المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين قمة "الأثرياء" في مسقط و "البؤساء" في الخرطوم:


ابو شريف الحدي
2009-01-10, 02:48 AM
بين قمة "الأثرياء" في مسقط و "البؤساء" في الخرطوم:
"الجزرة" الخليجية لا زالت بعيدة عن المسؤولين في اليمن وأهمية "تجمع صنعاء" تختزل إلى التضامن مع البشير




قمة خليجية أخرى انتهت بخيبة جديدة بالنسبة للحكومة اليمنية، فكل ما منحه زعماء دول الخليج لصنعاء هو الانضمام إلى 4 منظمات من منظمات مجلس التعاون، جميعها منظمات هامشية ولا تعني إتاحتها أمام اليمن غير شيء واحد هو أن لا مكان لعلي عبد الله صالح، في المدى القريب أو البعيد، على طاولة الأثرياء الستة.
هيئة التقييس لدول مجلس التعاون، منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، هيئة المحاسبة والمراجعة لدول المجلس، وجهاز إذاعة وتلفزيون الخليج. تلك هي الهيئات التي اعتمد قادة دول الخليج في قمتهم الـ29، في مسقط الثلاثاء والأربعاء الماضيين، إلحاق الجمهورية اليمنية بها، مع تأكيدهم على أن يكون لليمن في هذه الهيئات "نفس حقوق وواجبات دول مجلس التعاون" وفقا لنص البيان الختامي للقمة الذي كرس 3 أسطر لتناول مجالات "التعاون" مع اليمن أشاد فيها بهذا التعاون ورمى خلالها هذا "الفتات".
مثل الإجراءات التي سبقته، لا يرقى هذا الإجراء إلى مستوى الحماس الذي تحافظ عليه الحكومة في طرحها الملحاح لقضية انضمام اليمن إلى مجلس التعاون، ولذلك تم استقبال الإعلان الخليجي الأخير بفتور واضح تمثل في الاكتفاء بالعتبير عن ترحيب اليمن بهذه الخطوة على لسان "وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي" ثم تلاه ترحيب أقل حرارة من رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور في اتصال أجراه الأربعاء مع الأمين العام لمجلس تعاون دول الخليج عبد الرحمن العطية.
الانضمام الكامل لليمن إلى مجلس التعاون يبدو، من كل النواحي، أشبه بالمزحة؛ فالفوارق بين الطرفين فوارق ضوئية على كل المستويات، ولعل القيادات الخليجية تدرك طبيعة هذه المزحة لكنها تتعامل معها على طريقة "مجاراة" الأحمق، أحيانا، أو مساومة نظام الرئيس علي عبدالله صالح، بما هو بؤرة مشاكل، أحيانا أخرى.
لكن المشكلة لم تعد تكمن الآن في ما يصفه الخليجيون بـ "التدرج"، عبر مثل هذه الإجراءات، في "تأهيل" اليمن حتى يصبح جاهزا للانضمام الكامل؛ بل تتعدى ذلك إلى مستوى أكثر إحباطا للرسميين في صنعاء، فدول الخليج، وفقا لمؤشرات عديدة، لم تعد قادرة على مواصلة تقديم العون والمنح "المالية" لليمن بما فيها المنح التي كانت التزمت بها خلال مؤتمر المانحين في لندن العام قبل الماضي.
الأزمة المالية الأخيرة التي هزت العالم، هي واحدة من أسباب هذا الأمر، مضافا إليها أسباب أخرى بينها عدم استقرار العلاقات بين صنعاء والرياض، والأخيرة هي أكبر المانحين لليمن وبمبلغ مليار دولار أمضى المسؤولون اليمنيون عام 2007 وشطرا من 2008 في المطالبة بتخصيصه والبدء بتنفيذ المشاريع التنموية المخصص لها إلا أنهم لم يجدوا استجابة من قبل المملكة.
القمة المقابلة لقمة مسقط، عقدت في العاصمة السودانية الخرطوم وضمت أعضاء ما بات يعرف بتجمع صنعاء وهم زعماء السودان، اليمن، الصومال، وإثيوبيا، إضافة لحضور الرئيس الجيبوتي بصفة مراقب.
هي قمة "البؤساء" طبقا لمعايير عديدة، ولأن مطالب البؤساء عادة ما تتناقض مع مطالب الأثرياء كرست قمة الخرطوم لاهتمامات مختلفة عن اهتمامات قمة مسقط، وأحيانا إلى درجة يبدو معها وكأن أعضاء التجمعين لا ينتميان إلى منطقة واحدة تعيش المشاكل نفسها.
ففيما شدد البيان الختامي لقمة تجمع صنعاء على قضية القرصنة في خليج عدن والبحر الأحمر معلنا قرار القمة بالعمل على إنشاء قوات مشتركة بين أعضائها لمكافحة القرصنة، مر البيان الختامي لقمة مجلس تعاون دول الخليج على هذه القضية مرورا سريعا، رغم أولويتها الملحة بين ركام المشاكل التي تعانيها المنطقة في هذه المرحلة.
مع ذلك فإن أعضاء "قمة الخرطوم" يدركون أنهم لا يستطيعون فعل شيء لأمن البحر الأحمر وخليج عدن ما لم تكن دول الخليج شريكة لهم في ذلك، وهكذا لم تعط وسائل الإعلام أي اهتمام بـ "إعلان الخرطوم" الخاص بتشكيل قوات مشتركة لمكافحة القرصنة، وبدلا عنه تم التركيز على "التضامن" شديد اللهجة الذي أبداه أعضاء القمة مع الرئيس عمر البشير في قضيته مع محكمة الجنايات الدولية.