المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاولة لفهم حقيقة الموقف السعودي من الوحدة اليمنية ومشروع انفصال الجنوب


mohammed najeeb
2010-01-16, 11:21 PM
"أحلامهم أوامر"، بهاتين الكلمتين أجاب علي سياسي يمني ردا على سؤالي له عن المقابل السياسي الذي يقدمه الرئيس علي عبد الله صالح للسعوديين مقابل موقفهم العلني الساعي لإنقاذ نظامه من السقوط. وتساءل السياسي اليمني قائلا: إذا كان صالح نفسه هو صنيعتهم في اليمن فلماذا لا يعملوا على إنقاذه؟ ألم يقدم لهم أكبر تنازل طالما حلموا به وهو ترسيم الحدود على حساب الحقوق التاريخية لليمن؟ ألم يخدم استراتيجيتهم في اليمن على مدى ثلاثة عقود متواصلة، بوعي منه وبدون وعي؟! فما الغريب أن يدعمه السعوديون؟

الغريب في الأمر هو أن السعوديين سبق لهم أن وقفوا مع الانفصال ضد الوحدة، عام 1994، وموقفهم الجديد يثير التساؤلات لأسباب كثيرة، ليس لأن الموقف الجديد يأتي بعد خضوع الرئيس علي عبدالله صالح لشروطهم في ترسيم الحدود، فقط بل لأنه يأتي في خضم محاولات من جانب صالح لابتزازهم ماديا لدعم حكمه عن طريق تهديدهم ضمنيا بالخطر الإيراني الباحث عن موطئ قدم في الحديقة الخلفية للسعودية، وعن طريق ابتزازهم بـ"القاعدة" وبالمعارضين السعوديين.

ولهذا فإن الموقف المعلن للمملكة العربية السعودية تجاه التطورات الأخيرة في اليمن عقب تصاعد الحراك الانفصالي الساعي لاستعادة دولة الجنوب، يشير علنا إلى دعم وحدة واستقرار اليمن مع دعوة الأطراف المتنازعة إلى اللجوء للحوار وإصلاح الأخطاء تحت سقف الوحدة، أو بتعبير آخر أكثر وضوحا، " دعم السلطة القائمة في صنعاء التي ترفع شعار الوحدة وتمارس الانفصال والإقصاء في أبشع صورهما، مع محاولة حانية لإقناع سلطة صالح بالتخلي قليلا عن هذه الممارسات".

هذا الموقف تبناه مؤخرا الإعلام السعودي، وشدد عليه على شكل حملة شارك فيها كثير من الكتاب السعوديين باستثناء الكاتب البارز الذي يحترم عقول قرائه الأستاذ الكبير عبد الرحمن الراشد مدير عام قناة العربية رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط سابقا الذي يبدو أنه يدرك أن الدفاع عن الوحدة اليمنية ليس سوى ستار للدفاع عن كرسي الرئيس علي عبد الله صالح الذي لم يضحي من أجل وحدة بلاده بأي شيء ومن غير المعقول أن يضحي بكرسي الرئاسة من أجل هذه الوحدة، رغم علمه باستحالة قبول الجنوبيين به. ولهذا آثر عبد الرحمن الراشد على ما يبدو أن ينأى بنفسه من التطبيل لوحدة يدمرها رئيس غير وحدوي، وطاغية صغير قاد بلده من فشل إلى فشل طوال 31 عاما.

وبما أنه من الصعب على كاتب في مكانة الراشد أن يخالف رأي دولته المعلن الداعم لهذا الطاغية، فإن الأكثر صعوبة عليه هو مخالفته لضميره، أو مخالفة ما سبق أن تبنته صحيفة الشرق الأوسط في عهده وهو استحالة فرض الوحدة بقوة السلاح، ووجوب احترام حق أي شعب من الشعوب في تقرير مصيره، وظهر ذلك واضحا أثناء الحرب اليمنية في صيف 1994. ولهذا فإن صمت الراشد حاليا عن التطرق للقضية اليمنية كان أكثر بلاغة مما كتبه جميع الصحفيين السعوديين ويستحق عليه احترام وتقدير جميع قرائه.

وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ما كتبه الزملاء السعوديون في صحافة بلادهم عن القضية اليمنية، فإن الإعلام اليمني الحكومي احتفى بتلك الكتابات واستشهد بها بل وأعاد نشرها في صحف الحزب الحاكم، وكأن رئيس البلاد حقق انتصارا كبيرا يفوق انتصاره في حرب 1994 على خصمه الانفصالي الوحدوي علي سالم البيض. وفي ذات الوقت ظهرت كتابات يمنية تشكك في حقيقة الموقف السعودي، استنادا إلى نظرية المؤامرة السائدة في عالمنا العربي. وتزعم هذه الكتابات أن الدعم العلني للوحدة اليمنية لا يعني سوى دعم خفي أكثر ثقلا لانفصال الجنوب. أي أننا أمام تفسيرين للموقف السعودي، أحدهما يسلم بما أعلنته السعودية نفسها، بما يسنده من دلائل قوية على دعمها لنظام علي صالح، والتفسير الثاني، يحاول أن يقرأ ما بين السطور وينقل عن السعوديين ما لم يقولوه

الرأي العام
2010-01-16, 11:36 PM
اخي نجيب ، مقالك الرائع والراقي فيه الكثير من الواقعية ، والواقعية مبعثها من أن الدول دائما تبني مواقفها وحساباتها وفقا للمصالح ، ولا يمكن أن نتصور ان موقف السعودية الداعم لوحدة اليمن ونظامة إلا لحسابات المصلحة في الوقت الراهن .
ولذلك ، إذا ما استجدت أوضاع أخرى وتغيرت الحسابات ، فلا نستغرب ان يتغبير الموقف السعودي راسا على عقب .
وبهذا كما يقولون ، لا صداقة دائمة ،، ولا عداوة دائمة ، ولكن هناك مصالح دائمة .
وقس على ذلك في العلاقات الدولية بين دول المجتمع الدولي كله .
ولكن التحليل الذي أتى به الآخرون كما سميته قراءة ما بين السطور ، لا يستبعد أيضا ،،
لان هناك تعاطي آني مع الظروف والآوضاع الراهنة وهناك استراتيجيات بعيدة المدى ،
والسعودية واليمن لهما في التاريخ تجارب عديدة توكد هذه النظرية .
السؤال ، الكاتب محمد نجيب ، لماذا لا نراه هنا بيننا ، كما هو الحال هذه الليلة حتى ننهل من قلمه الغزير بالمعرفة .
تحيتي