب في صنعاء حيال ما يجري في الجنوب، غير انه لا يملك سبيلا سوى الإقرار بأن بعض أنصار الحزب الإسلامي في محافظة شبوة الجنوبية لا يشعرون بالرضى، وبعضهم مشاركون بحماس في الفعاليات المطالبة بالانفصال.

ويقول طلان وهو عضو سابق في المجلس المحلي في شبوة، إن الأمر ذاته يحدث داخل قواعد الحزب الاشتراكي، على نحو اكبر.

تفرق قيادات الحراك الجنوبي، التي ينتمي غالبيتها إلى الحزب الاشتراكي بين قيادات «المشترك» في صنعاء وقواعد التكتل المعارض في الجنوب.

يقول وهيب عبدالعزيز المنصوب وهو قيادي في «الحراك» في محافظة لحج، إن «قيادات وقواعد المشترك في الجنوب حسمت موقفها مع شعب الجنوب، وخياراته، أما القيادات العليا للقاء المشترك فهي لم تبرهن إلى الآن بجدية عن موقفها تجاه الجنوب وقضيته».

الحوار الوطني

لمواجهة الأزمات التي تعصف بالبلاد، دعت المعارضة قبل أكثر من عامين إلى حوار وطني واسع، بمشاركة جميع الأطراف اليمنية، كقوى الحراك الجنوبي والمعارضة السياسية في الخارج، والحوثيين في صعدة شمالا حيث دارت رحى 6 حروب طاحنة وبدأت أول معركة في يونيو 2004، وأعلن عن وقف آخر جولة في فبراير 2010.

وعقد في صنعاء في مايو 2009 ملتقى للتشاور الوطني بمشاركة شخصيات اجتماعية ورجال دين وتجار وأكاديميين وسياسيين مستقلين وحتى أعضاء في الحزب الحاكم بالإضافة إلى أحزاب «المشترك»، من قيادات عليا ووسطية من كل أرجاء البلاد.

وتمخض عن الملتقى «وثيقة الإنقاذ الوطني» التي وضعت القضية الجنوبية في مقدمة المشاكل الملحة، وقالت إن الصيغة الحالية للوحدة «فشلت بسبب سياسة السلطة»، وشكلت لجنة تحضيرية للإعداد لمؤتمر حوار وطني شامل لإقرار صيغة بديلة «تحافظ على وحدة البلد وتتيح شراكة في السلطة والثروة لجميع أبناء البلاد، وتحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية».

على الجانب الآخر في الجنوب، كانت التطورات تتسارع ربما على نحو اكبر من تحرك المعارضة، وزاد من تعقيد الوضع لجوء السلطة للحلول الأمنية في مواجهة «الحراك». ومع الحملة الأمنية العسكرية في مارس 2010 على محافظات الضالع ولحج وأبين، خرجت أحزاب المعارضة في اعتصامات جماهيرية في المحافظات الشمالية تضامنا مع المحافظات الجنوبية منددة بـ «إجراءات السلطة، وعسكرة الحياة المدنية في الجنوب». ووصف أمين عام التجمع الوحدوي عوبل «استخدام القوة والعنف ومحاصرة المدن وإعلان حالة الطوارئ»، بـ «اللحظات الخطيرة جدا في اليمن».

اللجنة التنفيذية لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، وهو حزب انطلق من الجنوب منتصف القرن الماضي، جددت دعوتها السلطة إلى تحكيم العقل والحكمة والابتعاد عن عسكرة الأزمة في المحافظات الجنوبية، وعن استخدام العنف في مواجهة الأعمال الاحتجاجية السلمية، والبدء الفوري في المعالجات الشاملة عبر حوار وطني جاد لا يستثني أحداً، توضع على طاولته مختلف رؤى ومبادرات إخراج الوطن من أزمته الراهنة، حسب بيان اللجنة.

وكان حزب «رأي» أول من أعلن الحاجة الملحة لإعادة هيكلة الدولة اليمنية بالانتقال من نظام الدولة المركزية البسيطة إلى نظام الدولة المركبة (الفدرالية) القائمة على إقليمين في إطار كل منهما وحدات حكم محلي. واعتبر الحزب هذه المبادرة «الوسيلة المثلى لتحقيق أسس وحدة قابلة للاستمرار، والانطلاق نحو تحقيق مفهوم المواطنة السوية بمرتكزاتها الثلاثة: العدالة في توزيع الثروة والسلطة، والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية وللتوازن في المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين مناطق الوطن وفئاته، والتنمية الشاملة المستدامة»، حسب إفادة رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب محمد جسار.

الثقة بالمعارضة

مقابل الخطوات المذكورة، فإن مؤشر الثقة بالأحزاب لم يتحرك باتجاه ايجابي لدى قيادات الحراك الجنوبي. فبالنسبة لأمين صالح، نائب رئيس المجلس الوطني لتحرير الجنوب، تريد المعارضة بواسطة الاعتصامات، «الضغط على سلطة الاحتلال لتقديم تنازلات من أجل أن تحفظ ما تسميها هذه الأحزاب الوحدة». ويضيف: «لكن الأمر لن يكون بهذه الصورة، الاحتلال سيظل احتلالاً، والمقاومة مشروعة وستستمر حتى تنتصر القضية».

أما الناطق باسم اتحاد شباب الجنوب والمعروف باسمه الحركي «أبو تمام»، فيرى أن على أحزاب «المشترك» ان «تعترف بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره... لكي تبرهن على وجود نوايا صادقة تجاه الجنوب». ويضيف: «لقد تخلت أحزاب المعارضة عن الجنوب والشارع الجنوبي. بل إنها تخلت عن الشمال أيضا».

إلا أن د. عبد الله عوبل المكلف برئاسة إحدى اللجان التحضيرية للحوار الوطني بشأن ملف القضية الجنوبية، يقول: «هذا الأمر ليس مقبولا بالنسبة للأحزاب، فليس مطلوبا منا التماهي مع الحراك. نحن أحزاب سياسية لدينا رؤية مشتركة ونحاور الآخرين للوصول إلى رؤية مشتركة».

عندما كان في هذه المهمة مطلع 2010 والتقى بقيادات في الحراك، لمس الأمين العام لـ «حزب التجمع الوحدوي» مرونة في مواقف بعض قيادات «الحراك الجنوبي». ويقول إن جميع مكونات الحراك تميل إلى سقف أدنى من مطلب «فك الارتباط والانفصال» وبعضها يفضل إعادة صياغة الوحدة على أساس «فدرالية ثنائية بين الشمال والجنوب».

وبينما تحاول أحزاب «المشترك» الضغط على السلطة للجلوس على طاولة حوار، تجد نفسها في موقف نادر في العمل السياسي، إذ تسعى الى الحوار مع «الحراك» وفتح قناة تواصل مع قياداته للاتفاق على صيغة من نوع ما تحافظ على «الوحدة» . ويقول عوبل: «قوى الحراك تنتظر من الأحزاب عملا على صعيد تحريك المحافظات الشمالية، لتكون مطمئنة للمعارضة، إنهم يقولون للأحزاب ببساطة: إذا خرجتم وتظاهرتم بشكل عملي فإن مسألة الاتفاق ستكون سهلة».

«اللقاء المشترك»

عام 2002، تشكل تكتل أحزاب 'اللقاء المشترك' المعارض، وهو تحالف جبهوي لأحزاب من مختلف الاتجاهات السياسية. ويتكون التحالف من: حزب التجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الناصري، وحزب الحق ذي الجذر الزيدي، واتحاد القوى الشعبية. والتحق حزب 'البعث' الموالي لسورية بالتحالف المعارض بعد خروج حزب البعث الموالي لصدام حسين الذي قرر التحالف مع السلطة.

في ديسمبر 2005، تقدم التحالف بأول مشروع للإصلاح السياسي، دعا إلى تغيير صيغة الحكم القائمة والانتقال إلى النظام البرلماني، بدلاً من الرئاسي (تقليص صلاحيات الرئيس وإسناد الدور الرئيسي إلى حكومة منتخبة).

في فبراير 2009، وقعت المعارضة اتفاقاً مع الحزب الحاكم نصّ على تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في أبريل 2009 إلى أبريل 2011، على أن يلجأ الجانبان خلال المدة الفاصلة عن الانتخابات إلى حوار يفضي إلى إجراء تعديلات دستورية تتضمن إصلاحات للنظام السياسي والانتخابي. وقد مر أكثر من عام على الاتفاق، وأخفق الطرفان في الجلوس على طاولة الحوار، وهما يتبادلان الاتهامات بالتعنت والتصعيد.

في الحلقة السابعة

تتناول 'الجريدة' في الحلقة السابعة موضوع الحدث الرياضي 'خليجي 20'، الذي من المقرّر أن يقام في نوفمبر 2010، في مدينة عدن جنوب اليمن.

فهل سينجح اليمن في استضافة هذا الحدث؟ وما هو مستوى التنفيذ ميدانياً لمشاريع البنية التحتية والجاهزية للحدث؟ وإلى أي مدى سيتغلب اليمن على التحدي الأمني في المناطق التي ستستضيف التظاهرة الرياضية الكبرى في تاريخ اليمن، في ظل حضور 'الحراك الجنوبي' وتهديده بإفشال الحدث؟

قرصم
2010-04-10, 12:12 AM
لاوحــــــــــــــــــــــــده ولاخط احمـــــــــــــــــــــر

مقهى الدروازه
2010-04-11, 01:09 AM
7


يحبس مسؤولو الرياضة في اليمن أنفاسهم، مع ظهور أيِّ مسؤول خليجي على وسيلة إعلامية، ترقباً لأي إعلان عن سحب كأس الخليج العربي الـ20 من اليمن، لأسباب فنية وأمنية، وسط شائعات تتكرر يوماً بعد آخر. وأنت تجوب شوارع مدينة عدن، تشدك بعض مظاهر الاستعداد لاستقبال بطولة 'خليجي 20'، التي من المقرر أن تستضيفها المدينة ومدن مجاورة في نوفمبر المقبل، لكن المراقبين يؤكدون أن اللوحات الإعلانية والشعارات الترحيبية بالبطولة والضيوف، غير كافية لإنجاح هذه التظاهرة الرياضية الأكبر في اليمن. ومع تعالي الفرحة باقتراب موعد استضافة هذا الحدث الرياضي على المستويين الرسمي والشعبي في اليمن، تؤكد التصريحات الرسمية المتلاحقة جاهزية الاستضافة من كل النواحي، لكن مخاوف المهتمين تتفاقم من عدم اكتمال المشاريع بمختلف مجالاتها قبل موعد البطولة، مع توقعات بأن تقتصر الاستضافة على محافظة عدن في ظل بقاء الأوضاع على ما هي عليه.

بالقرب من لوحة ضوئية معلقة كُتِب عليها 'خليجي 20... مستعدون... جاهزون... ننتظر البداية'، كانت الفرحة تبدو واضحة على ملامح أطفال يمارسون هوايتهم المفضلة في الجري وراء كرة قدم بأحد الشوارع الفرعية في منطقة المعلا، وسط مدينة عدن.

وقال خالد حسن أحد سكان عدن، إنه سعيد للغاية لأن مدينته 'ستحتضن البطولة'، لكنه تمنى على سلطات بلاده أن تنجز كل المشاريع الخاصة بالاستضافة قبل الموعد المعلن، ليُكتب لهذه البطولة النجاح وتكتمل فرحته.

لكن اللجنة الثلاثية المكونة من أمناء سر ثلاثة اتحادات خليجية، أبدت أثناء زيارتها لمدينتي عدن وأبين، جنوب اليمن في 5 أبريل الجاري، مخاوفها من عدم اكتمال إنجاز مشروع ملعب 'الوحدة' في أبين قبل الموعد المحدد، مع تأكيدات رسمية يمنية على أن الأعمال تمضي بوتيرة عالية، وأنها ستنجز في موعدها.

مخاوف متجددة

وعقب زيارة المسؤولين الخليجيين، أثارت وسائل إعلام خليجية مجدداً مسألة سحب بساط البطولة من تحت اليمن.

إذ نقلت تقارير صحافية في السابع من أبريل الجاري عن مصادر موثوقة، أن قراراً سيصدر بسحب البطولة من اليمن إلى البحرين، بعد زيارة اللجنة الثلاثية لعدن وأبين.

وأثارت تلك الأنباء حفيظة المسؤولين اليمنيين ليكذبوا ما أثارته تلك الصحف، فاعتبر نائب وزير الشباب والرياضة اليمني حسين الشريف ذلك الأمر مجرد 'أكاذيب'، الهدف منها إحداث زوبعة إعلامية فقط، مجدداً تأكيده أن بلاده ستكون جاهزة لاستضافة البطولة في موعدها المحدد.

وأشار الشريف إلى أن اللجنة الخليجية المختصة، التي ضمت بعض أمناء السر في الاتحادات الخليجية لكرة القدم اطلعت على سير العمل والتحضير لـ'خليجي 20'، مؤكدة أن العمل يسير وفق البرنامج المخطط وبوتيرة عالية.

في ذات السياق، يكشف اللاعب الدولي السابق ومدرب نادي 'تلال عدن' الحالي شرف محفوظ لـ'الجريدة'، عن مخاوفه من عدم اكتمال انجاز المشروعات الرياضية والسياحية قبل موعد البطولة، وبينما يتمنى محفوظ أن تكتمل الاستعدادات وتتم الاستضافة بنجاح، يشير إلى أن 'الجمهور الخليجي يحب الرياضة، وأنه قد يتدفق إلى اليمن لمتابعة البطولة، الأمر الذي يبعث المخاوف من رداءة الخدمات السياحية'.

في المقابل، أكد الأمين العام لاتحاد كرة القدم الإماراتي عضو وفد اللجنة الخليجية الثلاثية المكلفة متابعة تحضيرات اليمن لاستضافة 'خليجي 20' يوسف عبدالله، أن اليمن قادر على تنظيم نسخة مميزة من بطولة كأس الخليج العربي الـ20، بعد الجهد الذي تقوم به اللجنة المنظمة على مختلف الأصعدة.

وذكر عبدالله في تصريح صحافي، أن 'اليمن يقوم بجهد كبير وصرف مبالغ خيالية على المنشآت، وحق من حقوقه أن ينظم البطولة، ونحن كاتحاد في الإمارات ندعم هذا التوجه'.

وتعالت أصوات خليجية أبرزها من البحرين، وأخرى محلية معارضة لانعقاد البطولة في اليمن، الأمر الذي دفع المسؤولين إلى توضيح الصورة وزيادة وتيرة الاستعدادات على كل المستويات.

إنجاز ووعود

واستغرب رئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور علي مجور من الأصوات الخليجية المعارضة لإقامة البطولة في اليمن، وقال: على 'الصحافة الخليجية والمهتمين أن يأتوا وينظروا إلى حجم الاستعدادات'.

وجدّد مجور خلال حضوره الجلسة الافتتاحية للاجتماع العادي للجمعية العمومية لانتخاب مجلس إدارة الاتحاد اليمني العام لكرة القدم في 4 أبريل الجاري، تأكيد أن بلاده قطعت شوطأ كبيراً في مراحل الإعداد والتحضير لاستضافة 'خليجي 20'.

وقال: 'نسبة الإنجاز في المنشآت الرياضية وغيرها من المرافق الخدمية والإيوائية والسياحية بلغت مرحلة متقدمة ودخلت مرحلتها النهائية، وستكون جاهزة للافتتاح قبل موعد انطلاق البطولة في نوفمبر 2010'.

وذكر مجور، الذي اطلع على سير العمل في الملاعب والتجهيزات بمدينة عدن يوم السبت الموافق 3 أبريل الجاري: 'نجدِّد التأكيد للأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي أن اليمن السعيد سيقدم استضافة نوعية للدورة الخليجية'.

وكان رئيس الحكومة علق على سير الأعمال التنفيذية والانجاز لتلك المشاريع، موضحاً أن نسبة الانجاز تتراوح ما بين 80 إلى 90 في المئة على مستوى كل المكونات.

وأكد نائب محافظ عدن عبدالكريم شايف أن التجهيزات جارية على قدم وساق، وأن السلطة المحلية ستتمكن من الانتهاء من التجهيزات الفنية لسبعة ملاعب جديدة في بداية يونيو المقبل، مشيراً إلى أن متوسط الإنجاز في مختلف المشاريع يصل إلى 75 في المئة.

إلى ذلك، أكد رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم الشيخ أحمد العيسي، أن لا خوف على تنظيم اليمن للحدث الرياضي المهم، لاسيما أن الأمور تسير بوتيرة عالية بحسب ما هو مرسوم له ومخطط ومبرمج حسب الموعد المتفق عليه، إن لم يكن قبله.

الرياضي اليمني السابق عضو مجلس الشورى الحالي إبراهيم صعيدي تمنى أن يكتب للاستضافة النجاح على كل المستويات، بعد مشاهداته للتجهيزات في مدن الجنوب.

وطبقاً للرجل الذي ترأس أخيراً فريقا ميدانيا من مجلس الشورى اليمني لمتابعة وتقييم أعمال الإنشاءات والتجهيزات لملاعب محافظات أبين، لحج وعدن، فإن التجهيزات 'قد تنجز قبل الموعد المحدد'.

وتتوالى اللجان الرسمية -الحكومية والنيابية- في اليمن لتقييم سير الانجازات المطلوبة لاستضافة 'خليجي 20'، وكلها تستنتج ضرورة رفع وتيرة الأعمال طبقاً للموعد المحدد لها.

الظروف الأمنية

الاحتجاجات المتواصلة التي يقودها الحراك الجنوبي في مدن ومحافظات جنوبية هي أبين ولحج والضالع والمطالبة بالانفصال و'فك الارتباط'، تزيد حدة الجدل حول قدرة الاستضافة من عدمها بعد تحديد اليمن محافظات عدن وأبين ولحج كمكان للبطولة.

وقد عارض عدد من الناشطين إقامة البطولة في جنوب اليمن التي تشهد مواجهات دامية بين محتجين يطالبون بالانفصال وقوات أمنية.

لكن نائب محافظ عدن شدد على أن 'عدن مدينة آمنة وأن حدوث أي حادث عرضي لا يعني نهاية الدنيا، خصوصاً أن مثل تلك الحوادث تكون بدوافع فردية'، مشيراً إلى أن 'اليمن والخليج يمثلان أسرة واحدة وجسدا واحدا، وأي ضرر بأحد أفراد الأسرة يضر الباقي'.

وعززت السلطات الأمنية انتشار أفرادها في عدة مناطق جنوب البلاد، لمتابعة فصائل من تسميهم السلطات بـ'الخارجين على القانون'، وتأتي تلك التعزيزات وفق خطة أمنية تنفذها وزارة الداخلية.

وقد وجه وزير الداخلية مطهر المصري في اجتماع عقده مع قادة الأجهزة الأمنية في محافظة عدن في الـ8 مارس الماضي، بتفعيل آلية العمل لضبط المطلوبين امنيا، بما يتواكب مع المناسبات الكثيرة التي ستشهدها محافظة عدن، ومنها استضافة بطولة 'خليجي 20'.

وشدد وزير الداخلية على ضرورة مواكبة هذا الحدث و'استنفار الهمم والاستشعار بالمسؤولية واعتبار الجميع معنيا بإنجاح هذه البطولة التي تتوافر لها كل الإمكانات'، لافتا إلى 'ما تتطلبه البطولة من بذل المزيد من الجهود المتفانية واليقظة العالية'.

ويعتقد مراقبون محليون أن الاهتمام الرسمي بالجانب الأمني للبطولة بدأ باكراً، إذ تم تشكيل لجنة حكومية خاصة (اللجنة الإشرافية العليا للإعداد والتحضير لاستضافة خليجي 20)، بعد قرار الاستضافة بأسابيع وترأسها نائب رئيس الحكومة اليمنية لشؤون الأمن والدفاع، وفي عضويتها عدد من المسؤولين والمحافظين ورؤساء الوزارات المختصة.

ويقول المحلل الرياضي مستور الجرادي: 'بالنسبة إلى الأوضاع الأمنية، من دون شك تشكل مخاوف حقيقية للاستضافة، لكن ليس بالدرجة التي يمكن أن تهدد أعضاء الوفود الشقيقة، إذ أن جميع اليمنيين حريصون على سلامة ضيوفهم، خاصة من دول الخليج الذي يكن له الشعب اليمني كل الحب'.

ويتابع الجرادي: 'لا أتصور أن يحدث أي شيء، إنما قد تحدث بعض الإشكالات الأخرى المتعلقة بعرقلة إقامة هذا الحدث، إذا لم تحل المشاكل قبل موعده، مؤكداً أن 'التجهيزات الفنية باتت مصدر خوف أكثر من الأحداث الأمنية'.

«الحراك» غاضب

في سياق مواجه، طالب بيان لما يسمى بـ'المجلس الأعلى للثورة السلمية'، أحد فصائل 'الحراك الجنوبي' المناهض لنظام صنعاء، الدول الخليجية المشاركة بتغيير مكان البطولة من جنوب اليمن، مبيناً أن 'الإصرار على إقامة مثل هذه البطولة سيكون بمنزلة مشاركة فعلية في الظلم الذي يلحق بشعبنا'.

وحذر البيان، الذي صدر مطلع العام الحالي، الخليجيين من 'أي مخاطر أو خسائر بشرية قد تحدث لبعثاتهم الرياضية ومواطنيهم أثناء توافدهم إلى أرض الجنوب لا سمح الله'، 'لأنه من الصعب السيطرة على مشاعر شعب غاضب'، طبقاً للبيان.

وكان البيان أشار إلى أن 'موقف شعب الجنوب الرافض لإقامة بطولة خليجي 20 على أرضه يأتي في سياق التأكيد على أن شعب الجنوب يقدر ويجل مواقف شعوب وحكومات مجلس التعاون لدول الخليج العربي تجاه قضيته'.

وأضاف البيان: 'بعد أن فشلت السلطات الحاكمة في صنعاء وفقدت سيطرتها على الأرض عملت على استضافة دورة خليجي 20 على ارض الجنوب، كي تبين لكم وللعالم أن الأوضاع في الجنوب تحت السيطرة، والحقيقة عكس ذلك تماما، كما أرادت من ذلك الحصول على الدعم المالي من دول الخليج'.

وعن مخاوف تأثير الأزمة الجنوبية وفعاليات الاحتجاج المتواصلة حتى لحظة كتابة التقرير، على فعاليات بطولة 'خليجي 20'، وعلى سلامة الوفود المشاركة، يستبعد محللون تعرض أي من الوفود لأي مضايقات أو أي أحداث قد تشوه سمعة اليمنيين أولاً، وتشوه سمعة من سيقوم بها لدى الأشقاء الخليجيين.

ويعتقد متابعون أن محافظة أبين وهي إحدى جبهات الأزمة المشتعلة في الجنوب اليمني، تعد أكبر محافظة يكثر فيها الرياضيون، وحتى في ما يتعلق بتصديرها للنجوم لمختلف الفرق اليمنية والمنتخب، الأمر الذي يتوقع أن يسهم في جعل بطولة 'خليجي 20' بمنزلة تهدئة للأزمة.

ويعتقد الصحافي الرياضي عصام علي محمد وهو من أبناء محافظة أبين الجنوبية ويعمل لدى قناة 'سبأ' الشبابية، أن محافظته مليئة بالرياضيين، حتى أنه وصفها بـ'برازيل اليمن'، وتوقع أن تهدئ فعاليات البطولة أزمة الجنوب، من جانب رياضي ونفسي على الأقل.

دلالات الاستضافة

ويؤكد رئيس الحكومة اليمنية أن تحديد الاستضافة في المحافظات الجنوبية يأتي من قبيل أنها تحتاج إلى بنية اقتصادية في المجال الرياضي، مبيناً أن هذه المحافظات تشهد نهضة تنموية غير مسبوقة.

ويقول المحلل الرياضي مستور الجرادي إن القرار السياسي 'كان الحاضر الأول في الاستضافة عموما، وفي اختيار عدن وأبين للاستضافة ثانياً، وهذا قرار اتخذه المسؤولون وتحدثوا عنه مراراً، إذ تحول مكان الاستضافة من صنعاء إلى عدن وأبين بهدف تنميتها اقتصاديا ورياضيا'.

وحول اختيار عدن، يقول عضو مجلس الشورى إبراهيم صعيدي إن 'اختيار عدن كمكان لإقامة خليجي 20 يأتي إلى جانب الأهداف الاقتصادية والتنموية، كإعادة الاعتبار للمدينة التي تعد أنديتها من أقدم أندية العالم العربي، وبينها نادي التلال العدني الذي تأسس مطلع القرن العشرين إبان الاحتلال البريطاني للمدينة'.

وبينما أبدى خشيته من عدم قدرة السلطات اليمنية على توضيح الصورة الخارجية المفترضة لعدن وتتاريخها المدني والكروي، اعتبر النجم شرف محفوظ أن استضافة البطولة هو 'حدث بحد ذاته، يحمل كل الدلالات والمعاني المهمة لليمن والرياضة اليمنية بشكل عام'.

وأكد مدير مكتب الشباب والرياضة في عدن جمال اليماني أن 'الاستعدادات تخطو خطوات كبيرة لاستقبال بطولة خليجي 20، وذلك في مجال تأهيل البنية التحتية بالمحافظة لتجهيز الملاعب الرياضية والمواقع الإيوائية للوفود المشاركة'.

وأوضح أن السلطات المختصة تواصل انجازاتها للمشاريع في إطار الاستعدادات الجادة لأن يحتضن اليمن البطولة بنجاح، مبيناً أن 'عدن لها تاريخ كروي كبير وهي جديرة بأن تحتضن البطولة الخليجية لما تمتلكه من مقومات أخرى سياحية وتاريخية أخرى'.

ويرى مراقبون أن السلطات اليمنية تعتبر هذه الاستضافة إذ ما نجحت، رسالة للأشقاء في دول الخليج أنها لاتزال قوية في الجنوب، وهو المغزى السياسي المهم الذي تحمله قضية الاستضافة اليمنية في الجنوب.

ويؤكد الصحافي عصام علي محمد أن 'الحكومة مصرة على نجاح فعاليات الاستضافة لإيصال رسالة إلى دول الخليج المشاركة، أن اليمن لايزال قويا ومسيطرا، وأن فرص البلاد سانحة لأن تكون ضمن الفريق الخليجي في مختلف مجالات الحياة'.

ويواجه اليمن تحديات اقتصادية وأمنية عديدة، الأمر الذي جعل استضافة البطولة بالنسبة إلى المسؤولين اليمنيين بمنزلة تحدٍّ يتوجب عليهم تجاوزه.

وكان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قد كرر في عدة خطابات ومقابلات صحافية، أن بلاده قادرة على الاستضافة وأن خطة تنفيذ الشروط المحددة للاستضافة تمضي بوتيرة عالية.

إلى ذلك، يحاول اليمن أن يبدو مستعداً على كل المستويات حتى على مستوى أداء الفريق الكروي اليمني عن مشاركاته السابقة، ويتوقع رياضيون أن يستفيد المنتخب اليمني ليحسن أداءه عن المشاركات السابقة، معتبرين أن المشاركة ستكون متواضعة، لكن أقوى من سابقاتها على أساس أن المنتخب سيلعب على أرضه وبين جماهيره.

وتجهز في عدن حالياً سبعة ملاعب رياضية تدريبية إلى جانب الملعبين الرئيسيين، وهما ملعب '22 مايو' في عدن والملعب الرئيسي في زنجبار في محافظة أبين اللذين ستقام عليهما مباريات البطولة الخليجية التي يحتضنها اليمن لأول مرة في تاريخه.

ووفقاً لمعلومات رسمية، فإن محافظة عدن يوجد فيها حاليا 214 فندقاً سياحياً، وتضم المحافظة فنادق خمس نجوم بطاقة استيعابية إجمالية تبلغ 750 سريراً، وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمجموعة الفنادق في عدن 7000 سرير.

يُذكر أن الاستثمارات الحالية في المشاريع الرياضية في عدن ولحج وأبين بلغت نحو 20 مليار ريال (نحو مئة مليون دولار).

ملاحظات

• تأتي الاستعدادات اليمنية لاستضافة بطولة كأس الخليج في نسختها الـ20 بعد مشاركته في أربع دورات سابقة. وتذيل منتخب اليمن قائمة المنتخبات المشاركة في كل البطولات السابقة، وهو الأمر الذي دفع المسؤولين اليمنيين إلى تقديم طلب استضافة البطولة في نسختها الـ20، إلى جانب الأهداف التنموية والسياسية.

• انضم اليمن إلى المشاركة في كأس الخليج بعد قرار قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي التي عقدت في مسقط (30ـ31 ديسمبر 2001)، بشأن قبول انضمام اليمن إلى عدد من مؤسسات المجلس غير السياسية، وهي مجلس وزراء الصحة، ومكتب التربية، ومجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية، ودورة كأس الخليج لكرة القدم.

• هناك ثلاثة ملاعب أساسية سيتم اللعب عليها في خليجي 20 وهي: الملعب الرئيسي في أبين وقد أنشئ للبطولة ومازال العمل فيه جارياً، ونسبة الإنجاز تتراوح بين 40 إلى 60 في المئة طبقاً لمصادر رسمية، وملعب '22 مايو' في عدن وملعب 'لحج'، واللذان يحتاجان إلى إعادة تأهيل، والعمل فيهما أنجز بنسبة 80 في المئة طبقاً لمعلومات رسمية.

في الحلقة الثامنة

في الحلقة الثامنة، تبحث 'الجريدة' اتهام السلطة قيادات في 'الحراك الجنوبي' بعلاقتها بتنظيم 'القاعدة' في اليمن، وكيف استفادت من مبرر ضرب عناصر التنظيم في محافظتَي أبين وشبوة الجنوبيتين، وهل فعلاً وجدت عناصر التنظيم بيئة خصبة لتكاثرها في محافظات الجنوب نتيجة عدم الاستقرار، وكيف أثرت الضربات الاستباقية التي شنتها الحكومة ضد التنظيم.

مقهى الدروازه
2010-04-12, 02:45 AM
8


من السهل جداً إطلاق التهم ضد الأشخاص والجماعات، لكن إثبات تلك التهم بالوقائع والوثائق يظل صعباً. حين أعلنت الحكومة اليمنية وجود علاقة بين تنظيم «القاعدة» وقيادات في الحراك الجنوبي، قوبل الأمر بسخرية من مراقبين، مفادها أن الحكومة تبحث عن صيغة تبرر لها ضرب قيادات وعناصر «الحراك» بضوء أخضر من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، تحت مظلة مكافحة الإرهاب.

لكن الحكومة كانت على ما يبدو مستندةً إلى «قرائن تاريخية»، وإن كانت لم تثبت حتى الآن، عقب إعلان طارق الفضلي انضمامه إلى الحراك الجنوبي في أبريل 2009، وأدى هذا الانضمام إلى خلط الأوراق في الصراع بين الحراك والسلطة بسبب علاقات الفضلي المتداخلة سواء بأشخاص في هرم السلطة، أو بماضيه وتزعمه الجهاديين في حرب صيف 1994 ضد الحزب الاشتراكي اليمني.

أعقب انضمام طارق الفضلي إلى «الحراك الجنوبي» في اليمن، إعلان زعيم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» أبوبصير الوحيشي في 14 مايو 2009، دعم التنظيم لحركة الاحتجاجات في جنوب اليمن، إذ قال إن «ما يحدث في لحج والضالع وأبين وحضرموت لا يقره عقل ولا يرضاه إنسان، ويحتم علينا المناصرة والتأييد». وبادرت السلطات الأمنية اليمنية إلى اعتبار انضمام الفضلي (في محافظة أبين) إلى «الحراك»، وتصريحات الوحيشي، خطوة باتجاه تحويل المحافظات الجنوبية إلى مأوى لعناصر تنظيم «القاعدة»، ولجميع الخارجين على القانون، وأعلنت أنها بدأت ملاحقة عناصر التنظيم في محافظات أبين وشبوة الجنوبيتين، إذ يوجد فيها أبرز قياداته، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية.

ضربات... وضحايا بالعشرات

نفذت الحكومة اليمنية خمس ضربات استباقية بواسطة الطيران الحربي ضد ما قالت إنهم عناصر تنظيم 'القاعدة' في محافظتَي أبين وشبوة، وكذلك في مناطق متفرقة من محافظات صنعاء ومأرب والجوف شمال شرق البلاد.

وكانت البداية عندما أعلنت وزارة الدفاع اليمنية في 17 ديسمبر 2009، مقتل 24 من أعضاء تنظيم 'القاعدة' في ضربة استباقية بمنطقة المعجلة في محافظة أبين، غير أنها اعترفت لاحقا بسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في تلك الضربة.

وقال نائب رئيس الوزراء اليمني لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي أمام مجلس النواب، إن عناصر تنظيم 'القاعدة' كانت تختبئ وسط المدنيين.

وعلى إثر ذلك، وجه الرئيس علي عبدالله صالح حكومته بدفع تعويضات مالية لأسر الضحايا المدنيين الذين سقطوا في تلك العملية.

ووجدت تلك العملية ترحيبا دوليا واسعا وصل إلى درجة تهنئة الرئيس الأميركي باراك أوباما وعدد من رؤساء العالم، الرئيس اليمني على نجاح تلك العملية النوعية ضد عناصر تنظيم 'القاعدة'.

أما محلياً، فقد أثارت موجات سخط عارمة من قبل الأحزاب السياسية ومجلس النواب الذي قرر استدعاء الحكومة لشرح خلفيات العملية التي راح ضحيتها، في آخر حصيلة رصدت، 42 شخصا معظمهم من النساء والأطفال.

تلك الاحتجاجات لم تثنِ الحكومة عن مواصلة ما أسمتها 'ضربات استباقية' ضد عناصر 'القاعدة' في جنوب وشمال البلاد، لكنها كانت أكثر دقة في استهداف عناصر 'القاعدة' في جولتها الثانية، إذ نفذت عملية ضد محافظة شبوة في 24 ديسمبر 2009، وقالت إن 30 من أفراد التنظيم قتلوا فيها.

وأعلنت وزارة الداخلية أن من بين القتلى زعيم التنظيم ناصر الوحيشي، ونائبه السعودي سعيد الشهري، والشيخ الشاب أنور العولقي، المطلوب بإلحاح من قبل الولايات المتحدة الأميركية، لكن المعلومات اللاحقة نفت مقتل العولقي.

هذه الضربات وإعلان 'قاعدة الجهاد في جزيرة العرب' تبنيها محاولة النيجيري عمر الفاروق تفجير طائرة أميركية، عشية أعياد الميلاد، وضعا اليمن في الواجهة واستقطب حضوراً إعلامياً دولياً كبيراً.

وتلا ذلك مقتل ثلاثة من أعضاء تنظيم 'القاعدة' في 16 مارس 2010 بواسطة ضربة جوية في محافظة أبين بعد رصدهم، وقالت الأجهزة الأمنية إنهم أيضا من ناشطي 'الحراك الجنوبي' ومقربون من طارق الفضلي، الذي يدعو الى انفصال الجنوب ويناهض سلطة صنعاء بشدة، بعد أن كان حليفاً مقرباً من الرئيس صالح.

تلك الضربات تزامنت مع تهديد وزارة الداخلية اليمنية باستهداف الفضلي، متهمة إياه بإيواء عناصر من تنظيم 'القاعدة'، الأمر الذي جعل هيئات الحراك تصدر بيانا تحذر فيه الحكومة من المساس به، معتبرة أن الهدف من اتهامه بالارتباط بـ'القاعدة' هو تشويه صورته أمام أبناء شعبه وأمام الرأي العام العربي والعالمي، مما 'يسهل على السلطة تدبير عملية قذرة ضده'، حسب البيان.

«الحراك»… و«القاعدة»

يرفض عدد من الشخصيات السياسية والمتابعين لما يدور في المحافظات الجنوبية من أحداث، ربط الحكومة اليمنية قيادات الحراك بتنظيم 'القاعدة'.

القيادي في 'الحراك' ناصر الخبجي، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السلمية، أحد تيارات ما يعرف بـ'الحراك الجنوبي'، نفى لـ'الجريدة' وجود أي ارتباط بين الحركة الاحتجاجية السلمية في الجنوب وتنظيم 'القاعدة'، معتبراً أن 'ما تروج له السلطة في صنعاء يهدف الى تقويض الاحتجاج الشعبي المطالب باستقلال الجنوب'.

وقال الخبجي -وهو نائب برلماني لم ترفع عضويته النيابية وحصانته منذ انضمامه إلى الحراك منتصف 2008 حتى تاريخ نشر هذا التقرير- إن 'الحراك الجنوبي يختلف تماما في ثقافته وتوجهاته وأهدافه مع تنظيم القاعدة، كما أن الجنوبيين يرفضون العنف والإرهاب''.

وفي وقت سابق، نفى محافظ محافظة أبين المهندس أحمد الميسري في تصريح بثته قناة 'الجزيرة' في 20 ديسمبر 2009، أن يكون هناك أي علاقة بين الحراك السلمي في الجنوب وبين أنشطة تنظيم القاعدة الإرهابي.

وأكد الميسري أن هناك فرقا عقائديا وسياسيا بين الحراك الجنوبي وتنظيم 'القاعدة'، الذي قال إنه يتحرك بحرية بسبب ضعف المؤسسات الأمنية للدولة.

وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عيدروس النقيب، إن 'المحاولات الحثيثة التي تبذلها السلطة وأجهزتها الإعلامية لربط الحراك السلمي الجنوبي بالقاعدة، تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها تشويه صورة الحراك وتسويقه كمظهر من مظاهر الإرهاب، وخلق المبررات للتعامل العسكري مع مطالب الحراك، وهو التعامل الذي تجلى منذ اليوم الأول حتى قبل أن يرفع نشطاء الحراك مطالب فك الارتباط'.

ووصف النقيب ربط 'الحراك' بتنظيم 'القاعدة' كـ'نوع من الهروب إلى الأمام بدلا من المعالجة السياسية لجذور المشكلة، ومحاولة تحقيق حركة استباقية في مجال كسب التأييد الخارجي'.

ويرى الكاتب السياسي محمد عايش أن 'محاولة الحكومة اليمنية ربط الحراك الجنوبي بتنظيم القاعدة يأتي في محاولة لخلط الأوراق في سياق التوظيف السياسي لورقة الإرهاب، بما يعزز اتجاه الحكومة اليمنية إلى قمع مكونات الحراك الجنوبي الذي تنبع جذوره من مشكلات سياسية واقتصادية وحقوقية بشكل أساسي'.

ويعتبر عضو الدائرة السياسية في حزب 'التجمع اليمني للإصلاح' عبده سالم، أنه مع 'استمرار الحكومة في الترويج لفكرة وجود علاقة بين الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، فإنها بذلك تكون قد قدمت خدمة جليلة للحراك الجنوبي، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير استراتيجية أميركا تجاه اليمن، عبر فتح قنوات اتصال مع قيادات الحراك من اجل التعاون في الحرب على تنظيم القاعدة، كما سبق لها أن دعت طالبان إلى الحوار مقابل تخليها عن دعم وإيواء تنظيم القاعدة في أفغانستان'.

الفضلي… و«القاعدة»

الباحث المتخصص في شؤون تنظيم 'القاعدة' سعيد الجمحي، يشير إلى أن السلطة لم تطلق على الحراك الجنوبي صفة 'الحراك القاعدي'، إلا بعد انضمام الفضلي إليه في أبريل 2009.

ويبين الجمحي أن كل محاولات التبرؤ التي بذلها الفضلي للتخلص من هذه التهمة (تهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة)، ووصل به الحال إلى القيام بأفعال يعتبرها تنظيم 'القاعدة' ردة وكفراً صريحاً، مثل رفع العلمين الأميركي والبريطاني، وتمنيه عودة الاستعمار إلى جنوب اليمن، لم تشفع له عند النظام.

ويستغرب الجمحي كيف 'أن الجماعات المتطرفة وفي مقدمها القاعدة لم تهاجم الفضلي كعادتها في مثل هذه المواقف، بل اعتبره البعض من تلك الجماعات نوعاً من التكتيك السياسي لا يؤاخذ فيه الفضلي، باعتباره يندرج تحت قوله تعالى: (إلّا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان)'.

ويضيف الجمحي، وهو صاحب كتاب 'تنظيم القاعدة في اليمن' الصادر عن 'مركز دراسات المستقبل' في صنعاء، أن 'اللافت للنظر أن الخطاب الذي وجهه زعيم القاعدة أبوبصير إلى الحراك الجنوبي جاء بعد أسابيع من اتهام السلطة اليمنية لطارق الفضلي باحتضان عناصر إرهابية تابعة للقاعدة، كما أن غالب الزايدي، القيادي في تنظيم القاعدة، دافع عن الفضلي في حوار مع صحيفة يمنية'.

ونفى الزايدي في ذات الحوار تهمة انضمام الفضلي إلى الحراك بسبب مصادرة الدولة أراضيه، مؤكداً أنه 'كغيره من شباب المجاهدين خدعتهم الدولة فشاركوا في حرب 1994، ودخلوا في صف الحزب الحاكم'.

ويضيف الزايدي: 'الآن أعتقد أن الحقائق بدأت تتضح له وبدأ يراجع (الفضلي) أخطاءه'.

أوجه الاختلاف

يؤكد الدكتور عيدروس النقيب أن 'أهداف الحراك وأهداف القاعدة تتناقض بعضها مع بعض كليا، فالأول يسعى إلى إقامة دولة مدنية فشل النظام في إقامتها، والثاني يسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية على صعيد الكرة الأرضية، كما يختلفان في الوسائل، فالحراك يتخذ من الفعاليات السلمية الاحتجاجية (المسيرات والاعتصامات والمهرجانات) وسيلته الوحيدة، بينما يتخذ القاعدة من الأعمال العنيفة (التفجيرات، الاغتيالات) وسيلة لبلوغ أهدافه'.

ويوضح النقيب: 'أي تحالف بين القاعدة والحراك لو وجد كان يمكن أن تكون نتائجه مختلفة عما يدور على الأرض من فعاليات وأفعال، خصوصاً أن نهج التنظيم تكون نتائجه مدمرة كما يعلم الجميع، وهذا ما يرفض الحراك اللجوء إليه'.

نقاط الالتقاء

يعتقد الباحث في شؤون 'القاعدة' سعيد الجمحي أن 'الحراك والقاعدة يجتمعان في مناصبة العداء للسلطة، وترد السلطة على ذلك باعتبار الحراك والقاعدة مشكلة ذات طابع مشترك وبالتالي مواجهتها بأسلوب مشترك، بواسطة المواجهة العسكرية'، ويرى أن ذلك 'سيؤدي إلى تحريك أزمات متعددة'.

ويقول الجمحي: 'كما أن محاولات تنميط الحراك في قالب تنظيم القاعدة ووصم الجميع بالإرهاب بما يسهل امتلاك الحق في الملاحقة والتجريم، سيكون له عواقب وخيمة'.

ويعود عيدروس النقيب ليقول إنه 'لا يمكن إنكار أن بعض الجهاديين السابقين قد انضموا إلى الحراك'، في إشارة كما يبدو إلى طارق الفضلي، لكن هذا الانضمام حسب رأيه، 'جاء بعد أن مروا بفترة في إطار أعلى الهيئات القيادية في الحزب الحاكم، وبالتالي فإن اتهامهم بالانتماء إلى القاعدة يصبح بلا معنى، لأن مثل هذا الاتهام يمكن أن يطبق على فترة انتمائهم إلى الحزب الحاكم'.

«صفقة»

جرت الضربات الاستباقية ضد قيادات تنظيم 'القاعدة' في المناطق الممتدة بين محافظات مأرب شمالاً ومحافظتي شبوة وأبين جنوباً بمباركة أميركية، كما أعلن انها تمت بناء على معلومات استخباراتية وصور لمواقع ينشط فيها تنظيم 'القاعدة' وفرتها الاستخبارات الأميركية. وقررت الولايات المتحدة رفع حجم المساعدات العسكرية الى اليمن إلى 300 مليون دولار لدعم ملاحقة تنظيم 'القاعدة'، ودعم مشاريع تخدم المجتمعات المحلية في ثمان محافظات منها أبين وشبوة وعدن ولحج والضالع بقرابة 121 مليون دولار.

واعتبر عضو الدائرة السياسية في حزب 'الإصلاح' ما تقدم عبده سالم 'إشارة واضحة إلى أن هناك صفقة تمت بين الحكومة اليمنية وأميركا تتلخص في الإعلان عن دعم أميركا وحدة اليمن واستقراره مقابل قيام الحكومة اليمنية بالحرب على الإرهاب والقضاء على تنظيم القاعدة الذي يحاول الانتشار والتمدد في المحافظات الجنوبية، التي كانت ولاتزال المجال الحيوي لعناصر التنظيم'.

الرابح الأكبر

تنظيم 'القاعدة' في اليمن هو الرابح الأكبر من انفلات الأوضاع الأمنية في الجنوب، كما يؤكد سعيد الجمحي، فـ'التنظيم يوجد في المناطق التي تغيب عنها الدولة، وتعجز عن السيطرة عليها خاصة المحافظات ذات الإطار القبلي'.

ويعلل الجمحي أن 'التكوين القبلي بتأثيراته الاجتماعية قضية اعتمد عليها القاعدة ليس في اليمن فحسب، بل في كل الدول التي نشط فيها، والتركيبة الاجتماعية القبلية سهلت انتشار فكر القاعدة، خاصة لو صاحب ذلك مظالم اجتماعية وهزات اقتصادية تكون بمنزلة ذرائع يركز عليها التنظيم'.

ويذهب الجمحي إلى القول إن 'القبول بفكر القاعدة وإمكان التجنيد لتنظيم القاعدة يكونان أسهل في المحافظات الجنوبية وفي مقدمها محافظة أبين، ومعيار ذلك ما نشهده من انتشار كبير للجماعات الجهادية، ففي هذه المحافظة بصمات واضحة للقاعدة، ولو طالعنا المجلة الالكترونية التي يصدرها التنظيم (صدى الملاحم) نجد تأكيدات لهذا الانتشار والتمرد باعتراف التنظيم نفسه'.

طارق الفضلي: من السلاطين إلى «الجهاد»... ثم «الحراك»

طارق الفضلي شيخ قبلي ونجل أحد السلاطين الذين كانوا يحكمون محافظة أبين إقطاعياً، في أثناء الاحتلال البريطاني، تم تفكيك سلطنتهم بعد استقلال جنوب اليمن في عام 1967، ووالده كان آخر سلاطين السلطنة الفضلية.

وُلِد طارق الفضلي في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في ستينيات القرن المنصرم، ولم يكمل تعليمه وانخرط في المعسكر الجنوبي بشمال السعودية حوالي ثلاث سنوات، بعدها غادر إلى أفغانستان للالتحاق بمعسكر «المجاهدين العرب» ضد الاحتلال السوفياتي، ثم عاد إلى المملكة ومنها إلى اليمن الشمالي سابقاً.

سجنه الأمن السياسي اليمني (المخابرات) ثلاث سنوات، وأطلق سراحه بعد الوحدة في عام 1990، ثم أُعيد سجنه بناءً على رغبة الحزب الاشتراكي الشريك في الحكم حينئذ بتهمة محاولة اغتيال أحد قيادييه، ثم أُطلق سراحه أثناء حرب صيف عام 1994، التي شارك فيها ضد الاشتراكيين.

انتُخب بعد ذلك لعضوية اللجنة العامة (اللجنة المركزية) للحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)، وأُسقط منه في عام 2005، وعُيِّن عضوا في مجلس الشورى.

يُعتقَد أن الشيخ طارق الفضلي على صلة بالجهاديين في «أبين» وتم استجوابه أكثر من مرة، وكان مشتبهاً فيه بالتورط في تفجير فنادق عدن عام 1992، التي كانت تستخدمها القوات الأميركية المقاتلة في الصومال.

في عام 2009 أعلن انضمامه إلى ما يسمى «الحراك الجنوبي»، عقب حملة عسكرية وجهها الرئيس علي عبدالله صالح لتعقب عدد من الجهاديين في مدينة جعار ثانية كبرى مدن محافظة أبين، وهو ما اعتبره البعض توجهاً ضد الفضلي وأتباعه.

بدرت منه تصرفات وُصِفت بالغريبة، إذ دعا بريطانيا وأميركا إلى احتلال اليمن ثم رفع العلم الأميركي في منزله، وفي مارس 2010 عُقِدت معه هدنة سرية قام بها وزير الدفاع اليمني، ولم يُعلَم فحواها، بعد أن أعلن ثورة حجارة في أبين، واستهدف أنصاره من خلال تلك الثورة مواطنين شماليين يعملون في أبين الجنوبية.

ويربط الفضلي نسب مع النظام في الشمال، إذ إنه صهر القيادي العسكري الشهير علي محسن صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق للرئيس علي عبدالله صالح.

في الحلقة التاسعة

تقدم 'الجريدة' في الحلقة التاسعة، قراءة ديموغرافية لمكونات 'الحراك الجنوبي'، بناءً على اللقاءات التي أجراها أعضاء فريق الملف مع قيادات وعناصر في 'الحراك' في عدن وأبين ولحج والضالع، كما تشرح الحلقة وجوه الاختلاف بين فصائل ومكونات 'الحراك'، وتتناول المطالب التي تتبناها الفصائل المختلفة.

مقهى الدروازه
2010-04-13, 01:51 AM
9


تركز نظريات الحركات الاجتماعية والسياسية في الأساس على أسباب ظهور تلك الحركات. وعلى الرغم من أن أي ظاهرة من هذا النوع تأتي نتيجة لسلوك أفراد أو جماعات تشترك في نفس الأفكار، وهو ما يمثل الجذر الأساس لبروز الحركة، فإن ثلاثة من أساتذة علم الاجتماع السياسي، وهم دوغ ماك آدم، وجون ماك كارتي، وماير زالد من ثلاث جامعات أميركية مختلفة، أجمعوا في كتابهم حول 'الحركات الاجتماعية' (Comparative Perspectives on Social Movements)، على أن هناك دوراً هاماً تلعبه التناقضات المادية والايديولوجية بين فئات الحركة الواحدة أثناء حشد التأييد حول القضايا المشتركة.

كما يتفق المؤلفون في كتابهم الصادر عن جامعة 'كامبردج'، على أن نجاح أي حراك اجتماعي أو سياسي لابد من أن تتوافر له ثلاثة عوامل هي: وجود بيئة سياسية مشجعة (فرصة سانحة) بما في ذلك المبررات القوية وذات الطابع العام، ثم توافر آليات تنظيمية تعمل على حشد التأييد وتوحيد الجهود التي من خلالها يتم تنظيم عناصر الحركة، وثالثاً يأتي عامل التأطير الذي من خلاله تتم الموازنة بين الفرص المتاحة لنشاط الحركة والآليات التنظيمية، بحيث يتم إيصال الرسالة التي تتبناها الحركة.

وبناءً على ما سبق، نقدم هنا قراءة تحليلية - ليست علمية - لظاهرة الحراك الجنوبي في بعض محافظات اليمن الجنوبية والشرقية، وتشمل الاختلافات البينية في تركيبة مكونات الحراك المختلفة. ونعتمد في قراءاتنا على تفسير الظواهر السلوكية التي أفرزها على ما يبدو العامل الديموغرافي في فصائل الحراك منذ إعلانه رسمياً منتصف عام 2007 حتى الآن.

يمكن القول إن الحراك في جنوب اليمن هو لفيف من عدة أطياف سياسية واجتماعية وقيادات مدنية وعسكرية قد لا تربطها في الغالب وحدة الدافع، بقدر ما هي مجمعة الآن - وليس إجماعاً مطلقاً - على وحدة الغاية والوسيلة.

ومن خلال تتبع خلفيات فصائل الحراك الجنوبي، ونطاقات نشاطها الجغرافي، ومنسوب مطالبها عند البدء وفي وقتنا الراهن، نخلص إلى أن الحراك جمع بين قوى تضررت من خروج الاستعمار البريطاني عام 1967 وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، إضافة إلى قوى سعت إلى الاستقلال لكنها أُزيحت بعد صعود اليسار إلى منصة الحكم، مضافاً إليه قوى يسارية صعدت إلى منصة الحكم لكنها تضررت بسبب أحداث يناير 1986 الدامية في عدن، وقوى لم تكن راضية عن صيغة اتفاقية الوحدة التي أعلنت عام 1990، ثم قوى أسهمت بحماس في تحقيق الوحدة الوطنية، لكنها تضررت من حرب 1994، فضلا عن قوى أسهمت واستفادت من ذات الحرب، وتبوأت مناصب عليا في الدولة، لكنها تعرضت للتهميش في ما بعد.

ويضيف إلى هذه التركيبة رئيس اتحاد العمال فرع عدن عثمان كاكو 'وجود قوى تتمترس خلف 'لحراك في السلطة في الشمال والجنوب- لأن ما يجري بات عبارة عن علاقة مصالح وليس انتماءً'.

ونضيف هنا شريحة واسعة من المتضررين قد تصنف تحت كل أو بعض تلك القوى، سواء بسبب سوء السياسات الحكومية، أو ارتفاع منسوب الفقر وزيادة معدل البطالة في أوساط الشباب، أو سوء الإدارة أو كل ما سبق.

وإن كان التباين الايديولوجي أو التنظيمي - بمفهومهما الدقيق - مغمور بين الظواهر السلوكية والممارسات اليومية لفصائل الحراك في 'مثلث النار' (الضالع ولحج وأبين)، إلا أن هناك اختلافات نتجت عن التنوع في التركيبة السياسية كما سلف الوصف. وبالتالي فلكل من هؤلاء الفصائل المكونة للحراك دوافع مختلفة يمكن إجمال تبايناتها كما يلي:

- اختلاف حول توصيف الوحدة: هل كان قيام الوحدة في 1990 خطأ، أم أن الخطأ كان في 'تحويل الوحدة إلى ضم وإلحاق' من قبل صنعاء؟ وهل إذا كانت حرب 1994 مشروعة، أم ان الذين شاركوا فيها مع الوحدة من أبناء الجنوب كانوا مخطئين؟ وهل كان ينبغي التعامل مع الأشخاص الجنوبيين الذين يشغلون مناصب في السلطة الحالية، أم أن يتم مخاطبتهم كعملاء وخونة؟

- اختلاف حول الاستعانة بالغرب: هناك مَن يغازل الغرب بشتى الوسائل، كفصيل طارق الفضلي، بينما يرى آخرون أن هذا 'الارتماء' المبكر، قد يُفضي إلى وضع أسوأ مما نحن عليه، ويفقد الحراك طابعه الوطني والجماهيري.

- اختلاف حول الزعامة: وهذا هو السبب وراء عدم تشكل قيادة موحدة للحراك إلى هذا الوقت، فمثلاً نجد العميد ناصر النوبة، لا يخفي اعتراضه على أن يكون علي سالم البيض هو قائد الحراك. بينما تجد آخرين أيضاً يرفعون صور البيض، ليس لاعتقادهم بأنه أهلاً للقيادة، ولكن من باب 'اللي شبكنا يخلصنا'.

- اختلاف حول الريادة الميدانية في إشعال الحراك: تجد أبناء محافظة الضالع يقولون إنهم أول مَن أشعل الحراك، وتجد آخرين يقولون إن أول شرارة حقيقة بدأت على يد 'النوبة' من أبناء محافظة شبوة. وهناك آخرون يقولون إنه حسن باعوم، باعتباره لم يهدأ منذ حرب 1994. وستجد من يُظهِر أسفه من أن طارق الفضلي وأصحاب أبين خطفوا الأضواء مؤخراً.

- اختلاف في سرعة الاستجابة من منطقة إلى أخرى: مناطق 'الضالع، والصبيحة وردفان في لحج، و لودر في أبين' هي الأسرع استجابة عند أي دعوة إلى أي نشاط، بينما تقل سرعة الاحتشاد في حواضر المدن كافة. ويكاد يكون ضعيفاً أو غائباً في المهرة وعدن، وفي وادي حضرموت.

- اختلاف في لغة الحراك: أيضاً على أساس جغرافي، فمثلاً نلاحظ الفروق أثناء مخاطبة الحراك للسلطة، فالذين كانوا في الاشتراكي يخاطبون النظام في صنعاء بالقول: 'أعطيناكم دولة'، أما في مناطق الثروة (مثل شبوة وحضرموت) يقولون: أعطيناكم ثروة. وطيف ثالث يقول: 'ساعدناكم في التخلص من الاشتراكي'.

- اختلاف بشأن الحوار مع السلطة: هناك مَن يرفض الحوار من حيث المبدأ، حتى وإن قبلته السلطة ودعت إليه، بينما يرى آخرون أن مجرد الجلوس على طاولة الحوار هو مكسب كبير أمام العالم، إذ إنه اعتراف من السلطة بأن لهؤلاء حقا، وهذا الطيف الأخير يختلف بعد ذلك حول مَن يحق له الجلوس على طاولة الحوار.

- اختلاف حول سقف المطالب المُرضية: هناك مَن يرى أن قبول السلطة بالفدرالية هي خطوة باتجاه الانفصال، وهناك من يرى أن الحراك لا مبرر له، إذا أفضى إلى فدرالية تعطي للجنوب مساحة كافية من الاستقلالية المالية والإدارية. ويرى طيف ثالث أنه لا تنازل عن مطلب استعادة الدولة و'إعادة البراميل' - وهو ما يعني ترسيم الحدود.

- ماهية وشكل الدولة التي يريدون: ثمة تباينات ناشئة عن عدم وجود تصور حقيقي لماهية وشكل الدولة التي يريدونها إذا ما حدث انفصال، وإن كانت عناصر الحراك الناشطة تختلف في المسميات كـ'الجنوب العربي' و'اتحاد إمارات الجنوب'، و'جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية'، لكن لم تظهر أي صيغة للدولة التي ينشدون تحريرها. وقد وصل الأمر إلى أن إحدى العائلات الجنوبية المقيمة في صنعاء تتلقى تهديدات من أقارب لهم في الحراك بأنهم بعد استقلال الجنوب سيُحرَمون من حق الجنسية، ما لم يبيعوا منازلهم وممتلكاتهم ويغادروا العاصمة، وقد يمنعون تأشيرات دخول البلد الجديد، حسب رواية مصدر موثوق.

- اختلاف حول استخدام لغة الكراهية واستعداء أبناء المحافظات الشمالية: هناك من يرى أن هذا أسلوب خاطئ ويفقد القضية الجنوبية تعاطف المواطنين في الشمال، وأن الذي يتضرر منه هو الضعفاء والأبرياء، بينما يعتبر آخرون المواطنين من المحافظات الشمالية مخبرين وعملاء للسلطة، ويرى هؤلاء أن بث الكراهية سيئاً من حيث المبدأ، لكنه ضروري لإنجاح الانفصال، عبر زرعه في القلوب.

اختلاف حول نهج الحراك 'سلمي أم مسلح؟': هناك من يتبرأ من نزوع الحراك نحو العنف، ويقول إن السلطة هي مَن زرع في أوساط الحراك مَن يمارسون العنف والشغب. كما أن هناك مَن قد يرفض العنف تكتيكاً إعلامياً وزمنياً لكنه ومن خلال أدبياته وبياناته التعبوية يتضح عدم الممانعة من اللجوء إلى المواجهة. في المقابل، هناك مَن يرى أن الحراك هو 'ثورة ضد احتلال'، يجوز فيها استخدام كل الأساليب، ومن بينها السلاح، كما أعلن طارق الفضلي في أبين عقب انضمامه إلى الحراك الجنوبي في أبريل 2009.

يُذكَر أن السواد الأعظم من أبناء مدينة عدن لا يفضلون زعامات الحراك القادمة من أبين أو لحج أو الضالع، ويعتبرون هؤلاء فرقاء يتناحرون على السلطة - ويدفع الثمن أبناء عدن الذين هم مزيج من يمنيين (من الشمال والجنوب) وصوماليين ومن عرقيات هندية.

ورغم كل التباينات السابقة فإن جميع من ينطلق إلى الشارع يتفقون على أن خروج الجماهير هو مكسب حقيقي يعلي من شأن هذه المناطق التي تنتمي إليها هذه الجماهير، ومتفقون كذلك على رفع شعار موحد وهو 'فك الارتباط'. وعوامل الاتفاق هذه تمثل القوة الضاغطة على السلطة، ومن دونها لن يكون لـ'الحراك' حضوره الحالي.

الموقف من «الحراك»

الاختلاف الناشئ بين فصائل الحراك، يقابله أيضاً اختلاف في وجهات نظر الآخرين للحراك، سواء في الجنوب أو الشمال، إذ هناك من يرى أن الحراك مؤامرة دولية، بينما يرى آخرون أن ثمة ما يستحق الخروج لكن لا شيء يبرر الدعوة إلى الانفصال. أيضاً هناك من يقول إن الحراك تحوّل من مساره الطبيعي من مطالب حقوقية شرعية إلى مشروع سياسي استغله أشخاص لتحقيق مصالح شخصية بحتة، أو لابتزاز النظام والانتقام منه.

كما أن أحزاب المعارضة المنطوية تحت 'اللقاء المشترك' تدعم مطالب 'الحراك' الحقوقية، لكنها ترفض مطالبه بـ'فك الارتباط'، أو اللجوء إلى العنف. وهذا أيضاً على ما يبدو رأي المحيط الجغرافي لليمن والمنظومة العربية، التي تنصح بالتعقل وتدعو الدولة إلى معالجات حقيقية.

حراك الفتيان

بالنظر إلى وجوه المشاركين في مسيرات وفعاليات الحراك في جنوب اليمن، نلاحظ أن أغلبية جماهير الحراك هم من جيل الوحدة، التي يكتمل عقدها الثاني في 22 مايو 2010، سواء أولئك الذين تفتح وعيهم السياسي بعد الوحدة وإن كانوا من مواليد ما قبلها، أو الذين ولدوا في فترة إبرام اتفاقيات وإعلان الوحدة. ولهذا الأمر كما يرى مراقبون، دلالات وأسباب عدة، منها القصور في أداء وزارات التعليم والشباب والثقافة بدورها في زرع وتثبيت الثقافة الوطنية، وتجاهل مخاطبة الوجدان وإهمال شريحة الشباب (ذكوراً وإناثاً)، وارتفاع معدل البطالة، وعدم كفاءة الدولة في التوظيف، وانشغال السلطة والمعارضة بالتزاحم الحزبي طوال العقدين الماضيين على عناوين الصحف.

كما يحمل هذا الاحتشاد الفتي للحراك دلالات عدة منها: أن إطروحات الحراك سرت في أوساط الفتيان والأطفال، الذين لم يعرفوا مآسي التشطير من قبل ولم يشهدوا تحولات كبيرة تكسبهم خبرة سياسية، وكذلك لا يقلبون الاحتمالات من أجل اتخاذ قرارات سليمة. كما أن هذه الفئة قليلة الكلفة أثناء حشدها، وهم الأكثر استعداداً للاندفاع وللتضحية والأكثر صدقاً في الانضواء وإثبات الولاء. ويلعب الفراغ الأسري والوظيفي دوراً في جعلهم ينخرطون في أي نشاط قد يخلق لديهم مبرراً للبقاء، وذلك بحكم ارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز الـ40 في المئة وغياب المؤسسات والمرافق المخصصة للشباب ليشغلوا فيها أوقاتهم ويسهمون بفاعلية في محيطهم.

سقف المطالب

هل سيتراجع قادة الحراك عن الدعوة إلى الانفصال في حال قيام الدولة بإصلاحات حقيقية، وتعاملت مع قضاياهم ومطالبهم العامة بإيجابية، أم أن الانفصال أصبح مطلباً بحد ذاته، لا تراجع عنه؟

الإجابة عن السؤال السابق صعبة من الناحية العلمية والميدانية أيضا، في ظل الحصار الأمني المفروض على معاقل الحراك في مثلث النار (الضالع ولحج وأبين) والمخاطر التي قد يتعرض لها الصحافي (من الشمال) في حال محاولة زيارة هذه المناطق. وللتوضيح هذا لا يعني أن هناك توجهاً في الحراك لمضايقة الصحافيين، ولكن قد يكون هناك أفراد متهورون يستهدفون مضايقة أبناء الشمال، أكانوا زوّاراً أم مقيمين.

ومما يزيد من صعوبة الأمر هو أن الحراك ليس لديه قيادة واحدة، بالتالي يثابر الجميع الآن ويزايد بعضهم على بعض في رفع سقف المطالب إلى الحد الذي يجعل من الحراك، وكأنه يغرد خارج مضمار السياسة. ومطلب 'فك الارتباط' يضع الجميع في ورطة: قوى الحراك وفصائله والسلطة من جانب وأحزاب المعارضة التي تدعي قدرتها على إدارة الشارع من جهة أخرى. فضلا عن التحفظ الحذر القادم من المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي تجاه ما يجري في جنوب اليمن.

نقطة نظام

أحدهم قال: 'حقيقة لقد حصلنا إلى الآن على أكثر مما كنا نريد، وتم حل كل قضايا المتقاعدين وأغلبية مشاكل الأراضي، والآن لا نريد أن يذهب الحراك بمجرد مطالب، بل نريد مكاسب سياسية أكثر'.

قد يصل الحراك إلى مرحلة يمكن تسميتها بمأزق النضال، إذ تحصل على ما تريد قبل أن تستنفد حماسك، وهناك مَن وجد في الحراك انتعاشة نفسية، وعملاً يومياً. ومثل هؤلاء لا يعنيهم النتائج ولا الإصلاحات، بقدر ما يخيفهم أن يأتي يوم يصبحون فيه بلا حراك، وقد يصبحون ضحايا حماسهم.

ولهذا يحذر الشيخ ياسر العواضي من أن الحراك عند انتهاء مشروعه السياسي ومبررات خروجه، 'قد يتحول إلى حراك عصابات، بسبب أن أشخاصاً وجدوا أنفسهم سنوات يتصدرون المشهد الاجتماعي، فقط لأنهم في الحراك. وهؤلاء أشخاص لا يجيدون غير التأليب وإحداث الفرقعات. وما لم يتم استيعابهم أثناء حلحلة الأزمة كلها، فلن يجدوا لهم موقعاً في مرحلة ما بعد الحراك'.

ما سبق قراءة عامة وإجمالية، ويمكن القول إنه عند حدوث إصلاحات حقيقية يلمسها المواطن العادي ويعاد فيها الاعتبار الحقيقي إلى القانون والنظام، ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات، فإن جزءاً من الحراك، وهو الأغلب، سيعلن رضاه بهذه الإصلاحات. لأن مثل هذا التحول كفيل بشغل الناس بشؤونهم عن الخروج إلى الشارع.

وقد يلتزم جزء آخر الهدوء إلى حين التأكد من استمرارية هذه الإصلاحات وفاعليتها، بينما سيستمر جزء ثالث على ما هو عليه، خصوصاً أولئك الذين لن يجدوا لهم موقعاً في التسميات السياسية المصاحبة لهذه الإصلاحات.

خلاصة

الواضح أن عوامل نهوض حركة سياسية قد توافرت في ظاهرة الحراك الجنوبي، ولكن مع وجود خلل في التوازن بين تلك العوامل، مما يؤدي إلى اضطراب في منظومة الحراك. وتفشي الفساد وسوء إدارة الدولة والسياسات الخاطئة وتنامي المظالم وفرت مجتمعة بيئة خصبة لظهور الحراك، وهذا الحال ينطبق على الوضع في الشمال. والعامل الثاني يتمثل في خروج المتقاعدين من عسكريين ومدنيين والتفاف الناس حولهم. لكن عامل التأطير السليم وما يرافقه من اختلافات بينية من حيث الدوافع والتكتيكات شكل تحدياً أمام الحراك في تحقيق إنجازات على الواقع.

وإن كانت فصائل الحراك مجتمعة أو متفرقة استطاعت أن تؤرق النظام بصلابة مواقفها وتنامي مطالبها، إلا أن مثل هذا الوضع يمنح السلطة فرصة - ربما أخيرة - لتلعب على هذه الاختلالات وتشتت جهود قوى الحراك المختلفة، في سبيل إيجاد حلول جذرية لمسببات المشاكل لا للأعراض. أيضا ليس من أجل استقطاب فصيل ليضرب به آخر، بل من أجل اجتثاث جذور الأزمة كلها.

ومن الأهمية بمكان أن من الآثار السلبية لهذه التعبئة التي اتسمت بالمناطقية (شمال، جنوب)، الحاجة إلى مجهود كبير لإزالتها من قلوب الشباب الذين سيكونون رجال الغد، وهذا ما يحِّذر التربيون من آثاره على المدى البعيد.

كما أن التعبئة الشديدة التي حُقِنت بها جماهير الحراك ستجعل من الصعوبة على قادة الفصائل إعلان درجة من الرضا إزاء أية إصلاحات، مهما كانت كافية، إلا بعد بذل مجهود كبير في أوساط الناس، لأن هناك شبه تخوين لمَن يقبل بأقل من 'فك الارتباط' على الأقل في وقتنا الراهن. كما تعتمد القضية على كيفية تصوير الدولة لأي إصلاحات في نظر الناس. إذ يمكن لهذا الطيف الحراكي أو ذاك تسفيه أية إصلاحات والتقليل من شأنها ومن جدواها، لذا قد يستلزم الأمر بذل مجهود كبير متزامن مع أية معالجات يصب باتجاه خطاب الأشخاص وتغيير معايير الحكم على الأشياء والأحداث.

ومن الأهمية إدراك الفوارق الشاسعة بين ظروف الأزمة السياسية بين السلطة والحزب الاشتراكي عقب 1993، وكذلك ظروف الحرب الأهلية صيف 1994، والأزمة القائمة اليوم في الجنوب. وعلى الدولة ألا تعتقد أن مجرد اتهام قيادة الحراك وعناصره بـ'الشرذمة الانفصالية' سيكفل التأييد الشعبي الواسع كما حدث في صيف 1994. ببساطة مدخلات الأزمة اليوم واللاعبون فيها أنتجت واقعاً مختلفاً تماماً عما حدث حينذاك.

«الوحدة»... منذ أول توقيع حتى آخر طلقة

بدأت لقاءات واتفاقيات الوحدة منذ ما قبل عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وتحديداً منذ حكم القاضي عبدالرحمن الإرياني، ثم الرئيس إبراهيم الحمدي في الشمال الذي اغتيل في عام 1977، وقبلها كان هناك عدد من الاتفاقيات، منها اتفاقية القاهرة 1972 وطرابلس 1972 والجزائر 1973.

وتواصلت الجهود في عهد الرئيس صالح، فعُقِدت عدة لقاءات أهمها لقاء الكويت في 28 مارس 1979 برئاسة صالح من الشمال، والرئيس عبدالفتاح إسماعيل من اليمن الجنوبي، وتم عقد مؤتمر للصلح بين الشطرين إثر مواجهات على الحدود، واتفق الجانبان على استئناف التفاوض بشأن مشروع الوحدة اليمنية، وضرورة انجاز الوحدة وتسهيل كل الطرق التي تؤدي إلى قيام دولة واحدة وإنهاء التشطير.

وحضر هذا المؤتمر المغفور له، بإذن الله، أمير الكويت الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، وجمع من الدبلوماسيين والمراقبين العرب والدوليين.

ثم توالت اللقاءات وعُقِد اتفاق صنعاء 1980 واتفاق عدن 1980 واتفاق عدن 1981 واتفاق تعز 1981 واتفاق تعز 1982، ثم قمة تعز 1988، واتفاق تنقل المواطنين 1988، وبيان لقاء صنعاء 1979.

وأُعلِن قيام الوحدة بين شطرَي اليمن يوم 22 مايو 1990 قبل موعدها المقرر يوم 30 نوفمبر 1990، بقيادة كل من الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض، وأُعلن قيام الجمهورية الواحدة «الجمهورية اليمنية» بعلم واحد ونشيد وطني واحد واسم واحد وحكومة واحدة أُعلن تشكيلها في الحال، وترأس الدولة الجديدة علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض، وترأس الحكومة حيدر أبوبكر العطاس (جنوبي) ثم أقيمت أول انتخابات برلمانية في عام 1993، وترأس البرلمان ياسين سعيد نعمان (جنوبي).

واستمر شهر العسل بين الطرفين عامين بعد الوحدة، ثم بدأت سلسلة اغتيالات لقادة جنوبيين وبدأت الأزمة بين الرئيس ونائبه لينفجر الوضع في مايو 1994، وينتهي بخروج علي سالم في 7 يوليو منهزماً لاجئاً خارج البلاد حتى اليوم.

في الحلقة الأخيرة

تلقي 'الجريدة' في الحلقة العاشرة والأخيرة من الملف الشائك، نظرة سريعة على أبرز مواضيع الحلقات السابقة من أجل تقديم المشكلة بصورتها الكلية، إضافةً إلى تبيان موقف المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة، مما يجري في اليمن. ويختتم الملف بقراءة استراتيجية للحلول التي تطرحها الأحزاب والناشطون والمنظمات الدولية، الهادفة إلى إعادة الاستقرار إلى المناطق اليمنية الساخنة.

مقهى الدروازه
2010-04-14, 01:13 AM
10


الاخيره



على مدار أسبوع القمة العربية التي انعقدت في مارس الماضي بمدينة سرت الليبية، احتفت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية بمبادرة اليمن التي تقدم بها الرئيس علي عبدالله صالح لإصلاح المنظومة العربية، وجعلت منها حدثاً كتبت فيه قصائد شعرية وغنائية.

في السنوات الأخيرة، تقدم اليمن بمبادرة لإصلاح الأمم المتحدة، وأخرى لإصلاح العمل العربي المشترك، وثالثة لرأب الصدع الفلسطيني، وبذل مساعٍ لحل أزمة الصومال، وكلها لا شك جهود محمودة، وأغلبها يحوي مضامين تستحق النظر فيها، لكن لسان حال الشارع اليمني يقول: 'نحن أَولى باهتمام الدولة، بدلاً من صبّ جهودها في صيغ مبادرات لإصلاح العالم والمنطقة، خصوصاً أن الأزمات أرهقت كواهل المواطنين في الشمال والجنوب'.

ويشهد اليمن اليوم تحديات استراتيجية بالغة الأهمية في مستوى تعقيدها وخطورتها، كما يواجه تحديات اقتصادية وأمنية، لكن التحدي الأكبر على المديين القريب والبعيد هو كيفية الحفاظ عليه كـ'دولة موحدة'.

ذات يوم كان مجرد ذكر كلمة 'الانفصال' في الصحافة اليمنية ضرباً من المغامرة، وقد يترتب على الأمر أخطار لا تُحصى، لكن منذ يوليو 2007 بات رفع علم 'اليمن الجنوبي' أمراً وارداً.

بحلول 22 مايو 2010، سيحتفل اليمن، الذي يطل على أهم طرق الملاحة الدولية والمحاذي لأكبر دولة منتجة للنفط، بمرور عقدين على توحيد شطريه الشمالي والجنوبي، لكن اليمن هذه المرة سيبلغ الذكرى الـ20 وقد أصبحت مطالب العودة إلى ما قبل الوحدة أكثر حضوراً في أجزاء من بعض المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تمثل قوام اليمن الجنوبي قبل عام 1990.

فتداعيات الاضطرابات التي تشهدها تلك المحافظات تتشكل في الميدان على نحو يهدد الاستقرار، في ظل تصعيد متبادل بين السلطة وقوى الحراك الجنوبي.

وعلى نحو شبه يومي، لا تمرّ نشرات الأخبار من دون ذكر 'الجنوب' كساحة احتجاجات، وأحياناً صدامات بين قوات الشرطة وعناصر 'الحراك الجنوبي' في بعض المدن، فضلاً عن تطورات القضية، التي تأتي من خارج البلد الفقير والمنهك بالأزمات.

مشاكل استراتيجية

تظل مشكلة اليمن في عدم قدرته على استيعاب التمويل الخارجي المقدم من المانحين، أكبر مصدر للإحراج، خصوصاً أن أيادي السلطة ممدودة لمزيد من الدعم، ولم تتمكن الحكومة من صرف مخصصات المشاريع التنموية الممولة من المانحين.

يُذكر أن اليمن تسلم حتى نهاية 2009 فقط، 20 في المئة من تعهدات المانحين في مؤتمر لندن 2006، التي بلغت 5.1 مليارات دولار، ولم يصرف إلا 80 في المئة ممّا تسلمه.

ويجري حالياً اختبار نظام صرف آلي يسهل عملية الصرف من التمويل الخارجي في إطار مشروع تجريبي، تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على ثلاثة قطاعات حيوية هي التربية والزراعة والصحة، ويتوقع أن يزيد هذا النظام طاقة اليمن في استيعاب مبالغ أكبر من المانحين قروضاً كانت أم مساعدات، كما سيعزز النظام الجديد الشفافية ويقلل فرص الفساد المالي، حسب قول مسؤول في وزارة المالية، وينفذ هذا المشروع فريق يمني بواسطة مؤسسة تدبير النظم الدولية الأميركية.

ويمكن أن يشكل الجنوب تحديا كبيرا، لكن تفاقم المشكلة هناك مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، يجعل اليمن برمته بقعة مضطربة تتخوف القوى الإقليمية والدولية من انزلاقها إلى الفشل، فالنفط الذي يوفر 70 في المئة من الموازنة العامة للبلد، مهدد بالنضوب، كما يقع أكثر من 50 في المئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 23 مليون نسمة تحت خط الفقر، إضافة إلى أن اليمن يغرق في صراعات سياسية داخلية، كما حدث في صعدة المحافظة الشمالية التي شهدت 6 حروب بين الحوثيين والجيش منذ يونيو 2004، وامتدت إلى السعودية في نسختها الأخيرة عام 2009، يرافق ذلك إخفاق حكومي في إدارة الموارد المحدودة بكفاءة وفاعلية، من جراء تفشي الفساد بحسب تقارير دولية واعترافات مسؤولين رفيعي المستوى.

طارق الشامي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في حزب 'المؤتمر الشعبي العام' الحاكم، يؤكد أن السلطة 'ستشكّل لجانا من أعضاء مجلسي النواب والشورى والسلطات المحلية في المحافظات الجنوبية، للوقوف أمام أي مطالب'، وهذا النوع من المعالجات لا يبدو انه سيقدم حلا أمثل ممّا سبق.

ويتحدث عن وجود 'توجه جاد من الدولة لإجراء إصلاحات دستورية وقانونية'، تكفل الانتقال إلى نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات، بالتزامن مع إصلاحات 'تنموية واقتصادية تحد من الفقر والبطالة'.

المشكلة في الجنوب باتت أكبر حسب ما يعتقد رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن، الذي يرى أنه 'لا يمكن معالجتها بهذه الوسائل التقليدية'.

يفضل حسن قراءة ظاهرة الحراك باعتبارها 'تعبيرا عن حالة رفض وغضب في الجنوب'، ويقول إن القضية الجنوبية 'قضية استثنائية، فهي قضية موقع وجغرافيا معطلة لا تقوم بدورها وانعكست على المواطنين وعدم قيامهم بدورهم،' مشيراً إلى ما يكرره أبناء الجنوب من شعورهم بـ 'التهميش'، لكنه لا يذكرها صراحة.

ويتابع: 'عدن معطلة رغم أنها بوابة اليمن إلى العالم، وحضرموت كذلك رغم أنها بوابة اليمن إلى الخليج'.

كابوس التشطير

أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري يقول إن استمرار المعالجات بذات الطريقة 'سيقود إلى خطر التشطير والتجزئة '، ويضيف: 'إذا استمرت السلطة في تحايلها السياسي وعجزها عن القيام بواجبها، أخشى أننا سنصل إلى أكثر من يمن وأخاف حربا أهلية، على أولئك أن يدركوا أن أي مساس بالوحدة لا سمح الله، لن يعود الوطن إلى شطرين، كما يعتقد البعض: شطر شمالي وشطر جنوبي، بل سيتجزأ وستكون هناك دويلات ونتوءات عديدة، وسيتقاتل أبناء الشعب من بيت إلى بيت ومن طاقة إلى طاقة ولن يجدوا طريقا آمنا ولا طيرانا ولا سفينة تبحر'، هكذا حذر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في أبريل 2009 في معرض تحذيره من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إليها دعاوى إنهاء الوحدة اليمنية.

ويضيف الرئيس صالح: 'عليهم أن يأخذوا العبرة مما حدث في دول أخرى، وأن ينظروا إلى ما يحدث في العراق، مليون ونصف المليون قتيل بعد أن انهار النظام العراقي، وينظروا إلى ماذا يحدث في الصومال، إذ يتقاتل الصوماليون من بيت إلى بيت، لهذا فالوحدة هي منجز عظيم ضمتنا جميعا ومسؤوليتنا جميعا أن نحميها ونصونها ونبحر بهذه السفينة ونقودها إلى بر الأمان، دون أن نسمح لأي كان أن يستهدفها بمشاريعه الصغيرة والأنانية'.

وتجاه هذه المخاوف، بذلت الدولة مساعي باتجاه الحلول، لكن هناك من يرى أن الجهاز التنفيذي في الدولة هو من يعطل الحلول.

يقول رئيس اتحاد نقابات عمال اليمن-فرع عدن عثمان كاكو، إن 'السلطة التنفيذية تستولي عليها سلطة نافذة'. ويضيف أن 'هناك حربا وصراع مصالح في السلطة من أبناء الشمال أو الجنوب، الذين يؤججون الحراك في الشارع الجنوبي'.

ويعتقد مراقبون أن كثيرا من فرص حل المشكلة قد تسرب، وهناك شك في قدرة السلطة على تسوية الأمور بتلك البساطة بعد سنوات من الإخفاق في التعاطي الآمن معها، وبناء على ذلك، ينصح تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، الإدارة الأميركية بدعم الوحدة واستقرار اليمن، وهذا ما أكدت عليه كل زيارات المسؤولين الأميركيين لليمن، لكنه نبه صناع السياسة الأميركية إلى أن يكون الدعم مشروطا بـ'التزام يمني باحترام المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون والحريات الصحافية وحقوق الإنسان'.

ويجمع خبراء محليون وأجانب في الشأن اليمني، على أنه اصبح من الصعوبة بمكان تقديم حلول دون مشاركة واسعة من النخب المحلية وبإشراف وسيط خارجي يتسم بالمصداقية، لكن إقناع صنعاء بهذا قد يأخذ وقتا طويلا، فالدعوات المحلية إلى إجراء حوار واسع وشامل، مع جميع الأطراف يواجه بمناورات دائمة كما تقول الأحزاب.

'لا يوجد أي تحفظ عن الجلوس مع أي قوى سياسية على طاولة الحوار سواء في الداخل أو الخارج،' يقول طارق الشامي، ولا تخلو هذه المرونة المفترضة من شروط، فالحوار يمكن أن يحدث بالنسبة إلى السلطة 'مادام أنه يندرج تحت سقف الدستور والوحدة والجمهورية'، حسب قوله.

ويبدو من استئناف المراسلات بين حزب 'المؤتمر' الحاكم وتكتل 'اللقاء المشترك' المعارض منذ مطلع أبريل 2010، بخصوص التحضير للحوار الوطني، دليل على تقارب في الرؤى السياسية، وإن كانت أحزاب المعارضة تتعامل بحذر مع تفاعل الحزب الحاكم، في ظل تواصل الهجمة الإعلامية عليها في الصحف الرسمية.

تفاوت وتهاون

محلياً تحظى القضية الجنوبية باهتمام من كل أطراف المعادلة السياسية مع تفاوت في الإحساس بخطورتها. ويقول رئيس منتدى التنمية السياسية ان 'معظم الأطراف تملك الاهتمام، لكنها تفتقد القدرة والجسارة الكافية للإسهام في المعالجة، مشدداً على أن هناك فرقا بين الاهتمام والقدرة.

بنظر رئيس منتدى التنمية السياسية، وهو من أبناء محافظة الضالع في الجنوب، فإن معالجة المشكلة في الجنوب تحتاج إلى 'جسارة سياسية غير عادية، وأحزاب اللقاء المشترك المعارض وقيادات الحراك الجنوبي غير قادرة على امتلاك هذه الجسارة'.

ويضيف حسن أن الرئيس صالح وحده القادر على أن يكون جسوراً لمواجهة هذه الأزمة بشكل سلمي 'يعيد إلى الأذهان جسارة الرئيس نفسه، عندما قرر الذهاب إلى عدن لتوقيع اتفاقية الوحدة عام 1989 وترك الجميع خلفه في صنعاء'.

تقديرات حسن تتفق إلى حد ما مع ما ذكره التقرير الأميركي الذي أكد أن حل الأزمة الجنوبية سلميا 'يعتمد جزئياً على رغبة الرئيس صالح في التدخل إلى تسوية وكذلك معالجة مظالم الجنوب بطريقة جديدة'.

سيناريوهات

بالنسبة إلى الحراك الجنوبي، ليس هناك ما يشير إلى انه يفكر في التسليم بقوة الأمر الواقع، ما يعني أن وتيرة الاحتجاجات ستظل على حالها إن لم تتصاعد، وقد تتسع رقعة الاضطرابات في البلاد مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وقد نشاهد حراكاً في المحافظات الشمالية،' كما يقول الدكتور الظاهري في صنعاء ويؤيده الرأي عثمان كاكو، رئيس اتحاد نقابات العمال في عدن.

من جملة السيناريوهات المحتملة 'استمرار حالة التمرد في الجنوب'، وفي هذه الحالة، فإن 'قابلية الاقتصاد للنمو والتطور ستتعرض لتهديدات أكثر، بينما يمكن للفوضى الداخلية أن توفر مساحة إضافية لتنظيم القاعدة كي توسع نفوذها، بحسب التقرير الأميركي.

وإذا انزلقت الأوضاع إلى هذه الحال، فإن آثار ذلك لن تقتصر على اليمن وحده بل ستشمل جواره الجغرافي والمصالح الدولية المباشرة وغير المباشرة، فاليمن بلد مهم بالنسبة إلى المصالح الحيوية للعالم، فهو يطل على أهم طرق الملاحة العالمية، إذ يعبر بمحاذاة شريطه الساحلي نحو 3 ملايين برميل تتدفق للعالم نفط يوميا، ويحاذي اكبر دولة منتجة للنفط في العالم وهي المملكة العربية السعودية.

ربما هذا هو ما يدفع رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن إلى القول: 'العالم لن يسمح للأوضاع المضطربة بالاستمرار، فلا اليمن ولا الإقليم يستطيع تحمل بقاء الأمور على ما هي عليه'، لذلك يتوقع أن 'يمارس العالم الخارجي ضغوطا كبيرة نحو حل المشكلة،' مستبعدا أن يتدخل فيها بشكل مباشر.

لكن ما من احد يجزم بأن ذلك قد يحدث على وجه التحديد، لتظل التطورات مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الانفجار الكبير.

أولويات

يسعى فريق ممن يطلقون على أنفسهم بـ'الإصلاحيين الشباب'، وعلى رأسهم نجل الرئيس الأكبر أحمد، الذي يقود الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، إلى تقديم حلول استراتيجية سريعة لما أطلقوا عليه 'الأولويات العشر'، وتتمثل في إحلال 100 شاب يمني من الكفاءات المتميزة، والتي تلقت تعليماً نوعياً في الغرب، بمواقع القرار في قطاعات الدولة المختلفة، وحل مشكلة الأراضي (في الجنوب)، وتفعيل دور العاصمة الاقتصادية عدن، ورفع الدعم عن المشتقات النفطية من دون إحداث أي تضخم في الأسعار، وخلق فرص عمل للشباب في اليمن والخليج، وكذلك تحسين صورة اليمن، من أجل جذب وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتوفير حلول لمشكلة المياه، وتفعيل دور الدولة تعزيز سلطة القانون.

وتلقى هذه الأولويات اهتمام المانحين، إلا أن هناك قيادات بارزة في الحكومة وسلطات الدولة تعارضها وتحاول تعطيلها لأنها كما يبدو تمس مصالح الجيل الأول، حسب أحد مؤسسي هذه المجموعة.

وبناءً على تقييم للوضع القائم في اليمن، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن مشروعين هما الأكبر منذ معاودة نشاطها في اليمن منذ قرابة 10 سنوات، في إطار استراتيجية تمتد من 2010 حتى 2012، ويهدف المشروعان إلى محاولة معالجة أو إزالة عوامل الاضطراب في ثماني محافظات منها خمس جنوبية: أبين وعدن ولحج والضالع وشبوة، وتقدر قيمة المشروعين بحوالي 121 مليون دولار أميركي، وقد تمتد فترة المشروعين من ثلاث إلى خمس سنوات، يتوقع أن يتم البدء فيها في يونيو.

مقترحات حلول

أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان قال في كلمة له حول 'وثيقة الإنقاذ الوطني' التي تقدمت بها المعارضة: 'وثيقة الإنقاذ تقدم أفكاراً مهمة على هذا الصعيد من الممكن أن تشكل أساساً لحوارات جادة ومثمرة، ولن يكون مفيداً تفريغ الأزمة بإصلاحات جزئية لاتمس جذر المشكلة لأن هذا لن يعني أكثر من مجرد ترحيل لهذه الأزمة وتواطؤ مع مخرجاتها المخيفة التي أخذت تنقل المشكلة من أيدي اليمنيين لتضعها في إطار مختلف عن الحاجة الفعلية إلى معالجة الأزمة ومظاهرها الأساسية'.

في مارس 2010، أطلق حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) مبادرة دعت إلى الأخذ بالنظام الاتحادي الفدرالي على أساس إقليمين، تقترح المبادرة تطبيق نظام حكم محلي كامل الصلاحيات للوحدات في إطار كل من إقليمَي أو ولايتَي الدولة'.

ويقول إن هذا النظام 'يضمن لليمن استمرارية وحدته، في ظل دولة فدرالية واحدة متماسكة، بدستور واحد، ومواطنة واحدة، ورئيس واحد، وعلم واحد، وجيش واحد، وسياسة خارجية واحدة'.

وكان رئيس حزب 'رأي' عبدالرحمن الجفري قال ان 'الحل يبدأ بالجلوس على طاولة الحوار ويكون مفتوحا لجميع اللاعبين السياسيين، بمن في ذلك قادة الحراك في الداخل والخارج والحوثيون، ولا يُستثنى أحد'.

عثمان كاكو يقول إن 'الحل يبدأ بثقافة الاعتراف بالمشاكل الموجودة وعند الاعتراف بالآخر، وأن تتم إعادة النظر في الخطاب السياسي الذي وصفه بـ'خطاب موتور على مستوى عام وملتف لا يتناول الواقع بثقافة الاعتراف'، مضيفاً أن 'اليمن في حاجة إلى عقل سياسي يفكر ثم يقرر، لا العكس'.

تشكيل وتشجيع وحياد

في ختام هذا الملف بشأن قضية جنوب اليمن، تجدر الإشارة إلى أنه، خلال رسمنا لخطة الملف، كنا على يقين أن مثل هذا العمل سيلاقي جمهوراً واسعاً من القراء من داخل اليمن وخارجه– من يمنيين أو عرب، مع ما يجري أو ضده. وأقدمنا على المهمة ونحن على يقين أننا سنتعرض لكثير من الانتقادات وربما التشكيك في مدى مهنيتنا في ما ننقله إلى الناس على صفحات 'الجريدة'. وحدث بالفعل أن تلقينا قدراً لا بأس به من التشجيع، ومعلومات إضافية، وأيضاً في المقابل تلقينا كثيراً من الكلام القاسي والنقد غير البنّاء من إخوة يتوقعون من صحافي ما أن يخاطب رغباتهم ويغفل الطرف الآخر. وخلال إعداد 'الملف'، تجردنا من كل الانتماءات التي قد تؤثر في حيادية الطرح، وهناك من تفاعل بإيجابية عالية وساند بالرأي والنصيحة، التي عملنا بكثير منها حيثما وجدناها لا تتحيز لطرف.

تلقينا نقداً ممن يتعصبون للوحدة عاتبين علينا من إتاحة فرصة لأصحاب 'الحراك' للتعبير عن آرائهم، ومعتبرين أننا تخلينا عن أهم الثوابت الوطنية وهي الوحدة، لكننا بمجرد أن سمعنا أصواتاً كهذه من أصدقاء أعزاء وشخصيات قيادية في الدولة شعرنا أننا فعلاً حياديون ونقف في الوسط، وكان في ذلك عزاؤنا.

وسيظل هذا الجهد متواضعاً ومحدوداً لأنه من المستحيل أن يشمل الملف كل شيء وكل جانب وطرف بالتفصيل الوافي، خصوصاً أننا طرحنا هذه السلسلة على قراء 'الجريدة' بلغة يمكن متابعتها، بعيدة عن السرد التاريخي المجرد، أو اللقاءات المطولة المملة.

محمد الأسعدي

محرر الملف


مقهى الدروازه :

مع تحفظنا للكثير مما ورد لتلك الحلقات الا اننا نقول ابراز الملف الجنوبي وطرحه في الصحيفه يستحق منا توجيه الشكر لطاقم التحرير وتبقى راية الجنوب مرتفعه خفاقه ...

الربان
2010-04-14, 01:31 AM
[quote=ذي ناخب;298077]نتمنى التعليق في نفس الجريدة وبنفس الموضوع
لان التعليق هناك صدى اكثر من هنا
وشكرا[انامعك ومطلوب من الكل التعليق بالجريدة
نعم نرجو التعليق في موقع الجريدة..للرد على أفترآءات مراسلهم اليمني الغيرمحايد.
أرق التحايا.

المحرمي ابو يحيى
2010-04-15, 11:41 AM
ابو يحيى من قطر