المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شكر النعمة


عارف المطري
2009-07-04, 09:29 PM
الحمد لله . أما بعد :

فإن الله جل وعلا أغدق على عباده النعم ، ظاهرة وباطنة ، وقليل من الناس من يدرك تلك الحقيقة فيرعاها حق رعايتها ، رجاء حفظها ، وأداءً لواجبها ، ولكن أكثر الناس ربما غفلوا عن تلك الحقيقة ،

فأساءوا إلى ربهم ، وأسرف بعضهم في الطغيان ، ويجسد القرآن الكريم هذه الحقيقة ، وهي حقيقة جحود النعم ، فيقول سبحانه : " وقليل من عبادي الشكور " [ سبأ 13 ] ، ويقول سبحانه :

" ولا تجد أكثرهم شاكرين " [ ] ، وقال تعالى : " وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور " [ لقمان 32 ] ، قال ابن كثير رحمه الله : " الختار :

هو الغدار ، وهو أتم الغدر وأبلغه ، قال عمرو بن معد يكرب :
وإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر
وقوله : " كفور " أي : جحود للنعم لا يشكرها ، بل يتناساها ولا يذكرها [ تفسير القرآن العظيم 1069 ] .

فشروط سعادة العبد ثلاثة :

1- أن يكون العبد ممن إذا أنعم الله عليه شكر .
2- وإذا ابتلى صبر .
3- وإذا أذنب استغفر ، فإن هذه الأمور الثلاثة ، عنوان سعادة العبد ، وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه ، ولا ينفك عبد عنها أبداً ، فإن العبد دائم التقلب بين هذه الأطباق الثلاث .

فنعم الله تعالى تترادف على عبده ، وقيدها الشكر ، وهو مبني على ثلاثة أركان :
1- الاعتراف بها باطناً .
2- التحدث بها ظاهراً .
3- تصريفها في مرضاة وليها ومسديها ومعطيها ، فإذا فعل ذلك فقد شكرها ، مع تقصيره في شكرها .

ومن حكمة الله تعالى الخبير الحكيم ، أنه خلق الخلق في دار الدنيا ، وهي دار الابتلاء والامتحان ، ليجزيهم أيهم أحسن عملاً ، فالله تعالى يبتلي عباده بشتى صنوف الفتن والمصائب ،

وفرض العبد في تلك المحن والفتن الصبر والتسلي ، وأركان الصبر ثلاثة :
1- حبس النفس عن التسخط بالمقدور .
2- وحبس اللسان عن الشكوى .
3- وحبس الجوارح عن المعصية ، كاللطم ، وشق الثياب ، ونتف الشعر ونحوه .

فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة ، فإذا قام به العبد كما ينبغي ، انقلبت المحنة في حقه منحة ، واستحالت البلية عطية ، وصار المكروه محبوباً ، فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه ،

وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته ، فإن لله تعالى على العبد عبودية [ الوابل الصيب بتصرف ] .

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأصلي وأسلم على خير البشر محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه واقتفى أثره إلى يوم القيامة .

شكري وخالص تقديري