المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عواقب التحالف الغربي مع الدول الفاشلة .. اليمن أنموذجا ( بقلم : رياض العكبري )


الدعاسي
2010-03-13, 11:14 AM
لندن " عدن برس " : 13 – 3 – 2010
http://www.adenpress.com/picture/sali
لا شك في ان من أهم مظاهر التقلبات في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، ان تعززت أكثر فأكثر إستراتيجية العمل مع النظم الفاشلة والضعيفة كخيار جديد- قديم، وبديل واقعي!؟، لتحل محل إستراتيجية تقويض النظم الدكتاتورية وإحلال الديمقراطية وحقوق الإنسان وسياسة الــRegime Change. تلك السياسة التي لم تأت في الواقع لا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان ، بل تسببت في الفوضى وترسيخ أقدام النظم الأوتوقراطية والعائلية والطائفية، 'المارقة سابقا'، والمنتشرة كالفطر في كل حدب وصوب في العالمين العربي والإسلامي. كلا الإستراتيجيتين وجهان لعملة واحدة.

ومن المفارقات انه في الوقـــت نفســـه الذي تزداد فيه الإشادة الغربية على نحو مبالغ فيه بالانتخابات في العـــراق واليمن وأفغانستان وعدد آخر من بلدان المنطقة، والتي لم تنتج في الواقع سوى نظما غير ديمقراطية وتوريثية عائلية وطائفية وفاسدة، والأدهى من ذلك فهي الأكثر تبجحا بأنها جاءت للحكم عن طريق صناديق الاقتراع؛ تزداد المخاوف في بعض وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والدراسات وفي دوائر صنع القرار في الغرب من أن الانتخابات كأداة من أدوات العملية الديمقراطية من شأنها ان تجلب الى سدّة الحكم في البلدان العربية والإسلامية 'قوى دينية' معادية للغرب تختطف تلك البلدان باتجاه إقامة نظم ثيوقراطية جديدة. أما البديل فيتمثل ببساطة في عدم الضغط على نظم الحكم التسلطيّة القائمة خوفاً من انهيارها، بالرغم من اعتراف الغرب المسبق بفسادها وافتقادها للشرعية والمصداقية.
صحيح ان العمل مع أولئك القادة الضعفاء يبدو أيسر حالا من العمل مع حكومات تحترم نفسها وذات سيادة، ومرجعيتها الشعب والمؤسسات وليست العائلة والقبيلة والطائفة والحاشية الفاسدة، الا ان الوقائع تدل على ان اعتماد سياسة 'الإصلاح والتغيير من خلال النظم الفاسدة والدكتاتورية' يعد رهانا خاسرا سيجر عواقب وخيمة على الأمن والاستقرار في المنطقة وعلى الصعيد الدولي. وإذا ما القينا نظرة على قائمة أصدقاء وحلفاء أمريكا والغرب وشركائهما في تلك الحروب، قديمها وجديدها، فإننا سنجدها تحتوي على أكثر الأنظمة فسادا ودكتاتورية وقبلية وطائفية وتبعية، من طراز أنظمة كرزاي وصالح وزرداري والمالكي. وتحولت فجأة لغة التأنيب والتوبيخ المألوفة الصادرة عن عواصم الغرب، الى لغة دافئة مليئة بعبارات الاطناب والتهاني والتأييد لحلفاء الغفلة. وفرش السجّاد الأحمر في القصور الرئاسية في صنعاء وكابول وبغداد وإسلام أباد للموفدين الرئاسيين الأمريكيين الخاصّين من حاملي الرتب العسكرية العليا. وفي اليمن، حيث يهيمن أقارب الرئيس على أجهزة حماية النظام وقمع الشعب بمسمياتها وتشكيلاتها المتعددة وميزانياتها المتضخمة، تمت مضاعفة الأموال الأمريكية الممنوحة لتلك الأجهزة تحت راية الحرب على الإرهاب.
وفي ضوء نتائج مؤتمرات المانحين والشكوك بقدرة تلك النظم الفاسدة على استخدام تلك الأموال لمصلحة التنمية، تكثر الدعوات إلى الحاجة الى إعادة النظر في الآليات المتبعة، بل وحتى التعابير التي لا تدل على مغازيها مثل؛ 'أصدقاء أفغانستان' و'أصدقاء اليمن' و'أصدقاء الباكستان'، والتعبيرات الأخرى المتداولة من قبيل 'الشراكة' بل وحتى 'التحالف' في الحرب على الإرهاب مع تلك الأنظمة المنبوذة بين شعوبها. وكما حدث في مؤتمري لندن الأخيرين حول أفغانستان واليمن، فان اللغة الجديدة عن الشراكة والصداقة والتحالف جرت في موازاة حديث خجول، ومن قبيل رفع الكلفة ليس الاّ، عن ضرورة تحقيق الإصلاحات السياسية- الاجتماعية- الاقتصادية والحكم الرشيد والتنمية والقضاء على الفساد. ويعتقد محللون سياسيون واقتصاديون بأن تلك المصطلحات والتعابير بما فيها تلك التي أسميت النقاط العشر للإصلاح في اليمن - لم تكن فقط على قدر كبير من التشوش والغموض فحسب، بل تحمل في ثناياها قدرا أكبر من التضليل. وهي في نظر الشعوب العربية والإسلامية التوّاقة والمتعطشة للتغيير، تعابير منمقة ومنافقة فقدت كل معانيها ومدلولاتها، وستتسبب بالضرورة في مضاعفة حالة اليأس والإحباط، وبالنتيجة ستؤدي إلى تفاقم مشاعر العداء لأمريكا والغرب، على العكس ممّا يدعي اليه الرئيس أوباما.
ويعلم القاصي والداني بأن تلك 'الشراكة' المزعومة تقوم على ركيزتين هشتين. أولاهما ؛ ان الغرب لا يثق إطلاقا في هؤلاء الشركاء (راجع مثلا الرسائل المنشورة التي حث فيها السفير الأمريكي في كابول كارل ايكنبيري البيت الأبيض على عدم إرسال مزيد من القوات الأمريكية الى أفغانستان وأعرب فيها كذلك عن شكوكه بشأن كفاءة ومصداقية حامد كرزاي). والثانية ؛ ان هذه العلاقة هي في الواقع بين 'شركاء' غير متكافئين.
ان اية محاولة للفهم السليم والعقلاني لاتجاهات السياسة الغربية الراهنة في هذا الجزء الهام من العالم، ستفضي بنا الى نتيجة واحدة منطقية واضحة لا يكتنفها أدنى غموض، وهي ان الغرب بانحيازه للأنظمة الدكتاتورية الفاسدة و'تحالفه' معها، انما يعمل في نهاية المطاف ضد تأمين وحماية الأمن والاستقرار الدوليين، تماما مثلما ان استراتيجياته الراهنة تعمل على الضد من مصالح الشعوب في هذه المنطقة. وهاكم بعض الأدلة على ذلك:
غني عن القول ان المشكلة الحقيقية في بلد 'حليف!' كاليمن هي في الواقع مشكلة ذات طبيعة مركبة ومعقده تتجاوز مسألة الحرب على 'تنظيم القاعدة' وملاحقة فلول الإرهاب. فبالإضافة الى كونها أي نعم قضية نظام دكتاتوري- قبلي- بوليسي- فاسد، ودولة فاشلة آيلة للسقوط، تشكّل تهديدا جديّا لأمن المنطقة والعالم من جهة، فأنها، وهذا هو الأهم والجوهري، قضية سياسية بامتياز تتعلق بوجود خلل عميق في العلاقة بين شريكي الوحدة المغدورة. الوحدة التي تحققت بين كيانين دوليين مستقلين وفي ظروف داخلية ودولية معروفة غاية في التعقيد في العام 1990. ان انعدام الحكم الرشيد والاستبداد والمغالاة في انتهاك حقوق الإنسان والتهميش والإقصاء والفساد هي العوامل الحقيقية المتسببة ليس فقط في نشر الفقر والجهل والتخلف والإرهاب، والوقوف حجر عثرة أمام انجاز التغيير والإصلاح الحقيقيين، بل في شن حرب 1994 وقمع وإذلال شعب الجنوب، وبالتالي تمزيق نسيج الوحدة بين الجنوب والشمال. لقد ظلت الوحدة خيارا سياسيا وعقد شراكة متكافئة بين دولتين استمدتا شرعيتهما وسيادتهما من الشعب والأرض، لا تقبل إطلاقا بهيمنة طرف على الاخر. وأمام تعنت سلطة صنعاء فقد أختار ابناء الجنوب طريق الحراك السياسي ذو الطابع السلمي، ووضعوا امامهم هدفا تمثل فى 'فك الارتباط '. وهذا الهدف سيبقى خيارا وهدفا جامعا لأبناء الجنوب، تكفله قرارات الشرعية الدولية ومواثيق الامم المتحدة وبنود العهد الدولي لحقوق الإنسان. وتدلّ كل المؤشرات على ان الشعب في الجنوب لا يمكنه اطلاقا التنازل عن حقوقه وتضحياته، والقـــبول باستمــرار الظلم والاستبداد وإلغاء هويته وتاريخه واستباحة ارضه وثرواته، ان لم يجد حلولا مقنعة تخاطب جوهر قضيته، وتحقق الشراكة المتكافئة بين طرفي الوحدة.
ان من النتائج المباشرة للإستراتيجية الأمريكية ذات الأولويات العسكرية والأمنية، منح الأنظمة الأوتوقراطية التي لم تعد تمتلك أية صفة تمثيلية شعبية حقيقيه، غطاء دوليا غير منصفا للاستمرارية في الحكم بصورة غير شرعية، وبالتالي منحها الضوء الأخضر للاستمرار في قمع شعوبها ووأد تطلعاتها المشروعة. ولعل أوضح مثال على ذلك هو اشتداد حملة القمع التي تشنها صنعاء ضد الحراك السلمي الجنوبي. ففي أعقاب مؤتمر لندن، أراد النظام اليمني إرسال رسالة الى الشعب في الجنوب مفادها بأن لديه 'تفويضا' من المجتمع الدولي ودول الجوار، أطلقت بموجبه يداه كي 'يثبّت الأمن والاستقرار' و'يحافظ على وحدة اليمن'. وعلى أساس ذلك الهراء واصل الرئيس صالح حملات القمع ضد الشعب في الجنوب. فخلال الفترة المنصرمة ازدادت الاعتقالات والمحاكمات والأحكام الجائرة الصورية، وقمع وسائل الإعلام الجنوبية المعارضة (أبرزها الهجمة العسكرية البشعة على مقر الجريدة ومنزل السيد هشام باشراحيل ناشر 'الأيام' العدنية المستقلة واعتقاله وأبنه وآخرين)، والقمع الوحشي للمتظاهرين سلميا، والاستمرار في إطلاق حملات التهديد والتحريض ضد الشعب في الجنوب، حيث أعلن الرئيس صالح ان الهدنة في صعدة ستمكنه من التفرغ لقمع الجنوب. وفي أعقاب هدنة صعدة لم ينقطع الرئيس صالح عن إلقاء الخطابات النارية والمضطربة والمليئة بالتحريض واطلاق العنان للحملات الهادفة اثارة الضغائن ونشر الفوضى. وفي الوقت الذي أذعن فيه النظام لعقد الهدنة مع الحوثيين، وفي الوقت الذي ينادي بالحوار مع القاعدة، فانه يوالي تعميم مظاهر العسكرة وحشد القوات في الضالع ومناطق أخرى من الجنوب تحت شعار:' الوحدة أو الموت!'. كل ذلك يؤيد حقيقة ان الاستمرار في توفير الدعم الأقليمي والدولي لتلك النظم الفاسدة والقمعية يعني في التحليل الأخير توفير عوامل وشروط الاستمرارية في إنتاج المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية وتفاقمها باضطراد. ان الحقيقة بطبيعتها لا تحتمل الالتفاف عليها مهما سيقت من مبررات، والحقيقة هنا تشير تحديدا الى ان الخلل العميق في بنيــان وطبيعة تلك الأنظمة انما هو المولّد الرئيسي لكل هذا الخراب، والحلقة الأساس في الدائرة المفرغة المتمثلة في توزيع الفقـــــر والجهل والتخلف والتهميش والاقصاء، وبالتالي توفير المناخات الخصبة للإرهاب والتطرف، وبالنتيجة تقويض الامن الداخلي والخارجي. ولا بد ان نلاحظ ان واقع الفقر والجهل والتخلف انما هو نتيجه وليس سببا في هذه الحالة، انه نتيجه مباشرة لجذر المشكلة المتمثل في وجود واستمرارية النظم التسلطيّة الفاسدة، المحميّة فقط بتحالفاتها المريبة مع الغرب.
من خلال الموقف الغربي المنحاز لمصالحه فقط، فان كل الامال بحدوث اصلاحات بنيوية حقيقية في هذه النظم المهترئة ليست في الواقع سوى أوهام. ان دعم تلك النظم لا يمكن ان يحل المشكلات بل يفاقمها، ليس فقط لعدم قدرتها على التغيير والاصلاح، بل كذلك نظرا لعدم رغبتها في تحقيقه. لأن اي تغيير مهما كان محدودا وجزئيا انما يهدد وجودها وشرعيتها. وبحكم الطبيعة التسلطية الدكتاتورية لهذه النظم فانها بالضروره عاجزة عن امتلاك أية 'رؤية' تنموية أو أي مشروع تحديثي وطني. في الواقع ليس لتلك الأنظمة من أجندة سوى البقاء في الحكم أطول فترة ممكنة. ان هذه النظم في حقيقة الأمر هي جزء من المشكلة لا من الحل. ان الاصلاحات السياسية المنشودة في العالمين العربي والاسلامي، والتي هي في الواقع حاجة عربية واسلامية ماسّة قبل ان تكون حاجة غربية، أصبحت مع مرور الأيام، وبفضل مغامرات ادارة اليمين الأمريكي المتطرف السابقه، أبعد منالا وأكثر صعوبة. وبالرغم من المحاولات المتكررة للرئيس أوباما لتطمين العالمين الاسلامي والعربي، الاّ ان من المؤكد ان الاستمرارية على خطى ادارة اليمين المحافظ سيقود الى تأكيد حقيقة ان السياسة الخارجية الأمريكية تعد في الواقع أكبر عائق أمام الوصول للتحوّلات الديمقراطية الحقيقية النابعة من الظروف والبيئة العربية والاسلامية، كما انها بالنتيجه لن تجعل أمريكا والعالم أكثر أمنا وأقل خطرا. وليس من قبيل المغالاه أو مجافاة الحقيقة في شيء القول بان السياسة الدولية للولايات المتحدة والغرب، ذات النزعة العسكرية والأمنية المتزايدة، والسائرة في نهج التحالف مع الأنظمة الفاشلة والفاسدة، تعد من أكبر المحفزات لنمو وازدهار التطرف والارهاب حول العالم. اذ ان العبرة كما يقال بالنتائج، والتي تدعم جميعها واقعية وصدقية مثل ذلك الاستنتاج.
ان هكذا سياسات ستفضي في آخر المطاف وتدريجيا - الى وضع تلك النظم الفاشلة، تحت الوصاية الغربية، بموافقتها أو مرغمة على ذلك لا فرق. الا ان الكلفة الاقتصادية والعسكرية والأمنية والمعنوية والأخلاقية التي سيتحملها الغرب جرّاء تلك الوصاية، ستكون باهظة الثمن لن يقوى لا الغرب ولا دول الخليج على الاستمرار في تحمّلها على المديين المتوسط والطويل. ان مجرد نظرة بسيطة على الوضع الاقتصادي الدولي حاليا ومستقبليا تدعم بقوّة هذا الرأي. وكما تشير كل التقارير ذات المصداقية فان ضخ الأموال من الدول المانحة لليمن في ظل بيئة سياسية وادارية طاردة ورافضة كليّا لتحقيق التنمية والتقدم، سيكون له مآل واحد لا غير الا وهو الوقوع بين براثن وحش الفساد وسوء الإدارة. ان المراهنة على الربط المشروط لتقديم المساعدات للأنظمة الفاشلة بتحقيق تقدم في برامج الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومحاربة الفساد وتحقيق الحكم الرشيد، ليست واقعية إطلاقا ، بالنظر للتجارب المريرة العديدة التي بين أيدينا.
من منطق الأشياء وبديهياتها الاّ يطلب أحدا من الغرب قطع علاقاته مع هذا النظام أو ذاك لمجرد انه نظام فاسد ودكتاتوري، لكن مصداقيّة السياسة الدولية لأمريكا والغرب، التي راهن الرئيس أوباما على ترميمها، تتطلب سياسات دولية متوازنة وشاملة وعادلة تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعوب العربية والاسلامية في تحقيق السلام العادل والشامل وتحقيق التحوّل الديمقراطي الحقيقي النابع من ظروفها وبيئتها وتاريخها. ذلك ان اية سياسات لا تبنى على المقاربة العادلة والمتوازنة لمصالح شعوب المنطقة، لن تفلح في بلوغ الأهداف المرجوة منها في تحقيق الأمن والأستقرار الأقليمي والدولي. على ذلك الأساس، فان من المرجّح والمنطقي ان تقوم الدول الغربيه عاجلا ام آجلا، باعادة مراجعة سياساتها في المنطقة وفقا للنتائج الملموسة على الأرض. حيث تبيّن كل المؤشرات ان الغرب سيصطدم بحقائق مرّة ترتكز على حقيقة ان حلفاءه في كابول وصنعاء واسلام أباد ليسوا سوى فقاعات زائفة لا يمكن الركون اليها. وعندئذ فربما تجد الأصوات الرصينة الكثيرة داخل أمريكا وخارجها آذانا صاغية في دوائر صنع القرار. وفي بلدان الناتو نفسها، ومنها على سبيل المثال كندا، فان السجالات السياسية تكاد لا تنقطع حول جدوى ارسال الجنود والأموال الى أفغانستان وغيرها من الدول الفاشلة. وتبرز كل يوم اراء صريحة تنذر بأن تحقيق 'النصر' العسكري الحاسم هناك أصبح في عداد المستحيل. الأمر الذي يشكل ضغطا شعبيا لا يستهان به من أجل سحب القوات من تلك البلدان، واتّباع استراتيجيات جديده تهدف الى تشجيع انجاز 'التغيير' الحقيقي النابع من الإرادة الشعبية، من خلال تشجيع التسويات والمصالحات الوطنية، وبمشاركة فعّالة وحقيقية لكافة القوى والفعاليات الوطنية والديمقراطية. ومن شأن حصيلة الأشهر القادمة اثبات صحّة آراء كتلك التي عبر عنها عضو الكونغرس Rep. Ron Paul- (جمهوري)، حيال الوضع في اليمن. عندما قال في الثالث من شباط/فبراير المنصرم في بيانه أمام لجنة الشؤون الخارجية للكونغرس: انني منزعج جدا من سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن، التي كما أعتقد سترتد عكسيا ضدنا وستجعل الولايات المتحدة أقل أمنا وأكثر فقرا!' على حدّ تعبيره، ملخصا رؤيته بكلمات بسيطة ولكن مباشره: 'أبقــوا بعيدا عن اليمن!' ؛ Stay Out of Yemen!'. أما أهميّة نصيحة ميخائيل غورباتشيف للرئيس أوباما فانها تنبع من كونها جاءت من صلب التجربه المرّة لغزو الدولة، التي كانت عظمى ذات يوم، لأفغانستان. اذ كتب لصحيفةRoiyskaya Gazeta في الثامن من شباط/ فبراير المنصرم تحت عنــوان 'Learn from Our Mistakes in Afghanistan: 'نصيحتي للرئيس أوباما، الذي ورث عن سلفه هذا الوضع الصعب؛ ان الهدف ينبغي ان يكون تسوية سياسيه وانسحابا للقوات الأمريكية من أفغانستان، الأمر الذي يتطلب استراتيجية وطنية للمصالحة'. كما يقول باتريك بوكانين، المرشح الرئاسي لثلاث مرات، ومستشار الرؤساء نيكسون وفورد، وكذلك الرئيس ريغان خلال فترة انهيار الاتحاد السوفييتي: 'حان الوقت كي نسحب الشبكة الكونية من القوات المزروعة على التراب الأجنبي، والتي ورّطت الولايات المتحدّة في فخ شن حروب الأمم الأخرى، والتي أقيمت للإيفاء بالتزامات كانت قد قطعت وبمعاهدات كانت قد أبرمت في أزمان تسبق ولادة هذا الجيل من الجنود الأمريكان'. هل يا ترى تستطيع حجّة السياسي الأمريكي المحافظ لفت الانتباه الى ان السياسة الدولية الأمريكية تمضي في استخدام نفس أدوات الحرب الباردة التي أغلقت ملفاتها منذ عقدين من الزمن؟ وبالتالي التحذير من ان الولايات المتحدة على وشك إضاعة الفرصة الذهبية الأخيرة التي تسنح أمامها كقوّة عظمى وحيدة متبقية - حتى الآن - كي تقود العالم، الذي يواجه اليوم تحديات وتحولات تاريخية غير مسبوقة؛ 'بقوة المثال لا بمثال القوّة'، كما كان يحلو للرئيس أوباما ان يردد بكثرة أثناء حملته الانتخابية؟

نقلا عن " القدس العربي "
كاتب يمني