المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل ما يزال اليمن دولة..؟


bakre
2009-11-07, 04:06 AM
هل ما يزال اليمن دولة..؟
عمّار ديّوب


07/11/2009

http://www.alquds.co.uk/images/empty.gif
شغلت أوضاع اليمن منذ اندلاع الحرب بين الدولة والمتمردين الحوثيين العالم العربي ، الذي كان يتابع سلسلة الأحداث المتعلقة بالحراك السلمي الجنوبي منذ عام 2004، ويستغرب بشدّة، كيف لا يجد النظام اليمني حلاً لها ، ولماذا، يُدفع الجنوبيين دفعاً-عبر عدم إنصافهم والإقرار بحقوقهم- لإعلان الانفصال، الذي أعلنه بوضوحٍ كامل مؤخراً علي سالم البيض من الخارج، بعد أن هزمه نظام اليمن الشمالي عام 1994. الحرب السادسة في صعدة تشير إلى معطيات جديدة سواء تعلق الأمر بحجم القوات المستخدمة أو الزمن الطويل لاستمراريتها أو تصاعد الأزمة السياسية في اليمن بين كلٍ من الرئيس وحزب المؤتمر من جهة واللقاء المشترك المعارض والحراك الجنوبي والحوثيين من جهة أخرى؛ فضمن هذه المعطيات، علينا فهم أزمة اليمن الجديدة. الحرب في صعدة، وفق بعض القراءات هي محاولة من الرئيس لضرب المعارضة والحراك الجنوبي وتتفيه أطروحاتهما، باعتبار البلد يتعرض لخطر إيراني ماثل في تمرد الحوثيين وأنّ الأخيرين أصبحوا يهددون الدولة بالانفصال وتأسيس دولة شيعية، وبالتالي من غير الوطنية بمكان التصعيد بالمطالب السياسية في الوقت الذي يتعرض فيه اليمن للانشطار، ولكن المعارضة، كما الحراك الجنوبي يحدّدون بدقة أنّ أزمة اليمن هي أزمة السلطة السياسية، ومحاولة الرئيس تمرير التوريث لابنه..! ما لم يفهمه الرئيس اليمني أنّ اليمن محكوم سياسياً وفق نظام القبيلة، وأن الأسرة ومهما علا شأنها في الجيش وحزب المؤتمر وفي الأمن وغير ذلك، لن تستطيع تأمين انتقال للسلطة من الأب إلى الابن، خاصة وأنّ علي محسن الأحمر، الأخ غير الشقيق للرئيس اليمني طامع في السلطة، ويعتبر نفسه الأحق بها بعد الرئيس الحالي. وهناك من يقول إن كل الحرب المتجدّدة في صعدة هي من أجل تراجع الأحمر عن السلطة والسماح بمرور التوريث، وبالطبع هذا الرأي يشكل أحد أسباب النزاع ولكنه لا يفسر مشكلات اليمن والنزاع الأخير فيه.
في حيثيات الأزمة لا بد من البدء بلحظة التأسيس، فاليمن ولا سيما مع علي عبد الله صالح ومنذ عام 1978 ، أصبح يدار وفق نظام قبلي أسري، فقبيلة حاشد التي ينتمي إلى إحدى فروعها الرئيس تعتبر نفسها محدثة ثورة 1962 وداعمة لحكم علي عبد الله صالح، وقد وقفت مع الأخير في حرب 1994 ضد اليمن الجنوبي وليس ضد الحزب الاشتراكي فقط، حيث تحالف حزب الإصلاح مع الجيش مع قبيلة حاشد، وتمت استباحة كلية غزو- للجنوب بمؤسساته وأراضيه وبقايا جيشه وعاثوا تخريباً بكل ما أتفق على استمراريته وفق اتفاقيات الوحدة عام 1990. وبالتالي تعدّ قبيلة حاشد - ولا سيما زعمائها- أن السلطة باليمن لها. ولكن وبدءاً من عام 1997 ومحاولة الرئيس التوريث بدأ الخلاف واستبعد حسين الأحمر من أمانة حزب المؤتمر، وحاول استبدال حاشد بقبائل أخرى كبيرة'كقبيلة بكيل'، والاستفراد بالسلطة، الأمر الذي دفع حاشد مع أحزاب المعارضة وبشكل رئيسي الحزب الاشتراكي مع أحزاب ناصرية وحزب الحق وغيرها، لتشكيل تحالف ضد حزب المؤتمر والرئيس اليمني، ومحاولة تحميله المسؤولية عن كل ما يحدث في اليمن جنوباً وفي صعدة، وهو ما أظهر الرئيس اليمني بحالة ارتباك ظاهرة في مؤتمراته الصحافية..!
في موضوع صعدة، فإنّ الحوثيين هم محورها الرئيسي، حيث، وهنا المفارقة، فقد دعم الرئيس اليمني نفسه حركة 'الشباب المؤمن'عام 1997 التي كان يقودها حسن الحوثي -وقد قتل لاحقاً- لشق حزب الدعوة 'الشيعي' ومواجهة جماعات دينية متشددة أقرب إلى حزب الإصلاح، ولكن ومع تصاعد التعليم الديني المتشدد والمخالف لقوانين التعليم العام، وعدم تنمية منطقة صعدة والمناطق المجاورة لها، فإن التعليم الديني ذاته انقلب ضد الرئيس فتحوّل الحوثيون إلى حالة سياسية وبدأت بالتمرد على الدولة ومؤسساتها في صعدة والمناطق المجاورة لها، وساعد هذا الرئيس للاستفادة من هذه الحالة الحوثية لاصطـــفاف قبـــيلة حاشد واليمنيين خلفه، وهذا ما كان سبب الحروب الستة التي إندلعت في اليمن. شعور الحوثيين بالظلم ومنذ الثورة اليمنية، دفعهم للاقتراب من إيران، التي أيضاً وعلى ما يبدو لها مصالح في اليمن، وبالتالي أصبح لدى الحوثيين دعم مالي وربما ديني، رغم أن الحوثيين لم يصبحوا شيعة ولم يأخذوا بالمذهب الإثنى عشرية. هنا لا يمكن تجاهل أنّ ذلك الدعم لم يكن بعيداً عن أعين السلطة، بل ربما هي من سمحت به وبنقل السلاح إلى الحوثيين، من أجل حسم المعارك الأسرية والقبلية على السلطة، والاستفادة من موارد تجارة السلاح التي كان يؤمنها مقربين من السلطة.
لن نتكلم هنا عن الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في اليمن وعن تدهور الخدمات وانتشار الفقر بكل أرجاء اليمن وعدم وجود مؤسسات الدولة في كثير من الأماكن وأن تلك الأماكن محكومة من قبل القبائل ولدى الأخيرة سجون خاصة بها.
أزمات اليمن المتعددة الأشكال، تسمح بالتشكيك باليمن كدولة، ولذلك أصبح قسم من التحليلات يصنف اليمن كدولة فاشلة ويشبهها بالصومال أو أفغانستان، وبالتالي أصبح يقرأ مصير اليمن في الصومال، عدا عن توسّع تنظيم القاعدة فيه واحتمال تحوّله إلى منصة انطلاق في الخليج العربي، بعد تراجع مواقعه في كل من أفغانستان وباكستان والعراق. وهو ما يشير لعمق أزمة السلطة اليمنية، مغالاتها في إنكار الأزمات، وتحميلها إما إلى المعارضة أو إلى جهات خارجية إيرانية أو دولية.
السؤال الذي لا بد منه: هل تعي السلطة اليمنية أنّ الأزمة لم يعد ممكناً اللعب بها وأن الاتفاق الذي قد يحصل بين الرئيس وعلي محسن الأحمر بعدم التوريث وبحشد الجيش خلف الرئيس لن يحل المشكلة؟ فاليمن في حالته الراهنة لا يمكن أن يستمر موحداً ما لم ينصف أبناء الجنوب، بدءاً بالعسكريين المتقاعدين الذين طردوا من الجيش و إعادة ما تمت استباحته بعد 94 ورفع كل المظالم التي لحقت بالجنوبيين بعد تشكيل الحراك الجنوبي. وأيضاً لا بد من وضع إستراتيجية تنموية تشمل منطقة صعدة والمناطق المحرومة من ذلك وتفترض حلاً لها بدلاً من تدميرها بالسلاح، بالإضافة للاعتراف ببرامج المعارضة للإصلاح ودمجها ضمن سياسات الدولة، والإقلاع عن الفساد المستشري في أوصال الدولة، وإلا فإنّ اليمن غير السعيد، ذاهب بإصرار حثيث نحو حروب أهلية لا ريب فيها، أسبابها نظام إستبدادي فاسد، ومشكلات مناطقية ودينية وقبيلة لم تحل في وقتها ولا في الزمن الضائع. وكلها أسباب لا تنفك تطرح منذ زمن الوحدة القسرية عام 1994 ولا تزال لا تجد لها أذان مصغية لدى السلطة اليمنية.

' كاتب سوري

فحمان
2009-11-07, 04:24 AM
مشكور اخي بكري
علا النقل
تحية للكاتب السوري

bakre
2009-11-07, 04:52 AM
مشكور اخي بكري
علا النقل
تحية للكاتب السوري
الله يحفظك يا فحمان الموضوع مهم جدا