المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف نفهم الديمقراطية وقبول الأخر


أفق الضالع
2010-02-12, 12:39 AM
كيف نفهم الديمقراطية وقبول الأخر

ابو وضاح الحميري -

إن الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير وقبول الأخر بفكرة وحقوقه وكيانه،كل هذه تشكل قضايا شائكة وتحدي حقيقي في فهم واستيعاب هذه المتغيرات التي أوجدها تطور العصر الراهن عقب انهيار المعسكر الاشتراكي وتحول ميزان القوى لصالح القطب الواحد وما شهده العالم من تطور هائل في ثورة المعلومات والانترنت الذي أصبح العالم أشبة بقرية صغيرة يسهل متابعة ومعرفة كل ما يجرى فيه أولا بأول.




أن جوهر المسالة كلها يأتي من خلال تعميق وترسيخ الحريات التي تتيح للناس أن يعبروا من خلالها في دخول وتشكيل الأحزاب والتنظيمات والتجمعات المختلفة بديلا عن الحزب الشمولي الواحد وأن يعبروا بطرق سلمية عن أفكارهم المختلفة باختلافاتها وتناقضاتها بدلا عن الفكر الشمولي أو الجمود العقائدي والدكتاتورية ، وفي الحوار وحل الخلافات بالطرق السلمية بديلا عن القمع والحروب وتكميم الأفواه وتصفية المعارضين من قبل الأنظمة الدكتاتورية القمعية .




هذه المتغيرات التي تحاول البلدان النامية استيعابها والتكيف معها في ضل صراع حاد مع الفكر والتربية والثقافة الماضية التي لأتقبل الأخر ولا تقبل التخلي عن السلطة وتداولها بالطرق السلمية كما هوا حال أنظمتنا العربية التي تتشدق بالديمقراطية إعلاميا لكنها عمليا تقمع كل من يعارضها أو يهدد مصالحها أو يزاحمها على السلطة التي تحولت إلى مصدر للثرى وما يجري اليوم من تزوير للانتخابات وقمع المعارضين ومصادرة الحريات وإغلاق الصحف والمواقع الإعلامية واعتقال ومحاكمة أصحاب الرأي وقمع الاحتجاجات والمظاهرات السلمية باستخدام الجيش والذخيرة الحية التي راح ضحيتها الآلاف من القتلى والجرحى كما هوا حاصل اليوم في اليمن وغيرها.




وفي نفس الوقت يكمن هذا التحدي من الناحية الأخرى في فهم واستيعاب القوى الديمقراطية نفسها من أحزاب وهيئات ومنظمات وغيرها للعملية الديمقراطية وللتعددية الحزبية والإقرار بالأخر وحقوقه وفي السماح للعقل أن يجتهد ويفكر وهو ما عانينا ونعاني منة من قمع للحريات وإلغاء ومصادرة الأخر وعدم الاعتراف فيه.


إن الديمقراطية والحرية التي نؤمن فيها تتطلب هي الأخرى فهم حدودها وضوابطها بحيث لا تخرج عن ديننا وعاداتنا أو تتعدي على حقوق وحريات الآخرين أو تسيء إلى الأخلاق والقيم الإنسانية .


إن عدم استيعاب وتقبل الأخر بفكرة ورؤيته وانتمائه الحزبي وحقوقه وفي حل التباينات والخلافات من خلال الحوار وحدة وبالطرق السلمية تشكل تحدي ومخاطر حقيقية عند اللجوء لحل هذه الخلافات عن طريق العنف والتصفيات كما حدث ويحدث في أفغانستان والصومال والعراق وفلسطين والسودان واليمن التي أثبتت هذه الأنظمة عدم قدرتهم لاستيعاب هذه الديمقراطية وتقبل نتائجها .




إن حركة النضال السلمي التي شكلت تحالف جديد وواسع انخرطت فيه مختلف الفئات والقوى ،هذا التحالف الذي تجاوز الانتماء الحزبي والقبلي ليشكل ظاهرة جديدة وفريدة من التحالف الذي اتسع وتقوى نطاقه وفعاليته بعد إعلان التصالح والتسامح الذي طوي بهي الجنوبيين صفحة الماضي بكل مآسيها وصراعاتها وأعلنوا بشجاعة الاعتراف بأخطاء الماضي وعكس ذلك وعيهم لمواجهة مخاطر الحاضر وتحديات المستقبل .


إن هذا التحالف يتطلب استيعاب هذا التنوع والتباين الفكري والحزبي والاجتماعي للحفاظ علية من خلال التعددية وقبول هذه المكونات لبعضها البعض وترسيخ مبدأ الحوار لحل الخلاف والتباينات فلا يعقل أن نشتكي من النظام الشمولي والتسلطي ويأتي من يرفض ويقصي الأخر أوان نشتكي من قمع الحريات ويأتي من يقمع حرية الآخرين، وهو الأمر الذي دفعني لمحاولة تناول هذا الموضوع والذي أردت من باب الحرص التوضيح والتأكيد على القضايا التالية :-


1. إن تجارب الماضي ومعانات الحاضر قد علمتنا جميعا انه لا يمكن أن يسمح شعبنا لعودة مآسي الماضي ولتلك السياسات والتصرفات الخاطئة لحكم الحزب الاشتراكي أو إن يسمح لأي حزب أو قبيلة أو فرد في التحكم بمصير الأمة ، ولعودة تلك الأفكار المستوردة ، لقد انتهت الاشتراكية في عقر دارها وتغير العالم وأصبحوا كوادر وأعضاء الحزب اليوم في مقدمة صفوف المصلين، وفي نفس الوقت لا يمكن أن تقبل الناس لإعادة استنساخ علي عبد الله أخر أو دكتاتور جديد ، أن ما نحتاجه وما نعاني منة هوا فقدان دولة المؤسسات والقانون وإيجاد العدل والمساواة .




2- أن الديمقراطية والتعددية لا تعطي الحق لأي طرف أن يلغي حق الطرف الأخر في انتمائه الحزبي ا وان يحرم على الآخرين ما يحلله لنفسه كما أن الحرية لا تعطي الحق لأي كان أن يتجاوز الأخلاق ويمس أعراض وكرامة الآخرين أو الخروج عن تقاليدنا العربية والإسلامية.




3. أن التصالح والتسامح الذي أعلنه الجنوبيين لا يعطي الحق لأي كان أن يعيدنا إلى الماضي أو أن ينبش فيه من جديد بعد أن طوي الجنوبيين صفحته بكل مآسيها وصراعاتها ودفنوها إلى الأبد .




4. أن الجنوب اليوم غير الأمس فلا يستطيع أحد إن يكون وصي عليه لا تاج ولا الحزب الاشتراكي ولا غيرهما أنه ملك أبناءه بمختلف انتماءاتهم وأطيافهم يتسع للكل ولا يستثني احد .




5. يتطلب من مختلف قيادات الحراك السلمي والمواقع والصحف الإعلامية وقف أي مهاترات أو كتابات تسيء أو تجرح بعضنا البعض أو التي تتجاوز حدود الأدب والأخلاق والتي تضر بقضيتنا وتخدم العمل الإعلامي المعادي وتروج لنفس البضاعة التي يسوقها نظام صنعاء .