المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحقيقة الغائبة في الذكرى الثانية والأربعون لاستقلال الجنوب العربي:


نورس الجنوب
2009-12-01, 01:34 AM
الحقيقة الغائبة في الذكرى الثانية والأربعون لاستقلال الجنوب العربي:
*المهندس علي نعمان المصفري
عندما تقع الشعوب الحية تحت الاحتلال والاستغلال تنهض بذاتها دونما استئذان من المحتل والأنعتاق من ربق الاستعمار, وعليه لزاما أن يتناسب الاستقلال في أهدافه مع الارتقاء إلى مستوى التحديات عشية الاستقلال وفق أرادة الجماهير ووسط تجانس تام مع الوسط العربي.
كان من وراء الاستقلال في نوفمبر 1967 أتباع النهج الواضح في انتقال الجنوب العربي إلى مستوى أفضل من ما كان عليه حيث احتل الجنوب من خلال ميناء عدن ثاني أهم ميناء في العالم بعد نيويورك, وسيطر على الرابط الأساسي للاقتصاد العالمي وسط ذهول واندهاش المحيط العربي عندما كان يحلم الآخرون في مغازلة شعوبهم بوعد الوصول إلى مستوى عدن, وهو ما ورد على سبيل المثال في حديث حاكم دبي, لأبناء أمارته في يوم من الأيام.
أين عدن الأمس وأين دبي اليوم؟؟
كان الافتراض, أن يذهبوا به إلى تعزيز وحدته وهويتة الجنوبية العربية وتعميقها وتطوير الدولة المؤسساتية ليخطو نحو آفاق التطور ويحتفظ بثروتة الطبيعية والجغرافية وفكرة الإنساني الحضاري الغزير بدل من هجرة عقولة وتدمير دولتة بالطريقة التي خلصت في نتائجها ما يسمى اليوم بالوحدة. والتي فيها غادر الجنوب الاستقلال إلى الاستغلال.
لكن الغريب في الأمر, حولوا أهداف الثورة لأن تكون في تضاد مع أرادة شعب الجنوب, وسرقوا هويتة وجعلوا منه حصان طروادة يستثمرون منه ولا يزرعون فيه, والجري خلف شعارات أوصلت وبألم الجنوب شعبا وإنسانا إلى مرحلة ما قبل الدولة, ليدخل الغزاة الجدد الجنوب إلى وضع تتجمدت حركه التطور التاريخية فيه ويرمونه إلى أدغال التاريخ دون وازع ضمير.
ومنذو الاستقلال ظل القرار السياسي ليس في متناول أبنائه, وعندما شعرت القوى الحاقدة على الجنوب الأرض والإنسان, بقوة عودة الوعي المفقود لدى شعبنا العربي في الجنوب, وعبر محاولات مستميتة ذهبت بعض العناصر وفق مشاريع صغيرة كالفدرالية والحكم المحلي كامل الدسم لهم, لتمثل أدوات وعناصر لبقاء الجنوب تحت سيطرة الاحتلال الجديد, عندما عجز الاحتلال عن وأد الثورة السلمية الجنوبية, التي استكملت عناصر نضوج انتصارها الحتمي كحقائق على الأرض يصعب الإملاء عليها وتجاوزها.
محاولات الاحتلال وتلك القوى في الاستئثار والسيطرة دللت عن خروجهم عن المنطق, بسكونهم في الوهم على أمكانية عودة التاريخ أبعادة القديمه على قاعدة الحاضر دون أدراك قوى التخلف على إن إحداثيات التاريخ لم تعد تصنع في معاملهم بل في معامل أرادة شعب الجنوب, الذي هو اليوم أصبح ولله الحمد سيد قرارة بثبوته على الأرض وبصوت عالي وبحنجرة واحدة يردد برع برع باستعمار في اعتصامات سلمية. وليعرف ألقاصي والداني:
إنني على الأرض ولا يمكن لأي قوة مهما كانت. أن تقدر على مصادرة حقوقي المسلوبة في استعادة الدولة والهوية العربية.
وهنا فقط, تنتهي ألاعيب قوى الظلام عند وحي العودة المباركة لوعية الإنساني, دون امتداد مع ماضي الأنظمة. وهو الوعي الذي قرر خروج الجنوب عن سيادة تلك الدوائر بمغادرة الماضي والتطلع إلى المستقبل في دراسة واستيعاب منطقي وعلمي لحاضره, في إن السبيل الأوحد, ولا ثاني عنه بالعمل على تحصين والحفاظ على المبادئ العظيمة لثوابته المتمثلة في الاستقلال والدولة والهوية العربية الجنوبية. والتي تزيل الغموض وعدم البقاء في رمادية الوهم, لتخرج الحقيقة من شرنقة ادعاءات القوى الظلامية على واحدية الثورة والأرض والانتماء العصبوي.
وبذلك تبقى كل المشاريع صغيرة, وتظل خارج وعي الشارع السياسي, لتبلور هذا الوعي على نطاق واسع في إن الشعب لوحدة من يخلق التوازن الطبيعي في معادله وطنيه تضمن تلك الثوابت وبما يعزز العلاقة التكافلية في إطار المعادلة الدولية الجديدة التي بدت خيوط تباشيرها تظهر من خلال الوضع العسكري والسياسي والأمني في الصورة العامة التي عكست بوضوح ذاتها للسيطرة على المشهد السياسي, وذلك من خلال استدراج الشقيقة الكبرى و أنجرارها إلى المستنقع الصعداوي بدل إن تلتفت نحو الملفات المهمة الماثلة بتحدياتها الصعبة أمام الأمة.
ودليل تواجد العديد من الأساطيل لقوى إقليميه ودوليه في مياة خليج عدن لإدارة المعادلة الدولية الجديدة عندما تحل ساعة الصفر في انطلاق ديناميكية فعلها.
وبذلك تبقى قراءات الأنظمة العربية متأخرة تماما وفي ذيل الأحداث تؤثر فيها ومنجرفة خلفها في صورة معاق.
علما إن تلك الإطراف الدولية عملت على خلق تناقضات في المنطقة عبر صنائع ألازمات من قبل نظام صنعاء لتأسيس وضع ميداني يبيح المجال واسعا لجر أطراف دوليه وإقليميه إلى الدخول إلى ذات المربعات التي تصنع أسباب ومبررات الصراع على حجج الحفاظ على الأمن القومي ومصالح دوائر القرار الدولية و محاربة الإرهاب والقاعدة ضمن معادلة جديدة تستبعد مصالح وحقوق شعوب المنطقة ضمن خارطة سياسية تضمن مصالح تلك الأطراف.
ولهذا ففي حالة استمرارية تعنت الاحتلال اليمني, وحماقة في ارتكاب الجرائم بقتل أبناء الجنوب وارتكاب المجازر في الجنوب كما حدث مؤخرا في عدن وردفان وحضرموت أبين والضالع وشبوة, واليوم يسقط العديد من الشهداء والجرحى على مشارف عدن الحبيبة, في الزحف الجنوبي العظيم, سوف يدفع الناس إلى التفكير بخيارات أخرى للدفاع عن أنفسهم وبالتالي ستمتد رقعة الأحداث العسكرية لتسيطر على الوضع برمتة, والدخول في دوامة عنف لا يعرف لها حد إلا الله سبحانه وتعالى, وعندها في تقدير العديد من المحللين السياسيين والعسكريين يخرج الاحتلال مهزوما وتتحقق عدالة الأهداف ويتم استعادة الحقوق, مع تأمين لأعاده التوازن والخلل الناتج عن جرح البيئة السياسية وماتم فيها من تجريف وتفريغ بفقدان دولة الجنوب, عبر استعادتها.
وحتى لا يختلط الفهم على حدوث فوضى, في نشر الإشاعات على خروج الأوضاع السياسية والأمنية عن السيطرة لعدم حضور لقيادة موحدة تدير المشهد بكاملة, ينبغي التسليم لجدلية الإيضاح على أن لاصطفاف القوى الحية حضور قوي على الأرض وتوجد لديه قيادة موحدة لعمل جبهوي, ويتجانس مع استجابة الشارع السياسي للدولة المؤسساتية التي ستمثل في دستورها الجديد الحامل القوي للعمل الديمقراطي على قاعدة الموروث الحضاري, وغزارة الفكر الإنساني لدى شعب الجنوب في الإجماع الشعبي وترسخه في وعي الناس على قاعدة واحدة وفق أجماع الطيف السياسي الجنوبي ومشاركته فيه وتحت أشراف دولي, تؤسس المراحل الأولى لاستعادة بناء الدولة المؤسساتية عبر صناديق الانتخابات الحرة, لمنع وكبح التفرد, وخلق وتثبيت التوازن العصبوي.
لهذا, فأن الثوابت الجنوبية تمثل قاعدة رئيسة تسقط إي معادلات دونها, باعتبارها مفتاح رئس للأزمة برمتها.
*كاتب وباحث أكاديمي
لندن في نوفمبر 2009[/size][/color[/SIZE]]