المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مثقفون واكاديميون يضعون وجهات نظرهم بخصوص الهبة الشعبية


علي المفلحي
2014-01-08, 09:17 PM
مثقفون واكاديميون يضعون وجهات نظرهم بخصوص الهبة الشعبية


مشاركون في تظاهرات الهبة الشعبية بحضرموت قبل اسبوعين - عدن الغد
الأربعاء 08 يناير 2014 02:08 مساءً
عدن(عدن الغد)خاص:
تحصلت "عدن الغد" على عدد من الاوراق التي ينتوي مثقفون واكاديميون من محافظات جنوبية عدة تقديمها إلى ندوة من المقرر ان تعقد برعاية مؤسسة "صح " لحقوق الإنسان في الـ 11 من هذا الشهر بعدن وستتمحور حول "الهبة الشعبية" التي تشهدها محافظات الجنوب منذ الـ 20 من ديسمبر الماضي .
ولاهمية هذه الاوراق المقدمة تنشر "عدن الغد" نصها :
بسم الله الرحمن الرحيم

معنى الهبة الشعبية والمقاومة الجنوبية السلمية..
د . قاسم المحبشي
التعريف
هب يهب هبوب هبة بمعنى فزع تحرك قام ونهض ووقف واستعد وفعل ورد وأثر وحول وبدل ، بمعنى استجاب وقاوم ورفض وثار وتحدى بمعنى حضر وظهر وبان وكان موجودا محسوسا ملموسا حيا تراه الأعيان وتدركه الأذهان ، بعكس الغياب والنوم والموات والعجز والكسل والخنوع والامتثال والتخاذل والخذلان ،وربما كان هذا المعنى مقاربا للمعنى الذي دونه ابن منظور في لسان العرب , اذ جاء في حرف الهاء : " ابن سيده: هَبَّتِ الريحُ تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِـيباً: ثارَتْ وهاجَتْ؛ وقال ابن دريد: هَبَّتْ هَبّاً، وليس بالعالي في اللغة، يعني أَن المعروف إِنما هو الـهُبُوبُ والـهَبيبُ؛ وأَهَبَّها اللّهُ. الجوهري: الـهَبُوبةُ الريح التي تُثِـير الغَبَرة، وكذلك الـهَبُوبُ والـهَبيبُ. تقول: من أَين هَبَبْتَ يا فلان؟ كأَنك قلت: من أَين جِئْتَ؟ من أَينَ انْتَبَهْتَ لنا؟ وهَبَّ من نَومه يَهُبُّ هَبّاً وهُبُوباً: انْتَبه؛ أَنشد ثعلب: فحَيَّتْ، فحَيَّاها، فهَبَّ، فحَلَّقَتْ، * مَعَ النَّجْم، رُؤْيا في الـمَنام كَذُوبُ وأَهَبَّه: نَبَّهَه، وأَهْبَبْتُه أَنا.

وفي حديث ابن عمر: فإِذا هَبَّتِ الرِّكابُ أَي قامَت الإِبلُ للسَّير؛ هو من هَبَّ النائمُ إِذا اسْتَيْقَظَ. وهَبَّ فلانٌ يَفْعَل كذا، كما تقول: طَفِقَ يَفْعَلُ كذا.

والهبة من اسمها قفزة نوعية في مسيرة ثورة المقاومة الجنوبية السلمية ، جاءت في اللحظة المناسبة ، ومن المهم ان يحرص الجميع على جوهرها السلمي ومقاصدها العادلة وحمايتها من الاختراقات المقصودة وغير المقصودة ، وذلك لن يتحقق الا بقوة التنظيم ومرونة التنسيق وحنكة الادارة ، انها ابتكارا خلاقا نابعا من صميم واقع حياة ثورة المقاومة الجنوبية السلمية ، التي أدهشت العالم بقوة إصرارها وثبات مراسها وتصاعد زخمها وطول صبرها ومشروعية أدواتها وصدقها وعدالتها وسمو مقصدها ومشروعية أهدافها ، في مقاومة قوى الغزو والاحتلال الغاشمة ونيل الحرية والسيادة الكاملة لشعب الجنوب المقاوم الذي شب عن الطوق وأخذ يمتلك زمام أمر إرادته الحرة الواعية ، وإذا الشعب يوم أراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر وحينما تهب حضرموت تكون الرياح مؤاتية . تقوم حياة الناس الاجتماعية وتستقر وتستمر وتزدهر بثلاثة مقومات أساسية عضوية نسقيه تفاعلية هي : ( فعل علاقة بنية ),بدونها يستحيل الحديث عن الظاهرة الاجتماعية بوصفها ظاهرة قابلة للرؤية والدراسة , وهذا ينطبق على كل النسق المجتمعي كله من خليته الأولى الأسرة مرورا بكل مؤسساته التقليدية , عائلة بيت فخذ عشيرة قبيلة حلف شعب قوم أمه وحتى اعلي أشكال ومظاهر الائتلاف الاجتماع الإنساني في مستوياته الأعلى والأكثر تركيبا المجتمع العالمي ويقع الإنسان بوصفه فاعل اجتماعي في قلب هذه العملية التاريخية , إذ إن كل فعل حتى يكون اجتماعيا يتطلب وجود علاقة مع فاعلين اجتماعيين مشابهين ومتماثلين يدخلون مع بعضهم البعض في علاقة تبادلية تفاعلية حية ومباشرة متكررة ومستمرة ومطردة وهذا ما يجعل العلاقة الجدلية التفاعلية المتكررة تتحول إلى شكل , بنية أو مؤسسة أو إطار أو كيان ذات ملامح تتخذ شكل يتصف بالاستمرار والديمومة والثبات النسبي رغم غياب الافراد الفاعلين الذين انشئوها, اذ ان الافراد ياتون ويذهبون بينما المؤسسات تبقى حاضرة طالما وجد فاعلون وافعال وعلاقة مضطردة ..

يقول تشرشل " أننا نحن من يقوم بتشكيل مؤسساتنا ثم تقوم هي بتشكيلنا" , وبهذا المعنى يمكن لنا النظر إلى فعل التزاوج الأول بين أبونا آدم وأمنا حواء الذي اكتسب صفته الاجتماعية بوصفه علاقة بين فاعلين اجتماعيين , علاقة تزاوج التي بفضلها واستمرارها واضطراها صارت ( الأسرة) بنية ومؤسسة اجتماعية تقليدية مستمرة و شبه ثابتة في حياة المجتمعات البشرية , من هذه الخلية البنية الأولى تناسلت عبر التاريخ سلسلة واسعة من البنى والأنماط والأطر المؤسسية الاجتماعية , التقليدية والحديثة , عشائر قبائل أقوم شعوب أمم , قرى مدن ودول ... الخ من أساليب وصور العيش الاجتماعي للناس . غير أن الحياة الاجتماعية بكافة صورها وإشكالها البسيطة والمركبة لا يمكن إن تستمر دون وجود وسائل فعالة وقواعد عقلانية لحل المشكلات والنزاعات الاجتماعية التي تكتنف حياة كل مجتمع .

وإذا ما حاولنا النظر إلى المجتمع من هذه الزاوية المنهجية زاوية الثابت والمتغير السكون والحركة فيمكن لنا فهم الظواهر الاجتماعية التاريخية المختلفة التي تتنضد في سياق ممارسة الناس لحياتهم اليومية المباشرة , ومن المهم ليس فقط ماذا يقول الناس وكيف يسلكون , بل ان السؤال الاهم هو لماذا يتصرفوا على هذا النحو ولماذا يقولون ما يقولونه ؟! وفي عالم الفعل والانفعال عالم ما تحت فلك القمر عالم الانسان لا شيء يحدث بدون سبب من الأسباب والاسباب اربعة : ظاهرة وخفية قريبة وبعيدة , والتاريخ هو التاريخ لا شيء يأتي اليه ولا شيء يخرج منه ,ونحن نعيش التاريخ كما تعيش الاسماك في الماء ! والتاريخ يكسر رؤوس البشر ولا يتكسر رأسه ابدا .

كيف نفهم معنى (الهبة الشعبية )التي اطلقتها حضرموت ؟! في العام الماضي سنحت لي وزميلي د سامي عطا فرصة القاء محاضرة مرتجلة في كلية الآداب قسم الفلسفة جامعة صنعاء بنخبة من الاساتذة الاعزاء وطلبة الدراسات العليا , بشأن الجنوب وثورته السلمية وقضيته العادلة , اتذكر اني قلت فيها ان ما حصل في الجنوب هو جريمة اقتلاع دولة كاملة من جذورها , تدمير واجتثاث كل مؤسساتها الحديثة , تدميرا منهجيا مقصودا بهدف اجبار شعب الجنوب على التقهقر والتراجع مئات السنين الى الخلف , وليس هناك من مصيبة يمكنها ان تصيب الناس في عالمنا المعاصر بافدح من تدمير دولتهم لا سيما اذا كانوا قد اجبروا على التخلي عن مؤسساتهم التقليدية القديمة ووضعوا كل بيضهم وفراخهم في سلة مؤسستهم الجامعة الوحيدة , دولة الحزب الشمولي الواحد الذي احتكر كل مقومات وعناصر القوة في الجنوب ومركزها في ذاته الارمولية ! وهكذا اصبح شعب الجنوب بعد غزوة التكفير والاحتلال في 94م مكشوف الظهر والصدر بلا حول ولا قوة بدون دولة تعصمه وتدفع عنه الظلم والاذى وبدون قبيلة تنجده وتحميه ! وهذا هو الرهان الجوهري الذي اعتمدته قوى الغزو والنهب والهيمنة التقليدية اليمنية منذ ان بيتت نيتها الغادرة على الايقاع بدولة الجنوب في فخ التوحيد وشرك الانفصال والتبرير , تبرير الحرب بفتوى التكفير الرهيبة , رهان سلب الجنوب كل مقدرات ومقومات القوة والقدرة على الفعل ورد الفعل , وابقاءه في حالة من العجز التام مأمون الجانب يستحق العطف والشفقة والمواساة الممزوجة بالتشفي الحقود , ومن يتذكر سلوك وممارسات جحافل الغزاة منذ لحظة اجتياح عدن في 7/ 7 / 94 وما تلاها سيفهم معنى ما اقول هنا :

يروي الكاتب السوري بشير البكر في شهادته على الأحداث، والبكر كان مقيماً في عدن أثناء الحرب، أنه وبعد إسقاط مدينتي عدن والمكلا من قِبل القوات الغازية، حصلت عملية اجتياح واسعة للجنوب ونهب وانتقام على طريقة ما قبل القرون الوسطى؛ فكتب يقول: "ما تعرضت له عدن بعد سقوطها، وعلى مدى أسبوع يفوق الوصف، ولكن يمكن تلخيصه بعبارة واحدة "السبي الكيفي المُنظم". أي أن هناك تجاوزات منظمة وتجاوزات كيفية. لكن اختلاط الناهبين من جنود ومقاتلي القبائل والإسلاميين أراح الحكومة في صنعاء من المسئولية من دم تلك المدينة التي تفرق بين القبائل". لقد نُهبت المؤسسات والقطاعات العامة للدولة والمحلات والمتاجر وأرزاق المواطنين وممتلكاتهم من سيارات وأدوات كهربائية ومواد غذائية وأثاث، فاكتظ طريق عدن-صنعاء البري على نحو غير معهود بالسيارات الذاهبة شمالاً وهي تحمل الغنائم أو تلك الآتية للبحث عن الغنائم. فخبر سقوط عدن والفتوى لاستباحتها انتشرا بسرعة البرق في أوساط الشمال، الذي هبت قبائله للسبي وفقاً للعُرف الذي اعتادت عليه. وبعد أسبوع من السبي، والجانب الرسمي المحلي والعربي والدولي مطبق في صمته، خرج نائب رئيس الوزراء ليقول أن عمليات النهب توقفت. فرد عليه عُمر الجاوي، الذي عُين بعد الحرب رئيساً للجنة إنقاذ عدن، بالقول: "لم يبق ما يُنهب". كما انتشر على نحو مخيف الاستيلاء على المنازل والممتلكات بالقوة والعنف. فتعرضت الممتلكات العامة للنهب الكلي. وفي خريف ذلك العام نقلت تقارير عن وجود حالات استيلاء على ممتلكات خاصة بالقوة, وتحدث السكان عن حالات تدخلت فيها القوات المسلحة مقابل الحصول على نظير نقدي لمصلحة بعض الشخصيات النافذة لطرد السكان من مساكنهم. وفي المجال الاقتصادي قام المتحالفون مع النظام بمصادرة الأراضي سواء في عدن أم في المكلا على أساس إعادة توزيع الممتلكات المصادرة سابقاً من قِبل الدولة في الجنوب.

وهكذا تم فرض النموذج المعروف في صنعاء على العاصمة الجنوبية والمناطق الأخرى. وقد كان استخدام مؤسسات الدولة الرسمية، كالجيش والأمن، في دعم وتوفير غطاء للتجاوزات والانتهاكات ، فضلاً عن السهولة البالغة في جلب واستخدام وحدات عسكرية وأمنية (رسمية) من قِبل النافذين لردع أي مقاومة لتجاوزاتهم حاول أن يبديّها بعضُ المدنيين، في حالات نادرة، دفاعاً عن ممتلكاتهم.. لقد كان ذلك بمثابة سابقة خطيرة ومدمّرة في الجنوب على مدى عقود طويلة من تاريخه , ينظر الجنوب : جريمة ابادة جماعية ,مركز عدن للدراسات والبحوث الإستراتيجية . لقد تعاملوا مع الجنوب كما تفعل الذئاب الجائعة مع فريستها الواقعة ! بل انهم لم يكتفوا بنهب كل مؤسسات الدولة في العاصمة عدن وعواصم المحافظات , بل راحوا يذرعون ويشبرون الجنوب قطعة قطعة من اقصاه الى اقصاه بسيارتهم وبنادقهم وجنابيهم وزنازينهم وعاداتهم وتقاليدهم ولهجاتهم وزواملهم بدون ادنى شعور بالخجل , وكأنما الجنوب أرض لا أهل لها ولا حرمة ولا حمى .

وكما هو معروف ان العيش في الحرمان يصبح غير محتمل عندما يكف الناس عن الايمان بفرص تجاوزه وفقد الامل بأنصاف وتضامن الآخرين ! بازاء هذا التحدي الفاجع , كان لابد للشعب هنا من عمل شيء ما , رغم ان الصدمة والهزيمة قد بلغت اعمق أعماقه وتركت أثارا غائرة في الاجساد والنفوس, الا انها لم تتمكن من سحق ارادة الناس واحساسهم بالقيمة والكرامة التي تستحق الرفض والمقاومة , من تلك البورة الخفية في اعماق الذات الانسانية ينقدح الشرر وتنطلق الصرخة وتتولد الرغبة في استئناف الفعل ورد الفعل وترك الخنوع والامتثال والعجز والاستسلام , فكانت المقاومة المدنية الشعبية السلمية الجنوبية هي الاستجابة الممكنة بازاء هذا التحدي الخطير , لقد كانت الحرب بما فعلته بالدولة والشعب في الجنوب من تدمير منهجي لكل مؤسسات الجنوب المنهوب حسب جمال بن عمر نائب بان تي مون هي بكل المقاييس أخطر تحدي يواجه شعب الجنوب المحتل إذ من خضم المحنة والألم انبثق التحدي الوجودي الجنوبي (نكون اولاً نكون)To be or not to be” هذه هي المسألة وفي لحظة مباغته تمخض الجنوب كله لينجب هذا البرومثيوس المبارك (المقاومة) مقاومة الموت والعجز والخوف والذل والطغيان..

فلم تكن المقاومة الجنوبية- كما يعتقد بعض من يعانون من عقد الاضطهاد والخنوع- لم تكن نزوة سياسية ولا عبث طفولي ولا هيجان غوغائي ولا مشاريع صغيرة ولا تنطعات قبلية وقروية وجهوية وانفصالية وغير ذلك من النعوت والصفات التي اخذت تلصق بثورة الجنوب العارمة التي ادهشت الجميع بقوتها وزخمها وارادتها وعزمها وحزمها وطيشها وشجاعتها وضجيجها الصاخب وصوتها الهادر في وجه الجلادين والخونة والمساومين والمنافقين والصامتين واللامباليين لتسمع العالم كله، بأن شعب الجنوب لازال حياً وبأن مخاض السنين قد انجب قضية اسمها القضية الجنوبية بألف ولام التعريف الكبيرين بعد 13 عاماً من المقاومة الصامتة والدؤوبة والمواقف الفردية الشجاعة وبعد الخيبات والخيانات والمرارات والمظالم التي لا تحصى ، والتفكك والخذلان، يولد هنا وعلى هذه الارض شعب جديد ووطن جديد وفضاء جديد، وقواعد لعب وميدان جديد شعب استطاع اخيراً ان يقول: “نحن” هذه الـ"نحن" الغالية هي التي كان يفتقدها الجنوبيون طوال السنين الماضية، وكان غيابها سبب كل انكساراتهم وهزائمهم وضياع دولتهم وضعفهم وعامل طمع وقوة المتربصين بالجنوب ودولته وسيادته التي جرى تضييع هويتها لأغراض وهمية رومانسية وخبيثة ، مع ميلاد هذه ال(نحن ) الجنوبية انقلبت قواعد اللعبة بين القوي والضعيف بين القوة والحق بين الظالم والمظلوم بين الناهب والمنهوب بين المحتلين واصحاب الارض الاصليين , فكان لعدن وحضرموت دورا رائدا في ثورة المقاومة السلمية التي عمت كل ارض الجنوب وبلغت اوجها في مليونيتها العاشرة في ساحتي الحرية في عدن والمكلا , وحينما يكون الكاس ممتلىء حتى الحافة تكفيه قطرة واحدة لكي يفيض ! .

فكيف يكون الحال حينما تضيف قوى الغزو والتكفير والاحتلال بعد الذي كان جريمة بحجم اغتيال الشهيد سعد بن حبريش ومرافقيه مقدم الحموم ورئيس تحالف قبائل حضرموت تغتاله في ارضه وحماه وفي الطريق العام طريقه هو واهل ديرته واسلافه منذ الف السنين تقتله مفرزة عسكرية من عصابة الاحتلال في وضح النهار وبتهمة خطيرة جدا هي انتماءه الى ( تنظيم القاعدة ) المصنف ارهابيا , وخطرا عالميا حسب قوى الهيمنة العالمية بقيادة امريكا , تلك الجريمة البشعة فضلا عن الجرائم الكثيرة الاخرى التي شهدتها حضرموت في ايام متقاربة , كانت بمثابة الدفقة الاخيرة التي جعلت كأس الصبر والاحتمال الاهلي يفيض معلنا (هبته الشعبية ) التي اثأرت ولا زالت تثير امواج عاتية من ردود الافعال والتساؤلات والنقاشات والتصورات والتكهنات بين المؤيدين والمعارضين , واعتقد ان المستهدفين الاساسيين منها في صنعاء قد فهموها وادركوا مغزاها لذا تراهم يبذلون جهود مضنية لتشويهها وتمييعها وكبح جماحها , لكن بعد فوات الاوان , اتصور ان الهبة الشعبية هي بمثابة استنهاض القوى المؤسسية الجنوبية التقليدية التي سعت صنعاء وراهنت على تحييدها وحيادها , منذ 94 , تلك القوى المؤسسية القبلية التقليدية التي انتصرت بها صنعاء على دولة الجنوب الحديثة , هي ما يرعبها , كيف يمكن التعامل مع القبائل الجنوبية لو هبت يا صنعاء القبلية ؟أ وحينما تنتفض الحموم بالذات أكبر قبيلة في حضرموت وتسري هبتها سريان النار بالهشيم في عموم الجنوب فهذا معناه ان تحولا نوعيا وحاسما في مسيرة ثورة المقاومة الجنوبية السلمية لم يكن بحسبان قوى الاحتلال . صنعاء تدرك ان الهبة الشعبية ليست كفاحا مسلحا كما يروج بعض الطيبين او الخبثاء , لأنها تعلم علم اليقين عدم قدرة الجنوبيين على ذلك , بعد ان تعمدت افراغ الجنوب من كل الاسلحة والادوات الحادة , ولا يخوض الحرب إلا من يمتلك قوتها , بل ان المحتلين يسعون جاهدين للايقاع بالجنوبيين في هذا الفخ , فخ المقاومة المسلحة والفوضى العنفية ..

بينما يجب ان تحافظ الهبة الشعبية على طابعها السلمي ان ارادت ان تكون امتدادا للثورة الجنوبية السلمية التحررية , اما اذا كانت هبة اهلية قبلية طبيعية كما يفترض بها ان تكون فهي تعرف شروط وقواعد لعبتها الخاصة في المجال التي تتحرك فيه , اتمنى على قيادات الكيانات الحراكية ان تبقى على مسافة واضحة من الهبة الشعبية مع الحرص على دعمها ومأزرتها , حتى تتضح معالمها ويشتد عودها , وحتى لا تختلط الاوراق وتتلخبط الأمور . فيما يشبه الخاتمة للتذكير : يوم اغتيال الشهيد سعد بن حبريش ومرافقيه كتبت رسالة عاجلة للسيد جمال بن عمر هذا نصها : يا سيد جمال بن عمر ليس بالقتل وحده يكون الحوار كما كنا نظن !! ثمة طرق كثيرة أخرى للحوار والمحاورة والكلام والمجابرة كنا نعرفها جيدا من التراث والخبرة والتجربة منها : التهديد بالقتل وامتشاق الأجنبية وإطلاق الرصاص في الهواء من فوق الرؤوس والضرب باليد والملاكمة والردع بالرأس والمرادعة والزبط بالأقدام والمراكضة والجدم بالفم والمجادمة وانشاب الاظافر والمخالبة والسب واللعن والملاعنة والصراخ والهنجمة نصف القتال وغير ذلك من اساليب وصور الخوار والمحاورة !!! كل تلك الأنماط كنا نعرفها ونتوقعها من الكائنات المهيمنة في صنعاء اليمانية حتى قدومك الميمون قبل سنتين لإصلاح ذات البين مبعوثا من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بحماية الإنسان وحقوقه في كل وكان حسب الإعلان العالمي للحقوق الإنسان الصادر بقرار أممي عام 1948 م .

بعد إعلانكم الشهير نجاح مؤتمر الموفنبيك بنسبة 90/ لم نرى غير اضطراد لا مثيل له في وتيرة تقتيل الناس وسفك دماءهم في كل مكان من بلاد اليمن الظلم والظلام وفي الجنوب المحتل بأسوأ مما كان , إذ لم تشهد حضرموت التي علمت نصف آسيا التحضر والتمدن والتدين والرفق والرشد والاتزان لم تشهد هذه الأرض التليدة الطيبة في كل تاريخها الطويل جرائم بذات البشاعة والخسة والخفة والتواتر والعبثية كما تشهده هذه الأيام بعد إعلانكم في مجلس الأمن الدولي بان اليمنيين تعلموا شيء في مؤتمر الحوار لم يكن يخطر على البال !!! ما هذا الذي علمتهم إياه يا شيخ جمال بن عمر ؟؟ لم نسمع أن ثمة شيخ قبلي يمني قتل مع مرافقيه في صنعاء وعمران أو صعده أو ذمار بالطريقة التي تمت اليوم مع شيخ مقدم اكبر قبيلة في حضرموت الحموم ومرافقيه في أرضه وحماه ؟؟؟ وما هكذا يكون الحوار يا أهل الشمال ؟! ثمة قواعد للشح والروق قواعد للخصومة والمحبة قواعد للغزو والاحتلال قواعد للقهر والإذلال ؟ .

كل شيء له حد حتى العبد الذي يخضع لعسف سيده يثور حينما يتجاوز حدوده , ويصرخ في وجهه لا لا لا كفى هذه ا ل لا معناها يا بجم أن الأمور بلغت حدا لا يطاق ويستحيل السكوت عنها هنا تبلغ المعادلة ذروتها , اقصد معادلة الحياة والموت بل أن الناس المسالمين الصابرين الكاضمين لقهرهم وفي لحظة مباغتة يمكنهم أن يتحولون إلى غضب مستطير ليس بمقدور احد إخماده أو إطفاء شرره , وسيعرف الظالمون أي منقلب ينقلبون !!! وليس بالقتل وحده يكون الحوار يا جمال بن عمر ويا أهل الشمال !!! الأمر خطير وجريمة اغتيال شيخ الحموم ومرافقيه اليوم بعد يوم واحد من اغتيال المهندس المرفدي ونجله في حضرموت سوف يكون لها تداعيات خطيرة جدا , لقد ختمت الحوار وأشعلت النار يا جمال بن عمر في المكان الخطأ !!..
وستنبئك الأيام بالنتائج والثمار الدانية لجريمة الحوار الكاملة !!!! والسلام

الورقة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم

الهبة الشعبية: المقدمات والارهاصات .. وشروط الاستمرارية والنجاح
ورقة مقدمة إلى حلقة النقاش المنعقدة في يناير 2014م

الدكتور: سعودي علي عبيد
عدن

أولا: مقدمات أو إرهاصات الهبة الشعبية.
تشكِّل "الهبة الشعبية" واحدة من حلقات، أو مرحلة من مراحل ثورة شعب الجنوب. وبالنسبة للأهمية التي تحتلها، فإن ذلك مرهون بالأهداف، أو المهام التي ستنفذ في سياق مسار هذه الهبة.

كما أنه من الناحية الأخرى، من غير الممكن تناول ظاهرة "الهبة الشعبية"، بدون النظر إلى جملة الارهاصات السياسية والجماهيرية، أو حتى تلك التي تتجاوز ذلك، من قبيل الحركات والتمردات، ناهيك عن الحراك الشعبي السلمي الراهن.

وبرغم أهمية وصحة ما ألمحنا إليه آنفا، فإنه من غير المستبعد أن نجد من يحصر قيام "الهبة الشعبية"، التي بدأت في 20 من ديسمبر 2013م بذلك الحدث الماساوي، الذي ارتكبته قوات الاحتلال اليمني، والذي نتج عنه استشهاد شيخ قبيلة الحموم، المقدم سعد بن حمد بن حبريش العلي في 2/12/2013م). وعلى إثر ذلك فقد تداعت قبائل منطقة الحموم ، واصدرت بيانا استنكرت وأدانت فيه ذلك الفعل الشنيع، كما ضمنت بينها ذاك، مجموعة من المواقف والمطالب، ذات العلاقة بتنازع السيادة على المنطقة النفطية، الواقعة في المنطقة القبلية لقبائل الحموم، التي ينتمي إليها الشهيد سعد بن حمد بن حبريش، في الوقت الذي حُرم أهالي المنطقة الاصليين من خيراتها.

وفي الحالتين المذكورتين، فإن هناك علاقة جدلية متينة يمكن ملاحظتها، تثبت العلاقة بين جملة الارهاصات والمقدمات، التي سبقت قيام" الهبة الشعبية"، وحادثة اغتيال المقدم بن حبريش، ومن ثم قيام "الهبة الشعبية" ذاتها من جهة أولى، وبين الحراك الثوري الشامل لشعب الجنوب ضد الاحتلال اليمني، الذي تحدد هدفه الأساس في "التحرير والاستقلال واستعادة دولته، من جهة أخرى.

وإذا كان مفهوما وواضحا لنا، العلاقة بين تلك الارهاصات والمقدمات المختلفة الاشكال من جهة، والحراك الثوري السلمي لشعب الجنوب، الذي نشأ في 7/7/2007م من جهة أخرى، فإن العلاقة بين الهبة الشعبية من جهة، وتلك المقدمات والارهاصات من جهة أخرى، قد لا تكون مفهومة ومدركة بشكل كاف من لدن البعض.

ومن سوء الفهم هذا، يتسلل البعض لكي يصتادوا في الماء العكر بحسب القول المأثور، قيذهبون الى إصباغ الهبة الشعبية بلون وخصائص محلية وجهوية، بل وتقزيمها عند مطالب حقوقية خاصة فقط بتلك المنطقة، التي حدثت فيها حادثة الاغتيال المذكورة.

وإذا عدنا إلى حادثة اغتيال المقدم(بن حبريش)، وعلى وجه الخصوص إلى الأسباب الحقيقية والمباشرة لعملية الاغتيال، سنجدها كامنة في مقاومة المواطنين الأصليين لنهب وسرقة خيراتهم النفطية من قبل المتنفذين الغرباء، وحرمانهم من هذه الخيرات، ناهيك عن حرمانهم من العمل في الشركات النفطية العاملة في حقول مناطقهم، وكل ما له علاقة بنشاط هذه الشركات.

ومما لا شك فيه بأن هذه المطالب، التي لوَّح بها مواطنو المناطق المنتجة للنفط، ليست سوى جزءاً من الإشكالية الرئيسية، التي تولَّدتْ عنها ما اطلق عليها مجازا ب "القضية الجنوبية"، ونعني بها الاستحواذ على ثروة الجنوب، وذلك كنتيجة لاحتلال الجنوب في 7/7/1994م. وبمعنى أدق، فإن الهدف الرئيس لاحتلال الجنوب، كان في الاساس هو الاستيلاء على ثروات الجنوب المتنوعة، وفي مقدمتها النفط والغاز والذهب، ناهيك عن البسط على اراضي الجنوب، التي تكمن فيها/ وعليها/ وتحتها الثروات الذكورة.

واستخلاصا مما سبق قوله، نجد أن هناك علاقة وثيقة بين "الهبة الشعبية" والحراك الثوري السلمي لشعب الجنوب، إذ يحقُّ لنا التأكيد بأن "الهبة الشعبية"، هي مرحلة هامة في مسار الثورة السلمية الجنوبية، أو هي حلقة من حلقات نضال شعب الجنوب في السياق ذاته. وليس مهما إن كان قد بدأت هذه الهبة من حضرموت أو شبوة أو الضالع أو عدن، أو غيرها من مناطق الجنوب، فالكلُّ واقعٌ تحت الاحتلال.

ومن هذه الحقيقة الساطعة، لاحظا أن بقية مناطق الجنوب، قد تحركتْ مباشرة بعد الإعلان عن "الهبة الشعبية" في حضرموت، بل ولن تبخل هذه المناطق في تقديم تضحيات جسيمة على درب ثورة الجنوب المستمرة، وذلك كما حدث في كلِّ من الضالع وشبوة وردفان وعدن، بل ويمكننا القول بأن هذه الماطق، قد مثلت خط الدفاع الأول عن "الهبة الشعبية" في حضرموت.

ثانيا: شروط استمرار ونجاح "الهبة الشعبية."
وقبل الولوج في تناول مسألة هذه الشروط، يبرز لنا تساؤل هام فيما يخص المستوى أو الدرجة التي تمثله هذه "الهبة الشعبية"، أو الهبات الشعبية في سياق مسار ثورة الجنوب السلمية، المحددة في هدف(التحرير والاستقلال واستعادة الدولة)، وهل هناك خصوصية لكلِّ منطقة على حده، فيما يخص هبتها الشعبية؟

وإذا بدأنا من المسألة الثانية – الخاصة بخصوصية كل منطقة فيما يخص اهداف ومسار "الهبة الشعبية فيها - فيمكننا أن نجد فكرتين في هذا السياق: الأولى تذهب إلى تأييد فكرة الخصوصية لكلِّ هبة شعبية في كل منطقة على حده. واتساقا مع هذا الرأي أو الفكرة، فقد نعتبر أن هناك هبات شعبية وليست هبة شعبية واحدة. فمثلا كانت هناك "هبة شعبية" في منطقة يافع (لبعوس)في 2/5/2011م ،التي كان هدفها محددا في طرد قوات الاحتلال اليمني المرابطة في هذا الموقع العسكري الهام. وقد تمثلت ذروة تلك الهبة، معركة جبل العُّر." وقد نعتبر أن منطقتي الضالع وردفان لهما هبتهما الشعبية الخاصة بهما، وقد تمثل هدفهما في رفض الوجود العسكري للاحتلال اليمني. وقد قدمت هاتان المنطقتين تضحيات جسيمة، منذ بدء الحراك السلمي في الجنوب في 7/7/2007م، إن لم يكن قبل هذا التاريخ بكثير. وقد كانت أحداث سناح الأخيرة في 27/12/2013م، لحظة هامة في سياق الهبة الشعبية الخاصة بمنطقة الضالع، التي سقط فيها أكثر من عشرين شهيدا وعشرات الجرحى، نتيجة قصف مجلس عزاء الشهيد محمد فهمي قاسم بقذائف دبابات الجيش اليمني، وهكذا هو الحال فيما يخص مناطق الجنوب الأخرى.

أما المسألة الأخرى، فهي تلك الخاصة بالمستوى أو الدرجة، التي تمثلها "الهبة الشعبية" التي انطلقت من حضرموت في20/12/2013م داخل السياق أو المسار العام لثورة الجنوب السلمية، التي انطلقت في 7/7/2007م؟ والإجابة على هذا التساؤل، يمكن أن تتفرع إلى قسمين، وذلك انطلاقا من افتراضين اثنين، أو لنقل انطلاقا من مبدأين اثنين، ولكلِّ افتراض أو مبدأ هدفه الخاص والمحدد به.

فأما الافتراض أو المبدأ الأول، فهو القائل بأن الهبة الشعبية في حضرموت، تمثِّل حالة خاصة بمنطقة حضرموت، ومن ثم كانت لها – أي الهبة الشعبية – هدفها الخاص بها، والمتمثل في تلك المطالب، التي أعلنتها اللجنة التنسيقية لهبة حضرموت في بيانها المعلن في10/12/2013م،الذي تضمن في الأساس إعطاء فسحة زمنية لسلطة الاحتلال حتى 20/12/2013م، لتنفيذ مطالبهم المعروضة في بيانهم ذاك. ويعني ذلك أن "الهبة الشعبية" في حضرموت، قد تحدد هدفها بتنفيذ تلك المطالب، وهي قد تنتهي بتحقيق تلك المطالب.

وهناك من يعمل على توسيع هذه الحالة، باعتبار أن الهدف الحقيقي – والمضمر أحيانا – يتمثل في إقامة كيان مستقل لحضرموت منفصل عن كيان الجنوب.

أما الافتراض أو المبدأ الثاني، فهو القائل بوجود علاقة بين "الهبة الشعبية" في حضرموت، باعتبارها- أي هبة حضرموت – ليست سوى حلقة أو مرحلة متطورة في مسار الثورة السلمية في الجنوب. وللذين يتبنون هذا الرأي أو الفكرة، مبرراتهم وحجهم المفندة لها، ومنها على سبيل المثال:
1. إن حضرموت هي جزء من الجنوب تاريخا وجغرافية، والعكس صحيح تماما. وإن محاولة نكران هذه العلاقة، ليست سوى امتداد لسياسة المحتل اليمني الموغلة في القدم، والموجهة ضد تاريخ وهوية الجنوب.

2. إن المطالب أو الأهداف التي أعلنتها "الهبة الشعبية" في حضرموت، ما هي إلا جزء من جملة المطالب والأهداف، التي ترفعها ثورة شعب الجنوب، كما أن الأسباب التي أدتْ إلى قيام هبة حضرموت، هي جزء من الأسباب التي أدت إلى قيام الثورة الشعبية السلمية في الجنوب، أو هي الأسباب ذاتها من حيث المضمون.

3. كما أن الأهم في هذه المسألة، هو مدى التداعي والتلاحم المتضامن في كل مناطق الجنوب، الذي حصل مباشرة بُعيد مقتل شيخ قبيلة الحموم، المقدم سعد بن حمد بن حبريش، وكذلك عند إعلان "الهبة الشعبية" على مستوى الجنوب، وهو ما نشاهده حاليا من تصعيد نضالي في مختلف مناطق الجنوب: في شبوة وعدن والضالع ولحج وردفان وغيره, وهذا دليل واضح على عمق أواصر العلاقة بين شعب الجنوب، كما أن التاريخ قد سجل لنا هذه العلاقة في أكثر من منعطف تاريخي. ولا أعتقد أننا قد نسينا ذلك.

وبالعودة إلى موضوع الشروط، ففي البدء يمكن الإشارة إلى أننا نميل أكثر إلى الفكرة القائلة، بشمولية "الهبة الشعبية" على مستوى الجنوب كافة، وذلك انطلاقا من الاعتبارات التي اوردناها عند تناولنا لهذه المسالة آنفا. وهذا يعني كذلك، بأن "الهبة الشعبية" التي انطلقت في 20/12/2013م، هي جزء في سياق مسار الثورة السلمية في الجنوب، التي انطلقت في 7/7/2007م ، والمتمثل هدفها في "التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب".

ومن المؤكد بأنه ومنذ انطلاق هذه الهبة الشعبية في 20/12/2013م، قد دخلت ثورة الجنوب مرحلة تاريخية هامة من نضال شعب الجنوب، كما سالت دماء كثيرة من أجل الحصول على الحرية.

وفي ضوء ذلك، كيف نتصور استمرار، ومن ثم نجاح "الهبة الشعبية" في شموليتها المكاني – على مستوى الجنوب – أو من حيث وصولها إلى مداها النهائي، وذلك في تلاقي أهدافها مع الهدف الاساسي لثورة الجنوب، المتمثل في "التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب".

وكأية ظاهرة سياسية أو اجتماعية، فإن لـ "الهبة الشعبية" مبتدأ، ولها سير تطورها، ولها نهايتها المرتبطة بتحقيق اهدافها بالضرورة. وعليه، فما هي شروط استمرار ونجاح الهبة الشعبية، باعتبارها حلقة أو مرحلة في سياق الثورة السلمية في الجنوب؟؟

يمكننا أن نسجل هنا أهم الشروط أو العوامل، المساعدة على استمرار "الهبة الشعبية"، ومن ثم نجاحها كما ألمحنا إلى ذلك آنفا. وتتمثل هذه الشروط أو العوامل في الآتي:
1. أهداف "الهبة الشعبية" المضمرة والمعلنة، والقريبة والبعيدة.
2. القوة السياسية والاجتماعية للهبة الشعبية.
3. مسار الهبة الشعبية.
4. الوسائل المستخدمة في تنفيذ الهبة الشعبية.
5. شعب واحد، هدف واحد، وقيادة موحدة.

اولا: اهداف "الهبة الشعبية" المضمرة والمعلنة والاهداف القريبة والبعيدة.
إذا ذهبنا إلى أن هناك خصوصيات للهبات الشعبية بحسب كل منطقة جغرافية، أو بمعنى آخر هناك استقلالية نسبية لهذه الهبات، وذلك بحسب الظروف والأسباب، التي أدت إلى انطلاقة هذه الهبة أو تلك، فيعني ذلك أن هناك أهدافا لهذه "الهبة الشعبية" تختلف عن غيرها.

وإذا عدنا إلى الهبات الشعبية في كل من مناطق: يافع، والضالع، وحضرموت، فهل يتاكد بأن لكلِّ هبة شعبية هدفها أو حتى أهدافها الخاصة بها. بحيث هدفت هبة يافع إلى طرد قوات الاحتلال من منطقة يافع، وخاصة من جبل العر - كموقع استراتيجي عسكري - وكان هدف الضالع شبيها بهدف يافع، أما هدف الهبة الشعبية في حضرموت، فقد تمثَّل في سيطرة مواطني المنطقة على الحقول النفطية هناك.

وإذا أيدنا مسألة خصوصية الهبات، بما تتضمنها من أهداف، فإن ذلك يعني بأن هناك أهدافا معلنة وأخرى غير معلنة (مضمرة).

وباعتبار أن هذه الهبات الشعبية، تمثل حلقات او جزءا من ثورة الجنوب السلمية - بهدفها (التحرير والاستقلال واستعادة الدولة )- فمن الممكن أن تكون هناك أهدافٌ قريبةٌ، وأخرى بعيدة لكلِّ هبة شعبية على حده، ولكنها ذات صلة وثيقة بأهداف الثورة السلمية في الجنوب.

ثانيا: القوى السياسية والاجتماعية للهبة الشعبية.
المؤكد بأن انطلاقات الهبات الشعبية، قد دفعت بقوى اجتماعية عديدة إلى واجهة الصراع مع المحتل اليمني. ونقصد بذلك المكونات القبلية في العديد من مناطق الجنوب. وهذا تأكيد على ضرورة مشاركة مختلف القوى السياسية والاجتماعية والمهنية والجهوية، أكان على صعيد المشاركة في الهبات الشعبية، أو على صعيد المشاركة في ثورة الجنوب السلمية.

وعلى أساس مشاركة هذه القوى الاجتماعية – أكان على صعيد الهبة الشعبية، أو على صعيد ثورة الجنوب السلمية – فقد برزت بالضرورة مسألة هامة، ذات علاقة بالكيفية التي ينبغي فيها تنظيم هذه القوى الاجتماعية داخل مسار العملية الثورية بشكل عام، وذلك بالاستفادة من الإمكانيات والطاقات، التي تمتلكها هذه القوى. وهي إمكانيات وطاقات لا يستهان بها. ولذلك، فإن السؤال الملح والهام في هذا المجال، هو كيف يمكن تحقيق هذه الاستفادة من إمكانيات وطاقات هذه القوى الاجتماعية بشكل عام، والقوى القبلية بشكل خاص؟ بل وكيف يمكن الاستفادة من مختلف القوى الاجتماعية؟ على اعتبار أن هناك قوى اجتماعية معينة، ليست مشاركة بفعالية في العملية السياسية الوطنية في الجنوب؟ علما بأن أسباب ذلك قد تكون في مكان آخر.

ثالثا: مسار الهبة الشعبية.
نقصد بمسار "الهب الشعبية" خط سير الهبة الشعبية، أو المدى الذي من الممكن أو المفترض ان تقطعه هذه الهبة. فمن حيث العلاقة بهذه المسألة، فإن هناك عددا من الأسئلة يمكن أن تبرز إلى السطح، وذلك مثل:
- هل ينبغي أن يكون للهبة الشعبية مسارٌ زمنيٌّ محدد؟
- وهل مسار الهبة له علاقة بالهدف، أو الأهداف التي تم الاعلان عنها؟ أم أن هناك أهداف مضمرة؟
- وهل الأهداف المعلنة هي من قبيل الاهداف التكتيكية فقط؟
- وما هي مخاطر حصر الهبة الشعبية بأهداف مرحلية، على مسار ثورة الجنوب السلمية؟

رابعا: الوسائل المستخدمة في تنفيذ الهبة الشعبية.
المعروف بأن الوسائل المستخدمة في تنفيذ ثورة الجنوب السلمية منذ انطلاقتها، كانت وسائل سلمية بامتياز، برغم ما تعرض له شعب الجنوب من عنت وقهر وقتل وتعسف.

وقد تجلَّتْ الوسائل السلمية المستخدمة حتى عشية "الهبة الشعبية"، في: المسيرات والتظاهرات والاعتصامات، وإحياء المناسبات الوطنية الخاصة بالجنوب، ومواكب تشييع شهداء الثورة السلمية في مختلف مناطق الجنوب، وعقد الندوات والمحاضرات والأمسيات. وقد كان اتباع الخط السلمي، هو الاسلوب الصحيح والواقعي برغم محاولات الاحتلال اليمني لجر الحراك لتغيير نهجنا، من مساره السلمي إلى اللاسلمي. وحتى عندما يضطر بعض الجنوبيين باستخدام السلاح في بعض المناطق الريفية ، فقد كان يتم توصيف رد الفعل ذاك من قبيل الدفاع عن النفس، وليس باعتباره تحولا إلى الاسلوب العسكري في مسار الثورة الجنوبية. وفي الغالب لم تستطع سلطات الاحتلال، اقناع الراي العام الداخلي والخارجي بمقولة الحراك الجنوبي المسلح، التي صارت ترددها في مواقع إعلامها المختلفة، وكذا في بعض مواقع الإعلام العربي المنفلت. فكيف هو الحال بعد انطلاقة "الهبة الشعبية" الاخيرة من حضرموت في 20/12/2013م؟؟ والمقصود بسؤالنا هو، هل تغيرتْ وسائل نضالنا ضد المحتل اليمني من الأسلوب السلمي إلى اللاسلمي (العسكري)؟ أم أنه يتوجب علينا التمسك بوسائلنا السلمية الحالية/ والسابقة على انطلاقة الهبة؟ أو أنه يفترض أن نزاوج بين الأسلوبين السلمي واللاسلمي؟ أو نعمل على تكييف وسائلنا بحسب الحالة المحددة، أو بحسب واقع كل منطقة على حده؟

وإذا تتبعنا المشهد السياسي العام في الجنوب، سنجد تغييرا في عملية المواجهة بين شعب الجنوب والاحتلال - متمثلا بوسائله القمعية المختلفة (الجيش – القوى الأمنية – الاستخبارات وغيرها) - وذلك كما هو حاصل الآن في حضرموت وشبوة، وكما هو حاصل بقوة في الضالع وردفان، ونعني بها حالة المواجهة المسلحة بين الطرفين: قوى الاحتلال من جهة، وشعب الجنوب من جهة أخرى. وفي توصيف هذه المواجهة، يُقال أحيانا بأن هذه المواجهة هي بين الاحتلال اليمني من جانب، ورجال المقاومة الجنوبية في الجانب الآخر. وأحيانا أخرى يقال بأنها بين الاحتلال اليمي من جانب، ورجال القبائل الجنوبية في الجانب الآخر. فأيهما الأفضل والأسلم؛ أن نجعل المواجهة مع قوى الاحتلال، محصورة برجال القبائل، أم برجال المقاومة؟ ومعنى ذلك، أننا قد قمنا بتغير شكل نضالنا السلمي إلى اللاسلمي!!

خامسا: شعبٌ واحدٌ، وهدفٌ واحدٌ، وقيادةٌ موحدةٌ.
وحتى عشية "الهبة الشعبية" في حضرموت في 20/12/2013م، كنا نتحدث فقط عن شعب واحد وكيان واحد، هو: "الجنوب"، أو" الجنوب العربي" او "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، أو حتى "حضرموت الكبرى"، فهل بقي الحال كما هو عليه؟ وبالطبع فإن الإجابة تقول بالنفي، حتى وإن لم تكن أداة النفي جازمة بما فيه الكفاية!!

والقول بأن هذه الإجابة غير جازمة بالنفي، يعنى أننا لا نستطيع – على الأقل حتى الآن - أن نتحدث بشكل قاطع عن كيانات وهويات متعددة في الجنوب، عوضا عن ذلك الكيان الموحد، والهوية الواحدة، فإن قولنا هذا يستند على الحقائق الآتية:
1. حقائق التاريخ الثابتة، التي تؤكد وحدة الجنوب من المهرة حتى باب المندب، بقطع النظر عن تلك الادعاءات المنطلقة، أو المستندة على رغبات هذه المجموعة أو تلك.

2. باعتبار أن بروز هذه الهويات المستحدثة، هو جزء من الصراع بين الهويتين الجنوبية اليمنية.

3. إن هذه الهويات المصطنعة مرتبطة، أو نابعة من رغبات القوى التقليدية التي كانت تحكم في بعض هذه المناطق في فترة ما قبل استقلال الجنوب.

ومع كلِّ هذه الحقائق المذكورة، التي تؤكد الحالة الطارئة في بروز هذه الهويات، والتي هي مرتبطة بالحالة السياسية الراهنة التي يمر بها الجنوب، إلا أننا بالمقابل لا يمكننا تجاهل هذه الظاهرة حتى وإن كانت طارئة. أما السؤال الهام هنا، فهو كيف يمكننا معالجة هذه الإشكالية؟ هل من خلال مقاومتها أو رفضها؟ أو من خلال تجاهلها؟ أو التعامل بواقعية وعقلانية ومرونة؟ وفي كل الحالات المذكورة كيف سيتم ذلك؟

ومن الممكن أن نختتم هذه الجزئية بالتأكيد بأننا كجنوبيين – نخب وكيانات سياسية ومجتمعية وحتى جهوية – قد توافقنا على ملامح دولة الجنوب المستعادة، التي يجب أن تكون بشكل عام على الصورة التالية:
1. دولة مدنية حديثة وديمقراطية.

2. دولة اتحادية بين مجموعة أقاليم.

3. نظام سياسي يشارك فيه الجميع بدون استثناء.

4. نظام سياسي، ليس له علاقة بما كان قبل الاستقلال الوطني للجنوب، ولا بما جاء بعد الاستقلال، ولا بما صار بعد 21 مايو 1990م.

5. المسائل الأساسية والمفصلية للدولة والنظام السياسي لدولة الجنوب المستعادة، ستخضع للاستفتاءات العامة، وذلك من قبيل: عَلَم الدولة، والنشيد الوطني، واسم الدولة.

المسألة الثانية، هي الخاصة بهدف الهبة الشعبية. فمما لا شك فيه، بأن هذه المسألة لها علاقة بمجموعة تساؤلات كنا قد ألمحنا إليها في مكان آخر من هذه الورقة.

وإذا تذكرنا بأن الهدف الرئيسي لثورة الجنوب السلمية، هو "التحرير والاسقلال واستعادة الدولة"، فإن ما نجده الآن – وخاصة بعد انطلاقة الهبة الشعبية في حضرموت – أن هناك أهدافا قد أُعلن عنها. وقد لا نقول عنها أنهها متعاكسة مع الهدف المجمع عليه من قبل كل القوى السياسية والاجتماعية والجهوية، المشاركة في ثورة الجنوب السلمية ، ولكن من المؤكد بأن أهداف - أو فلنقل مطالب - "الهبة الشعبية"، لم تتضمن هدف "التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب".

وفي ضوء ذلك، هل يمكننا اعتبار تلك الأهداف – أو المطالب التي تضمنها بيان حلف قبائل الحموم – أنها جزء من تلك الأهداف المرحلية أو التفصيلية، التي تؤدي حتما إلى تحقيق الهدف الأساسي لثورة الجنوب السلمية، المتمثل في "التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب"؟ وإذا كان الأمر ليس كذلك، فهل يحق لهذه المنطقة أو تلك من مناطق الجنوب، أن تقرر مصير ومستقبل الجنوب، وبما لا يتفق تماما مع رغبات وإرادة غالبية شعب الجنوب، بل وحتى غالبية شعب حضرموت مثلا؟ باعتبار أن "الهبة الشعبية" – التي نتحدث عنها الآن - انطلقت حصريا من منطقة قبائل الحموم، وهم من يتقدمون هذه الهبة. وما قلناه عن هبة حضرموت، يمكن قوله على أية هبة شعبية أخرى.

أما المسألة الثالثة والأخيرة، فهي تلك الخاصة بتوحيد القيادة السياسية على مستوى العمل الوطني في الجنوب، وهي المسألة المركزية والهامة. وفي اعتقادنا بأن غيابها كان له العديد من الآثار السلبية، التي رافقت وعلقت بمسار ثورتنا الجنوبية السلمية، بل وأخرت من انتصارنا، إذا ما قسنا ذلك بطول الفترة الزمنية نسبيا لعمر ثورتنا. وهذه واحدة من الآثار السلبية لغياب وحدة الأداة السياسية أو حاملها السياسي، وما يترتب على ذلك من عدم وجود قيادة سياسية موحدة تعبر عن إرادة مختلف مكونات شعب الجنوب:السياسية والمهنية والاجتماعية والجهوية وغيرها.

وفي ضوء هذه الحقيقة، فليس بعيدا أن يكون ظهور هذه الهبات واحدة من هذه الآثار السلبية، ذات العلاقة بغياب الأداة السياسية الواحدة، وعدم وجود قيادة موحدة لهذه الثورة. فحيثما يوجد الفراغ يملؤه الآخرون. وبرغم الواقع الحالي لثورة الجنوب السلمية، وهو واقع لا يسرُّ عدوا ولا حبيبا – كما يقال – إلا أن خلق قيادة سياسية موحدة لثورة الجنوب السلمية، تظل مهمة ضرورية وعاجلة. ولكن ما هو شكل الإطار، الذي يمكن أن تتوحد داخله مختلف مكونات شعب الجنوب؟

وفي ضوء ما سبق قوله، ومن أجل أن تكون هذه القيادة الموحدة، عاكسة للحالة الراهنة، وواقعية، ودافعة لعجلة الثورة الجنوبية إلى الأمام، فلا بد من التنبه إلى:
1. أن هناك تعددا في المكونات، التي تعمل على الساحة الجنوبية بمعنى لم يعد مكون الحراك الذي انطلق في 7/7/2007م هو المكون الوحيد.

2. إن هذه المكوات ليست كلها مع هدف التحرير والاستقلال واستعادة الدولة، حتى وإن تظاهر البعض بذلك.

3. إن شعب الجنوب يشتمل على مكونات متعددة، ومن المؤكد بأن المكونات السياسية، لا تعكس بمفردها تكوين شعب الجنوب. ويعني ذلك أن هناك مكونات أخرى مثل: المنظمات الاجتماعية والمهنية والمكونات ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أهم وأكبر مكون اجتماعي، وهي التركيبة السكانية، أو المكونات الجغرافية /الجهوية، وبما تشتمل عليها من تنوع.

4. وبالعلاقة مع ما ذكرنا سابقا، فإننا نعتقد بأن تكوين "الجبهة الوطنية العريضة، التي يجب أن تستوعب كل المكونات التي اتينا على ذكرها، لذا فإن الجبهة الوطنية، هي الصيغة الممكنة والواقعية.

الخلاصة
وفي الأخير يمكننا استخلاص الآتي:
1. مثلَّتْ الهبة الشعبية التي انطلقتْ من حضرموت في 20/12/2013م، انعطافه كبيرة في مسار ثورة الجنوب السلمية، التي انطلقتْ هي الأخرى في 7/7/2007م.

2. لقد عرف الجنوب هبات شعبية، أكان قبل هبة حضرموت أو بعدها.

3. يمكن القول بأن لكل هبة شعبية هدفها أو أهدافها الخاصة بها، التي تشكل أساسا جزءا من الأهداف الأساسية لثورة الجنوب السلمية.

4. يجب أن تشكِّل الهبة الشعبية خطوة حاسمة نحو بلوغ الهدف الرئيس لثورة الجنوب السلمية، المتمثل في " التحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب".

5. إن بلوغ هذا الهدف، لن يتحقق إلا من خلال توافر مجموعة من الشروط والعوامل، تناولت هذه أهمها.

علي المفلحي
2014-01-08, 10:05 PM
متلازمة الهبة والثورة
نشرت بواسطة:admin 2 يومين مضت في كتابات حرة اضف تعليق

عوض بن جميل

كتب : عوض بن جميل

غايتان إستراتيجيتان عظيمتان للهبة الحضرمية وللثورة السلمية الجنوبية, جديرة بالتناول فالأولى مادية ملموسة لقضايا محدده ومعلومة وفي متناول التنفيذ أي أنها “قصيرة المدى” والأخرى حتمية التحقيق أي انها “غير محدده المدى” ونعني بها “البسط والسيطرة على الأرض والثروة وتحقيق الاستقلال واستعاده الدولة والهوية” وهناك ترابط جدلي بين الهبة الحضرمية والثورة الجنوبية التحررية بحيث لا يمكن الفصل بينهما فكل تستمد قوتها وأهميتها من الأخرى .. إذ لا هبه حضرميه تتحقق غايتها دون وقودها الثوري التحرري والالتفاف الجماهيري حولها .. ولا ثوره جنوبيه تحقق غايتها دون اعتبار لالتقاط اللحظة التاريخية الهامة وتأييدها ومباركتها لمطالب الهبة الحضرمية التي من أهم أهدافها إعادة الاعتبار للعزة والكرامة والحقوق المهدورة وهي قضايا عادله لا تتقاطع مع أهداف الثورة الجنوبية والتي من أهدافها التوق للحرية والاستقلال والكرامة والعزة واستعاده الدولة والهوية والحقوق المنهوبة.
لاشك بأن هناك كائنات طفيليه قد تعلق بجسم الهبة الحضرمية ..كما علقت من قبل بجسد الحراك السلمي والثورة الجنوبية عند بداية انطلاقتها الأولى في عام 2007 م ولحداثة تجربه الحلف والهبة الحضرمية وعدم استكمال بنائها المؤسسي ولطبيعة تركيبها الجمعي وترحيبها بكل قبائل واعيان ومرجعيات المجتمع الحضرمي ومكوناته .. لتستظل تحت سقف مطالب ملتقى حلف قبائل حضرموت و مخرجاته المقرة في “وادي نحب بـغيل بن يمين” بتاريخ 10 ديسمبر والتي أمهلت سلطات الاحتلال عشره أيام لتحقيق مطالبها الحقوقية والقانونية العادلة والجريئة .. والتي أربكت الاحتلال وتجاوزت حساباته وتقديراته وإمكانية احتواء الموقف وقد تثاقلت في استخدام نفوذها وأزلامها وإمكاناتها المهترئة كما كانت تفعل في احتواء حالات مشابهه .. وغاب عن حساباتها هذه المرة أنها أمام قبائل حضرميه أصيله .. وان قبائل حضرموت عموما والحموم خصوصا بأنها تمتاز بالحكمة وفي نفس الوقت هي شرسة وعنيدة بالحق, اي انهم “لا يَخَافُونَ بِالْحَقِّ لَوْمَةَ لاَئِمٌ” ولا يمكنها ان تساوم في قضايا مصيريه تتعلق بالعزة والكرامة والكبرياء وترفض قطعا للاذعان للبغي والعدوان … كلا وألف كلا, لقد فاض الكيل و بَلَغَ السّيلُ الزّبَى (فلسان حالها يقول إلى هنا وكفى).
الأمر الذي جعل سلطه الاحتلال تتخبط وان تغير من تكتيكاتها وتلجأ للاستعانة ببعض أعوانها وربائبها منهم للأسف ممن ينتسبون للقبائل الحضرمية ومنهم المتواجدين في عاصمة الاحتلال “صنعاء” ومنهم المشاركين في مؤتمر حوارهم الفاشل سلفا .. وأخرى قيادات جنوبيه عسكريه ومدنيه لتمارس شتى أنواع الضغوط وتثبيط الهمم بعملية الترغيب للبعض والتي لم ولن تستطيع ان تحقق ما تصبو إليه ولكنها قد تستطيع ولبعض الوقت ان تخترق حواشي الحلف في محاولة منها لحرف الهبة عن مسارها الطبيعي .. أو محاولة خلق الشقاق و دق إسفين بين الهبة الحضرمية والثورة الجنوبية لفصلهما عن بعض و (بأيادٍ قذرة لها خبرات تآمرية تراكمية) متناسين ان الأهداف السامية والقضايا العادلة لا تتجزأ (الحرية .الكرامة ألعزه الشموخ الكبرياء والهوية ) هذه القواسم المشتركة بين الهبة والثورة وهي أهداف نبيلة وحتمية التحقيق طالما ان هناك إرادة شعبيه قويه وجبارة وإصرار شديد على نيلها مهما كانت التضحيات.
مخطئا من يظن يوما ان الهبة الحضرمية هي نقيض الثورة الجنوبية . ومخطئا أيضا من يعتقد بأنه لا توجد هناك ترابط وعلاقة جدليه بينهما ..بل نقول لمن يحاول فصلهما, ان الهبة والثورة متلازمتان في تحقيق غايات نبيلة وساميه وليعلم الجميع انه, لا يحق لكائن من كان ان ينصب نفسه وصيا على الهبة أو الثورة أو يحاول فصلهما عن أهدافهما المشتركة, لأنهما ملك للشعب, وسيضل وهج الهبة والثورة نبراسا يستنير به كل أحرار حضرموت والجنوب والسير على وهجه وبذات النهج حتى تحقيق غايتهما المنشودة المتمثلة بالبسط على الأرض والثروة ولطرد المحتل وتحقيق التحرير والاستقلال, واستعادة الهوية والدولة المبنية على العدالة والنظام الفيدرالي في إطارها, ولنعش أسياد أحرار على أرضنا ولننعم بخيراتها جميعا ولنحتكم لشرع الله عز وجل.

والله على ما نقول شهيد