المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الذكرى الثانية للحراك الجنوبي .. فترة قصيرة انجازات كبيرة


أبو عامر اليافعي
2009-03-16, 12:53 AM
في الذكرى الثانية للحراك الجنوبي .. فترة قصيرة انجازات كبيرة

بقلم / علي ناجي سعيد - المكلا برس التاريخ: 15/3/2009

http://mukallapress.com/pic/70c34fdc4e.jpg (http://mukallapress.com/images.php?id=2479)
بحلول يوم 24 مارس الحالي . يكون الحراك الجنوبي قد أكمل عامه الثاني دون انقطاع , ففي مثل هذا اليوم من عام 2007م انطلق الحراك وتمثل باعتصام المتقاعدين المفتوح أمام مقر الجمعية بالضالع . بعد ذلك امتد الحراك إلى بقية محافظات الجنوب , بقيادة جمعيات المتقاعدين التي تأسست في كل محافظة ومديرية جنوبية , ومن ثم انطلق الحراك إلى مرحلة أعلى وهذه المرة بقيادة المجلس الأعلى لجمعيات المتقاعدين برئاسة ناصر النوبة وكان اعتصام 7/7/2007م في ساحة الحرية بعدن , هو نقطة التحول الحقيقية في مشوار الحراك الجنوبي . من حيث نوعيته وعدد المشاركين في الاعتصام . وأيضا من دفع لسقف المطالب والتي أصبحت بعد ذلك من مطالب حقوقية إلى مطالب سياسية بامتياز .
حديثنا عن ذكرى الحراك الثانية لا يعني ان هذا التاريخ هو التاريخ الأول لحركة الاحتجاجات الجنوبية ضد نظام 7 /7 . صحيح ان هذه الاحتجاجات و المتواصلة على مدى عامين , تميزت عن بقية مظاهر الاحتياجات السابقة بأنها تواصلت وامتدت لتشمل مديريات ومحافظات الجنوب. وبمشاركة مئات الآلاف .
منذ 7/7 /1994م والجنوب حركته الاحتجاجية لن تتوقف فظهرت المعارضة الخارجية كموج وتاج والحركة المسلحة كحتم , والحركات الشعبية كلك التي ظهرت في حضرموت عام 97-1998م بقيادة باعوم , واللجان الشعبية والتي ظهرت عامي99م 2001م وكانت اللجنة الشعبية بالضالع هي اولى اللجان التي تشكلت قبل ان تعم تقريبا محافظات الجنوب كافة .. ولا ننسى أهمية ودور التصالح والتسامح الجنوبي والذي انطلق من مقر جمعية ردفان الخيرية في 13 يناير 2006م كعمل منظم وجمعي , لان حركة التصالح والتسامح الجنوبي قبل ذلك لا يعني إنها لم تكن موجودة , بل العكس فالتصالح والتسامح الجنوبي قد بدء بالفعل قبل لقاء جمعية ردفان بسنوات , وأتذكر السعي الحثيث لأبناء الضالع وأبين لتضميد جراحات الماضي, وقد تجلى ذلك في القصيدة الشعرية التي ألقاها الشاعر الشعبي ( البجيري ) في يوم 20/7/2000م في منطقة شكع بالضالع في يوم تأبين الشهيد احمد عبد الله , وأتذكر احد أبياتها والذي يقول فيه
الظلم وحدنا ووحد صفنا ملعون بعد اليوم من ينوي انتقام
وأيضا وبعد اقل من ثلاثة أشهر من ذلك التاريخ كاتب هذه السطور والمناضل عامر الصوري من أبين جمعنا سجن واحد لأكثر من شهرين بعد اعتقالنا من قبل رجال الأمن المركزي , بعد مشاركتنا في مسيرة سلمية يوم 5 أكتوبر 2000م , وتم قمعها بالقوة المفرطة , وقد شارك فيها المناضل عامر الصوري إضافة إلى مجموعة من رفاقه من محافظة أبين , كتجسيد منهم لوحدة الصف والهدف.
بالنسبة لعدد الشهداء الذين سقطوا فترة الاحتجاجات الجنوبية منذ 7/7 وحتى اليوم فهم بالعشرات , وللتاريخ فان اول شهيد سقط كان بعد الحرب مباشرة وتحديدا في محافظة عدن , عندما قمعت قوات الامن اليمنية وبالقوة اول مسيرة احتجاجية مطلبيه قام بها عمال وموظفو السياحة في عدن وقد نتج عن ذلك القمع و بالرصاص الحي , استشهاد احد المحتجين للأسف لا أتذكر اسمه بعد ذلك سقط بن همام وبن رجاش في المكلا في شهر ابريل 1998م اثناء مشاركتهم في مسيرة احتجاجية ثم قمعها بالقوة وبالرصاص الحي , وبعد ذلك تقريبا بشهرين استشهد المواطن محمد ثابت الزبيدي برصاص أفراد نقطة نقيل الربض بالضالع , بعد مروره بمترات من تلك النقطة , وان استشهاد الشاب عمر عبد العزيز الصبيحي في 13 يناير الماضي في عدن لم يكن هو آخر شهداء الجنوب , لان المرحلة القادمة من مسيرة الحراك الجنوبي وارتفاع سقف مطالبة تتطلب مزيدا من التضحية والفداء حتى تتحقق جميع الأهداف المرسومة للحراك الجنوبي .
انجازات الحراك
مع ان فترة العامين من عمر الحراك الجنوبي هي قصيرة جداً بمقياس الحساب الزمني لكن ما حققه الحراك على الواقع بمقياس الانجازات فهي كبيرة وكبيرة جدا.
فلننظر أولا إلى بداية الحراك الجنوبي يوم 24 مارس 2007م وقد كانت عبارة عن اعتصامات مفتوحة للمتقاعدين وكان عدد المشاركين لا يتجاوز عدد أصابع اليدين والرجلين فقط , أما المطالب فهي حقوقية بحتة وتتمثل بطلب الحصول على نسبة ال 50 % من الزيادات على الرواتب.
اعتصامات المتقاعدين ومع أنهم كانوا يرفعون شعارات حقوقية او مطلبيه الا أنها انتشرت لتشمل جميع محافظات الجنوب حتى عدد المشاركين في الاعتصامات كان يرتفع من اعتصام لأخر .
الاعتصام الكبير يوم 7/7/2007م في ساحة الحرية بخور مكسر محافظة عدن والذي دعا له المجلس الأعلى لجمعيات المتقاعدين برئاسة ناصر النوبة كما أسلفت في بداية موضوعي هذا . شكل نقطة تحول جذرية في مسيرة الحراك الجنوبي , وتمثل ذلك : أولا: – بالمشاركة الكبيرة من مختلف محافظات الجنوب وبمختلف شرائح المجتمع الجنوبي .
ثانيا:- ارتفاع سقف المطالب من حقوقية إلى سياسية بامتياز , وتجسد ذلك في مشاهد الجماهير وهي تهتف برحيل الاستعمار وعودة دولة الجنوب, وما البيان السياسي الذي ألقاه العميد ناصر النوبة يوم 24/7/2007م في المهرجان الجماهيري الحاشد أمام مقر جمعية المتقاعدين بمدينة الضالع واصفا إياه بالهام , وقد تضمن لأول مرة عدد من المطالب السياسية وحددها بأكثر من 13 نقطة ومنها مطالبة إجراء استفتاء لشعب الجنوب حول الوحدة لان الوحدة انتهت في 7/7 وما يجري بعد ذلك ليس له علاقة بالوحدة وإنما هو احتلال الجمهورية العربية اليمنية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية .
الهوية الجنوبية
بعد حرب 1994م عمل نظام 7/7 وبتخطيط ممنهج لتدمير كل ماله علاقة بالجنوب من تاريخ وثورة وانجازات وأثار وثقافة , وكل ذلك خلق وضع جديد لا مكان فيه لكل ماله علاقة بالجنوب حتى الهوية والانتماء أراد طمسهما.
طيلة فترة الحراك الجنوبي كان الانفجار الشعبي الرافض لكل ما مارسه ويمارسه نظام 7/7 تجاه الجنوب وتجلى ذلك أولا في إحياء الهوية الجنوبية , والتي تم تغيبها منذ ما قبل الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م حيث حلت بدلا عنها الهوية اليمنية بحيث أصبح انتماء أبناء الجنوب ليس للجنوب وإنما لليمن وهذا ما يفسر الاندفاع الغير عقلاني والمحسوب النتائج صوب الوحدة الاندماجية الفورية في 22 مايو 1990 م , والتنازل عن دولة بكل ما تملكه من ارض وثروة ومنجزات ... الخ , وتسليمها لدولة الوحدة الجمهورية العربية اليمنية مع ان الطرف الأخر لم يتنازل عن أي شيء او يقدم شيء للوحدة .
الحراك الجنوبي خلال فترة العامين أول انجازاته التي حققها هو إيجاد الهوية الجنوبية فالانتماء للجنوب يتجلى بوضوح في صيحات الجماهير الهادرة وهي تهتف بصوت واحد وقوي (( بالروح بالدم نفديك يا جنوب )) وشيئا أخر وهو أيضا مهم وهو ان الانتماء للجنوب قد أدى الى تواري المناطقية والتي عانينا في الجنوب منها في الفترات الماضية ودفعنا ثمنا باهضا لها وما زلنا أيضا ندفع الثمن نتائجها السلبية حتى اليوم , ولكن اليوم نجد ان المناطقية قد توارت الى الخلف وأصبح الجنوب هو الانتماء الأول والأكبر للجميع .
إظهار قضية شعب الجنوب على المستوى الإقليمي والدولي
خلال سنوات ما بعد حرب القيد والغنيمة واجتياح الجنوب في 7/7 كان المجتمع الدولي لا يلتفت لما يجري في الجنوب من ممارسات رغم بروز هنا وهناك لإشكال ومظاهر احتجاجية رافضة لسياسات النظام تجاه الجنوب ارضا وثروة وتاريخا وشعبا .. وهذا التجاهل الإقليمي والدولي قد دفع بالنظام للتمادي اكثر وأكثر للاستمرار وبشكل متوحش في تلك الممارسات.
اليوم الوضع تغير فالحراك السلمي الجنوبي التصاعدي والتضحيات التي قدمها في سقوط الشهداء ومئات الجرحى وآلاف المعتقلين في عدد من محافظات الجنوب طيلة هذه الفترة , قد أرغم العالم على الاعتراف بوجود قضية جنوبية حقيقية وقد تجلى ذلك من خلال المقابلات الصحفية التي أجرتها عدد من القنوات الفضائية والصحف العربية والأجنبية مع الرئيس اليمني في الفترة الماضية , حيث ان جميع تلك المقابلات تطرقت الى ما يحدث في الجنوب من حراك سلمي وتعامل أجهزة الأمن والجيش القمعي ضد المحتجين وما تخلفه من ضحايا بين شهداء وجرحى , صحيح ان الرئيس اليمني يتهرب كعادته من الاعتراف بوجود قضية جنوبية .
شيئا اخر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية والذي صدر في شهر فبراير الماضي لاول مرة يتناول فيه القضية الجنوبية .
حتى على المستوى المحلي الحراك الجنوبي المستمر والمتصاعد أرغم قادة المعارضة على الاعتراف بوجود قضية جنوبية والتي كانت والى وقت قريب لا احد يعترف منهم حتى في وجود أزمة او مشكلة جنوبية , لدرجة ان رؤية أحزاب المشترك السياسية تحدثت عن إزالة الاثار السلبية لحرب 94م , أي ان الحرب كان لها ايجابياتها , وقد كانت قيادة هذه الأحزاب بما فيها الحزب الاشتراكي والذي يعتبر المسئول الاول أخلاقيا وقانونيا عن ما يحدث في الجنوب باعتبار انه وقع على الوحدة دون ان يستفتي شعب الجنوب عليها , وجدناه يتهم من ينادي بإصلاح مسار الوحدة بأنهم أصحاب مشاريع صغيرة وان مشكلة الجنوب لا يمكن حلها الا في اطار حل الأزمة اليمنية بشكل عام , بينما كان تيار اصلاح مسار الوحدة في اطار الحزب الاشتراكي وعلى رأسهم باعوم ومسدوس يعتبرون ان حل القضية الجنوبية هو المدخل الرئيسي لحل القضية اليمنية.
اليوم قادة المعارضة وجدوا أنفسهم مضطرين او مرغمين بعد تصاعد وتنامي مسيرة الحراك الجنوبي على القبول بان حل القضية الجنوبية هو المدخل الحقيقي لحل الازمة اليمنية , ولكن بعد فوات الأوان لان شعب الجنوب قد أصبحت لديه حلول أخرى لا يراها تنسجم مع ما تطرحه قيادات المشترك اليوم لحل القضية الجنوبية.
من المطالب الحقوقية إلى الاستقلال
كما أسلفت في سياق الموضوع بان انجازات الحراك السلمي قد تدرجت مطالبة من مطالب حقوقية الى مطالب سياسية والمتمثلة بالاعتراف بالقضية الجنوبية , الى ان وصلت المطالب الى استعادة الدولة السابقة للجنوب ( ج ي د ش ) وان أي مطلب انقص من ذلك قد يعتبر ان من يطرحه هو خائنا للجنوب ولدماء الشهداء والجرحى والتي سفكت قربانا للجنوب .
حتى ان هيئات الحراك السلمي هي الأخرى قد تغيرت أشكالها وتسمياتها .
فمن الجمعيات المختلفة متقاعدين , شباب , مناضلين والتي برزت اولا للواجهة عند بدء الفعاليات الاحتجاجية السلمية . لكونها كانت تدافع وتطالب بحقوق منتسبيها القانونية , بعد ارتفاع سقف المطالب الى سياسة تشكلت هيئات قيادية أخرى ذات طابع سياسي وليس حقوقي , وهذه المرة منتسبيها من كل فئات الشعب .
مكونات الحراك السلمي الجنوبي
في الماضي كان يعاب على قيادات الحراك المختلفة بأنها تقود الحراك بشكل عشوائي فهي لا تمتلك الرؤية والمشاريع السياسية المستقبلية للحراك , وانه يجب ان تكون هناك هيئات سياسية أخرى لقيادة هذا الحراك ودفعه بقوه لتحقيق أهدافه المرحلية والإستراتجية.
بعد ظهور عدد من مكونات الحراك الجنوبي : قالوا بان تعدد هذه الهيئات يضر بالحراك ويدفعه الى المجهول , وان ما لم تستطيع ان تفعله السلطة لؤاد الحراك عبر الترغيب والترهيب والقمع والقتل وتوزيع المليارات ....الخ ستؤديه وبكل يسر وبدون عنا قيادات هذه المكونات , بحيث يعود الصراع من صراع موحد تجاه سلطة قمعية الى صراع فيما بينهم .
الواقع يثبت العكس فجميع مكونات الحراك الجنوبي ورغم وجود التباينات في الآراء وليس الاختلاف , هو شيء طبيعي ومنطقي بل واعتبره في هذا الظرف ضروري لدفع عجلة الحراك بقوة نحو الأمام للوصول الى الهدف , وطالما وكما تحدث عن ذلك عدد من قيادات الحراك في لقاءات صحفية مختلفة بان الكل مجمع على ثلاثة أشياء: وهي ان الوحدة انتهت في 7/7 وان ما هو موجود بعد 7/7 هو احتلال , وان هدفهم الرئيسي الموجود في برامجهم هي استعادة دولة الجنوب السابقة , وإجماع على هذه الأشياء الثلاثة ستدفعهم في القريب العاجل إلى تكوين هيئه وطنية موحدة طالما وأهدافهم واحدة.