asdashrq
2010-01-31, 12:51 AM
إن غياب قيم الحق والعدالة وسلوكيات ثقافة الديمقراطية ، وسيادة الغوغائية والديكتاتورية والمناطقية والممارسات الاستبدادية ، جر الجنوب العربي إلى صراعات أدت إلى الخراب والتخلف وتجميد تطوره السياسي والواقع الكارثي الراهن والمتمثل في احتلال اليمن له
أسد الشرق الخليفي
********************
نظرة إلى صفحات من تاريخنا المعاصر
***************
من كتاب الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة
1963
*************
الفصل الثالث
مذكرة الرابطة
الجزء الأول
الموضوع : المطالب السياسية لشعب الجنوب العربي ( عدن ومحمياتها )
---------------------------------------
السيد السكرتير العام للأمم المتحدة
نيويورك
ان رابطة الجنوب العربي ، المنظمة السياسية التي أسست طبقا للقانون في عدن , والتي اؤتمنت على الإفصاح عن مطالب وأماني الشعب العربي في عدن ومحمياتها ( يشار الى هذه المنطقة فيما يلي هنا بالجنوب العربي ) ترجو ان تقدم الحقائق والمطالب الآتية وأن :
1 – تحيط الأمم المتحدة وكل لجانها المختصة علما بها وتضعها في سجلاتها .
2 – تتفضل لجنة السبعة عشر عضوا بالسعي لتحقيق المطالب السياسية ومراعاتها .
3 – يعترف بحق الرابطة في المثول وفي ان يصغى إليها ، لإمكان التطبيق السليم لقرار الأمم
المتحدة القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب الغير المستقلة .
4 – يتفضل السكرتير العام بتوزيع نسخ من هذه العريضة على الجمعية العامة وعلى لجانها
المختصة ، وبالذات لجنة السبعة عشر عضوا المنبثقة عنها والمكلفة بتنفيذ ذلك القرار .
موجز عن جغرافية المنطقة :
تضم المنطقة مساحة قدرها 112000 ميلا مربعا ويقدر عدد السكان بنحو المليون كلهم من
العرب عدا بضعة ألوف يقطنون عدن من الجاليات الأسيوية والإفريقية والأوروبية .
وترتفع الأرض في الشمال الغربي المتاخم لليمن حيث تكون فيها جبالا صعبة المرتقى بينما
تنحدر تدريجيا نحو الشرق والغرب والجنوب لتكون السواحل السهلية المنبسطة .
والمهن السائدة التي يزاولها السكان هي الزراعة وصيد الأسماك والتجارة . وفي كثير من الوديان والمناطق الخصبة حيث تنتج محصولا طيبا . وكل سكان الجنوب العربي من المسلمين ومن المذهب الشافعي .
موجز تاريخ المنطقة :
ان بعضا من السلطنات الموجودة حاليا في المنطقة قد ظهرت وتماسكت في القرن الثاني عشر للميلاد ، على أن معظمها ظهرت بعد ذلك في حوالي القرن السادس عشر منه .
سلطنة لحج مثلا تأسست في 1728 ميلادية وكثير من الوحدات السياسية التي انقسمت إليها
المنطقة لا ترقى الى مستوى السلطنات أو الإمارات بل بقيت مشيخات أو قبائل تتمتع بحريات
واسعة واستقلال داخلي في شئونها الخاصة .
أما الإمبراطورية العثمانية فلم تبسط سيادتها على المنطقة إلا أجزاء صغيرة ولأجل قصير .
بداية العدوان البريطاني على المنطقة :
في سنة 1839 م استولت المملكة المتحدة على عدن واحتلتها عنوة بعد معركة دامت ثلاثة
ايام مع القوات الوطنية لسلطنة لحج . وتمكنت المملكة المتحدة في السنوات التي تلت من التوغل سياسيا وعسكريا الى داخل البلاد التي وقعت تحت مطلق سيطرتها وحكمها .
وفي السنوات 1886 م وما بعدها فرضت المملكة المتحدة معاهدات الحماية على كل من العدد الكبير من الحكام ما بين سلطان وأمير وشيخ وأوهمتهم وزعمت لهم بأنها معاهدات دولية ملزمة ولها صفة التأييد وبموجبها حرمت عليهم الاتصالات والمراسلات مع أية حكومة أو سلطة أو هيئة داخل حدودهم أو خارجها بدون موافقة مسبقة من حكومة المملكة المتحدة أو ممثليها في المنطقة .
سلاسل وأغلال من معاهدات الحماية :
وقد فرضت تلك المعاهدات على :
سلطنة المهرة ( سقطرة وقشن ) في ابريل 1886 م ومايو 1888 م
سلطنة حضرموت الساحل ( القعيطية ) في مايو 1888 م
سلطنة الواحدي ( بير علي ) في يونيو 1896
سلطنة الواحدي ( بلحاف ) في مارس 1895 م
مشيخة العلوي في 1895 م
سلطنة الحوشبي أغسطس 1895 م
الشيخ العاطفي سبتمبر 1889 م
الشيخ البرهمي سبتمبر 1889 م
سلطنة الفضلي أغسطس 1888 م
الشيخ ألعقربي يوليو 1888 م
سلطنة العوالق السفلى يونيو 1888 م
شيخ عرقه ابريل 1888 م
شيخ حورة ابريل 1888 م
سلطنة يافع السفلى أغسطس 1895 م
سلطنة العواذل 1914 م
وبعد عام 1936 م شرعت المملكة المتحدة تفرض معاهدات الاستشارة على كل من أولئك الحكام الذين باتوا مرغمين على الخضوع لما يمليه عليهم ضابط بريطاني من الأوامر والتعليمات والنصائح بدون أي اعتراض .
وبذلك فقد صادرت هذه المعاهدات ، معاهدات الحماية ومعاهدات الاستشارة حريات الشعب العربي في المنطقة مصادرة مطلقة حيث وجد الشعب نفسه تحت السيطرة الكاملة للمملكة المتحدة التي تزاول سلطاتها عن أسراها من الحكام والسلاطين والأمراء .
سياسة المملكة المتحدة في المنطقة وأهدافها :
وقد حققت تلك المعاهدات كل أهدافها التي أبرمت من اجلها :
1 - عمقت التجزئة في المنطقة وأقامت فيها نحو من 24 وحدة سياسية من سلطنات
ومشيخات ، يتبع كل منها ويخضع لمستعمرة عدن .
2 - أحالت وطورت كثيرا من رؤساء القبائل الى رؤساء دول إذ زودوا بسلطات وصلاحيات
مطلقة ضد الشعب في منطقتهم في الوقت الذي يخضعون فيه خضوعا مطلقا لسلطات
وصلاحيات المملكة المتحدة وممثليها .
3 - أوهمتهم بأن هذه المعاهدات هي معاهدات قانونية لكل الأغراض والغايات وأنها ملزمة
الى الأبد .
4 - أرغمتهم على الإذعان لكافة الأوامر والتوجيهات التي يقدمها لكل منهم ضابط سياسي
تعينه المملكة المتحدة .
هذه المعاهدات ليست قانونية ، باطلة بطلانا مطلقا :
وتعلم المملكة المتحدة كما يعلم كل رجال القانون بأن هذه المعاهدات ليست قانونية ولا ملزمة
وأنها باطله بطلانا مطلقا للأسباب التالية :
1 - أنها أبرمت بين طرفين عديمي الاختصاص والأهلية لإبرامها .
2 - انعدام أية صورة من صور التكافؤ بين الطرفين .
3 - انعدام شرط الرضا والاختيار فيها فقد أبرمت عن طريق الغش والرشوة والتهديد
العسكري .
4 - لم تحدد تلك المعاهدات أجلا لنفاذها ولا نهاية لمدتها .
5 - مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولمبادئ حقوق الإنسان .
وان اقل ما يؤكد بطلان تلك المعاهدات هو زعمها في وقت من الأوقات أن لها الحق في مصادرة حريات الشعب العربي في المنطقة مصادرة أبدية لا نهاية لها و لا اجل في الوقت
الذي لا يمكن إخضاع تلك الحريات للمصادرة ولا الإسقاط في أي وقت من الأوقات .
خيانة الأمانة من قبل الوصي الذي فرض بنفسه الوصاية على المنطقة :
وبصرف النظر عن هذه المعاهدات وبطلانها فان المملكة المتحدة التي اختارت لنفسها وبنفسها الوصاية على الشعب العربي في المنطقة وأعلنت التزامها بحماية مصالحه وصيانة حقوقه ، هذه المملكة قد ارتكبت سلسلة من أعمال الخيانة الجسيمة تتراوح بين مجرد الإهمال السلبي المؤدي الى القتل والوفاة والعدوان الايجابي ، الى أعمال القتل الجماعي التي تبلغ في معظم الأحيان درجة إبادة الجنس – كما سيأتي فيما يلي :
أ – منجزات المملكة المتحدة في المنطقة :
ان قرنا ونيفا من إدارة المملكة المتحدة للمنطقة لم ينجز سوى الفقر والجهل والمرض . وكانت الفوضى والاضطرابات واختلال الأمن هي السمات الغالبة في حياة الشعب . وقد ساد البلاد فوضى مزمنة كما شاعت فيها حالة كتلك التي تسود البلاد المتحاربة .
ان تمزيق البلاد وتقطيع أوصالها الى ما يزيد عن 24 ( دولة ) وما نجم عن ذلك من تعدد الحكومات وتكاثر الحدود والفواصل والجمارك والضرائب وتعدد القوميات القبلية والإقليمية
كل هذه قد أعاقت النمو الطبيعي لشعب المنطقة وحالت دون تطوره في طريق التقدم .
ففيما عدا سلطنة أو سلطنتين لا تعرف المنطقة شيئا عن أي تشريع مكتوب كما لا يعرف عن أي قانون للعقوبات وبذلك يتعرض الفرد دوما للمحاكمة والإدانة والعقوبات والاضطهاد دون سبب سوى هوى الإدارة .
ولم يشهد عالم اليوم قط منطقة بهذا الصغر من المساحة وبهذه القلة من السكان ، مع هذه الكثرة من ( رؤساء الدول ) كما يشهدها في تلك المنطقة التعسة ( عدن ومحمياتها ) .
ب – تناقص عدد السكان :
وقد تخلت الإدارة عن شئون الصحة العامة وتركتها للطبيعة بدون أي تدخل من قبلها ولذلك فقد تعددت حالات المجاعة وانتشار الأوبئة والأمراض وكانت هذه كلها قد رفعت نسبة الوفيات بين السكان . أما الجهل والمرض وسيادة الفوضى والاضطرابات في البلاد فقد دفعت جماعات
كبيرة من السكان وساقتهم الى مغادرة بلادهم حفاظا على حرياتهم وإبقاء لحياتهم وحرصا على أمنهم وسلامهم .
وما تبقى في البلاد وهم حوالي المليون فمعظمهم زوجات مهجورات وأرامل بلا عائل ومن المشوهين والعجزة والأطفال والعاطلين . وهناك نسبة كبيرة من السكان غادروا بلادهم والتجأوا أما الى الجبال أو الهجرة الى اندونيسيا والمملكة العربية السعودية وسواحل شرق إفريقيا .
ج – الحالة الثقافية :
وفيما عدا سلطنة أو سلطنتين ، فلم تعرف المنطقة أو تشهد مدارس رسمية . ولذلك فأن
99% من السكان لم يلتحقوا بالمدارس الرسمية . وبالأحرى فليست هناك في ( المحميات )
أية مدارس ثانوية . والمدرسة التي أقامتها المملكة المتحدة في عدن حديثا لا يتخرج منها سوى أنفار من أبناء البلاد . وقد أخفقت إدارة المملكة المتحدة للبلاد في ان تنجب من أبنائها حتى عام 1956 م طبيبا أو مهندسا أو صيدليا عربيا واحدا .
وقد عمدت المملكة المتحدة أخيرا الى تخصيص عدد من المنح الدراسية لأبناء المنطقة ولكن رابطة الجنوب قد خصصت في السنوات الست الأخيرة ما يقرب من 60 منحة دراسية في معدلها السنوي .
وقد رفضت الإدارة الترخيص لهذه الرابطة بإقامة مدرسة ثانوية في عدن ، كما رفضت من قبل منح تأشيرة مرور لمدرسين عرب أعارتهم بعض الحكومات العربية لإحدى المدارس الخاصة في إحدى الإمارات .
د – الحالة الاجتماعية :
وفيما عدا عدن حيث يسكنها كثير من الأوروبيين ، فلا يوجد في المحميات مستشفى واحد في المستوى المناسب . وهناك ممرضة مؤهلة واحدة موجودة في المحميات ومكلفة بخدمة كل سكانها . كما أن هناك نحو ثلاثة مستوصفات مزودة تزويدا رديئا . ودور الأمومة ومؤسسات
رعاية الطفل غير معروفة في المحميات .
والتقديرات التقريبية لإيراد الفرد هي شلن في الشهر .
أما الخدمات العامة والمرافق البلدية كالكهرباء والماء ودور السينما فلا أثر لها إطلاقا في الإمارات عدا سلطنة أو سلطنتين .
ه – الحالة السياسية :
وكما أسلفنا القول كانت البلاد تسودها دوما حالة من الاضطراب واختلال الأمن والفوضى المزمنة بحيث يتعذر إحراز أي تقدم في شئونها العامة . وقد صادرت السلطات كل صورة
من صور حرية الرأي والاجتماع والانتقال بينما أطلقت مجالا واسعا لحرية التخريب والهدم
ضد دعاة حركة التحرير . فبينما لا توجد في المحميات أية أحزاب سياسية ازدحمت عدن بعدد
كبير جدا من الأحزاب السياسية وكثرتها من المشايعين للسلطات ولسياستها .
ان كل سلطان مهدد بالعزل والإقالة من قبل المملكة المتحدة التي درجت على إعداد سلطان احتياطي تتخذه أداة للضغط والتهديد على السلطان الفعلي وحمله على الإذعان لما تصدره
إليه من الأوامر والتعليمات .
والمملكة المتحدة حريصة على حفظ سلطتها وهيبتها وتعمد لذلك الى سلاح الطيران الملكي الذي يزاول عمليات القصف الجوي بصورة مستمرة وباضطراد . وقد اعترف المستر ليونكس
بويد بهذه الحقيقة عندما أعلن في مجلس العموم البريطاني دفاعا عن سياسة حكومته في عدن بأن ( القصف الجوي هو الوسيلة الوحيدة للمحافظة على السلطة والنظام في المنطقة محافظة صحيحة ) .
وفي عدن مجلس تشريعي صوري حيث أن قراراته استشاريه محضة وفوق ذلك فإنها عرضة
للرفض من قبل الحاكم البريطاني . وكثرة من أعضائه معينون أو أعضاء بحكم مراكزهم التنفيذية .
أما المحميات فيصرف شئونها ضباط بريطانيون يعينهم الحاكم البريطاني ويزاولون سلطاتهم
على السلاطين والأمراء . وهؤلاء الضباط ليسوا مسئولين عن تصرفاتهم إلا أمام الحاكم البريطاني الذي يحمل في نفس الوقت صفة الحاكم والقائد الأعلى للقوات المسلحة لكل من عدن ومحمياتها .
و - سلطنة لحج :
ونظرا للسياسة التي اتبعها السلطان علي عبدا لكريم في لحج وهي سياسة تقدمية متحررة ،
فقد بلغت السلطنة في عهده درجة لا بأس بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، وهي إحدى سلطنتين تمتعتا بدستور مدون وبإدارة منظمة . كما انفردت بوجود مجلس تشريعي
له سلطات واسعة من الهيمنة والإشراف على شئون البلاد السياسية والمالية .
ولكن حكومة المملكة المتحدة التي ارتاعت واستاءت من هذه السياسة التقدمية المتحررة التي يتبعها السلطان علي عبدا لكريم أرسلت جيشها في ابريل 1958 الى لحج واحتلتها ثم سحبت
الاعتراف به كسلطان على البلاد ومنعته من البقاء فيها أو العودة إليها .
بداية اليقظة الوطنية :
ولما كان الشعب العربي في المنطقة غير راض إطلاقا عن الحكم البريطاني فقد دأب دائما على
القيام بالثورات وشتى أعمال المقاومة المسلحة من وقت لأخر . ولم يتوقف قط عن محاولاته في إنهاء حكم المملكة المتحدة عليه وعلى بلاده كما لم يدخر وسعا في الإعراب عن رفضه للاستعمار وسعيه للقضاء عليه .
وقد أفصح الشعب عن ذلك بشتى المظاهر والصور ، من مجرد إبداء عدم التعاون ، الى المقاومة السلبية والمقاومة الايجابية . ولكن وحيث حرمت السلطات قيام منظمات سياسية
فقد اتخذت الإرادة الشعبية في كثير من المناطق شكل المقاومة المسلحة .
وأخيرا تمكنت هذه المنظمة ( رابطة الجنوب العربي ) من الظهور وتأسست طبقا للقانون في
1948 م من اجل التحرر والوحدة والاشتراكية وأعلنت بأنها تناضل من اجل وحدة المنطقة ورفع مستواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لشعبها ، كما التزمت الرابطة في دستورها بالسعي لبلوغ أهدافها بالوسائل الديمقراطية السلمية . وقد بادرت بدعوة السلطات للتعاون معها في أغراضها المشروعة .
الجزء الثاني
إعلان المطالب السياسية للشعب :
وفي مارس سنة 1954 م قامت الرابطة باعتبارها المنظمة الرئيسية الأولى ان لم تكن الوحيدة في كل المنطقة ، بإعلان المطالب السياسية التي يتمسك بها كل الشعب العربي في كل البلاد ويقرها بالإجماع وهذه المطالب هي :
1 - الإعلان بوجود دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة من عدن ومحمياتها .
2 - التأكيد بأن عدن هي جزء لا يتجزأ من الجنوب العربي لا يمكن فصلها منه أو عزلها منه
3 - الإعلان بأن جميع معاهدات الحماية ومعاهدات الاستشارة غير مشروعة ولا قانونية
وعليه فأنها جميعا باطلة مطلقا ويجب إلغاؤها وإنهاؤها .
4- ان السيادة على البلاد حق من حقوق الشعب ويجب انتقالها إليه باعتباره مصدر السلطات
5 - يجب إقامة مجلس تأسيسي منتخب من قبل الشعب انتخابا مباشرا يتولى وضع الدستور
للبلاد وتصفية الوضع السائد فيها .
6 - سيكون هناك مجلس للرؤساء وتكون الرئاسة فيه دورية بينهم .
7 - أن البترول وجميع الموارد الطبيعية الأخرى في المنطقة ملك للشعب ولا يجوز التصرف
فيها أو التنازل عنها قبل انتقال السيادة إليه ، وأي اتفاق أو امتياز يخالف ذلك لا يعتبر
مشروعا أو قانونيا ويكون عرضة للإلغاء .
مقاومة المملكة المتحدة لتلك المطالب بدلا من مساعدتها على تحقيقها :
وبدلا من مساعدة الرابطة على تحقيق أهدافها وتمكين الشعب من مراعاة الأساليب الديمقراطية الصحيحة والالتزام بها ، بادر ممثلو المملكة المتحدة بإبداء المقاومة الايجابية
للحركة السلمية التي بها الرابطة . واتخذت تلك المقاومة صورا وأشكالا شتى من مزيد من الظلم والتعسف ضد الرابطة وأعضاؤها ومناصريها الى اتخاذ القوة والعنف بتسخير القوات البوليسية والعسكرية للاعتداء على الشعب وإرهابه وقمع حركاته منتهكين بذلك انتهاكا صارخا للمبادئ الديمقراطية التي طالما تشدقت المملكة المتحدة بمراعاتها وإتباعها .
وكان الاضطهاد وسوق الأفراد الى المحاكمات ، وإخراج المواطنين من البلاد ونفيهم وتشريدهم وتحديد حرية التحرك والانتقال كانت هذه كلها هي القاعدة بالنسبة لأعضاء الرابطة وأنصارها في العواصم والمدن ، أما في المناطق القبلية فان القصف الجوي بالقنابل والصواريخ والرشاشات هي الأعمال اليومية التي يقوم بها سلاح الطيران الملكي البريطاني .
وقد انتهزت السلطات البريطانية فرصة الغياب المؤقت للأمين العام للرابطة عن عدن فأمرت بمنعه من العودة الى البلاد . وكذلك فعلت بعد شهرين حيث منعت رئيس الرابطة من العودة الى وطنه ، وكان هذا هو مصير الكثيرين من أعضاء الرابطة البارزين ومن أنصارها ومن يعطفون على حركة التحرير عموما .
ورغم أن الرابطة لم تغلق قانونا فقد حرم عليها إصدار أية صحيفة أو عقد أي اجتماع عام . أما في المحميات فان الرابطة من الناحية الفعلية ممنوعة الوجود والنشاط . وحيث أن المركز
الرئيسي للرابطة في عدن يتعرض للاضطهاد وأبعد منها كثير من قادتها فان كثيرا من أعضاؤها يزاولون نشاطهم أما سرا في الداخل أو علنا خارج البلاد .
ولكن الغريب حقا أن يجري ذلك ضد الرابطة بينما منحت المملكة المتحدة بسخاء ملحوظ حريات واسعة لعملائها ولآخرين ممن لم يرتفعوا الى مستوى التقدير الراعي للمسئولية فمكنت لهؤلاء حريات سياسية وصحفا عديدة . ولا شك في أن هدف المملكة المتحدة من ذلك هو تشويه الحقائق وإحداث بلبلة وبث الأحقاد والضغائن في صفوف الشعب ومسخ الصورة عن وحدة الشعب العربي في المنطقة وتمسكها بمطالبها الموحدة أو حجب تلك الصورة عن أنظار العالم الخارجي .
ونظرا لإطلاق المملكة المتحدة حريات واسعة للمفسدين والمخربين من عملائها وللذين غرروا بها من قليلي الخبرة والتجربة فقد زادت حالة الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار وسادت البلاد حالة من التوتر الشديد .
والعصيان المدني الذي لجأت إليه بعض القبائل المتمسكة بمبادئ الرابطة قد جلب لها سلاح الطيران الملكي البريطاني لتقصف مدنها وقراها وتحرق مزارعها وممتلكاتها وتقتل رجالها ومواشيها . ان ألوفا منها قد اضطرت الى اللجوء الى الجبال في المنطقة والى اليمن والى المملكة العربية السعودية ... وكثير منها تهيم في الصحراء وترحل من مكان الى مكان آخر بحثا عن السلام والأمان .
نماذج لفظائع حكم المملكة المتحدة في المنطقة :
( 1 ) رغم أن رخصة أي صحيفة تظل صالحة لمدة سنة واحدة فقد عطلت الإدارة في عدن
صحف : العروبة ، سبأ ، الفضول ، النهضة ، البعث ، الجنوب العربي ، الفكر وغيرها
( 2 ) أصرت سلطات عدن على عدم منح الرابطة رخصة إصدار صحيفة لها .
( 3 ) في 22 ديسمبر 1950 م عمدت السلطات الى قوة البوليس لتفريق مظاهرة سلمية
قامت بها الحركة لإبداء تظلماتها وتأكيد مطالب الشعب السياسية ، وكانت النتيجة مقتل
22 وإصابة 57 .
( 4 ) في يوليو 1952 م صرعت قوات المملكة المتحدة 12 وجرحت 223 من العمال الذين
قاموا بالإضراب احتجاجا على سؤ أحوالهم .
( 5 ) في 11 مايو 1956 م نظمت الرابطة اجتماعا عاما لإبداء المطالب الوطنية وتقديمها
للورد لويد عند قدومه الى عدن لاستطلاع أحوالها ولجأت السلطات الى العنف والقوة
لتفريق التجمع وجرح بعضهم بينما فرضت عقوبات وغرامات على قادة الرابطة .
( 6 ) وفي أثناء مظاهرة سلمية أخرى قتلت قوات البوليس الطالب قاسم هلال البالغ من العمر
14 سنة وجرحت 15 آخرين .
( 7 ) وكما أشير أعلاه أبعدت سلطات عدن كلا من رئيس الرابطة وأمينها العام وغيرهما
ومنعهم من الإقامة في بلادهم .
( 8 ) لإنهاء العصيان المدني في المناطق القبلية لجأت السلطات الى القصف الجوي وإطلاق
نيران الرشاشات على القبائل في حضرموت ، بيحان ، الضالع ، العواذل ، الفضلي ،
يافع السفلى ، يافع العليا ، العوالق السفلى ، العوالق العليا ، سيبان ، الواحدي .
( 9 ) وفي عاصمة الفضلي أطلقت سلطاتها البوليسية نيران رشاشاتها على المجتمعين
الأبرياء فقتلت 25 وجرحت 130 .
( 10 ) في 18 ديسمبر 1957 م أرسلت إدارة المملكة المتحدة للمنطقة قواتها العسكرية الى
يافع السفلى لعزل سلطانها الشاب ( محمد عيدروس ) المعروف بمناصرته لحركة
الرابطة . وقد قاوم هذا السلطان الشاب تلك المحاولة واضطر الى اللجوء الى الجبال
حيث يواصل منها مقاومته حتى ألان ضد العدوان .
( 11 ) في 18 ابريل 1958 م أرسلت الإدارة البريطانية نحو 4000 جندي الى سلطنة لحج
مزودين بالمدفعية الثقيلة والمدرعات واحتلت السلطنة . ولما ذهب سلطانها علي
عبدا لكريم الى لندن للاحتجاج على هذا التصرف غير القانوني ضده بادرت سلطات
المملكة المتحدة بسحب الاعتراف به وبمنعه من ألعوده الى بلاده ثم عينت سلطانا آخر
مكانه .
( 12 ) في 31 أكتوبر 1958 م استخدمت قوات بوليس المملكة المتحدة رشاشاتها ضد
تجمعات شعبية في عدن فقتلت 29 وجرحت 350 واعتقلت نحو 700 من المواطنين
كما أبعدت نحو 2000 من العرب الى اليمن .
( 13 ) في 24 ابريل سنة 1959 م قامت أسلحة الطيران والمدفعية البريطانية بهجوم على
العوالق العليا التي توالي قبائلها حركة الرابطة وقصفت قراها ومساكنها ودمرتها
بينما فتكت رشاشاتها بالسكان الأبرياء وقتلت المواشي والإبل وأحرقت المزارع
والمحاصيل . وقد تشرد المئات من سكانها ولجأوا الى الجبال كما ولا زالت أعمال
المقاومة الايجابية مستمرة في تلك المنطقة بقيادة زعيمها الشيخ محمد بن أبو بكر
بن فريد .
( 14 ) في 1958 م عطلت سلطات المملكة المتحدة في المكلا وأغلقت الحزب الوطني
والنادي الثقافي كما أغلقت من قبل نادي الشباب في أبين وكل فروع الرابطة في
لحج والعوالق ويافع والفضلي .
إقامة اتحاد صوري مزيف – تعميق جديد لتمزيق المنطقة :
بشرت الرابطة منذ قيامها ونادت بضرورة توحيد المنطقة عدن ومحمياتها الغربية والشرقية
وواصلت تبليغ الدعوة حتى تبلورت الفكرة واحتضنتها جماهير الشعب في كل البلاد .
وقد عمدت أجهزة المملكة المتحدة في المنطقة الى اختلاق جو يمكنها من انحراف الفكرة
وتحريفها فقامت بوضع مشروع لاتحاد فدرالي في 1954 م وما بعدها ولكن الرابطة عبأت
القوى الشعبية والوطنية لإحباط المشروع الذي وجدت فيه تزييفا لمبادئ حركتها الثورية
ولأهدافها وتمكنت هذه القوى الوطنية المتضافرة من إحباط تلك المشاريع والقضاء عليها
وعندئذ عمدت سلطات المملكة المتحدة الى إتباع وسائل العنف والقسوة لفرض مشروعها
وتحقيق غرضها في الإبقاء على وجودها وإطالته فلجأت أولا الى تصفية الرابطة وإبعاد كثير
من قادتها ثم عزل السلاطين والرؤساء والمشايخ الأحرار أمثال السلطان علي عبد الكريم العبدلي والشيخ محمد بن ابوبكر ابن فريد والأمير محمد بن عيدروس وإقصائهم عن مراكزهم
مستخدمين لذلك القوة العسكرية وتمكنت بعد ذلك من فرض مشاريعها وتنفيذها .
وقد أقامت اتحادا ركيكا هزيلا من بضعة ( الدول ) الموجودة في المحميات الغربية وأبقت عدن وسلطنات المحميات الشرقية خارج الاتحاد . وبذلك تهيأ لها الجو لعزل عدن عن الجنوب
العربي وفصلها منه تمهيدا لمنحها كيانا منفصلا معزولا مستقلا خارج نطاق وحدة المنطقة .
وكذلك الحال بالنسبة لسلطنات المحميات الشرقية وهي القعيطية والكثيرية والمهرة .
وفوق ذلك كله وكشرط سابق لقيام الاتحاد دفعت المملكة المتحدة حكومة الاتحاد الفدرالي الى التوقيع على معاهدة معها تحذر حكومة الاتحاد بالامتناع عن القيام بأية اتصالات أو مراسلات مع أية دولة أخرى أو هيئة داخل المنطقة أو خارجها بدون موافقة مسبقة من حكومة المملكة المتحدة .
الرابطة تواصل معارضتها ومقاومتها لهذا الاتحاد :
والرابطة ومعها كل الشعب العربي في المنطقة ، مقتنعة تماما بأن هذا الاتحاد أنما أقيم بسوء قصد وخبث نية لتحويل أنظار الشعب وصرفها عن مطالبه السياسية وأمانيه القومية التي تحددت في ضرورة انتقال السيادة إليه ومزاولته لها ليحقق أغراضه العربية في التحرر والوحدة .
وقد بادرت الرابطة بإعلان رفضها ومعارضتها لهذا الاتحاد لأنه :
( 1 ) محروم حرمانا كليا من مزاولة أي حق من حقوق السيادة .
( 2 ) خاضع لسيادة المملكة المتحدة خضوعا مطلقا بحكم دستوره الذي اقر كل معاهدات
الحماية ومعاهدات الاستشارة وبحكم المعاهدة الجديدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد في
لحظة ميلاده بحيث ظل الشعب العربي في كل المنطقة تحت الاستعمار البريطاني .
( 3 ) اتحاد بين السلاطين والأمراء الحكام وسلطات حكومة الاتحاد واقعة تحت تصرفهم
المطلق بينما هم أنفسهم تحت التصرف المطلق لممثلي الإدارة البريطانية .. ولم يقر
دستور الاتحاد أو يعترف أو يضمن الحقوق الديمقراطية التي يتمسك بها الشعب ويطالب
بها .
( 4 ) بموجب دستوره والمعاهدة التي أبرمتها حكومته قد خول للمملكة المتحدة مزيدا من
السلطات والصلاحيات التي تضمن لها تحقيق كل مقاصده في المنطقة ومن شعبها
العربي فيها .
( 5 ) يؤكد نية المملكة المتحدة في استبقاء عدن لنفسها كمستعمرة من ممتلكات التاج
البريطاني تتمتع بنوع من الحكم الذاتي المحلي كما أكد كذلك نية المملكة المتحدة في
تعميق تمزق المنطقة عن طريق فصل المحميات الشرقية عن الاتحاد واختلاق كيان لها
أو ( لدولها ) مستقل عن الجنوب العربي ومفصول منه .
( 6 ) المعاهدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد خول المملكة المتحدة حق تجنيد الشباب العربي
في جيشها وتسخيرهم للقتال بأجر معها وفي صفها .
( 7 ) كما خولت تلك المعاهدة للمملكة المتحدة حق اتخاذ أراضي المنطقة وموانئها وسمائها
قواعد لقواتها المسلحة البرية والبحرية والجوية وما هذه القواعد إلا منطلقات للعدوان
على كل الشعب العربي في المنطقة وفي كل مكان بل وعلى الشعوب الإفريقية والأسيوية
( 8 ) المعاهدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد مع المملكة المتحدة معاهدة مؤبدة .
الحل المطلوب – قبول المطالب السياسية :
ان الرابطة بصفتها المنظمة السياسية الوحيدة التي تمثل كل المنطقة وتسعى لتحقيق مصالح كل أبنائها في كل أقاليمها تتقدم بالمطالب السياسية التالية :
1 – حمل حكومة المملكة المتحدة على تنفيذ وتطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم
1514 (15) الصادر في 14 ديسمبر 1960 وإلزامها بتسليم السيادة ونقلها الى الشعب
العربي في المنطقة ليتمكن بعد ذلك من مزاولة حقه في تقرير المصير .
ونشير بالذات الى الفقرة (5) من ذلك القرار والتي تنص على مايأتي :
(( يجب اتخاذ الخطوات العاجلة في المناطق الموضوعة تحت الوصاية وغيرها من
المناطق غير المستقلة لنقل سلطات الحكم الى شعوب تلك المناطق بدون أية قيود
أو تحفظات وطبقا لمطلق الحرية التي يعبرون بها عن إرادتها ومشيئتها وبدون تمييز
أو تفريق بسبب العرق أو العقيدة أو اللون لتتمكن تلك الشعوب من التمتع بكامل الحرية
والاستقلال ))
2 – ضمان وحدة المنطقة (( عدن ومحمياتها الغربية والشرقية )) والحيلولة دون تجزئتها
أو تقسيمها تنفيذا لأحكام الفقرة (6) من ذلك القرار والتي تنص :
(( ان أية محاولة تستهدف التمزيق الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية أو الوحدة الإقليمية
لأي قطر من الأقطار تعتبر مناقضة لأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة )) .
ولضمان تحقيق المطالب الأساسية المذكورة أعلاه نطالب لجنة السبعة عشر عضوا
المنبثقة من الجمعية العامة للأمم المتحدة والمكلفة من قبلها لتنفيذ قرارها الذي يقضي
بمنح الاستقلال لكافة الأقطار والشعوب غير المستقلة باتخاذ ما يأتي :
1 – وضع البلاد فورا تحت إشراف هيئة دولية محايدة من الدول غير المنحازة لمدة لا تزيد
عن سنتين .
2 – إلغاء كل أوامر الإبعاد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتسهيل عودة اللاجئين
وتعويضهم عن الأضرار المادية التي لحقت بهم وبممتلكاتهم ووضعهم في المراكز التي
كانوا فيها قبل العزل أو النفي أو الإبعاد مع ضمان أمنهم وسلامتهم .
3 – إطلاق الحريات السياسية العامة وضمان الحرية الشخصية في كل أنحاء المنطقة .
4 – تسليم إدارة المنطقة لأبنائها تحت إشراف الهيئة الدولية المحايدة على أن تنحصر
مهمتها في تسيير الشئون الإدارية فقط .
5 – تقوم الهيئة الدولية المحايدة بإعداد وتحضير مجلس تأسيسي يمثل كل منطقة وينتخب
أعضاؤه من ابانئها انتخابا مباشرا ويتولى هذا المجلس استلام حقوق السيادة ومزاولتها
ووضع دستور البلاد .
وتفضلوا حضراتكم بقبول فائق الاحترام ....
محمد علي الجفري شيخان الحبشي
رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الأمين العام للحزب
أسد الشرق الخليفي
********************
نظرة إلى صفحات من تاريخنا المعاصر
***************
من كتاب الجنوب العربي في هيئة الأمم المتحدة
1963
*************
الفصل الثالث
مذكرة الرابطة
الجزء الأول
الموضوع : المطالب السياسية لشعب الجنوب العربي ( عدن ومحمياتها )
---------------------------------------
السيد السكرتير العام للأمم المتحدة
نيويورك
ان رابطة الجنوب العربي ، المنظمة السياسية التي أسست طبقا للقانون في عدن , والتي اؤتمنت على الإفصاح عن مطالب وأماني الشعب العربي في عدن ومحمياتها ( يشار الى هذه المنطقة فيما يلي هنا بالجنوب العربي ) ترجو ان تقدم الحقائق والمطالب الآتية وأن :
1 – تحيط الأمم المتحدة وكل لجانها المختصة علما بها وتضعها في سجلاتها .
2 – تتفضل لجنة السبعة عشر عضوا بالسعي لتحقيق المطالب السياسية ومراعاتها .
3 – يعترف بحق الرابطة في المثول وفي ان يصغى إليها ، لإمكان التطبيق السليم لقرار الأمم
المتحدة القاضي بمنح الاستقلال للأقطار والشعوب الغير المستقلة .
4 – يتفضل السكرتير العام بتوزيع نسخ من هذه العريضة على الجمعية العامة وعلى لجانها
المختصة ، وبالذات لجنة السبعة عشر عضوا المنبثقة عنها والمكلفة بتنفيذ ذلك القرار .
موجز عن جغرافية المنطقة :
تضم المنطقة مساحة قدرها 112000 ميلا مربعا ويقدر عدد السكان بنحو المليون كلهم من
العرب عدا بضعة ألوف يقطنون عدن من الجاليات الأسيوية والإفريقية والأوروبية .
وترتفع الأرض في الشمال الغربي المتاخم لليمن حيث تكون فيها جبالا صعبة المرتقى بينما
تنحدر تدريجيا نحو الشرق والغرب والجنوب لتكون السواحل السهلية المنبسطة .
والمهن السائدة التي يزاولها السكان هي الزراعة وصيد الأسماك والتجارة . وفي كثير من الوديان والمناطق الخصبة حيث تنتج محصولا طيبا . وكل سكان الجنوب العربي من المسلمين ومن المذهب الشافعي .
موجز تاريخ المنطقة :
ان بعضا من السلطنات الموجودة حاليا في المنطقة قد ظهرت وتماسكت في القرن الثاني عشر للميلاد ، على أن معظمها ظهرت بعد ذلك في حوالي القرن السادس عشر منه .
سلطنة لحج مثلا تأسست في 1728 ميلادية وكثير من الوحدات السياسية التي انقسمت إليها
المنطقة لا ترقى الى مستوى السلطنات أو الإمارات بل بقيت مشيخات أو قبائل تتمتع بحريات
واسعة واستقلال داخلي في شئونها الخاصة .
أما الإمبراطورية العثمانية فلم تبسط سيادتها على المنطقة إلا أجزاء صغيرة ولأجل قصير .
بداية العدوان البريطاني على المنطقة :
في سنة 1839 م استولت المملكة المتحدة على عدن واحتلتها عنوة بعد معركة دامت ثلاثة
ايام مع القوات الوطنية لسلطنة لحج . وتمكنت المملكة المتحدة في السنوات التي تلت من التوغل سياسيا وعسكريا الى داخل البلاد التي وقعت تحت مطلق سيطرتها وحكمها .
وفي السنوات 1886 م وما بعدها فرضت المملكة المتحدة معاهدات الحماية على كل من العدد الكبير من الحكام ما بين سلطان وأمير وشيخ وأوهمتهم وزعمت لهم بأنها معاهدات دولية ملزمة ولها صفة التأييد وبموجبها حرمت عليهم الاتصالات والمراسلات مع أية حكومة أو سلطة أو هيئة داخل حدودهم أو خارجها بدون موافقة مسبقة من حكومة المملكة المتحدة أو ممثليها في المنطقة .
سلاسل وأغلال من معاهدات الحماية :
وقد فرضت تلك المعاهدات على :
سلطنة المهرة ( سقطرة وقشن ) في ابريل 1886 م ومايو 1888 م
سلطنة حضرموت الساحل ( القعيطية ) في مايو 1888 م
سلطنة الواحدي ( بير علي ) في يونيو 1896
سلطنة الواحدي ( بلحاف ) في مارس 1895 م
مشيخة العلوي في 1895 م
سلطنة الحوشبي أغسطس 1895 م
الشيخ العاطفي سبتمبر 1889 م
الشيخ البرهمي سبتمبر 1889 م
سلطنة الفضلي أغسطس 1888 م
الشيخ ألعقربي يوليو 1888 م
سلطنة العوالق السفلى يونيو 1888 م
شيخ عرقه ابريل 1888 م
شيخ حورة ابريل 1888 م
سلطنة يافع السفلى أغسطس 1895 م
سلطنة العواذل 1914 م
وبعد عام 1936 م شرعت المملكة المتحدة تفرض معاهدات الاستشارة على كل من أولئك الحكام الذين باتوا مرغمين على الخضوع لما يمليه عليهم ضابط بريطاني من الأوامر والتعليمات والنصائح بدون أي اعتراض .
وبذلك فقد صادرت هذه المعاهدات ، معاهدات الحماية ومعاهدات الاستشارة حريات الشعب العربي في المنطقة مصادرة مطلقة حيث وجد الشعب نفسه تحت السيطرة الكاملة للمملكة المتحدة التي تزاول سلطاتها عن أسراها من الحكام والسلاطين والأمراء .
سياسة المملكة المتحدة في المنطقة وأهدافها :
وقد حققت تلك المعاهدات كل أهدافها التي أبرمت من اجلها :
1 - عمقت التجزئة في المنطقة وأقامت فيها نحو من 24 وحدة سياسية من سلطنات
ومشيخات ، يتبع كل منها ويخضع لمستعمرة عدن .
2 - أحالت وطورت كثيرا من رؤساء القبائل الى رؤساء دول إذ زودوا بسلطات وصلاحيات
مطلقة ضد الشعب في منطقتهم في الوقت الذي يخضعون فيه خضوعا مطلقا لسلطات
وصلاحيات المملكة المتحدة وممثليها .
3 - أوهمتهم بأن هذه المعاهدات هي معاهدات قانونية لكل الأغراض والغايات وأنها ملزمة
الى الأبد .
4 - أرغمتهم على الإذعان لكافة الأوامر والتوجيهات التي يقدمها لكل منهم ضابط سياسي
تعينه المملكة المتحدة .
هذه المعاهدات ليست قانونية ، باطلة بطلانا مطلقا :
وتعلم المملكة المتحدة كما يعلم كل رجال القانون بأن هذه المعاهدات ليست قانونية ولا ملزمة
وأنها باطله بطلانا مطلقا للأسباب التالية :
1 - أنها أبرمت بين طرفين عديمي الاختصاص والأهلية لإبرامها .
2 - انعدام أية صورة من صور التكافؤ بين الطرفين .
3 - انعدام شرط الرضا والاختيار فيها فقد أبرمت عن طريق الغش والرشوة والتهديد
العسكري .
4 - لم تحدد تلك المعاهدات أجلا لنفاذها ولا نهاية لمدتها .
5 - مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولمبادئ حقوق الإنسان .
وان اقل ما يؤكد بطلان تلك المعاهدات هو زعمها في وقت من الأوقات أن لها الحق في مصادرة حريات الشعب العربي في المنطقة مصادرة أبدية لا نهاية لها و لا اجل في الوقت
الذي لا يمكن إخضاع تلك الحريات للمصادرة ولا الإسقاط في أي وقت من الأوقات .
خيانة الأمانة من قبل الوصي الذي فرض بنفسه الوصاية على المنطقة :
وبصرف النظر عن هذه المعاهدات وبطلانها فان المملكة المتحدة التي اختارت لنفسها وبنفسها الوصاية على الشعب العربي في المنطقة وأعلنت التزامها بحماية مصالحه وصيانة حقوقه ، هذه المملكة قد ارتكبت سلسلة من أعمال الخيانة الجسيمة تتراوح بين مجرد الإهمال السلبي المؤدي الى القتل والوفاة والعدوان الايجابي ، الى أعمال القتل الجماعي التي تبلغ في معظم الأحيان درجة إبادة الجنس – كما سيأتي فيما يلي :
أ – منجزات المملكة المتحدة في المنطقة :
ان قرنا ونيفا من إدارة المملكة المتحدة للمنطقة لم ينجز سوى الفقر والجهل والمرض . وكانت الفوضى والاضطرابات واختلال الأمن هي السمات الغالبة في حياة الشعب . وقد ساد البلاد فوضى مزمنة كما شاعت فيها حالة كتلك التي تسود البلاد المتحاربة .
ان تمزيق البلاد وتقطيع أوصالها الى ما يزيد عن 24 ( دولة ) وما نجم عن ذلك من تعدد الحكومات وتكاثر الحدود والفواصل والجمارك والضرائب وتعدد القوميات القبلية والإقليمية
كل هذه قد أعاقت النمو الطبيعي لشعب المنطقة وحالت دون تطوره في طريق التقدم .
ففيما عدا سلطنة أو سلطنتين لا تعرف المنطقة شيئا عن أي تشريع مكتوب كما لا يعرف عن أي قانون للعقوبات وبذلك يتعرض الفرد دوما للمحاكمة والإدانة والعقوبات والاضطهاد دون سبب سوى هوى الإدارة .
ولم يشهد عالم اليوم قط منطقة بهذا الصغر من المساحة وبهذه القلة من السكان ، مع هذه الكثرة من ( رؤساء الدول ) كما يشهدها في تلك المنطقة التعسة ( عدن ومحمياتها ) .
ب – تناقص عدد السكان :
وقد تخلت الإدارة عن شئون الصحة العامة وتركتها للطبيعة بدون أي تدخل من قبلها ولذلك فقد تعددت حالات المجاعة وانتشار الأوبئة والأمراض وكانت هذه كلها قد رفعت نسبة الوفيات بين السكان . أما الجهل والمرض وسيادة الفوضى والاضطرابات في البلاد فقد دفعت جماعات
كبيرة من السكان وساقتهم الى مغادرة بلادهم حفاظا على حرياتهم وإبقاء لحياتهم وحرصا على أمنهم وسلامهم .
وما تبقى في البلاد وهم حوالي المليون فمعظمهم زوجات مهجورات وأرامل بلا عائل ومن المشوهين والعجزة والأطفال والعاطلين . وهناك نسبة كبيرة من السكان غادروا بلادهم والتجأوا أما الى الجبال أو الهجرة الى اندونيسيا والمملكة العربية السعودية وسواحل شرق إفريقيا .
ج – الحالة الثقافية :
وفيما عدا سلطنة أو سلطنتين ، فلم تعرف المنطقة أو تشهد مدارس رسمية . ولذلك فأن
99% من السكان لم يلتحقوا بالمدارس الرسمية . وبالأحرى فليست هناك في ( المحميات )
أية مدارس ثانوية . والمدرسة التي أقامتها المملكة المتحدة في عدن حديثا لا يتخرج منها سوى أنفار من أبناء البلاد . وقد أخفقت إدارة المملكة المتحدة للبلاد في ان تنجب من أبنائها حتى عام 1956 م طبيبا أو مهندسا أو صيدليا عربيا واحدا .
وقد عمدت المملكة المتحدة أخيرا الى تخصيص عدد من المنح الدراسية لأبناء المنطقة ولكن رابطة الجنوب قد خصصت في السنوات الست الأخيرة ما يقرب من 60 منحة دراسية في معدلها السنوي .
وقد رفضت الإدارة الترخيص لهذه الرابطة بإقامة مدرسة ثانوية في عدن ، كما رفضت من قبل منح تأشيرة مرور لمدرسين عرب أعارتهم بعض الحكومات العربية لإحدى المدارس الخاصة في إحدى الإمارات .
د – الحالة الاجتماعية :
وفيما عدا عدن حيث يسكنها كثير من الأوروبيين ، فلا يوجد في المحميات مستشفى واحد في المستوى المناسب . وهناك ممرضة مؤهلة واحدة موجودة في المحميات ومكلفة بخدمة كل سكانها . كما أن هناك نحو ثلاثة مستوصفات مزودة تزويدا رديئا . ودور الأمومة ومؤسسات
رعاية الطفل غير معروفة في المحميات .
والتقديرات التقريبية لإيراد الفرد هي شلن في الشهر .
أما الخدمات العامة والمرافق البلدية كالكهرباء والماء ودور السينما فلا أثر لها إطلاقا في الإمارات عدا سلطنة أو سلطنتين .
ه – الحالة السياسية :
وكما أسلفنا القول كانت البلاد تسودها دوما حالة من الاضطراب واختلال الأمن والفوضى المزمنة بحيث يتعذر إحراز أي تقدم في شئونها العامة . وقد صادرت السلطات كل صورة
من صور حرية الرأي والاجتماع والانتقال بينما أطلقت مجالا واسعا لحرية التخريب والهدم
ضد دعاة حركة التحرير . فبينما لا توجد في المحميات أية أحزاب سياسية ازدحمت عدن بعدد
كبير جدا من الأحزاب السياسية وكثرتها من المشايعين للسلطات ولسياستها .
ان كل سلطان مهدد بالعزل والإقالة من قبل المملكة المتحدة التي درجت على إعداد سلطان احتياطي تتخذه أداة للضغط والتهديد على السلطان الفعلي وحمله على الإذعان لما تصدره
إليه من الأوامر والتعليمات .
والمملكة المتحدة حريصة على حفظ سلطتها وهيبتها وتعمد لذلك الى سلاح الطيران الملكي الذي يزاول عمليات القصف الجوي بصورة مستمرة وباضطراد . وقد اعترف المستر ليونكس
بويد بهذه الحقيقة عندما أعلن في مجلس العموم البريطاني دفاعا عن سياسة حكومته في عدن بأن ( القصف الجوي هو الوسيلة الوحيدة للمحافظة على السلطة والنظام في المنطقة محافظة صحيحة ) .
وفي عدن مجلس تشريعي صوري حيث أن قراراته استشاريه محضة وفوق ذلك فإنها عرضة
للرفض من قبل الحاكم البريطاني . وكثرة من أعضائه معينون أو أعضاء بحكم مراكزهم التنفيذية .
أما المحميات فيصرف شئونها ضباط بريطانيون يعينهم الحاكم البريطاني ويزاولون سلطاتهم
على السلاطين والأمراء . وهؤلاء الضباط ليسوا مسئولين عن تصرفاتهم إلا أمام الحاكم البريطاني الذي يحمل في نفس الوقت صفة الحاكم والقائد الأعلى للقوات المسلحة لكل من عدن ومحمياتها .
و - سلطنة لحج :
ونظرا للسياسة التي اتبعها السلطان علي عبدا لكريم في لحج وهي سياسة تقدمية متحررة ،
فقد بلغت السلطنة في عهده درجة لا بأس بها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، وهي إحدى سلطنتين تمتعتا بدستور مدون وبإدارة منظمة . كما انفردت بوجود مجلس تشريعي
له سلطات واسعة من الهيمنة والإشراف على شئون البلاد السياسية والمالية .
ولكن حكومة المملكة المتحدة التي ارتاعت واستاءت من هذه السياسة التقدمية المتحررة التي يتبعها السلطان علي عبدا لكريم أرسلت جيشها في ابريل 1958 الى لحج واحتلتها ثم سحبت
الاعتراف به كسلطان على البلاد ومنعته من البقاء فيها أو العودة إليها .
بداية اليقظة الوطنية :
ولما كان الشعب العربي في المنطقة غير راض إطلاقا عن الحكم البريطاني فقد دأب دائما على
القيام بالثورات وشتى أعمال المقاومة المسلحة من وقت لأخر . ولم يتوقف قط عن محاولاته في إنهاء حكم المملكة المتحدة عليه وعلى بلاده كما لم يدخر وسعا في الإعراب عن رفضه للاستعمار وسعيه للقضاء عليه .
وقد أفصح الشعب عن ذلك بشتى المظاهر والصور ، من مجرد إبداء عدم التعاون ، الى المقاومة السلبية والمقاومة الايجابية . ولكن وحيث حرمت السلطات قيام منظمات سياسية
فقد اتخذت الإرادة الشعبية في كثير من المناطق شكل المقاومة المسلحة .
وأخيرا تمكنت هذه المنظمة ( رابطة الجنوب العربي ) من الظهور وتأسست طبقا للقانون في
1948 م من اجل التحرر والوحدة والاشتراكية وأعلنت بأنها تناضل من اجل وحدة المنطقة ورفع مستواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لشعبها ، كما التزمت الرابطة في دستورها بالسعي لبلوغ أهدافها بالوسائل الديمقراطية السلمية . وقد بادرت بدعوة السلطات للتعاون معها في أغراضها المشروعة .
الجزء الثاني
إعلان المطالب السياسية للشعب :
وفي مارس سنة 1954 م قامت الرابطة باعتبارها المنظمة الرئيسية الأولى ان لم تكن الوحيدة في كل المنطقة ، بإعلان المطالب السياسية التي يتمسك بها كل الشعب العربي في كل البلاد ويقرها بالإجماع وهذه المطالب هي :
1 - الإعلان بوجود دولة اتحادية مستقلة ذات سيادة من عدن ومحمياتها .
2 - التأكيد بأن عدن هي جزء لا يتجزأ من الجنوب العربي لا يمكن فصلها منه أو عزلها منه
3 - الإعلان بأن جميع معاهدات الحماية ومعاهدات الاستشارة غير مشروعة ولا قانونية
وعليه فأنها جميعا باطلة مطلقا ويجب إلغاؤها وإنهاؤها .
4- ان السيادة على البلاد حق من حقوق الشعب ويجب انتقالها إليه باعتباره مصدر السلطات
5 - يجب إقامة مجلس تأسيسي منتخب من قبل الشعب انتخابا مباشرا يتولى وضع الدستور
للبلاد وتصفية الوضع السائد فيها .
6 - سيكون هناك مجلس للرؤساء وتكون الرئاسة فيه دورية بينهم .
7 - أن البترول وجميع الموارد الطبيعية الأخرى في المنطقة ملك للشعب ولا يجوز التصرف
فيها أو التنازل عنها قبل انتقال السيادة إليه ، وأي اتفاق أو امتياز يخالف ذلك لا يعتبر
مشروعا أو قانونيا ويكون عرضة للإلغاء .
مقاومة المملكة المتحدة لتلك المطالب بدلا من مساعدتها على تحقيقها :
وبدلا من مساعدة الرابطة على تحقيق أهدافها وتمكين الشعب من مراعاة الأساليب الديمقراطية الصحيحة والالتزام بها ، بادر ممثلو المملكة المتحدة بإبداء المقاومة الايجابية
للحركة السلمية التي بها الرابطة . واتخذت تلك المقاومة صورا وأشكالا شتى من مزيد من الظلم والتعسف ضد الرابطة وأعضاؤها ومناصريها الى اتخاذ القوة والعنف بتسخير القوات البوليسية والعسكرية للاعتداء على الشعب وإرهابه وقمع حركاته منتهكين بذلك انتهاكا صارخا للمبادئ الديمقراطية التي طالما تشدقت المملكة المتحدة بمراعاتها وإتباعها .
وكان الاضطهاد وسوق الأفراد الى المحاكمات ، وإخراج المواطنين من البلاد ونفيهم وتشريدهم وتحديد حرية التحرك والانتقال كانت هذه كلها هي القاعدة بالنسبة لأعضاء الرابطة وأنصارها في العواصم والمدن ، أما في المناطق القبلية فان القصف الجوي بالقنابل والصواريخ والرشاشات هي الأعمال اليومية التي يقوم بها سلاح الطيران الملكي البريطاني .
وقد انتهزت السلطات البريطانية فرصة الغياب المؤقت للأمين العام للرابطة عن عدن فأمرت بمنعه من العودة الى البلاد . وكذلك فعلت بعد شهرين حيث منعت رئيس الرابطة من العودة الى وطنه ، وكان هذا هو مصير الكثيرين من أعضاء الرابطة البارزين ومن أنصارها ومن يعطفون على حركة التحرير عموما .
ورغم أن الرابطة لم تغلق قانونا فقد حرم عليها إصدار أية صحيفة أو عقد أي اجتماع عام . أما في المحميات فان الرابطة من الناحية الفعلية ممنوعة الوجود والنشاط . وحيث أن المركز
الرئيسي للرابطة في عدن يتعرض للاضطهاد وأبعد منها كثير من قادتها فان كثيرا من أعضاؤها يزاولون نشاطهم أما سرا في الداخل أو علنا خارج البلاد .
ولكن الغريب حقا أن يجري ذلك ضد الرابطة بينما منحت المملكة المتحدة بسخاء ملحوظ حريات واسعة لعملائها ولآخرين ممن لم يرتفعوا الى مستوى التقدير الراعي للمسئولية فمكنت لهؤلاء حريات سياسية وصحفا عديدة . ولا شك في أن هدف المملكة المتحدة من ذلك هو تشويه الحقائق وإحداث بلبلة وبث الأحقاد والضغائن في صفوف الشعب ومسخ الصورة عن وحدة الشعب العربي في المنطقة وتمسكها بمطالبها الموحدة أو حجب تلك الصورة عن أنظار العالم الخارجي .
ونظرا لإطلاق المملكة المتحدة حريات واسعة للمفسدين والمخربين من عملائها وللذين غرروا بها من قليلي الخبرة والتجربة فقد زادت حالة الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار وسادت البلاد حالة من التوتر الشديد .
والعصيان المدني الذي لجأت إليه بعض القبائل المتمسكة بمبادئ الرابطة قد جلب لها سلاح الطيران الملكي البريطاني لتقصف مدنها وقراها وتحرق مزارعها وممتلكاتها وتقتل رجالها ومواشيها . ان ألوفا منها قد اضطرت الى اللجوء الى الجبال في المنطقة والى اليمن والى المملكة العربية السعودية ... وكثير منها تهيم في الصحراء وترحل من مكان الى مكان آخر بحثا عن السلام والأمان .
نماذج لفظائع حكم المملكة المتحدة في المنطقة :
( 1 ) رغم أن رخصة أي صحيفة تظل صالحة لمدة سنة واحدة فقد عطلت الإدارة في عدن
صحف : العروبة ، سبأ ، الفضول ، النهضة ، البعث ، الجنوب العربي ، الفكر وغيرها
( 2 ) أصرت سلطات عدن على عدم منح الرابطة رخصة إصدار صحيفة لها .
( 3 ) في 22 ديسمبر 1950 م عمدت السلطات الى قوة البوليس لتفريق مظاهرة سلمية
قامت بها الحركة لإبداء تظلماتها وتأكيد مطالب الشعب السياسية ، وكانت النتيجة مقتل
22 وإصابة 57 .
( 4 ) في يوليو 1952 م صرعت قوات المملكة المتحدة 12 وجرحت 223 من العمال الذين
قاموا بالإضراب احتجاجا على سؤ أحوالهم .
( 5 ) في 11 مايو 1956 م نظمت الرابطة اجتماعا عاما لإبداء المطالب الوطنية وتقديمها
للورد لويد عند قدومه الى عدن لاستطلاع أحوالها ولجأت السلطات الى العنف والقوة
لتفريق التجمع وجرح بعضهم بينما فرضت عقوبات وغرامات على قادة الرابطة .
( 6 ) وفي أثناء مظاهرة سلمية أخرى قتلت قوات البوليس الطالب قاسم هلال البالغ من العمر
14 سنة وجرحت 15 آخرين .
( 7 ) وكما أشير أعلاه أبعدت سلطات عدن كلا من رئيس الرابطة وأمينها العام وغيرهما
ومنعهم من الإقامة في بلادهم .
( 8 ) لإنهاء العصيان المدني في المناطق القبلية لجأت السلطات الى القصف الجوي وإطلاق
نيران الرشاشات على القبائل في حضرموت ، بيحان ، الضالع ، العواذل ، الفضلي ،
يافع السفلى ، يافع العليا ، العوالق السفلى ، العوالق العليا ، سيبان ، الواحدي .
( 9 ) وفي عاصمة الفضلي أطلقت سلطاتها البوليسية نيران رشاشاتها على المجتمعين
الأبرياء فقتلت 25 وجرحت 130 .
( 10 ) في 18 ديسمبر 1957 م أرسلت إدارة المملكة المتحدة للمنطقة قواتها العسكرية الى
يافع السفلى لعزل سلطانها الشاب ( محمد عيدروس ) المعروف بمناصرته لحركة
الرابطة . وقد قاوم هذا السلطان الشاب تلك المحاولة واضطر الى اللجوء الى الجبال
حيث يواصل منها مقاومته حتى ألان ضد العدوان .
( 11 ) في 18 ابريل 1958 م أرسلت الإدارة البريطانية نحو 4000 جندي الى سلطنة لحج
مزودين بالمدفعية الثقيلة والمدرعات واحتلت السلطنة . ولما ذهب سلطانها علي
عبدا لكريم الى لندن للاحتجاج على هذا التصرف غير القانوني ضده بادرت سلطات
المملكة المتحدة بسحب الاعتراف به وبمنعه من ألعوده الى بلاده ثم عينت سلطانا آخر
مكانه .
( 12 ) في 31 أكتوبر 1958 م استخدمت قوات بوليس المملكة المتحدة رشاشاتها ضد
تجمعات شعبية في عدن فقتلت 29 وجرحت 350 واعتقلت نحو 700 من المواطنين
كما أبعدت نحو 2000 من العرب الى اليمن .
( 13 ) في 24 ابريل سنة 1959 م قامت أسلحة الطيران والمدفعية البريطانية بهجوم على
العوالق العليا التي توالي قبائلها حركة الرابطة وقصفت قراها ومساكنها ودمرتها
بينما فتكت رشاشاتها بالسكان الأبرياء وقتلت المواشي والإبل وأحرقت المزارع
والمحاصيل . وقد تشرد المئات من سكانها ولجأوا الى الجبال كما ولا زالت أعمال
المقاومة الايجابية مستمرة في تلك المنطقة بقيادة زعيمها الشيخ محمد بن أبو بكر
بن فريد .
( 14 ) في 1958 م عطلت سلطات المملكة المتحدة في المكلا وأغلقت الحزب الوطني
والنادي الثقافي كما أغلقت من قبل نادي الشباب في أبين وكل فروع الرابطة في
لحج والعوالق ويافع والفضلي .
إقامة اتحاد صوري مزيف – تعميق جديد لتمزيق المنطقة :
بشرت الرابطة منذ قيامها ونادت بضرورة توحيد المنطقة عدن ومحمياتها الغربية والشرقية
وواصلت تبليغ الدعوة حتى تبلورت الفكرة واحتضنتها جماهير الشعب في كل البلاد .
وقد عمدت أجهزة المملكة المتحدة في المنطقة الى اختلاق جو يمكنها من انحراف الفكرة
وتحريفها فقامت بوضع مشروع لاتحاد فدرالي في 1954 م وما بعدها ولكن الرابطة عبأت
القوى الشعبية والوطنية لإحباط المشروع الذي وجدت فيه تزييفا لمبادئ حركتها الثورية
ولأهدافها وتمكنت هذه القوى الوطنية المتضافرة من إحباط تلك المشاريع والقضاء عليها
وعندئذ عمدت سلطات المملكة المتحدة الى إتباع وسائل العنف والقسوة لفرض مشروعها
وتحقيق غرضها في الإبقاء على وجودها وإطالته فلجأت أولا الى تصفية الرابطة وإبعاد كثير
من قادتها ثم عزل السلاطين والرؤساء والمشايخ الأحرار أمثال السلطان علي عبد الكريم العبدلي والشيخ محمد بن ابوبكر ابن فريد والأمير محمد بن عيدروس وإقصائهم عن مراكزهم
مستخدمين لذلك القوة العسكرية وتمكنت بعد ذلك من فرض مشاريعها وتنفيذها .
وقد أقامت اتحادا ركيكا هزيلا من بضعة ( الدول ) الموجودة في المحميات الغربية وأبقت عدن وسلطنات المحميات الشرقية خارج الاتحاد . وبذلك تهيأ لها الجو لعزل عدن عن الجنوب
العربي وفصلها منه تمهيدا لمنحها كيانا منفصلا معزولا مستقلا خارج نطاق وحدة المنطقة .
وكذلك الحال بالنسبة لسلطنات المحميات الشرقية وهي القعيطية والكثيرية والمهرة .
وفوق ذلك كله وكشرط سابق لقيام الاتحاد دفعت المملكة المتحدة حكومة الاتحاد الفدرالي الى التوقيع على معاهدة معها تحذر حكومة الاتحاد بالامتناع عن القيام بأية اتصالات أو مراسلات مع أية دولة أخرى أو هيئة داخل المنطقة أو خارجها بدون موافقة مسبقة من حكومة المملكة المتحدة .
الرابطة تواصل معارضتها ومقاومتها لهذا الاتحاد :
والرابطة ومعها كل الشعب العربي في المنطقة ، مقتنعة تماما بأن هذا الاتحاد أنما أقيم بسوء قصد وخبث نية لتحويل أنظار الشعب وصرفها عن مطالبه السياسية وأمانيه القومية التي تحددت في ضرورة انتقال السيادة إليه ومزاولته لها ليحقق أغراضه العربية في التحرر والوحدة .
وقد بادرت الرابطة بإعلان رفضها ومعارضتها لهذا الاتحاد لأنه :
( 1 ) محروم حرمانا كليا من مزاولة أي حق من حقوق السيادة .
( 2 ) خاضع لسيادة المملكة المتحدة خضوعا مطلقا بحكم دستوره الذي اقر كل معاهدات
الحماية ومعاهدات الاستشارة وبحكم المعاهدة الجديدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد في
لحظة ميلاده بحيث ظل الشعب العربي في كل المنطقة تحت الاستعمار البريطاني .
( 3 ) اتحاد بين السلاطين والأمراء الحكام وسلطات حكومة الاتحاد واقعة تحت تصرفهم
المطلق بينما هم أنفسهم تحت التصرف المطلق لممثلي الإدارة البريطانية .. ولم يقر
دستور الاتحاد أو يعترف أو يضمن الحقوق الديمقراطية التي يتمسك بها الشعب ويطالب
بها .
( 4 ) بموجب دستوره والمعاهدة التي أبرمتها حكومته قد خول للمملكة المتحدة مزيدا من
السلطات والصلاحيات التي تضمن لها تحقيق كل مقاصده في المنطقة ومن شعبها
العربي فيها .
( 5 ) يؤكد نية المملكة المتحدة في استبقاء عدن لنفسها كمستعمرة من ممتلكات التاج
البريطاني تتمتع بنوع من الحكم الذاتي المحلي كما أكد كذلك نية المملكة المتحدة في
تعميق تمزق المنطقة عن طريق فصل المحميات الشرقية عن الاتحاد واختلاق كيان لها
أو ( لدولها ) مستقل عن الجنوب العربي ومفصول منه .
( 6 ) المعاهدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد خول المملكة المتحدة حق تجنيد الشباب العربي
في جيشها وتسخيرهم للقتال بأجر معها وفي صفها .
( 7 ) كما خولت تلك المعاهدة للمملكة المتحدة حق اتخاذ أراضي المنطقة وموانئها وسمائها
قواعد لقواتها المسلحة البرية والبحرية والجوية وما هذه القواعد إلا منطلقات للعدوان
على كل الشعب العربي في المنطقة وفي كل مكان بل وعلى الشعوب الإفريقية والأسيوية
( 8 ) المعاهدة التي أبرمتها حكومة الاتحاد مع المملكة المتحدة معاهدة مؤبدة .
الحل المطلوب – قبول المطالب السياسية :
ان الرابطة بصفتها المنظمة السياسية الوحيدة التي تمثل كل المنطقة وتسعى لتحقيق مصالح كل أبنائها في كل أقاليمها تتقدم بالمطالب السياسية التالية :
1 – حمل حكومة المملكة المتحدة على تنفيذ وتطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم
1514 (15) الصادر في 14 ديسمبر 1960 وإلزامها بتسليم السيادة ونقلها الى الشعب
العربي في المنطقة ليتمكن بعد ذلك من مزاولة حقه في تقرير المصير .
ونشير بالذات الى الفقرة (5) من ذلك القرار والتي تنص على مايأتي :
(( يجب اتخاذ الخطوات العاجلة في المناطق الموضوعة تحت الوصاية وغيرها من
المناطق غير المستقلة لنقل سلطات الحكم الى شعوب تلك المناطق بدون أية قيود
أو تحفظات وطبقا لمطلق الحرية التي يعبرون بها عن إرادتها ومشيئتها وبدون تمييز
أو تفريق بسبب العرق أو العقيدة أو اللون لتتمكن تلك الشعوب من التمتع بكامل الحرية
والاستقلال ))
2 – ضمان وحدة المنطقة (( عدن ومحمياتها الغربية والشرقية )) والحيلولة دون تجزئتها
أو تقسيمها تنفيذا لأحكام الفقرة (6) من ذلك القرار والتي تنص :
(( ان أية محاولة تستهدف التمزيق الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية أو الوحدة الإقليمية
لأي قطر من الأقطار تعتبر مناقضة لأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة )) .
ولضمان تحقيق المطالب الأساسية المذكورة أعلاه نطالب لجنة السبعة عشر عضوا
المنبثقة من الجمعية العامة للأمم المتحدة والمكلفة من قبلها لتنفيذ قرارها الذي يقضي
بمنح الاستقلال لكافة الأقطار والشعوب غير المستقلة باتخاذ ما يأتي :
1 – وضع البلاد فورا تحت إشراف هيئة دولية محايدة من الدول غير المنحازة لمدة لا تزيد
عن سنتين .
2 – إلغاء كل أوامر الإبعاد وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتسهيل عودة اللاجئين
وتعويضهم عن الأضرار المادية التي لحقت بهم وبممتلكاتهم ووضعهم في المراكز التي
كانوا فيها قبل العزل أو النفي أو الإبعاد مع ضمان أمنهم وسلامتهم .
3 – إطلاق الحريات السياسية العامة وضمان الحرية الشخصية في كل أنحاء المنطقة .
4 – تسليم إدارة المنطقة لأبنائها تحت إشراف الهيئة الدولية المحايدة على أن تنحصر
مهمتها في تسيير الشئون الإدارية فقط .
5 – تقوم الهيئة الدولية المحايدة بإعداد وتحضير مجلس تأسيسي يمثل كل منطقة وينتخب
أعضاؤه من ابانئها انتخابا مباشرا ويتولى هذا المجلس استلام حقوق السيادة ومزاولتها
ووضع دستور البلاد .
وتفضلوا حضراتكم بقبول فائق الاحترام ....
محمد علي الجفري شيخان الحبشي
رئيس حزب رابطة الجنوب العربي الأمين العام للحزب