المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اليمن يغرق في مستنقع من سفك الدماء


فدا الجنوب
2009-07-27, 08:21 PM
اليمن يغرق في مستنقع من سفك الدماء

إذا كانت المعارضة الجنوبية تطالب بالانفصال، فالوقائع تؤكد ان 'حكومة الشمال' هي التي تعمل من اجله.

ميدل ايست اونلاين
لندن- من احمد القبيسي

لم يجف حبر الدعوة الى الحوار التي وجهها الحزب الحاكم في اليمن الى تجمع احزاب المعارضة "اللقاء المشترك" الاسبوع الماضي حتى غرق "المتحاورون" في مستنقع من سفك الدماء.

فالمعارضة واصلت احتجاجاتها لتزيد من ذعر السلطة تجا المطالب بانفصال الجنوب. و"حكومة الشمال" واصلت الشيء الوحيد الذي تعرفه: إطلاق النار على الأبرياء.

وكانت محافظة أبين شهدت الخميس الماضي مواجهات بين رجال الشرطة ومحتجين يدعون إلى فصل جنوب اليمن عن شماله أدت الى سقوط 20 قتيلا. وقتل شخص وأصيب 4 اخرون مطلع الاسبوع الماضي في مواجهات بين متظاهرين وقوات الشرطة اليمنية في مدينة الضالع جنوب اليمن.

وكانت تظاهرة دعا لها "الحراك الجنوبي" ادت الى اعتقال العشرات اثر مواجهات فى مدينة زنجبار بمحافظة ابين ادت الى مقتل 8 وجرح 18 بيهم 6 من افراد الامن. واستخدمت قوات الامن اليمنية لتفريق المظاهرة الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي مما ادى الى اصابة المتظاهرين ولقي احدهم مصرعه على الفور ونقل 3 اخرون الى المستشفى. ووقعت مواجهات مماثله الأسبوع الماضي في محافظة صعدة في شمال البلاد بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين أدت إلى مقتل 7 جنود واسر عدد آخر من قبل المتمردين.

وتشهد محافظة صعدة الواقعة فى أقصى شمال اليمن والقريبة من الحدود السعودية مواجهات منذ يونيو/ حزيران 2004 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين ادت بحسب منظمات المجتمع المدني إلى مقتل نحو 6 آلاف وجرح ضعفهم واعتقال الآلاف من الجانبين.

هذه هي الدوامة التي يدور فيها اليمن الآن. وهي ليست دوامة احتجاجات تمارسها المعارضة فترد عليها السلطات بأعمال القتل، وانما دوامة فشل سياسي بالدرجة الأولى.

فالمعارضة التي لم تتحرر من الدفع في اتجاه انفصال الجنوب عن الشمال، يبدو انها تتبنى مطالب حق (اقتصادية وسياسية) لتريد بها باطل، فتزيد من توفير المبررات لاجهزة القمع "الشمالية" لمواصلة أعمالها الوحشية ضد المدنيين.

سلطة الرئيس علي عبدالله صالح التي لم تكف عن التصرف كـ"حكومة شمال" تجاه أبناء شعبها في الجنوب، تعجز في الوقت نفسه عن القيام بأي مبادرات لتلبية أدنى مطالب المعارضة: إطلاق سراح المعتقلين، والكف عن ممارسة سياسات القبضة الحديدية.

ولئن كان يبدو ان المعارضة الجنوبية هي التي تطالب بالانفصال، فالحقيقة هي ان سلطة الرئيس صالح هي التي تعمل من اجله، وهي التي تدفع الأوضاع في جنوب اليمن باتجاهه دفعا.

ومن الناحية العملية فان الانفصال يبدو اليوم أمرا واقعا. فما يفترض انه حكومة الوحدة بين الشمال والجنوب تبدو في أعين مواطنيها الجنوبيين وكأنها قوة احتلال. أنها تتصرف كما يتصرف الاحتلال الاميركي في العراق، باستثناء شيء واحد، هو ان حكومة الرئيس صالح ليس لديها "عملاء" في الجنوب، كما انها لا تستطيع ان تنفق عليهم!

هل يمكن للوحدة، في حدودها الشكلية الراهنة، أن تستمر؟

تملك سلطة الرئيس صالح شيئا واحدا فقط، هو الدعم الخارجي لها. ولكن، إذ يفتقر هذا الدعم الى المساندة المادية التي تتيح لها فرصة للمناورة الاقتصادية في الجنوب، فان هذا الدعم يبدو مقترنا بوظيفة محددة هي مكافحة الإرهاب، سواء ما ظهر منه في اليمن او ما جاء من الجوار، في الصومال.

وتوفر هذه الوظيفة دعما محدودا من جانب الولايات المتحدة، وهو بالكاد يكفي للحفاظ على حكومة صنعاء من الإنهيار، تحت ضغط من إفلاسها الخاص.

ويبدو ان حكومة الرئيس صالح "تلعب" على هذا العامل بوصفه فرصتها الأخيرة للنجاة.

وكان قائد القيادة العسكرية الأميركية المركزية الجنرال ديفيد بترايوس، أكد عقب لقاء مع الرئيس صالح الأحد على دعم بلاده لوحدة اليمن وأمنه واستقراره.

وكان هذا هو كل ما يحتاجه الرئيس صالح لكي يغطي به أعمال القتل التي تمارسها قواته في الجنوب. فطالما ان الولايات المتحدة تبدو راضية مرضية حيال الدور الذي تلعبه اليمن في منطقة جنوب البحر الأحمر، فان القتلى من الأبرياء سيظلون يتساقطون ليوسعوا مستنقع الدماء.

وكانت واشنطن قد أعلنت في مارس/آذار الماضي رفع سقف معوناتها التنموية لليمن إلى 54 مليون دولار سنويا. وهو مبلغ يكاد لا يكفي لتغطية مصاريف بضعة أيام، لحكومة يزيد عجز ميزان مدفوعاتها عن 300 مليون دولار بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الذي تصدر اليمن منه نحو 2.1 مليون برميل في الشهر.

ومعظم النفط يأتي من حقول في الجنوب. و"الاحتلال" الشمالي لا يبدو متهما بشيء أكثر من هذا في الجنوب. فالنفط هو الوحدة والوحدة هي النفط.

هل يمكن في آخر المطاف رؤية "حكومة الشمال" تجري حوارا مع "شعبها" (الافتراضي) في الجنوب.

الجواب المتاح حتى الآن يؤكد ان الحوار مستمر... بإطلاق الرصاص. والسبب يعود، بالدرجة الأولى، الى ان طرفي "الحوار" لا يمتلكان أي فكرة فيما يبدو لعمل أي شيء آخر.

http://www.middle-east-online.com/?id=80990