المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 13 يناير وآليات التغيير !!


إياد محمد الشعيبي
2009-01-14, 10:55 PM
13 يناير وآليات التغيير!!

معدودة هي المحطات التاريخية التي تستوقف المستقرئ لتاريخ أي شعب أو أمة أو حضارة أو حتى حزب أو فرد بعينه. وكما أنني أوقن أن لكل فرد منا وقفات مع ماضيه تشكل جزءاً من وجوده الروحي والأخلاقي والفكري تبقى بمثابة – أي هذه الوقفات – تاريخ (هام) يرجع إليها الفرد كطبيعة فطرية إما ليجسدها كسلوك عام مستقبلاً على وزن المقولة المشهورة (من شب على شيء شاب عليه)، أو تبقى كدليل (دروس) تصحح أبجديات التعامل في الحياة في إطار هذا الفرد أو المجموعة أو الشعب أو الأمة.
ومن هذا المنطلق وجدت آلية التغيير أو سنت آلية التغيير في هذا الكون كقيمة شرعية استناداً لقوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، وضرورة بشرية تهدف إلى تطوير وتنمية قدرات وسلوكيات هذا الفرد أو الشعب استناداً لما يتطلبه الواقع المعاش والمحيط حوله. وكل ذلك لن يكون بمعزل عن هذا الماضي أو التاريخ ووفقاً لضوابط الدين والعقل والمنطق.

فقه التصالح والتسامح
لأن القليل من الشعوب هي التي تنجح في إدارة حياتها وفقا لهذه الآليات الكونية، كان للشعب الجنوبي العظيم خطوة مشرفة وجبارة على هذا المضمار، لم تكن باليسيرة ولا العادية إذا ما استقرأنا سيَر وتاريخ الشعوب، خصوصا وأنها – أي هذه الخطوة- واجهت تحديات صعبة بل حرباً شرسة وممنهجة وفقاً للسلوكيات التي يؤمن بها نظام صنعاء الحاكم (وهي جزء بل حقيقة بل وجود من ماضيه الأسود) لا زال يسعى من خلالها لصد كل قيم وأخلاقيات التغيير الإيجابي في حياتنا كشعب واعٍ ومدرك ويستفيد من كل العبر والدروس التي مرت له.

ولأن 13 يناير 86 هو أهم هذه الوقفات من تاريخنا كشعب جنوبي عانى وضحى وقدم فيه الكثير – وأي شيء أشد من أن يقتل الأخ أخاه - بل قدَّم فيه أغلى ما يملك وهو الوطن الجنوبي وتاريخه وهويته وحضارته ورمز بقائه، وظلت قادته تبحث في خواءات المراحل التي تلته عن ما قد يشكل آلية حقيقية لتغيير ما يجبُّ مما اقترفته من أخطاء وآثام.
إلا أنها لم تستقرأ تاريخها القريب، وظلت تحصد ما بذرته سياستها ويصنعه بالمقابل نظام القبيلة في صنعاء على عينه حتى صارت الأمور لما صارت عليه في 22 مايو 90 وما أعقبته من تواريخ سوداء توجت بما حدث في 7/7/1994م.

لكن الأمر لم يتوقف عند هؤلاء القادة الذين نحسن الظن بهم – لكني أذكرهم بالمناسبة بقوله تعالى (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) – فقد هيأ الله تعالى لمن يرفض هذا الواقع المعقد والمفخخ والمشلول والغير عادل رجالاً وأبطالاً عظماء اعتبروا تلك الوقفات التاريخية منطلقات مفصلية أنتجت هذا التغيير الكبير والزخم الوطني الراقي المتمثل بالحراك الجنوبي المبارك على أساس القاعدة التغييرية أو اللبنة الأساس في ذلك والمتمثلة بمبدأ (التصالح والتسامح والتضامن).
ولأن هذه المبادئ والقيم مستقاه من روح الإسلام الحنيف ومن أصالة الشعب الجنوبي وسماحته المشهودة، فقد كان لها الأثر الفاعل والدور المحوري البارز في إيصال القضية الجنوبية لما هي عليه اليوم، ولما قد تشكله – ضرورة - هذه القيم الدينية والأخلاقية الكبيرة من دافع استراتيجي هام يمكننا مستقبلاً من بلوغ الغايات المنشودة بالمضي قدماً في قنوات أكثر حضور وفاعلية على مستويات إقليمية ودولية واسعة.

وبالمقابل فقد جنّد نظام 7/7 في حملته المسعورة ضد هبة الشعب الجنوبي للتصالح والتسامح العظيم كل الإمكانيات والأدوات غير الأخلاقية، والمنابر والصحف الصفراء والأقلام المأجورة –(مدفوعة الثمن) والرخيصة والنطيحة والمتردية وما أكل السبع لكي يفشل هذه المساعي الوطنية الجبارة التي تتوجت العام الماضي بمهرجان الهاشمي الكبير في 13 يناير 2008م بعدن عاصمة الجنوب حين التفّت الأرواح الجنوبية كحمائم سلام تقبّل بعضها وتهتف بصوت الجسد الواحد مدوية بحتمية الصمود والانتصار والاستقلال.
إلا أن عقلية التخلف والجهل والضلالة والحقد – التي لا زالت تمارس قداسها الكهنوتي في عصر المعلومة والانفتاح والحرية – أبت إلا أن تطلق جام غضبها على هذا المشهد اللامسبوق، وتوجه رصاص رشاشاتها لصدور الجنوبيين ليسقط حينها البطل الجنوبي المغوار شهيد التصالح والتسامح الوالد صالح أبوبكر السيد الذي سقت دماؤه الزكية تربة عدن الطاهرة، مسطرة في تاريخ القيم الإنسانية ثمن الأخوة والوحدة والتلاحم وبسالة هذا الشعب الشجاع. وراسمة ببارود الرصاص مشاهد الغدر والجريمة لأبشع احتلال عرفه التاريخ.

تحديات الحراك
وبعد مرور عام على هذا التاريخ، استمرت مسيرة الحراك في تقدم متتال على مستويات داخلية وخارجية. وظلت قوتها آخذةً في الاتساع، يقابلها الصلف الهستيري الجنوني للحاكم، ليسقط العشرات من الشهداء والجرحى، وتحاصر مدن وقرى الجنوب، ويعتقل المئات من قيادات ونشطاء الحراك كان على رأسهم الزعيم حسن باعوم والشعيبي والغريب وبن فريد وعلي منصر وحسين زيد وآخرين.
ومن ثم أخذت تتبلور أنشطة هذا الحراك وفعالياته لتتشكل الهيئات الجنوبية ويعلن عن تأسيس المجلس الوطني الأعلى لاستعادة وتحرير الجنوب وتكوينات أخرى، هنا وهناك، تمثل في مجملها نقلة نوعية في الوعي الديمقراطي، وترسخ بذات الوقت لفقه التجدد والتعدد والقبول بالآخر إلا أنها لم تخلو من الكثير من السلبيات التي قد يكون أبرزها تشتيت الجهد والالتفاف الشعبي (الواحد) وخلق ثغرات الحيرة والتردد في نفسيات العامة من الشعب رغم إجماعها -أي هذه التكوينات– على وحدة الهدف والمصير (حسب ما هو بين). وبالتالي قد ينعكس كل ذلك على زخم الحضور الفاعل على المستوى الشعبي، وكذا على مستوى دوائر الإسناد المستقبلية (المحلية والعالمية) التي يمثل الإسراع في استقطابها أولوية من أولويات نضالنا. وهي بالتالي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمدى وحدة الصف والتمثيل والحضور على مستوى شعبي وقيادي في آن.

هذا فضلاً عن ما يخطط له من قبل العدو الذي لم يتوان لحظة عن التهديد باستخدام كافة الأوراق، وقد استخدمها لإسكات زئير الأسد الجنوبي ومحاولا – على الأقل – تشويه صورة قضيته أمام العالم الحر، مستغلاً من خلال ذلك ذات الثغرات (الخطرة) التي نتجاهلها بصورة متعمدة أو غير مدروسة، دافعها الأساسي الأنانية والشخصنة وحب الذات (أحيانا)، إضافة إلى عدم وجود استراتيجية عمل ذات بعد وإجماع واسع وتكتيك مرحلي متزن نستطيع من خلالها مواجهة كافة التحديات التي تواجه مسيرة حراكنا المبارك في ظل تغيرات محلية وإقليمية وعالمية تفرضها موازين القوى المتفاوتة.

الإخلاص واستشعار المسئولية
وبما أن المرحلة خطرة وحساسة وتستوجب تركيز الجهود بدقة وروية بذات الوقت، فإن العمل من أجل عقد مؤتمر وطني جنوبي أصبح مسئولية على عاتق الجميع لبذل مساع حثيثه من أجل إنجاحه في ضل تكثيف الحوارات واللقاءات والندوات التوعوية والفكرية والسياسية لترجمة وإيضاح ما لبست من أمور، مما قد يساعد في الإنجاز من هذا المشروع الوطني الذي لا بد أن يتخمض عنه قيادة جنوبية موحدة تمثل بالإضافة – إلى رؤية أو ميثاق شرف – مرجعية للجنوبيين وللنضال الجنوبي.

ولهذا فإن استشعار المسئولية وتغليب المصالح الجنوبية العامة على ما سواها، وقبلها الإخلاص لله تعالى في نضالنا الرامي لأخذ حقنا الطبيعي المشروع – والإخلاص هنا بالقول والعمل - إذا ما أضفنا إليها قيم التصالح والتسامح والتضامن والمرجعية الجنوبية (الآنفة الذكر) هي عوامل انتصارنا مستقبلا بإذن الله تعالى.
غير متناسين في ذات الوقت ضرورة تقييمنا لكافة أنشطتنا على الصعد الشعبية والسياسية المحلية والخارجية أولاً بأول. ولنرى ما منها من تؤتي أكلها فينفع الناس ويمكث في الأرض، وما الذي هو زبد يذهب جفاء.

ختاماً
أقول لقادة حراكنا الجنوبي في الداخل وبمقدمتهم العميد ناصر النوبة والمناضل باعوم، ولقادة ورؤساء الهيئات والأحزاب والفعاليات الجنوبية المختلفة، وكذا لقيادات الخارج وعلى رأسهم الرؤساء البيض وعلي ناصر والعطاس، والمناضل محمد علي أحمد: اعلموا أن الشعب الجنوبي بكل أطيافه يكن لكم من الحب الكثير الكثير، فبادلوا هذا الحب بالوفاء – وأنتم الأوفياء – واعلموا أنكم مسئولون أمام الله، ومن ثم أمام الشعب والتاريخ، "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون".

إياد محمد الشعيبي
[email protected]

-------
نقلا عن صحيفة المصدر

معلاوي
2009-01-14, 11:54 PM
تحية ولي عودة

أبو غريب الصبيحي
2009-01-15, 02:59 PM
كلام جميل ورائع من الرائع اياد محمد الشعيبي
يحتاج لقراءة و تأني كثير
تحية لك أخ أياد و تحية لإبدعاتك ،،،

ابوصقراليافعي
2009-01-16, 12:43 AM
لقد اوفيت فيما تفضلت به ويكفيهم الايه الكريمه اشكرك .................اننا نعشق ترابك ايه الجنوب

وحدوي جنوبي
2009-01-16, 08:35 PM
كلام قيل وقال ما نعرف نتائج واهداف الشله الفاسده الي تدعون فيها باعوم والنوبه


الله يهديكم وفكرو قبل القيل والقال

كلام قات وكلام حبر على صفحات النت فقط


خالص تيحه

إياد محمد الشعيبي
2009-01-17, 04:27 AM
تحية الشموخ والانتصار

لكل من مر من هنا

دمتم ودام الجنوب حرا أبيا