المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكاتب باتريك كريجر نقلا عن جريدة ايلاف اليمنية


alprins
2009-09-09, 07:01 AM
"كان الناسُ في خيرٍ وأمان إلى أن بزغ قرن ُ الشيطان من عدن"
الشيخ عبدالله حسين الأحمر "رحمه الله"
فتحت ثورة سبتمبر1962 أمام مشائخ القبائل آفاق التطلع إلى المساهمة في صناعة القرار السياسي بعد أن كان ذلك بعيد المنال إبان العهد الملكي، ففي عهد الإمام يحيى حميد الدين ثم في عهد نجله الإمام أحمد لم يكن أمام المشائخ سوى السجون والمعتقلات وهدم البيوت والتشرد وجزّ الرقاب، وحين قامت ثورة 1962 كان الكثير من المشائخ إما في السجون أو هاربين من قبضة الإمام أو مشردين في شتى البقاع.

ومنذ الأيام الأولى للثورة ونظرا لغياب جيش وطني حديث وجد قادة الثورة أنفسهم في حاجة لحشد وتعبئة القوى الشعبية من مختلف المناطق، وكذا جذب واستمالة المشائخ إلى صفهم مع أفراد قبائلهم للدفاع عن الثورة ومواجهة القوى الملكية خشية سقوط النظام الوليد على أيدي القبائل المعادية.
كتب عبد الرحمن الإرياني في الأسابيع الأولى لاندلاع الثورة إلى آل "أبو لحوم" من قبيلة بكيل يحثهم على سرعة وصول الشيخ سنان أبو لحوم قائلا: "نحن في انتظار سماع صوت النقيب سنان من الإذاعة" (مذكرات سنان أبولحوم.. اليمن حقائق ووثائق عشتها، مؤسسة العفيف، صنعاء، الجزء الثاني، ص 33)، وكان ذلك تعبيرا عن الحاجة الملحة لاستمالة المشائخ والوجهاء وكسب ولاء قبائلهم للصف الجمهوري.
لكن هؤلاء المشائخ الذين كان السياسيون ينتظرون سماع صوتهم من الإذاعة، ويطلبون دعمهم ومساندتهم، سرعان ماتملكهم الشعور بأن الثورة ملك ٌلهم وأنها لم تقم إلا من أجلهم كثأر شخصي لما حلّ بهم على يد النظام الملكي، وأنهم هم المعنيون دون غيرهم من الشعب اليمني بحراسة النظام الجمهوري.

يقول الشيخ عبدالله حسين الأحمر:"كان أبناء حاشد الذين كنت أقودهم هم جيش الثورة.. وكان الشعور لدى قبائل حاشد مشائخ وأفرادا أنهم مسئولون عن حماية الثورة وأن الثورة ثورتهم، وهذا الإحساس تولد لدى حاشد نتيجة لما أصيبوا به عندما استشهد الوالد والأخ حميد وما نالهم من الإهانة والمعاناة، كل هذا أوجد عندهم شعور أن الثورة ماقامت إلا كرد فعل رسمي وشعبي لما حدث، وأن أهم عوامل قيامها هو ماحل بحاشد ومشائخها، وانطلاقا من هذا الإحساس والشعور أصبحت لديهم قناعة أنهم مسئولون عن حماية الثورة وأن ذلك يهمهم ويخصهم أكثر من غيرهم، وهذا الفهم كان موجودا لدى بعض الذين كانوا يحاربون الثورة من القبائل الأخرى، حيث كانوا يعتبرون أن الثورة هي ثورة حاشد" (مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، الآفاق للطباعة والنشر، صنعاء، 2007، ص 85-87).
ونظرا لتخلف تركيبة المجتمع اليمني وغلبة البنية الريفية - القبلية عليه ومحدودية حجم المدينة وضعف مساهمتها في النشاط الاقتصادي وما ترتب عليه من غياب قوى سياسية جماهيرية منظمة وفاعلة، وجدت تجمعات المشائخ الأكثر تنظيما والمستندة إلى قوى قبلية المجال مهيئا لملء ذلك الفراغ، وهكذا تطلع المشائخ للعب دور سياسي فاعل وامتلاك حق تقرير مصير النظام والتحكم في ثروات البلد وتحديد مستقبله، وقد وجد ذلك انعكاسا جزئيا في تشكيل الهيئات الحكومية منذ العام الأول للنظام الجديد حيث تشكل مجلس للشيوخ ثم تشكل في ابريل من عام 1963 مجلس رئاسة كان للمشائخ فيه حضور كبير.
لكن تطلع المشائخ السياسي اصطدم فعليا بالتواجد العسكري المصري في اليمن وتأثيره على القرار السياسي، ولهذا ناصب المشائخ الحضور المصري العداء إذ كانوا يرون في السياسات المصرية في اليمن عنصر تهديد لهم كزعماء قبائل وأن المصريين يعتبرونهم عقبة أمام تطور اليمن بل رأوا أن المصريين يعدون خطة لفرم مشائخ اليمن كما فرموا العُمد في صعيد مصر" (مذكرات الشيخ عبدالله الأحمر، ص 312 ).
وقد تمكن المشائخ عبر سلسلة من معارك الكرّ والفرّ مع المصريين وقيادة النظام الوليد، وما لحق بمصر من هزيمة على يد إسرائيل في يونيو 1967، من تصفية التواجد العسكري المصري ثم إسقاط نفوذه السياسي من خلال الإطاحة بحكومة الرئيس السلال في شهر نوفمبر من العام ذاته، كما كان من عوامل ضعف المشائخ آنذاك تمزق القبائل بين المعسكرين الجمهوري والملكي، وفي العام 1970 تمكن المشائخ من توحيد صفوفهم من خلال المصالحة التي تمت بين من يقف منهم في الصف الجمهوري ومن يقف في الصف الملكي.
المشائخ ومفهوم بناء الدولة
الشعب، الأمة، الوطن، الدولة، الدستور، البرلمان، الحكومة، القانون، المؤسسات، الجيش، جهاز الأمن، التخطيط، التنمية - كلمات قلما تجدها في مذكرات المشائخ، بينما تطغى مفردات مثل الشيخ، القبيلة، أبناء المشائخ، العرف، التحكيم القبلي، السلاح، النقود، على كامل صفحات تلك المذكرات، وهذا ينبئ لاشك عن مستوى وعي العقلية القبلية وحدود فهمها لطبيعة الدولة وبنائها وتركيبتها الدستورية والقانونية.
السلطة العليا في الدولة - وفقا لعقلية القبيلة- مناطة بمجلس غير دستوري يتكون من زمرة محدودة من كبار المشائخ الذين يشكلون القيادة الفعلية ويرون من حقهم تقرير الوضع السياسي في البلد وكيفية تقاسم وتوزيع ثرواته، الدستور، البرلمان، الحكومة، القوانين، كل هذا مجرد رداء ديكوري يخلع على السلطة القبلية كي تظهر في المظهر القانوني المناسب، أما في حقيقة الأمر فإن إدارة النظام تقوم على التدخل الشخصي من جانب زمرة المشائخ في كل القضايا الكبرى في البلد سياسية واقتصادية واجتماعية سواء كان لهم مناصب رسمية في جهاز الدولة وصفة دستورية تخوّل لهم ذلك التدخل أو لم يكن.
يتحدث الشيخ عبدالله الأحمر عن دوره فيقول: "قناعتي الثابتة منذ بداية الثورة أنني أعتبر نفسي المحامي على الثورة والجمهورية سواء من خلال منصب رسمي أو غير رسمي أو من خارج المنصب" (مذكرات الشيخ عبدالله الأحمر، ص 139-140)، وبما أن الثورة ثورة حاشد و زعيم حاشد الشيخ عبدالله المحامي عنها فهو يُعطي الحق لنفسه ولأقرانه من كبار المشائخ التدخل في كل صغيرة وكبيرة وتصحيح أية سياسات يرونها من وجهة نظرهم تمس بالثورة والجمهورية.
في روايته لطريقة الانقلاب على حكومة عبد الرحمن الإرياني يقول الشيخ الأحمر إنه تمّ التخطيط لحركة 13 يونيو 1974 من قبل الشيخ سنان أبو لحوم والشيخ أحمد علي المطري والشيخ مجاهد أبو شوارب ومحمد أبولحوم وعلي أبولحوم إلى جانب إبراهيم الحمدي، ثم أبلغوه بالرأي الذي اتفقوا عليه والذي قد أصبح قرارا بانتظار موافقته عليه باعتباره طبعا شيخا لقبيلة حاشد لا رئيسا لمجلس الشورى (المذكرات، ص 209-210).
من هذه الصورة تتناسل بقية صور تسيير شئون الدولة، فعامل القوة هو العامل الرئيس في توزيع ثروات البلاد وخيراتها وليس خطط وبرامج التنمية والاحتياجات السكانية.. الخ، فالقبيلة الأقوى هي التي يحظى مشائخها بالنصيب الأوفر من السلطة والنفوذ والثروات والمغانم ويتمتع أبناؤها بالمناصب العسكرية والأمنية والمدنية تليها القبيلة الأدنى فالأدنى.
يروي سنان أبو لحوم أن السعوديين اعتمدوا مبلغا من المال وطلب منه تقسيمه فيقول: "قسّمت المبالغ على القبائل كل حسب حجمها.. وخصصنا لحاشد ثلث المبلغ أي للشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وأصحابه حاشد" (مذكرات سنان أبو لحوم، الجزء الثاني، ص 148-149 ).
أما المحافظات التي ضعفت وتفككت فيها البنية القبلية بحكم غلبة الطابع المدني عليها فهي بعيدة عن التمثيل الفعلي في السلطة وفي صنع القرار السياسي، ومواطنوها محرومون من التمتع بأية مراكز عسكرية أو وظائف مدنية ذات معنى، كما أن أراضيها وثرواتها تعتبر مرتعا للنهب والسلب من جانب أصحاب النفوذ القبلي العسكري.
فترة الرئيس الصالح
ومن بين مراحل النظام الجمهوري تعتبر فترة الرئيس علي عبد الله صالح التي امتدت منذ عام 1978 وحتى اليوم هي الفترة التي سقطت فيها البلد في يد القبيلة، وخلال هذه الفترة تجلت الصورة الاجتماعية الأكثر بؤسا والأشد بشاعة لغياب الدولة إذْ قذف القانون والنظام بعيدا عن حياة المجتمع لتحل محله الأعراف القبلية وأهمها نظام التحكيم في ظل شريعة الغاب حيث الحق دائما للأقوى، وعلى قاعدة انهيار منظومة القيم الأخلاقية بل والدينية، فالدين الإسلامي يحث أتباعه على الزهد والورع والعدل وتقوى الله وتجنب الاعتداء على حقوق الغير الخاصة والعامة، لكن النظام القبلي في عهد صالح ابتعد عن كل ذلك مشكلاً منظومته الخاصة من المفاهيم والقيم المنحرفة، حيث صار بلوغ الثراء السريع واكتناز الأموال هما الغاية التي تسفك من أجلها الدماء، وتنهار صروح الصدق والأمانة والعهود، ومن أجلها يجري نهب المال العام من ثابتٍ ومنقول على قدم وساق، والاعتداء على الممتلكات الخاصة للضعفاء، ومزاحمة أرباب التجارة ورجال الأعمال اعتمادا على القوة والنفوذ، وانتزاع الحقوق التجارية من أربابها مثل وكالات الشركات الأجنبية وغيرها انتزاعا بالقوة.
وفي عهد صالح انهارت قيم العلم والحث على طلبه، واكتساب العمل الشريف والحث على إتقانه واعتمادهما أساسا لتطور الفرد ورقيّه، وحلت محلهما قيم الخداع والنفاق والتزلف وانتشار الرشوة وسلوك العصابات واستفحلت ظاهرة الرشوة والمحسوبية والمحاباة لدرجة لم يبلغ لها مثيل وعدّت علامة فارقة من علامات حمران العيون، تلك هي منظومة القيم غير السويّة التي نمّاها ورعاها عهد صالح الذي يمثل الصورة الأبرز للحكم القبلي والسيطرة المشائخية.
ويُدرك المشائخ أن عامة السكان وخاصة فئات المتعلمين والمثقفين ينظرون نظرة سلبية إلى النظام القبلي ودوره المعطل لتنمية المجتمع، يقول الشيخ عبدالله الأحمر: "النظرة السلبية إلى القبيلة والتركيز ضدها لم يكن جديدا، لقد ابتدأ في الشمال والجنوب من بداية الثورة.. لقد كانت مفاهيم المثقفين من بداية الثورة أن القبيلة ضد العلم وضد التقدم وضد النظام والقانون والتطور.. وكانوا يرددون أن القبيلة هي التي ستقف حجر عثرة ضد الإصلاحات والتطور والتعليم" (مذكرات الشيخ عبدالله الأحمر، ص 312).
ولكن على الرغم من هذا الإدراك فإن مشائخ القبائل أخفقوا في تقديم صورة مخالفة تسند ادعاءهم في دعم بناء دولة النظام والقانون، ويعود ذلك في الأساس إلى فلسفة الحكم التي يؤمنون بها كفكرة ويصدرون عنها كسلوك وهي التي تقوم على مفهوم أن الشيخ هو عين ُالدولة وأن القبيلي يدُ الدولة، وانطلاقا من هذا المفهوم فإنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من جهاز الدولة مكملا له، وبالتالي فمن حقهم التمتع بصلاحيات الحكم والتدخل في شئون المواطنين والمجتمع.
يقول ناجي عبد العزيز الشائف شيخ قبيلة بكيل إنه وبقية المشائخ يقومون بواجب الدولة في حلّ مشاكل الناس وفضّ المنازعات، أي أنهم يتدخلون في شئون المواطنين ويبتون في القضايا ويصدرون الأحكام ويفرضون الغرامات ولديهم ميليشياتهم القبلية التي يعتبرونها يدَ الدولة بينما هي في الواقع أياديهم هم التي يبطشون بها، ولهم سجونهم الخاصة.. الخ، والشيخ الشائف لا يرى حرجا من التدخل في شئون المواطنين، ولايرى في ذلك عملا غير قانوني، فدستور البلاد لاينص على منح المشائخ دورا مثل هذا كما أن القوانين المعمول بها لا تخّول المشائخ القيام بصلاحيات أجهزة الدولة ومؤسساتها، والأدهى من ذلك أن الشائف يستنكر أن الدولة "بدلا من أن تقدر جهودنا في حل مشاكل الناس وفضّ المنازعات وإخماد الفتن بين القبائل، نجدها تتبنى حملات إساءة مستمرة ضد القبائل والمشائخ" (راجع صحيفة الغد، صنعاء، 2 مارس 2008).
مأزق الوحدة مع الجنوب
"كان الناس في خير وأمان إلى أن بزغ قرن الشيطان من عدن"، بهذه الكلمات يُلخص الشيخ عبدالله الأحمر حالة الخشية والقلق التي تنتاب المشائخ من رياح التغيير القادمة من عدن، وأثبتت الأحداث أن تشاؤم الشيخ في محله، وأنه كان ينظر بعيدا ويُحس إحساساً عميقا بالقادم من الأحداث، وقد شاءت الأقدار ألاّ يغادر الشيخ الأحمر دنياه نهاية العام 2007م إلا وساحات وميادين عدن قد شرعت تزلزل الأرض تحت أقدام النظام القبلي.
لقد ظلت عدن بما تمثله من وهج ثقافي وحضاري وتجربة سياسية واجتماعية حديثة ونظام إداري عصري منذ الاستعمار البريطاني، تشكل على الدوام تحديا صعبا وعسيرا للأنظمة التقليدية في شمال اليمن، لكن التحدي الذي يواجهه النظام العسكري القبلي الراهن هو أشدّ وأصعب تلك التحديات وأخطرها على الإطلاق، إنه صنفٌ مختلفٌ عن صنوف التحديات السابقة، فهو من ذلك النوع الذي يقود الأنظمة المتخلفة عن حياة العصر إلى الحتف والهلاك.
حين عرض الزعيم الجنوبي علي سالم البيض على ضيفه الشمالي علي عبدالله صالح فكرة تنفيذ وحدة اندماجية بين دولتيهما وجد منه قبولا سريعا، كان الضيف يقلب في ذهنه أفكارا مؤداها أن القيادة الجنوبية تفرّ من وضعها الراهن نحو الوحدة، لقد انهار الإتحاد السوفيتي وسقطت المنظومة الاشتراكية ولم يعد من داعم للنظام الجنوبي ولهذا سيكون من السهل الانقضاض على الجنوب وطرد قيادته والاستيلاء على ثرواته، وحين عاد الضيف إلى بلاده بادر إلى استدعاء أركان حكمه من مشائخ وضباط عسكريين ورجال دين، ووضع معهم خطة العمل على عرقلة تنفيذ اتفاقيات الوحدة وخلق أزمة سياسية مع الشريك الجنوبي وصولا إلى إعلان الحرب واكتساح الجنوب.
في بحث سابق عن القضية الجنوبية كنا قد استشهدنا للتدليل على هذا بما أورده الشيخ عبدالله الأحمر في مذكراته (ص248 - 249)، ونستطيع اليوم أن نعزز استشهادنا بما كشف عنه نجل السلطان الجنوبي طارق بن ناصر الفضلي الذي كان يومها حليفا للنظام القبلي في الشمال ومطلعا على تفاصيل مخططه للانقلاب على شركائه في الوحدة، يقول الشيخ الفضلي إن السلطة في الشمال كانت تعدّ للانقلاب على شركائها الجنوبيين، ويضيف بصراحة ووضوح: "شهادتي للتاريخ، لم يكن الجنوبيون يعدون للانفصال بل كانت سلطة صنعاء تعدّ عدّتها للانقلاب عليهم وكنت مشاركا به" (الوسط، صنعاء، 13 مايو 2009).
لقد أطيحت القيادة الجنوبية عام 1994م، وطردت إلى خارج الحدود وسقط النظام السياسي وحُلّ جهاز الدولة العسكري والمدني والأمني، لكن منظومة قيم المجتمع المدني تغلغلت في وعي الشعب الجنوبي وشكلت ثقافته الوطنية التي نشأ وتربى عليها جيلا إثر جيل، وأصبحت هي التحدي الحقيقي والعقبة الكأداء على ساحة الجنوب أمام النظام القبلي القادم من الشمال.
وما إن حلّ ربيع عام 2006م وانطلقت فكرة التصالح والتسامح من جمعية ردفان في مدينة عدن حتى استبشر الجنوبيون بقرب حلول ربيعهم الجنوبي، وشيئا فشيئا تقدمت جماهير الجنوب في حراكها المدني السلمي مطالبة بحقوقها وحريتها وأخذت مطالبها تنتقل من طور إلى طور حتى تبلورت في صيغتها النهائية بإنهاء عقد الوحدة مع الشمال وفك الارتباط واستعادة دولة الجنوب الوطنية.
لقد وضع هذا الحراكُ الشعبيُ السلميُ النظامَ العسكريَ القبليَ في مأزق تاريخي لم يشهد له مثيلا من قبل، وشل ّ قدرته على المواجهة، وأغلق أمامه فرص الخيارات، وأصبح طيفُ فكّ الارتباط يلوح أمام قيادة النظام وهي عاجزة عن تقديم حلول ناجعة، وكلما أوغلت في تجاهل الحقوق المشروعة للجنوبيين والاعتراف بالمشكلة السياسية الناشئة جراء حرب 1994 واكتساح الجنوب، كلما زادت من إصرارهم على انتزاع حريتهم واستعادة دولتهم.
إن جوهر المأزق التاريخي الذي يُعانيه النظام القبلي اليوم يكمن في أن النظام يُواجه شعبا واعيا لحقوقه، حريصا على حريته، مُدافعا عن كرامته، غيرَ قابل لأن يُحكَم بطريقة قبلية متخلفة أو يخضع لمشائخ ورموز حكم قدموا من أدغال التاريخ غارقين في الأنانية ينهبون أرضه ويقتسمون ثروته، وغيرَ مستعد لأن يفرّط في مستقبل أبنائه. وكان من نتائج هذا الوضع أن ضاقت الخيارات السياسية أمام النظام وأصبحت لا تتعدى أحد أمرين كنا قد أوجزناهما في بحث سابق عن القضية الجنوبية، ألا وهما فكُ الإرتباط مع الجنوب وعودة الأمور إلى ماكانت عليه قبل عام 1990، أو تغييرُ النظام، وهذا مايُشكل مضمون هذا المأزق التاريخي.
إن القبول بفك الارتباط مع الجنوب ينطوي على فاجعة معنوية كبيرة للنظام كما يتضمن خسارة مادية هائلة ستؤدي إلى خلق أزمة داخلية تطيح به، ولكي يتحاشا النظام هذا الخيار فإنه ينتظر دعما من المجتمع الإقليمي والدولي لنصرته والحفاظ على الوحدة، لكن كثيرا من الدول تبدي تحفظا على النظام ومع هذا فإنها إذا مارغبت في الحفاظ على الوحدة اليمنية انطلاقا من تقديرها أنها مكسبٌ لشعب اليمن في شماله وجنوبه وعاملٌ للاستقرار الإقليمي، فإن دعمها لن يكون مطلقا أو شيكا مفتوحا بل هو مشروط ٌ بتنفيذ إصلاحات سياسية تفضي إلى بناء دولة النظام والقانون وهو مايعني القضاء على النظام القبلي وسيطرة المشائخ وتدخلهم في الحياة العامة دون سند قانوني وهذا هو التغيير الجذري الذي يتهدد النظام.
ومن نافل القول إن مأزق النظام القبلي لايقتصر على رئيسه أو حكومته وإنما يشمل أسسه المهددة بالقلع والاندثار، كما يشمل كافة أركانه من مشائخ وجنرالات جيش والمنتفعين من حولهم من رجال المؤسسة الدينية، ولهذا فإن أشدّ الأصوات تنديدا بسياسة الرئيس صالح من المشائخ وأبنائهم أو رجال الدين وأتباعهم لايخالفونه الرأي ولا يشذون عنه في الموقف حين يدور الحديث عن الخيارين آنفي الذكر: فكّ الارتباط مع الجنوب وتحريره من قبضتهم أو تنفيذ برنامج إصلاحات سياسية تضرب الفساد وتمنع انتشار السلاح وتغلق السجون الخاصة وتفرض هيبة الدولة وتطبّق النظام والقانون.
* معهد العلاقات الدولية - برمنجهام
باتريك كريجر
اليمن.. المشائخ والرئيس الصالح ومأزق الوحدة مع الجنوب

النضال
2009-09-09, 07:26 AM
اشكرك اخي البرنس لكن ياخي المشايخ والقبائل هم ناس مواطنون عاديين لا يقدرو يعملو بمفردهم اي شي الى

بمساعدة جهة كبرى مثل ماهو حاصل في اليمن والسبب في ذلك هو ضعف الحاكم عندما يكون الحاكم ضعيف او

استولى على السلطة استيلاء يكون اجباري علية دعم القبائل للهروب منهم ومن ذلك دعمهم وزرع الفتن بينهم حتى

ينشغلو بانفسهم والحاكم يعمل مايريد لاحد يسئلة مع زرع عصابة خاصة للترويج لة وابلاغة بكل المشاكل الحاصلة


وكيفية التعامل على تغذيتها مع طرح بعض الحلول التي لم يقبل بها الطرف الذي لة الحق بقرض نشر الدعاية لهذا

الحاكم وهو في الحقيقة يزيد من اشعالها ولكن كل طراف لا يعرف هذا المامرة وكل طرف يوهموة انهم معة وانة على

حق وواجب ان يستمر وهذا الذي هو حاصل في حكومة على عبداللة صالح مدمر الامم والشعوب