المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منّ دخل بيت بقشان فهو آمن


العياشي اليافعي
2013-01-05, 09:52 PM
كتب / سالم عمر مسهور ( بوعمر )
إننا نقتل أنفسنا عندما نُضَيّق خياراتنا في الحياة
ـ نيلسون مانديلا ـ

مازلنا بحاجة لكثير من بث الرؤى الخلاقة ناحية ما أغلق عليه العام 2012م ، فالحاجة ليست لإشباع الرغبات أو غيرها بمقدار الحاجة الحقيقية في الإمساك بشعرة الخلاص الممكنة ، لذلك فأن هذه الحتمية هي البوابة لكل الوطن الحضرمي الكبير ليدخل إلى التاريخ من بابه الواسع ...
حضارمة في .. الخلاط

أن واحدة من أهم المحطات التاريخية هي الاستجابة لدعوة الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي في الرياض ، الاستجابة لا تعني الرضوخ وبالمقابل لا تعني الأمر الآخر لأن القصد هو أن الجانب الخليجي أراد أن يستمع من الطرف المظلوم ما يقول ، ولقد استجابت كل القوى السياسية في الجنوب وحضرموت لهذه الدعوة وجاء التوافق العام على وثيقة موحدة قدمت كورقة لخلاص الجميع من أتون هاوية لا يعلم لها من نهاية ، في هذا اللقاء الذي عقد في الثامن عشر من ديسمبر 2012م حدثت وقائع مهمة فالحضارمة كانوا يقدمون الخوف والتوجس من الجنوبيين ، والجنوبيين كانوا يقدمون ذات النظرة عن حضرموت وقادتها الجدد فهناك قواعد جديدة للشراكة غير التي اعتاد عليها الجميع ، ولأن اللحظة كانت تمتلك رفاهية ذهنية غير مسبوقة في تاريخنا فقد خلقنا عناصر من ايجابية اللحظة واستجاب الجميع بإدراك صحيح لحاجة كل طرف أن يستمع للآخر باحترام وثقة في كل طرف وفي رؤيته وما يقدم من طرح قد يصنع حياة أخرى ...
تقدم الحضارم للمرة الأولى خطوة نحو المغامرة السياسية فاشتركوا عبر ( وثيقة الرياض ) في رسم خارطة طريق الخروج من الأزمة التاريخية التي يعيشون فيها منذ خمسة وأربعين عاماً ، ومع ذلك فلقد تقدم الوفد الحضرمي بملف ( القضية الحضرمية ) وسلم للأمين العام الدكتور عبداللطيف الزياني كما أن رئيس الوفد الأستاذ محمد بن سالم بن ماضي كان قد ألقى بخطاب الأمة الحضرمية وهذا نصه :

السيد الأمين العام الدكتور عبداللطيف الزياني
السادة الحضور
اتفق ممثلو ( القوى الوطنية الحضرمية ) بان قاعدة الحوار هي المسار الأساسي والأمثل للخروج بالوضع المعقد في الجمهورية اليمنية نحو بر الأمان . كما يتفق الحضارمة مع ما تقدمه المبادرة الخليجية من حلول للأزمة ويرحبون بدعوتهم إلى هذا الاجتماع مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتنا التالية .

أولاً :
نطالب نحن أبناء البلاد الحضرمية بتمثيل عادل في اي حوار أو تفاوض ترعاه الامانه او من الجهات الدوليه ممثلا بقياداتنا الاجتماعية والشبابية والنسوية من أصحاب الرأي والتجمعات السياسية المختلفة التي تزخر بها بلادنا , وننوه إلى عدم قبولنا الإدعاء بتمثيلنا من خلال أي ممن ينتمون للأحزاب السياسية اليمنية القائمة حاليا سواء التابعين للقاء المشترك وشركائه أو المؤتمر الشعبي العام وحلفائه حيث انهم يحملون آراء أحزابهم في صنعاء ولا يمثلون قضيتنا ولا همومنا .
ثانياً :
يتفق أبناء حضرموت مع أبناء الجنوب في حق تقرير المصير ،كبند ثابت وأصيل وضمان يقود شعوبنا نحو دولة الحكم الرشيد و الفيدرالية التي تضمن الحقوق السياسية لكافة الأطراف أو غير ذلك من الحلول .
ثالثاً :
نطالب بحوار يفضي لحل قضايانا العالقة منذ عام 1967 م خارج الدولة اليمنية وذلك لضمان أمن وسلامة المشاركين فيه .
وفي الختام .. نؤكد للجهات الدولية الراعية كما نؤكد للقوى السياسية اليمنية والجنوبية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني التزامنا التام بنصوص المبادرة الخليجية إلا أننا نعلن أمام الملأ بأن أي تجاهل لحقوق الأمة الحضرمية من قِبل الأطراف اليمنية والقفز عليها وعدم أخذ مطالبهم بعين الاعتبار , وعدم تقديم الضمانات الأكيدة من عدم تكرار آلام الماضي وأزماته يثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك بأن هذه الحلول لن تكون إلا مضيعة للوقت وهدر للطاقات ، لذا فإننا نقول إن الضمانة الأكيدة لشعب حضرموت تكمن في حق أبنائه في الوطن والمهاجر في الاستفتاء حول تقرير مصيره , وهو الحق الإنساني الأخلاقي العادل الذي نص عليه ميثاق هيئة الأمم المتحدة في قرارها رقم 2625 الصادر في24/11/1970 والذي نص على أن مبدأ التسوية في الحقوق وحق الشعوب في تقرير مصيرها هو مبدا من مبادئ القانون الدولي .. لذا فإننا نناشد المجتمع الدولي والإقليمي لرعايته من أجل حل جذري يفرض دوليا على كل الأطراف .. حتى لا نجد المنطقة مستقبلا أمام أزمة جديدة متفاقمة المخاطر ومتعددة الأبعاد إذا ما أخل اليمنيون أو الجنوبيون بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه حضرموت الأرض والإنسان.
تسجيل: https://www.youtube.com/watch?v=35iw4zbNlMQ

من الواضح أن الخطاب السياسي الحضرمي مازال مرتفعاً بكل مقاييس الحالة الراهنة وأن الوثيقة المشتركة تعبر فقط عن الثقة المكتسبة حضرمياً أولاً ثم عن ثقة الحضارمة في الطرف الجنوبي وهو الشريك الأصيل كما أن الثقة في المظلة السياسية الخليجية بما تمثله من ثقل دولي ، وما تمثله من وصاية سياسية على الوضع اليمني الراهن تشكل في كل الأحوال قفزة تاريخية غير مسبوقة ، فلم نعرف في النصف قرن الماضي حالة توافق ما توصلنا إليه من تبادل في الثقة بين الأطراف الثلاثة الخليج وحضرموت والجنوب ...

الخلاط لا يعرف .. بعدين
ما حدث في السابع عشر من ديسمبر 2012م في القاعة رقم ثلاثة بفندق الفيصلية كان في واقعه كشف لكل شيء ، النفوذ الدولي والقوة والخوف والخشية والقهر كل شيء كان موجود هناك فالمسألة لم تكن ( جرد ) تاريخي بمقدار ما كانت ضرب عنيف في الذوات الحضرمية والجنوبية مقصدها الجوهري هو المستقبل ، فالنظرة إلى الآتي كانت تحتمل الجدية السياسية التي صنعها الجميع في عاصفة قوية وليلة شتائية من ليالي الرياض الماطرة ...
لفظ ( بعدين ) لطالما اتعبتنا هذه الكلمة لما تحمله من مستقبل مبهم لا تعرف ملامحه حتى أننا كنا نسوق أن حياتنا ستكون أفضل في ظل حكم صنعاء بما فيه جور وظلم ، فالحياة في شقاء صنعاء كان منسجمة مع رفضنا لكلمة ( بعدين ) ، لذا كان على هذا اللفظ أن يحترق في الرياض وأن ننتهي نحن وشركائنا الجنوبيين من هذه الأزمة ، فحدث ما كان يجب أن يحدث فكان الجميع يدرك أن العاصفة التاريخية ستخلق ( وثيقة الرياض ) وحدث هذا واقعاً ، وتترجم فيما بعد في رؤية مشتركة سياسية ستؤدي إلى الوصول إلى الخلاص ...
ومع هذا لم ننتهي من أثر هذه الكلمة ، فإذا كان ما بعد الخلاط أن مذاق البسباس الحضرمي قد ذاقه الجميع حتى الزياني ، فلقد ظهر مذاق ( التصالح والتسامح ) مراً مرارة سنوات الغبن والقهر والضيم الذي عرفته حضرموت في مدى نصف قرن من الزمن ، فلقد خرج السيد عبدالرحمن الجفري بتصريح صحفي جاء فيه ما يلي ( إننا نقبل على مناسبة عزيزة وهي مناسبة إعلان التصالح والتسامح والتي مثّلت خطوة على طريق المصالحة الوطنية الشاملة ،والتي استوعب أهميتها شعبنا ولم نتمكن نحن بعض قياداته –بعد– من استيعابها، رغم أن القيادات هي المعنية أولاً والمستفيدة من هذا الأمر. ومن الملاحظ أن هذا الشعار –رغم هدفه النبيل– قد قدم التصالح على التسامح!! وكان يفترض ان يتقدم التسامح فيأتي التصالح أو المصالحة الشاملة كنتيجة له ـ أنتهى ) ، وندرك أن السيد الجفري جاء بهذا التصريح في ظل الطرح السياسي المتبادل وألقى بالحجرة في بركة الماء التي تلت ما جاء به خلاط الرياض ، ادراكنا لهذا الجو لا يعفينا من استدراك أن نتساءل ما هو الثمن الذي سيدفع لحضرموت في مضمون ( العدالة الانتقالية ) عن ما وقع عليها من جرائم وانتهاكات ، وفي هكذا عصف فكري لا نعفي ذاتنا الحضرمية من مسؤوليتنا تجاه الجنوب كعدالة إنسانية واجبة فنحن نسعى لتقديم ملف جرائم علي سالم البيض لمحاكمته ليس على جرائمه في حضرموت وحدها بل حتى في جرائمه التاريخية ومنها مشاركته في أحداث 13 يناير 1986م ثم الذهاب بحضرموت والجنوب إلى الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م ...
أن الثمن للعدالة الانتقالية لن يكون مجرداً من شعارات تعني التسامح والتصالح أو التصالح والتسامح فالثابت هو الجريمة ، والمجرم لابد وأن يحظى بالعدل اقتصاصاً لمن أجرم فيهم ، فالعدالة هي ذاتها القادرة على تجاوز اللحظة العصيبة في شراكتنا مع الطرف الجنوبي ، وهذا ما يدعونا للحديث عن لقاء بيروت الذي جمع كل من علي ناصر محمد وعلي سالم البيض في الثالث من يناير 2013م استباقاً لفعاليات ذكرى المصالحة الجنوبية الجنوبية ، فهؤلاء يحاولون أيضاً الصعود على جماجم القتلى وأجساد الشعب الحضرمي والجنوبي المستباح ، فالعدل هو المحاكمة ...

حضرموت .. ثم حضرموت

في سياق المماحكات السياسية يظل الطرف المخاصم للحضارم يتلذذ بوصفهم بما ليس فيهم ، وفي ذات السياق يتلذذ الطرف الحضرمي بتسويق التطرف العنصري ناحية الآخر ، وفي كلا الجانبين خطيئة استدراك ، فإذا كان المناضل شيخان الحبشي يرحمه الله قد ترك المشروع السياسي الحضرمي في الخمسينيات الميلادية وذهب ناحية عدن لينسجم في مشروع ( دولة الجنوب العربي ) وخذله من خذله ، فالتاريخ يعيد نفسه فالحضارمة اليوم يقدمون رؤيتهم بمشروع ( حضرموت الكبرى ) ، وحضرموت الجامعة التي ضمتهم في بيت الشيخ المهندس عبدالله بقشان تؤكد أن مسألة استعادة ما قبل 30 نوفمبر 1967م هو قاعدة الانطلاق الصحيحة ، فإذا كانت الوفود قد جلست جميعاً في ضيافة بيت بقشان فقد عرف الجميع أن بيت الحضارمة هو البيت الآمن ...
الفرصة المواتية موجودة أمام الجميع ، والحالة الذهنية والنفسية تحتاج إلى هذا المقدار من النظر إلى الآخر بالثقة فيه والتقدير له ، والحضارمة ليسوا ملائكة ولكنهم ورقة رابحة في معركة الحياة من أجل حضرموت الاتحادية ، حضرموت الدولة التي يمكن أن تظهر في أفق سياسي يتوافق وينسجم مع المتطلبات الإقليمية والتاريخية المعاصرة ، فالحاجة لحضرموت هي ذات الحاجة للجنوب ، والجنوب المجروح كحضرموت المجروحة ، والفارق فقط في مقدار العزم ناحية المستقبل المأمول ...
حضرموت الدولة بالفيدرالية أو بغيرها هي عنصر من عناصر القوة في توجه الجميع ناحية القادم من الأيام ، نعم كانت ( وثيقة الرياض ) هي الكلمة الأولى التي يجب أن نجتمع تحتها جميعاً وندرك أن التاريخ يحتاج إلى رجال لم تتلوث أيديهم وأيامهم بسنوات العذاب التي عرفناها ، فيكفي من السنوات ما مضى وحان الزمن لنسير ناحية الهدف ، حضرموت الكبرى أو الاتحادية ...